سهيل الحسن يتحدث لقواته - أرشيفية
سهيل الحسن (يمين الصورة) متحدثا إلى بعض عناصره (أرشيف)

شهد الساحل السوري تصعيدا خطيرا في حدة الاشتباكات منذ مساء الخميس، حيث اندلعت معارك قوية بين قوات الأمن العام ووزارة الدفاع التابعة للإدارة السورية الجديدة من جهة، وبين جماعات مسلحة محسوبة على النظام السابق من جهة أخرى. 

وفيما تحاول السلطات فرض الأمن، وفق الروايات الرسمية، فقد وُجّهت اتهامات مباشرة لعدد من الشخصيات العسكرية والأمنية السابقة التي أطلق عليها "الفلول" بالوقوف خلف تلك المعارك التي نجم عنها  سقوط عشرات وربما مئات القتلى.

في الوقت نفسه، أشارت تقارير حقوقية إلى عمليات قتل بحق مدنيين ارتكبها قوات الأمن في مناطق الساحل السوري.

اللاذقية شهدت وصول تعزيزات وحظرا للتجوال بسبب الاشتباكات
زهاء 250 قتيلا خلال يومين.. إلى أين يتجه التوتر بغرب سوريا؟
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 240 شخصا قتلوا في ظروف مختلفة يوم الجمعة جراء الاشتباكات التي تعد الأعنف بين قوات الأمن السورية والمسلحين الموالين للرئيس السابق بشار الأسد في غرب البلاد، في وقت ذكرت وكالة فرانس برس في إحصائية لها ارتفاع الحصيلة الإجمالية للقتلى منذ اندلاع أعمال العنف الخميس إلى أكثر من 250 شخص.

وفي أوج الاشتباكات، برزت أسماء لقيادات وضابط من النظام السوري السابق، اتهمتها دمشق بالوقوف خلف الهجمات التي استهدفت قوات الأمن.

"النمر..  وسياسة الأرض المحروقة

يُعتبر سهيل الحسن، الملقب بـ "النمر"، أحد أكثر القادة العسكريين إثارة للجدل خلال الحرب السورية.

وُلد عام 1970 في إحدى قرى مدينة جبلة بالساحل السوري، وتخرج في أكاديمية القوات الجوية عام 1991، لينضم بعدها إلى دائرة الاستخبارات التابعة للقوات الجوية.

اشتهر الحسن باستخدام تكتيكات قاسية في العمليات العسكرية، حيث كان أول من أدخل البراميل المتفجرة كسلاح رئيسي في معارك جيش النظام السوري، ما تسبب في دمار واسع ومقتل آلاف المدنيين.

اللاذقية شهدت وصول تعزيزات وحظرا للتجوال بسبب الاشتباكات
زهاء 250 قتيلا خلال يومين.. إلى أين يتجه التوتر بغرب سوريا؟
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 240 شخصا قتلوا في ظروف مختلفة يوم الجمعة جراء الاشتباكات التي تعد الأعنف بين قوات الأمن السورية والمسلحين الموالين للرئيس السابق بشار الأسد في غرب البلاد، في وقت ذكرت وكالة فرانس برس في إحصائية لها ارتفاع الحصيلة الإجمالية للقتلى منذ اندلاع أعمال العنف الخميس إلى أكثر من 250 شخص.

واعتمد الأسد عليه بشكل كبير في الحملات العسكرية، وبرز اسمه خلال المعارك في الغوطة الشرقية وإدلب وحلب.

كما كان الحسن معروفا بإخلاصه المطلق لبشار الأسد، وكان الضابط الوحيد الذي رافقه في لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم الجوية عام 2017، وهو ما أثار تكهنات حول اعتباره "رجل روسيا" داخل الجيش السوري.

وعاد اسم الحسن إلى الواجهة مؤخرا، حيث تشير مصادر استخباراتية إلى تورطه في تنظيم تحركات عسكرية تهدف إلى استعادة السيطرة على الساحل السوري، مستخدما بقايا القوات الخاصة السابقة التي قادها.

حويجة.. رجل "الاغتيالات" 

إبراهيم حويجة هو أحد الشخصيات التي لعبت دورا أساسيا في الملفات الأمنية الحساسة داخل سوريا ولبنان خلال فترة حكم عائلة الأسد. 

فقد تولى رئاسة إدارة المخابرات الجوية عام 1987، بعد أن كان من أبرز ضباط الاستخبارات السورية في فترة حافظ الأسد.

وارتبط اسمه بعمليات استخباراتية قمعية، كان من بينها حملات الاعتقال والتعذيب ضد المعارضين، إضافة إلى تنفيذ اغتيالات سياسية في لبنان، حيث كان يشرف على الملف الأمني خلال فترة الوجود العسكري السوري هناك.

