المرصد قال إن 80 حالة إعدام ميداني شهدها الساحل السوري خلال الساعات الماضية
المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن 1383 مدنيا قتلوا في الساحل غالبيتهم الساحقة من العلويين

تحوّلت قرى ومدن الساحل السوري على مدى أيام مسرحا لإعدامات جماعية طالت مدنيين معظمهم من الطائفة العلوية، وذلك عقب هجمات دامية نفّذها مؤيدون للرئيس المخلوع بشار الأسد ضد قوات الأمن. فمن ارتكب هذهزاالمجازر؟

لم تقدّم السلطات أي حصيلة رسمية لعدد القتلى. في المقابل، أشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى "مئات القتلى"، بينهم عائلات بأكملها، بينما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 1383 مدنيا غالبيتهم الساحقة من العلويين.

وتتركّز الأقلية العلوية في الساحل السوري وتتحدّر منها عائلة الأسد التي حكمت البلاد بقبضة من حديد على مدى عقود وقمعت انتفاضة شعبية انطلقت في العام 2011، وتحوّلت بعد ذلك إلى نزاع دام أودى بحياة مئات الآلاف. 

وتعهّد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع الذي كان يقود هيئة تحرير الشام الإسلامية قبل تولّيه السلطة في ديسمبر، محاسبة "كلّ من تورّط في دماء المدنيين"، فيما شكّلت لجنة تحقيق مستقلة في الأحداث التي وقعت في الساحل السوري. 

وفقا لروايات الناجين وشهادات شهود تحدّثت إليهم وكالة فرانس برس، إضافة إلى معلومات جمعتها منظمات حقوقية، انخرط مسلحون في موجة عنف مروعة منذ 6 مارس ضد مدنيين علويين في المناطق الساحلية.

وأفادت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، أنه "في عدد من الحالات المثيرة للقلق البالغ، قتلت عائلات بأكملها، بما في ذلك النساء والأطفال والأفراد العاجزون عن القتال".

وتابعت المفوضية أنه وفقا للعديد من الشهادات التي جمعتها "داهم الجناة المنازل، وسألوا السكان عما إذا كانوا علويين أو سنة، قبل قتلهم أو العفو عنهم على هذا الأساس".

وأفاد شاهد طلب عدم الكشف عن هويته فرانس برس بأنه رأى رجلا وزوجته وطفليهما يُجبرون على الخروج من منزلهم والوقوف أمام جدار قبل أن يتم إعدامهم رميا بالرصاص في قرية علوية بمنطقة اللاذقية.

وقال رجل آخر من سكان حي علوي في مدينة بانياس لفرانس برس إن مسلّحين جمعوا جميع الرجال من المبنى الذي يقطن فيه شقيقه على السطح قبل أن يتم إعدامهم.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت لم تتمكن فرانس برس من التحقّق من صحتها، مسلحين يطلقون النار من مسافة قريبة على مدنيين، ويمكن في مقاطع أخرى رؤية عشرات الجثث المكدسة على الأرض.

لا يمكن تحديد مسؤولية مجموعة محددة عن هذه المجازر التي وقعت إثر عمليات أمنية في منطقة الساحل.

من قتل من؟

ودعت السلطات إلى التعبئة بعد الهجمات التي استهدفتها في منطقة الساحل. ويشرح الباحث الفرنسي المتخصص في شمال شرق سوريا سيدريك لابروس أن "تدخلا واسع النطاق لآلاف المقاتلين الذين لا يمثلون السلطات بأي شكل من الأشكال" تلى هذه الدعوة.

وجاء مقاتلون من منطقة إدلب (شمال غرب)، معقل هيئة تحرير الشام قبل وصولها للسلطة، ومن مناطق أخرى تسيطر عليها فصائل موالية لأنقرة.

ويشير لابروس إلى ثلاث مجموعات أساسية تدفقت إلى المناطق العلوية، وهي "مجموعات سورية (...)ترفض سلطة دمشق"، و"قادة حرب مع جزء من قواتهم التي انضمّت إلى مشروع الجيش السوري الجديد"، ومن بينها بشكل خاص فصائل موالية لتركيا، وأخيرا "مجموعات من جهاديين أجانب".

واشنطن اتهمت فرقة الحمزة وسليمان شاه بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان | Source: @abo33amsha
متهمة بقتل السوريين.. ماذا تعرف عن "العمشات والحمزات"؟
تشهد مناطق الساحل السوري تصعيدًا خطيرًا، وسط اتهامات بارتكاب فصائل مسلحة، أبرزها فرقة سليمان شاه (العمشات) وفرقة الحمزة (الحمزات)، "عمليات تطهير عرقي ممنهج بحق المدنيين تحت ذريعة محاربة فلول النظام السوري" وفقا لنشطاء ومنظمات حقوقية.

