السلطات في سوريا أعلنت تعزيز انتشار قوات الأمن في منطقة الساحل بغرب البلاد (AFP)
السلطات في سوريا أعلنت تعزيز انتشار قوات الأمن في منطقة الساحل بغرب البلاد (AFP)

وصف المرصد السوري لحقوق الإنسان ما جرى في الساحل السوري بأنها عمليات "إبادة جماعية ممنهجة" ضد العلويين، في ظل توثيق مقتل أكثر من 500 مدني على يد "قوات الأمن ومجموعات رديفة لها".

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في تصريح لموقع "الحرة" إن منطقة الساحل شهدت "29 مجزرة قتل خلالها 568 مدني علوي بينهم نساء وأطفال".

وأضاف عبد الرحمن أن "بعض المناطق حصلت فيها عمليات ذبح لمدنيين، فيما قتل آخرون بطريقة الإعدام بالرصاص".

بدأ التوتر، الخميس، في قرية ذات غالبية علوية في ريف اللاذقية على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، وما لبث أن تطور الأمر إلى اشتباكات بعد إطلاق مسلحين علويين النار، وفق المرصد.

وقالت السلطات في اليوم الأول إنها تواجه مجموعات مرتبطة بسهيل الحسن، أحد أبرز ضباط الجيش السوري السابق.

وإثر تعرض قوة تابعة لها لكمين في محيط بلدة جبلة أوقع 16 قتيلا، أرسلت قوات الأمن تعزيزات عسكرية إلى الساحل وفرضت حظر تجول.

"الجثث في الشوارع"

أظهرت مقاطع فيديو نشرت في حينها آلاف العناصر التابعين لقوات الأمن السورية وهم يتوجهون لمناطق الساحل السوري، ومن بينهم "قوات رديفة" وفقا لعبد الرحمن.

يقول عبد الرحمن إن "الجهات التي شاركت في عمليات القتل هو الجيش السوري والقوات الرديفة معه، وهذه الأخيرة تضم عناصر أجانب من جنسيات تتحدر من أواسط آسيا كأوزبكستان".

ويرجح عبد الرحمن ارتفاع عدد القتلى من المدنيين العلويين إلى أكثر من ألف على اعتبار أن "الجثث لا تزال في الشوارع ونحن غير قادرين على الوصول لها وكذلك أهالي الضحايا لم يتمكنوا من الوصول لها خوفا من القتل".

ويتابع عبد الرحمن أن "جميع القتلى من المدنيين أعدموا ولم يقتلوا بسبب الاشتباكات.. بعضهم قتلوا في الشوارع والبعض الآخر جرى اقتحام منازلهم وقتلهم أو سحبوا للشوارع وأعدموا هناك".

ويؤكد عبد الرحمن أن "عمليات نهب وسلب ضخمة سُجلت لمنازل وممتلكات علويين جرى إحراقها بعد ذلك".

كذلك تحدث مدير المرصد عن "توجه مئات المدنيين للقاعدة الروسية في حميميم طلبا للاحتماء"، مبينا أنهم "ينامون حاليا في العراء من دون أغطية".

ويشير إلى أن "كمية مقاطع الفيديو التي صورها مرتكبو هذه الأفعال، كبيرة جدا، والكثير منهم يتفاخرون بما قاموا به".

نشر مستخدمون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا موقع فيسبوك، منشورات تتحدث عن قتل مدنيين من أفراد عائلات وأصدقائهم ينتمون إلى الطائفة العلوية في المنطقة. 

"إبادة جماعية"

ووجه سكان من مدينة بانياس نداءات استغاثة للتدخل من أجل حمايتهم، بحسب منشورات على فيسبوك كذلك.

وشارك ناشطون والمرصد السوري الجمعة مقاطع فيديو تظهر عشرات الجثث بملابس مدنية مكدسة بعضها قرب بعض في باحة أمام منزل، وقرب عدد منها بقع من الدماء، بينما كانت نسوة يولولن في المكان.

وفي مقطع آخر، يظهر عناصر بلباس عسكري وهم يأمرون ثلاثة أشخاص بالزحف على الأرض، واحدا تلو آخر، قبل أن يطلقوا الرصاص عليهم من رشاشاتهم من مسافة قريبة.

ويظهر في مقطع ثالث مقاتل بلباس عسكري وهو يطلق الرصاص تباعا من مسافة قريبة على شاب بثياب مدنية في مدخل مبنى قبل أن يرديه.

يقول عبد الرحمن إن "ما جرى هي عمليات إبادة وقتل ممنهج ومحاولة لتهجير العلويين من مناطقهم".

وانتقد عبد الرحمن "دعوة السلطات للنفير العام والجهاد ضد أبناء الشعب.. هذا أمر غير مقبول ولا مبرر له".

