من الاحتفالات بعد توقيع الاتفاق - رويترز
من الاحتفالات بعد توقيع الاتفاق - رويترز

ثمانية بنود كانت عنوان الاتفاق الموقع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة السورية الجديدة، الذي يقضي بدمج القوات الكردية التي تسيطر على مناطق واسعة شمال شرقي سوريا، ضمن مؤسسات الدولة.

جاء التوقيع في اجتماع بين رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وقائد قوات "قسد" مظلوم عبدي، وتضمن الاتفاق ضرورة وقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية، ودعم "قسد" لإدارة المرحلة الانتقالية في مواجهتها لما سمتها "فلول الأسد".

وكان أول بنود الاتفاق "ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولية بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية".

هذا الاتفاق وفق محللين، بمثابة لحظة سياسية جديدة وفرصة لتجنيب البلاد خطر الانزلاق نحو موجة عنف جديدة، لكنه يواجه عددا من التحديات التي قد تعيق تنفيذه.

وأكد عبدي على حسابه بمنصة "إكس"، بعد التوقيع، التزامه بالعمل على تحقيق مرحلة انتقالية تعكس تطلعات الشعب السوري نحو العدالة والاستقرار.

وقال إن "الاتفاق الذي تم التوصل إليه يشكل فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة تحتضن جميع مكوناتها، وتضمن حسن الجوار".

ويرى المحلل السوري فاضل خانجي، أن الاتفاق "فرصة حقيقية لتجنيب سوريا خطر حدوث موجات عنف جديدة"، مضيفا في حديثه لموقع الحرة أنه "يأتي في ظل مساعي لتشكيل آلية اقليمية بين دول جوار سوريا مع دمشق لمكافحة خطر داعش، وإدارة معضلة السجون ذات الصلة، وهو ما اتضح جليا البارحة في قمة عمان".

واستضافت العاصمة الأردنية عمّان، الأحد، اجتماعا لمسؤولين من سوريا ودول الجوار الأردن والعراق ولبنان وتركيا، حذّر المشاركون في ختامه من خطر عودة تنظيم الدولة الإسلامية، وأكدوا اتفاقهم على التعاون والتنسيق للتصدي للتنظيم المتطرف.

مدير قسم تحليل السياسات في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، سمير العبد الله، قال في حديث لموقع الحرة، إنه "منذ سقوط نظام الأسد، بدأت المفاوضات بين قسد والحكومة الجديدة في دمشق بوساطة أميركية وفرنسية، وكان سقف الطلبات من جانب الطرفين عاليا جدا، لذلك لم يتم التوصل لاتفاق".

وتابع العبد الله: "لكن مع وصول (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب للسلطة، ووعده بالانسحاب من سوريا، شكل ذلك قلقاً وعامل ضغط على قسد للقبول بشروط الحكومة الجديدة".

ولم يستبعد أيضا أن "الوساطة الغربية والدعم العربي والإقليمي للحكومة الجديدة ساهما في إنضاج الاتفاق".

تحديات ومخاوف

أصدر مجلس سوريا الديمقراطية، الجناح السياسي لـ(قسد) بيانا، الاثنين، اعتبر فيه أن الاتفاق "كخطوة نحو الحلّ السياسي، نجاحه مرهون بمدى التزام جميع الأطراف بروح التغيير الحقيقي، والعمل على بناء دولة ديمقراطية حديثة تحترم إرادة شعبها، وتحقق طموحاته، وتكون جزءًا من العالم الحر الذي يؤمن بالعدالة وحقوق الإنسان".

خانجي أشار إلى أن الاتفاق يمثل "حدثا مفصليا ومهما على المستوى السياسي، لكن لا شك أنه سوف يواجه العديد من التحديات".

وأوضح أن أبرزها تتمثل في "مقاومة الكوادر الأجانب لحزب العمال الكردستاني لتنفيذ الاتفاق، بجانب التفاصيل التقنية المتعلقة بشكل دمج قسد ومؤسساتها المدنية بالحكومة السورية، ككتلة واحدة أو بإعادة هيكلة أو بشكل هجين".

