أفكار الطائفة العلوية في سوريا ولبنان تختلف عن أولئك الموجودون في تركيا (AFP)
أفكار الطائفة العلوية في سوريا ولبنان تختلف عن أولئك الموجودون في تركيا (AFP)

على مدى يومين تعرضت مناطق الساحل السوري، التي تقطنها الأقلية العلوية، لأعمال عنف قتل خلالها أكثر من 340 شخصا بينهم نساء وأطفال، على يد مسلحين وقوات أمن مرتبطة بالإدارة الجديدة في سوريا، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وحصلت عمليات القتل هذه بعد اندلاع اشتباكات، الخميس، بين قوات الأمن ومجموعات مسلحة مرتبطة بالحكم السابق في محافظة اللاذقية ذات الغالبية العلوية، الأقلية الدينية التي ينتمي إليها رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد.

شملت عمليات القتل الواسعة النطاق مناطق جبلة وبانياس وأخرى محيطة بمناطق تمركز العلويين.

امتلأت صفحات سوريين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، السبت، بصور ومنشورات نعي لأشخاص من المنطقة الساحلية من الأهل والأصدقاء الذين قالوا إنهم قتلوا.

شنت السلطة الحاكمة الجديدة حملة صارمة على ما قالت إنها بذرة تمرد من مسلحين مرتبطين بنظام الأسد، بعد أن قتلوا عشرات من أفراد قوات الأمن في اشتباكات، الخميس.

وأقر مسؤولون سوريون بوقوع "انتهاكات" خلال العملية، وألقوا باللوم فيها على حشود غير منظمة من المدنيين والمقاتلين الذين سعوا إما إلى دعم قوات الأمن الرسمية أو ارتكاب جرائم وسط فوضى القتال.

لكن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن قال لرويترز إن "ما يحدث لا علاقة له بتأييد أو معارضة نظام الأسد السابق.. هذه المذابح طائفية تهدف إلى طرد السكان العلويين من منازلهم".

ومنذ وصولها إلى السلطة في الثامن من ديسمبر، تحاول القيادة الجديدة في سوريا طمأنة الأقليات. لكن يخشى العلويون من ردود فعل عنيفة ضدهم لارتباطهم الطويل بعائلة الأسد.

أين يسكن العلويون؟

تتركز الأقلية العلوية التي ينتمي إليها آل الأسد في منطقة الساحل، وتتواجد كذلك في مناطق أخرى خصوصا الوسط. وينظر الى الساحل بوصفه حاضنا للعائلة التي حكمت البلاد بقبضة من حديد لأكثر من خمسة عقود.

يبلغ تعداد العلويين نحو 1.7 مليون نسمة، ويشكّلون نحو تسعة في المئة من سكان سوريا ذات الغالبية السنية.

وعلى مدى العقود الماضية في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد ونجله بشار، اعتُبِر العلويون ركيزة أساسية للحكم، وحضروا في مراكز أساسية في القطاع العام والمؤسسات العسكرية والأمنية التي لطالما اعتمدت الاعتقال والتعذيب والترهيب أساليب لقمع أي معارضة.

أبرز المناطق التي يسكن فيها لعلويون هي محافظتي اللاذقية وطرطوس، إضافة إلى مناطق في حمص وحماة وريف دمشق.

يتميز العلويون بارتباطهم التاريخي بالجبال الساحلية وبتأثيرهم الثقافي والاجتماعي في تلك المناطق، ويُعتبرون جزءاً مهماً من النسيج المتنوع الذي يُميز سوريا.

خرج من العلويين الكثير من الشخصيات المعروفة مثل الشيخ صالح العلي أحد رموز الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي.

في العام 1920، أسست فرنسا التي كانت في ذلك الحين قوة منتدبة، منطقة حكم ذاتي للعلويين.

وبهدف تشجيعهم على الاندماج في الدولة المستقبلية، حصلوا على فتوى في تلك الفترة من الحاج أمين الحسيني، مفتي الديار الفلسطينية، تعترف بالعلويين كمسلمين، وتدعو المسلمين من المذاهب الأخرى إلى التعاون معهم "على البر والتقوى".

انخرطت بعدها أعداد كبيرة من العلويين في الأكاديميات العسكرية خلال فترة الخمسينيات، وتبنت أفكار العروبة وعلمانية حزب البعث، قبل أن يصلوا للحكم بعد انقلابين عسكريين للحكم في سوريا عامي 1963 و1966.

تاريخ العلويين

تأسس المذهب العلوي في القرن التاسع الميلادي على يد محمد بن نصير الذي يقول العلويون إنه كان تلميذا للحسن العسكري الأمام الحادي عشر لدى الشيعة الإثنى عشرية، وهو ما جعل البعض يلقبهم بالنصيريين.

يؤمن العلويون بتناسخ الأرواح، وتعتبر فكرة الثالوث المكون من النبي محمد والإمام علي وسلمان الفارسي من أهم مبادئ الطائفة التي أفرد برنامج "مختلف عليه" على قناة الحرة حلقة خاصة لها.

يتهمهم خصومهم، سواء من الشيعة أو السنة، بأنهم يؤلهون الإمام علي، ولكنهم ينفون هذه التهم ويقولون إنهم يؤمنون أن هناك "مسحة آلهية" في الإمام علي وأنه يمثل "التجلي الأخير لله على الأرض".