ودعا عبد الرحمن المجتمع الدولي للتدخل وحماية الطائفة العلوية بالقول: "إذا لم يتدخل المجتمع الدولي لحمايتهم حماية حقيقية فستبقى هذه الطائفة معرضة لأي لحظة للاستهداف".

وأعلنت السلطات في سوريا، السبت، تعزيز انتشار قوات الأمن في منطقة الساحل بغرب البلاد وفرض "السيطرة" على مناطق شهدت مواجهات.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية سانا بأنّ قوات الأمن عززت انتشارها لا سيما في مدن بانياس واللاذقية وجبلة بهدف "ضبط الأمن".

وأعلن المتحدّث باسم وزارة الدفاع السورية حسن عبد الغني أن قواتها "أعادت فرض السيطرة على المناطق التي شهدت اعتداءات غادرة ضد رجال الأمن العام".

ودعا في تصريح مصور لسانا "جميع الوحدات الميدانيّة الملتحقة بمواقع القتال الالتزام الصارم بتعليمات القادة العسكريّين والأمنيّين"، مشددا على أنه "يمنع منعا باتا الاقتراب من أي منزل أو التعرض لأي شخص داخل منزله إلا وفق الأهداف المحدّدة من قبل ضباط وزارة الدفاع".

وكان الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع حضّ مساء الجمعة المقاتلين العلويين في شمال غرب البلاد على تسليم سلاحهم وأنفسهم "قبل فوات الأوان".

وأقرت السلطات السورية، الجمعة، بوقوع انتهاكات "فردية". ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الداخلية القول: "بعد قيام فلول النظام البائد باغتيال العديد من عناصر الشرطة والأمن توجهت حشود شعبية كبيرة غير منظمة للساحل مما أدى لبعض الانتهاكات الفردية".

وأضاف المصدر أن السلطات "تعمل على إيقاف هذه التجاوزات التي لا تمثل عموم الشعب السوري".

وأكد مدير إدارة الأمن العام في محافظة اللاذقية المقدم مصطفى كنيفاتي "التزامنا التام بحماية السلم الأهلي وضمان أمن جميع المواطنين، ولن يكون هناك أي تهاون في هذا المبدأ."

وقال في تصريحات نقلتها وكالة سانا: "كما نلاحق فلول النظام البائد وضباطه لن نسمح بأي أعمال انتقامية تحت أي ظرف. سوف نحاسب كل من يثبت تورطه في الاعتداءات سواء من فلول النظام أو من اللصوص والعابثين بالأمن."

ألمانيا تستضيف عددا كبيرا من اللاجئين السوريين منذ العقد الماضي (رويترز)
وزيرة خارجية ألمانيا التقت الشرع في دمشق | Source: social media

دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الخميس، الحكومة السورية المؤقتة إلى السيطرة على العناصر المتطرفة في صفوفها.

وقالت بيربوك في دمشق بعد إعادة فتح السفارة الألمانية هناك إنها أبلغت الإدارة السورية الجديدة بأن "المهمة تقع على عاتقهم الآن لتحويل الأقوال إلى أفعال، وكذلك تقع على عاتقهم مهمة السيطرة على الجماعات المتطرفة داخل صفوفهم ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم" في إشارة إلى أحداث الساحل السوري التي قُتل فيها المئات وغالبيتهم من الطائفة العلوية.

كذلك تحدثت الوزيرة الألمانية عن أوضاع السوررين في بلادها وقالت إنها ترحب ببقاء السوريين العاملين في ألمانيا، مشيرة إلى أنه يجب على الذين "ارتكبوا جرائم العودة إلى سوريا وهذه مهمة كبيرة".

وأضافت أن "سوريا في مرحلة حرجة ولا يمكننا التنبؤ بما سيحدث في الأسابيع والأشهر المقبلة".

ودعت وزيرة خارجية ألمانيا سوريا للانضمام إلى التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وأكدت بيربوك أن "البنية التحتية للطاقة في سوريا بحاجة ماسة إلى الاهتمام وألمانيا تريد المساعدة".

وتستضيف ألمانيا عددا كبيرا من اللاجئين السوريين منذ العقد الماضي، وأبدت رغبة حذرة في التعامل مع الإدارة السورية الجديدة مع الحث أيضا على احترام حقوق الأقليات.
والتقت بيربوك لأول مرة بالرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في بداية العام، بعد شهر واحد من تمكن المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام من الإطاحة بالأسد بعد حرب أهلية دامت أكثر من 13 عاما.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أسفرت اشتباكات بين موالين للأسد وقوات الأمن وفصائل مسلحة موالية للحكام الجدد عن مقتل أكثر من ألف شخص من الأقلية العلوية، معظمهم من المدنيين، وفقا لمجموعة مراقبة معنية بالحرب.