ويعد حويجة أحد المقربين من رفعت الأسد، الذي قاد الحملة العسكرية ضد مدينة حماة عام 1982، وهي المجزرة التي قُتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين. 

وتشير تقارير إلى أن حويجة كان ضمن الفريق الأمني الذي نفّذ عمليات القتل والقمع بحق المعارضين خلال الاحتجاجات الشعبية ضد بشار الأسد.

أعضاء من قوات الأمن السورية
التصعيد في غرب سوريا.. بين حسابات الداخل وتدخلات الخارج
في وقت تتصاعد حصيلة أعداد القتلى والجرحى بين صفوف الموالين لنظام بشار الأسد المخلوع وعناصر قوات الأمن وغيرهم من المدنيين، تباينت ردود الفعل الإقليمية والدولية حول ما يجري في غرب سوريا من اشتباكات تعد الأعنف منذ الإطاحة ببشار الأسد في الثامن من ديسمبر.

وكان اغتيال الزعيم اللبناني كمال جنبلاط عام 1977 من أبرز العمليات التي ارتبط بها اسم حويجة، حيث كان في ذلك الوقت ضابطًا في المخابرات الجوية.

وخلال جلسة استماع أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عام 2015، كشف وليد جنبلاط أن مكتب المخابرات السورية في بيروت، الذي كان يديره حويجة، هو الذي نفذ عملية الاغتيال.

بعد إقالته من منصبه عام 2002 ضمن محاولات الأسد الابن لتقليص نفوذ الحرس القديم، ظل حويجة بعيدًا عن الأضواء.

لكنه عاد مجددًا بعد انهيار النظام السابق، حيث تم اعتقاله مؤخرًا من قبل السلطات السورية الجديدة، وسط اتهامات له بالتورط في زعزعة الاستقرار في الساحل السوري.

دلا.. قائد "قوات الغيث"

يعد غياث دلا أحد أكثر القادة العسكريين ولاء لإيران وحزب الله اللبناني خلال فترة حكم بشار الأسد، وقاد "قوات الغيث" التابعة للفرقة الرابعة، والتي كانت تحت قيادة ماهر الأسد.

خاض دلا معارك رئيسية في مناطق مثل المليحة، والزبداني، وأحياء دمشق، حيث كان يتعاون بشكل وثيق مع الميليشيات الإيرانية، مثل لواء الإمام الحسين، وحزب الله اللبناني، حيث قام بدمج عناصر من هذه الميليشيات داخل قواته، مانحًا إياهم زيًا عسكريًا سوريًا للتمويه.

في منتصف عام 2018، تم إرساله إلى منطقة القنيطرة و"مثلث الموت" في جنوب سوريا، حيث قاد حملة عنيفة ضد فصائل المعارضة.

بعد انهيار نظام الأسد، فقد دلا سلطته العسكرية، لكنه عاد إلى المشهد مؤخرًا مع ورود تقارير عن قيادته مجموعات مسلحة تحت مسمى "المجلس العسكري".

 فتيحة.. و"درع الساحل"

يعتبر مقداد فتيحة من الأسماء التي برزت حديثًا، حيث كان ضابطًا في الجيش السوري قبل انهيار النظام، واعتاد بث مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يعلّق فيها على سير المعارك بين المعارضة آنذاك وقوات الأسد، قبل أن ينتهي الأمر بإسقاط النظام وسيطرة المعارضة على مقاليد الحكم.

وفي فبراير 2025، أعلن فتيحة عن تشكيل "لواء درع الساحل"، وهو فصيل عسكري مسلح مكوّن من بقايا القوات الخاصة للجيش السوري المنحل، وادّعى أنه يسيطر على 90 بالمئة من الساحل السوري.

واعتاد فتيحة دعوة أبناء الساحل إلى الاحتفاظ بأسلحتهم والانضمام إليه للقتال ضد قوات السلطة في دمشق.

 لكن في المقابل، تؤكد التقارير الرسمية أن قوات الأمن السورية الجديدة تمكنت من استعادة السيطرة على مدينتي طرطوس واللاذقية، رغم استمرار فتيحة في بث تسجيلاته عبر منصات التواصل الاجتماعي، في محاولة للتأثير على الرأي العام في الساحل.

ميدان الاشتباكات

ميدانيا، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 240 شخصا قتلوا في ظروف مختلفة الجمعة جراء الاشتباكات التي تعد الأعنف بين قوات الأمن السورية والمسلحين الموالين للرئيس السابق بشار الأسد في غرب البلاد.

وذكرت وكالة فرانس برس في إحصائية لها ارتفاع الحصيلة الإجمالية للقتلى منذ اندلاع أعمال العنف الخميس إلى أكثر من 250 شخصا.

