اصابع الاتهام توجه لقوات الأمن السوري وفصائل رديفة بارتكاب "مجازر" بحق العلويين
أصابع الاتهام توجه لقوات الأمن السوري وفصائل رديفة بارتكاب "مجازر" بحق العلويين

يبدو أن تحذير مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غارباد من تبعات التطرف والإرهاب في سوريا بات حقيقة بعد أعمال العنف والقتل التي شهدتها مناطق غرب البلاد خلال اليومين السابقين، والاتهامات التي وجهت إلى السلطة السورية الجديدة وعناصرها المسلحة بارتكاب "مجازر" بحق العلويين.

وأشار تقرير لشبكة فوكس نيوز الأميركية يوم السبت إلى تصريحات غاربارد التي أدلت بها أثناء جلسة مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينها في فبراير الماضي.

ففي تلك الجلسة، قالت غاربارد ردًا على سؤال حول تطورات الأوضاع في سوريا بعد تولي أحمد الشرع مقاليد السلطة في البلاد في أعقاب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

"لا أحب الأسد أو أي ديكتاتور. أنا فقط أكره القاعدة. وأكره أن يتقرب قادتنا من المتطرفين الإسلاميين، ويطلقون عليهم اسم المتمردين". 

وأضافت "الآن تسيطر هيئة تحرير الشام، وهي فرع من تنظيم القاعدة، على سوريا، بقيادة جهادي إسلامي رقص في الشوارع في الحادي عشر من سبتمبر، وكان مسؤولاً عن قتل العديد من الجنود الأميركيين".

ووصف المرصد السوري لحقوق الإنسان ما يحدث في الساحل السوري بأنه عمليات "إبادة جماعية ممنهجة" ضد العلويين، حيث تم توثيق مقتل أكثر من 500 مدني على يد "قوات الأمن ومجموعات رديفة لها".

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في تصريح لموقع "الحرة" "شهدت منطقة الساحل 29 مجزرة قتل خلالها 568 مدنيًا علويًا، بينهم نساء وأطفال".

وأضاف "بعض المناطق شهدت عمليات ذبح لمدنيين، بينما قُتل آخرون بإعدامهم بالرصاص"، مشيرًا إلى أن "الجهات التي شاركت في عمليات القتل هي الجيش السوري والقوات الرديفة معه، التي تضم عناصر أجانب من جنسيات من أواسط آسيا مثل أوزبكستان".

ويُرجح عبد الرحمن أن عدد القتلى من المدنيين العلويين قد يتجاوز الألف، مشيرًا إلى أن "الجثث لا تزال في الشوارع، ونحن غير قادرين على الوصول إليها، وكذلك أهالي الضحايا لم يتمكنوا من الوصول إليها خوفًا من القتل".

في شهادة لامرأة علوية من منطقة سهل الغاب، قالت لقناة فوكس نيوز إن الجهات المسلحة التي دخلت مناطقهم كانت تردد "العلويون خنازير، وعلينا إعدامهم جميعًا.. الأطفال الصغار قبل كبار السن".

وأضافت أنها تخشى على حياتها، حيث دخلت ميليشيات تابعة للسلطة منزلها يوم الخميس وفتشت المكان بحثًا عن أسلحة، بينما وضع أحد الأعضاء مسدسًا على رأسها وطلب كل أموالها، حسب تعبيرها.

ذكر التقرير أن عمليات القتل لم تقتصر على العلويين فقط، بل تعرض العديد من السكان المسيحيين في المنطقة أيضًا للهجوم، حيث أكدت جهات بأن عائلة شابة، بما في ذلك طفلها الرضيع، قُتلت يوم الجمعة، مضيفة أن العناصر المسلحة التابعة للسلطة أعدمت رجل دين مسيحي وابنه.

وأوضحت الشاهدة قائلة "في بلدات علوية أخرى مثل نهر البارد ودير شميل، دخلت هذه الميليشيات المنازل وقتلت الناس وسرقت كل شيء".

وأشارت إلى أن المسلحين الذين اقتحموا المنطقة هم هيئة تحرير الشام ومجموعات أخرى تابعة لها، وإن عناصرها كانوا سوريون.

ووجه سكان من مدينة بانياس نداءات استغاثة للتدخل من أجل حمايتهم، بحسب منشورات على فيسبوك، في وقت ألقى المجلس الإسلامي العلوي في لبنان اللوم على الحكومة السورية الجديدة، ودعا إلى إرسال مراقبين دوليين ووضع المنطقة تحت حماية الأمم المتحدة.

بدأ التوتر يوم الخميس في إحدى القرى ذات الغالبية العلوية في ريف اللاذقية على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، وسرعان ما تطور الأمر إلى اشتباكات بعد أن أطلق مسلحون علويون النار.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن السلطات قالت في اليوم الأول إنها تواجه مجموعات مرتبطة بسهيل الحسن، أحد أبرز ضباط الجيش السوري السابق.

وبعد أن تعرضت قوة تابعة لها لكمين في محيط بلدة جبلة، مما أسفر عن مقتل 16 شخصًا، أرسلت قوات الأمن تعزيزات عسكرية إلى الساحل وفرضت حظر تجول.

وأقرت السلطات السورية، الجمعة، بوقوع انتهاكات "فردية". ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الداخلية القول: "بعد قيام فلول النظام البائد باغتيال العديد من عناصر الشرطة والأمن توجهت حشود شعبية كبيرة غير منظمة للساحل مما أدى لبعض الانتهاكات الفردية".

وأضاف المصدر أن السلطات "تعمل على إيقاف هذه التجاوزات التي لا تمثل عموم الشعب السوري".

اللاذقية من بين مناطق الساحل السوري التي شهدت أعمال عنف (رويترز)
اللاذقية من بين مناطق الساحل السوري التي شهدت أعمال عنف (رويترز)

انتشر مؤخرا مقطع فيديو يظهر جثث ضحايا، معظمهم من الأطفال، وربطت بعض المنشورات بين هذا الفيديو وأحداث منطقة الساحل السوري التي وقعت في أوائل مارس الجاري.

غير أن الفيديو لا صلة له بأحداث الساحل، وفق رويترز التي أوضحت أن يوثق قصفا للنظام السوري للغوطة الشرقية بالأسلحة الكيميائية في أغسطس 2013.

الفيديو قديم يعود إلى 2013 ولا علاقة له بأحداث الساحل

وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، والمتخصص في المصادر المفتوحة في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مضر الأفندي، أن الفيديو قديم ولا يمت بأي صلة لأحداث منطقة الساحل السوري، حيث يظهر قصف الغوطة بالأسلحة الكيميائية.

كما أشار عبد الرحمن إلى أن المرصد لم يوثق مقتل هذا العدد من الأطفال العلويين في أحداث العنف الأخيرة في الساحل.

كيف يمكن إنهاء العنف في سوريا؟.. لجنة التحقيق الدولية تجيب
حذر رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، باولو سيرجيو بينيرو، الثلاثاء من أن استمرار العنف في البلاد ينذر باندلاع صراع أوسع نطاقا، مشددا على أن إنهاء هذه الدوامة يتطلب وقفا شاملا لإطلاق النار، ونزع سلاح الجماعات المسلحة، وتأمين النظام العام، وإنهاء وجود الجيوش الأجنبية على الأراضي السورية.

وكانت سوريا قد شهدت في الفترة الأخيرة موجة عنف دامية، حيث اندلعت اشتباكات أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص وهروب مئات آخرين إلى لبنان.