من جانبه قال العبد الله، إن الاتفاق "بخطوطه العامة جيد، ويلبي طلبات الطرفين، لكن المشكلة أن بنوده خطوط عامة، ولم يتم الإعلان عن التفاصيل بعد، أو عن الآليات التي يتم من خلالها الاندماج وعودة الحكومة السورية لمنطقة الجزيرة السورية".

ونصت بنود الاتفاق على أن "المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية".

وإلى جانب وقف إطلاق النار، ينص على "ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية".

وبموجب الاتفاق، تدعم "قسد" إدارة المرحلة الانتقالية في مواجهتها لما سمتها "فلول الأسد" و"كافة التهديدات التي تهدد أمنها (الدولة) ووحدتها".

وينص الاتفاق أيضا على "رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري".

وأسند البند الأخير للاتفاق مهمة تطبيقه في أجل لا يتجاوز نهاية العام الحالي.

الموقف الأميركي حاسم

كشف تقرير الشهر الماضي، أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تعمل على وضع خطط لسحب القوات الأميركية من سوريا.

وقال مسؤولان في وزارة الدفاع لشبكة "إن بي سي" الأميركية، إن الرئيس دونالد ترامب ومسؤولين مقربين منه أعربوا مؤخرا عن اهتمامهم بسحب القوات الأميركية من سوريا، مما دفع مسؤولي البنتاغون إلى البدء في إعداد خطط للانسحاب الكامل خلال 30 أو 60 أو 90 يوما.

والشهر الماضي، قال ترامب خلال مؤتمر صحفي، إن واشنطن ستتخذ قررا بشأن سوريا فيما يتعلق ببقاء القوات الأميركية هناك، من دون أن يفصح عن مزيد من التفاصيل.

وأكد أن الولايات المتحدة ليست منخرطة في سوريا، قائلا إن "لديها مشاكلها الخاصة وما يكفي من الفوضى، وأن لا حاجة إلى تدخل بلاده هناك".

يرى العبد الله أن الموقف الأميركي سيلعب دورا كبيرا في دفع الأمور نحو تنفيذ الاتفاق بين قسد والإدارة السورية.

وقال إن الاتفاق يواجه "مجموعة من التحديات على رأسها مواقف بعض المعارضين للاتفاق وعلى رأسهم بعض القيادات القنديلية (من حزب العمال الكردستاني) المتواجدة مع قسد، وكذلك إيران وبعض الدول الراغبة في إثارة المشكلات للحكومة الجديدة، بجانب آليات التطبيق وتشابك الملفات وتعقيدها".

لكنه لفت إلى أن "تجاوز هذه التحديات متوقف على الموقف الأميركي ومدى رغبته بإنجاح هذا الاتفاق، والتنسيق مع تركيا اللاعب المهم بهذا الملف".

أما خانجي فاعتبر أن قسد لا تمتلك "خيارا أفضل، في ظل تنامي الشرعية الدولية للحكومة السورية، والانسحاب المحتمل للقوات الأميركية".

وفي ديسمبر، أعلن البنتاغون أن حوالي ألفي جندي أميركي ينتشرون في سوريا، وهو أكثر من ضعف العدد المعلن لسنوات، الذي كان حوالي 900 جندي.

ووصف متحدث باسم البنتاغون القوات الإضافية البالغ عددها 1100 جندي في ذلك الوقت بأنها "قوات دورية مؤقتة" لفترات تتراوح بين 30 و90 يوما، في حين أن الـ900 جندي الآخرين كانوا "قوات أساسية" يتم نشرهم هناك لمدة تصل إلى عام تقريبا.

ويؤكد البنتاغون أن المهمة العسكرية الأميركية في سوريا تهدف إلى إضعاف تنظيم داعش ودعم الشركاء المحليين هناك، وأبرزهم قوات سوريا الديمقراطية.

سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان
سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان

خلفت المواجهات على الحدود السورية اللبنانية خلال اليومين الماضيين، مقتل 3 عناصر من القوات السورية على يد مسلحين تابعين لجماعة "حزب الله" اللبنانية، المصنفة على لائحة الإرهاب.