وأضاف المرصد، الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، وقوع "إعدامات ميدانية وعمليات قتل ممنهجة"، وأن الساحل السوري شهد "5 مجازر مروعة أزهقت أرواح 162 مدنيا، متهما عناصر تتبع لوزارة الدفاع السورية بارتكاب معظم هذه الانتهاكات،وفقا للمرصد.

وبحسب وكالة أسوشييتد برس، لا تزال ضواحي المدن الساحلية تحت سيطرة الموالين للأسد، كما هو الحال في مسقط رأس الأسد، "قرداحة"، في الجبال المطلة على الساحل.

سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان
سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان

خلفت المواجهات على الحدود السورية اللبنانية خلال اليومين الماضيين، مقتل 3 عناصر من القوات السورية على يد مسلحين تابعين لجماعة "حزب الله" اللبنانية، المصنفة على لائحة الإرهاب.

لكن هذه المواجهات ليست الأولى من نوعها بعد سقوط نظام الأسد بل هي الثانية والأشد أيضا من حيث الخسائر التي خلفتها، وعلى مستوى نوعية السلاح الذي استخدمه الطرفان.

وانتهت الاشتباكات بين قوات الإدارة السورية الجديدة ومسلحين من حزب الله، ينشطون في عدة مواقع وقرى وبلدات حدودية، باتفاق بنص مقتضب بين وزارتي الدفاع السورية واللبنانية.

ورغم أن الاتفاق كان كفيلا بتخفيف حدة التوتر، لكن لا يمكن اعتباره "حلا مستداما"، بحسب مراقبين.

يقول النائب، نزيه متى، عن حزب القوات اللبنانية، في حديث لقناة "الحرة" إن "التداخل في الحدود بين البلدين، وعدم حسم ملف الترسيم وفقًا للقرار 1680، رغم الجهود التي بذلها لبنان منذ عام 2010، يعد من أبرز التحديات التي تعيق جهود إعادة الاستقرار بين البلدين".

وأكد أن هذا الملف لا يزال عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق أي تقدم في مسار استقرار العلاقات بين لبنان وسوريا.

وأضاف متى أن عدم تأمين المنطقة يزيد من تعقيد الأمور، سيما في ظل وجود معامل لإنتاج مادة "الكبتاغون" في سوريا، وما يترتب على ذلك من تهريب لهذه المادة إلى لبنان ودول أخرى.

هذا الوضع يعزز من تدهور الأمن، ويزيد من معاناة المنطقة نتيجة عدم قدرة كلا البلدين على فرض سيطرة كاملة على حدودهما.

وأشار النائب إلى أن حزب الله والجهات الأخرى التي تحمل السلاح في المنطقة متورطة بشكل كبير في إشعال "حرب مفتوحة" بين سوريا ولبنان، وهو ما يمنع السلطات في البلدين من السيطرة على الحدود.

كما أن هذه الممارسات تعيق تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يتضمن بندا هاما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، مما يعزز حالة الانفلات الأمني.

ودعا متى الجيش اللبناني إلى تحمل كامل المسؤولية في حفظ أمن الحدود، مشددًا على أهمية إجراء تحقيق شامل للكشف عن الجهات المتورطة في تأجيج الصراع ومنع تطبيق قرار 1680 "القرار يدعو إلى حل القضايا العالقة بين لبنان وسوريا، بما في ذلك مسألة الترسيم الحدودي، بالإضافة إلى حل جميع الميليشيات المسلحة في لبنان وحصر السلاح في أيدي الجيش اللبناني".

واتفقت سوريا ولبنان الاثنين، على وقف إطلاق النار عقب اشتباكات خلال اليومين الماضيين أدت إلى مقتل جنود من الجانبين.

وذكرت وزارتا الدفاع السورية والصحة اللبنانية أن 3 جنود من الجيش السوري الجديد و7 لبنانيين قُتلوا في الاشتباكات.

واتهمت وزارة الدفاع السورية مساء الأحد عناصر من جماعة حزب الله بدخول الأراضي السورية وخطف ثلاثة من أفراد الجيش السوري الجديد وقتلهم، ونفت جماعة حزب الله ضلوعها في هذا الأمر.

وقالت وزارة الدفاع السورية والجيش اللبناني إن القوات السورية قصفت بلدات حدودية لبنانية ليلا ردا على مقتلهم.

وقال الجيش اللبناني في بيان، الاثنين، إنه سلم جثامين القتلى السوريين الثلاثة إلى السلطات السورية، وإن الوحدات العسكرية ردت على إطلاق النار من الأراضي السورية "وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني".

وكانت القوات السورية خاضت مواجهات حدودية مع "حزب الله"، في فبراير الماضي. وبعد اشتباكات استمرت لأيام، حينها، وتركزت جهة مدينة القصير بريف حمص وسط البلاد، أعلنت دمشق أنها تمكنت من تأمين الحدود.