تعرضت الفرقة العلوية لعمليات قتل واضطهاد على مر التاريخ ولم تجد فسحة من الراحة سوى في فترة الدولة الحمدانية التي كانت متبنية لمذهبهم.

تختلف أفكار الطائفة العلوية في سوريا عن أولئك الموجودين في تركيا، فالأولى تعتبر نفسها جزء من الشيعة الاثني العشرية، بينما الثانية ترى نفسها أقرب للصوفية.

التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمَعَاد تعتبر الأصول الخمسة للدين لدى العلويين، وأيضا توجد ثلاث شخصيات تحظى بالقدسية لديهم وهم النبي محمد والإمام علي بن أبي طالب والصحابي سلمان الفارسي.

"وتحظر الطائفة العلوية الإفصاح عن الأسس التي تقوم عليها، تحت طائلة الإعدام، علما أن العلويين الذين يؤمنون بالتقمص لا مساجد لهم، وهم لا يؤدون واجب الصيام لدى المسلمين ولا الحج، ويسمحون بشرب الكحول، فيما أن نساءهم لا يضعن الحجاب، كما أنهم يحتفلون بأعياد المسلمين والمسيحيين أيضا"، وفقا لفرانس برس.

سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان
سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان

خلفت المواجهات على الحدود السورية اللبنانية خلال اليومين الماضيين، مقتل 3 عناصر من القوات السورية على يد مسلحين تابعين لجماعة "حزب الله" اللبنانية، المصنفة على لائحة الإرهاب.

لكن هذه المواجهات ليست الأولى من نوعها بعد سقوط نظام الأسد بل هي الثانية والأشد أيضا من حيث الخسائر التي خلفتها، وعلى مستوى نوعية السلاح الذي استخدمه الطرفان.

وانتهت الاشتباكات بين قوات الإدارة السورية الجديدة ومسلحين من حزب الله، ينشطون في عدة مواقع وقرى وبلدات حدودية، باتفاق بنص مقتضب بين وزارتي الدفاع السورية واللبنانية.

ورغم أن الاتفاق كان كفيلا بتخفيف حدة التوتر، لكن لا يمكن اعتباره "حلا مستداما"، بحسب مراقبين.

يقول النائب، نزيه متى، عن حزب القوات اللبنانية، في حديث لقناة "الحرة" إن "التداخل في الحدود بين البلدين، وعدم حسم ملف الترسيم وفقًا للقرار 1680، رغم الجهود التي بذلها لبنان منذ عام 2010، يعد من أبرز التحديات التي تعيق جهود إعادة الاستقرار بين البلدين".

وأكد أن هذا الملف لا يزال عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق أي تقدم في مسار استقرار العلاقات بين لبنان وسوريا.

وأضاف متى أن عدم تأمين المنطقة يزيد من تعقيد الأمور، سيما في ظل وجود معامل لإنتاج مادة "الكبتاغون" في سوريا، وما يترتب على ذلك من تهريب لهذه المادة إلى لبنان ودول أخرى.

هذا الوضع يعزز من تدهور الأمن، ويزيد من معاناة المنطقة نتيجة عدم قدرة كلا البلدين على فرض سيطرة كاملة على حدودهما.

وأشار النائب إلى أن حزب الله والجهات الأخرى التي تحمل السلاح في المنطقة متورطة بشكل كبير في إشعال "حرب مفتوحة" بين سوريا ولبنان، وهو ما يمنع السلطات في البلدين من السيطرة على الحدود.

كما أن هذه الممارسات تعيق تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يتضمن بندا هاما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، مما يعزز حالة الانفلات الأمني.

ودعا متى الجيش اللبناني إلى تحمل كامل المسؤولية في حفظ أمن الحدود، مشددًا على أهمية إجراء تحقيق شامل للكشف عن الجهات المتورطة في تأجيج الصراع ومنع تطبيق قرار 1680 "القرار يدعو إلى حل القضايا العالقة بين لبنان وسوريا، بما في ذلك مسألة الترسيم الحدودي، بالإضافة إلى حل جميع الميليشيات المسلحة في لبنان وحصر السلاح في أيدي الجيش اللبناني".

واتفقت سوريا ولبنان الاثنين، على وقف إطلاق النار عقب اشتباكات خلال اليومين الماضيين أدت إلى مقتل جنود من الجانبين.

وذكرت وزارتا الدفاع السورية والصحة اللبنانية أن 3 جنود من الجيش السوري الجديد و7 لبنانيين قُتلوا في الاشتباكات.

واتهمت وزارة الدفاع السورية مساء الأحد عناصر من جماعة حزب الله بدخول الأراضي السورية وخطف ثلاثة من أفراد الجيش السوري الجديد وقتلهم، ونفت جماعة حزب الله ضلوعها في هذا الأمر.

وقالت وزارة الدفاع السورية والجيش اللبناني إن القوات السورية قصفت بلدات حدودية لبنانية ليلا ردا على مقتلهم.

وقال الجيش اللبناني في بيان، الاثنين، إنه سلم جثامين القتلى السوريين الثلاثة إلى السلطات السورية، وإن الوحدات العسكرية ردت على إطلاق النار من الأراضي السورية "وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني".

وكانت القوات السورية خاضت مواجهات حدودية مع "حزب الله"، في فبراير الماضي. وبعد اشتباكات استمرت لأيام، حينها، وتركزت جهة مدينة القصير بريف حمص وسط البلاد، أعلنت دمشق أنها تمكنت من تأمين الحدود.