لكن هذه المواجهات ليست الأولى من نوعها بعد سقوط نظام الأسد بل هي الثانية والأشد أيضا من حيث الخسائر التي خلفتها، وعلى مستوى نوعية السلاح الذي استخدمه الطرفان.

وانتهت الاشتباكات بين قوات الإدارة السورية الجديدة ومسلحين من حزب الله، ينشطون في عدة مواقع وقرى وبلدات حدودية، باتفاق بنص مقتضب بين وزارتي الدفاع السورية واللبنانية.

ورغم أن الاتفاق كان كفيلا بتخفيف حدة التوتر، لكن لا يمكن اعتباره "حلا مستداما"، بحسب مراقبين.

يقول النائب، نزيه متى، عن حزب القوات اللبنانية، في حديث لقناة "الحرة" إن "التداخل في الحدود بين البلدين، وعدم حسم ملف الترسيم وفقًا للقرار 1680، رغم الجهود التي بذلها لبنان منذ عام 2010، يعد من أبرز التحديات التي تعيق جهود إعادة الاستقرار بين البلدين".

وأكد أن هذا الملف لا يزال عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق أي تقدم في مسار استقرار العلاقات بين لبنان وسوريا.

وأضاف متى أن عدم تأمين المنطقة يزيد من تعقيد الأمور، سيما في ظل وجود معامل لإنتاج مادة "الكبتاغون" في سوريا، وما يترتب على ذلك من تهريب لهذه المادة إلى لبنان ودول أخرى.

هذا الوضع يعزز من تدهور الأمن، ويزيد من معاناة المنطقة نتيجة عدم قدرة كلا البلدين على فرض سيطرة كاملة على حدودهما.

وأشار النائب إلى أن حزب الله والجهات الأخرى التي تحمل السلاح في المنطقة متورطة بشكل كبير في إشعال "حرب مفتوحة" بين سوريا ولبنان، وهو ما يمنع السلطات في البلدين من السيطرة على الحدود.

كما أن هذه الممارسات تعيق تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يتضمن بندا هاما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، مما يعزز حالة الانفلات الأمني.

ودعا متى الجيش اللبناني إلى تحمل كامل المسؤولية في حفظ أمن الحدود، مشددًا على أهمية إجراء تحقيق شامل للكشف عن الجهات المتورطة في تأجيج الصراع ومنع تطبيق قرار 1680 "القرار يدعو إلى حل القضايا العالقة بين لبنان وسوريا، بما في ذلك مسألة الترسيم الحدودي، بالإضافة إلى حل جميع الميليشيات المسلحة في لبنان وحصر السلاح في أيدي الجيش اللبناني".

واتفقت سوريا ولبنان الاثنين، على وقف إطلاق النار عقب اشتباكات خلال اليومين الماضيين أدت إلى مقتل جنود من الجانبين.

وذكرت وزارتا الدفاع السورية والصحة اللبنانية أن 3 جنود من الجيش السوري الجديد و7 لبنانيين قُتلوا في الاشتباكات.

واتهمت وزارة الدفاع السورية مساء الأحد عناصر من جماعة حزب الله بدخول الأراضي السورية وخطف ثلاثة من أفراد الجيش السوري الجديد وقتلهم، ونفت جماعة حزب الله ضلوعها في هذا الأمر.

وقالت وزارة الدفاع السورية والجيش اللبناني إن القوات السورية قصفت بلدات حدودية لبنانية ليلا ردا على مقتلهم.

وقال الجيش اللبناني في بيان، الاثنين، إنه سلم جثامين القتلى السوريين الثلاثة إلى السلطات السورية، وإن الوحدات العسكرية ردت على إطلاق النار من الأراضي السورية "وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني".

وكانت القوات السورية خاضت مواجهات حدودية مع "حزب الله"، في فبراير الماضي. وبعد اشتباكات استمرت لأيام، حينها، وتركزت جهة مدينة القصير بريف حمص وسط البلاد، أعلنت دمشق أنها تمكنت من تأمين الحدود.