ويشير إلى أن هؤلاء الجهاديين الأجانب ومن بينهم "قرغيز وأوزبك وشيشانيون طُردوا من المنطقة في مطلع يناير 2025 من جانب السلطات الجديدة في محاولة لتهدئة الوضع على الساحل".

ومن بين الفصائل الموالية لتركيا التي اتهمت بالمشاركة في أعمال القتل فرقة سليمان شاه (العمشات) وفرقة الحمزة (الحمزات).

وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى "وجوب أن تشمل المساءلة عن الفظائع جميع الأطراف، بما في ذلك الجماعات مثل هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا"، وهما المكوّنان الأساسيان اليوم في قوات الأمن الجديدة في سوريا، و"التي لديها تاريخ موثق جيدا من الانتهاكات الحقوقية وانتهاكات القانون الدولي". 

شهدت منطقة الساحل السوري منذ سقوط بشار الأسد في الثامن من ديسمبر، هجمات ضدّ قوات السلطة الجديدة، بينما وقعت انتهاكات ضدّ الطائفة العلوية. 

في 6 مارس، قالت السلطات إنها واجهت هجمات استهدفت قواتها ومباني حكومية، بالإضافة إلى مستشفيات، ما أسفر عن مقتل 231 من عناصرها على مدى أيام، وفقا لحصيلة رسمية.

وجاءت هذه الهجمات بعد فترة وجيزة من إعلان العميد ركن (في الجيش السابق) غياث دلا على مواقع التواصل الاجتماعي تشكيل "المجلس العسكري لتحرير سوريا".

ووفقا لمصدر في الفرقة الرابعة (سابقا)، كان دلا ضابطا في الفرقة ومقربا من قائدها ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع.

ويُقدّر عدد العلويين في سوريا بحوالي 1,7 مليون، أي ما يقارب 9% من سكان سوريا.

خلال 13 عاما من النزاع، كان العلويون ممثلين بشكل كبير داخل الجيش والمجموعات الموالية له التي كانت خلف القمع الدموي لمعارضي حكم بشار الأسد، وغالبيتهم من المسلمين السنة.

سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان
سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان

خلفت المواجهات على الحدود السورية اللبنانية خلال اليومين الماضيين، مقتل 3 عناصر من القوات السورية على يد مسلحين تابعين لجماعة "حزب الله" اللبنانية، المصنفة على لائحة الإرهاب.

لكن هذه المواجهات ليست الأولى من نوعها بعد سقوط نظام الأسد بل هي الثانية والأشد أيضا من حيث الخسائر التي خلفتها، وعلى مستوى نوعية السلاح الذي استخدمه الطرفان.

وانتهت الاشتباكات بين قوات الإدارة السورية الجديدة ومسلحين من حزب الله، ينشطون في عدة مواقع وقرى وبلدات حدودية، باتفاق بنص مقتضب بين وزارتي الدفاع السورية واللبنانية.

ورغم أن الاتفاق كان كفيلا بتخفيف حدة التوتر، لكن لا يمكن اعتباره "حلا مستداما"، بحسب مراقبين.

يقول النائب، نزيه متى، عن حزب القوات اللبنانية، في حديث لقناة "الحرة" إن "التداخل في الحدود بين البلدين، وعدم حسم ملف الترسيم وفقًا للقرار 1680، رغم الجهود التي بذلها لبنان منذ عام 2010، يعد من أبرز التحديات التي تعيق جهود إعادة الاستقرار بين البلدين".

وأكد أن هذا الملف لا يزال عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق أي تقدم في مسار استقرار العلاقات بين لبنان وسوريا.

وأضاف متى أن عدم تأمين المنطقة يزيد من تعقيد الأمور، سيما في ظل وجود معامل لإنتاج مادة "الكبتاغون" في سوريا، وما يترتب على ذلك من تهريب لهذه المادة إلى لبنان ودول أخرى.

هذا الوضع يعزز من تدهور الأمن، ويزيد من معاناة المنطقة نتيجة عدم قدرة كلا البلدين على فرض سيطرة كاملة على حدودهما.

وأشار النائب إلى أن حزب الله والجهات الأخرى التي تحمل السلاح في المنطقة متورطة بشكل كبير في إشعال "حرب مفتوحة" بين سوريا ولبنان، وهو ما يمنع السلطات في البلدين من السيطرة على الحدود.

كما أن هذه الممارسات تعيق تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يتضمن بندا هاما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، مما يعزز حالة الانفلات الأمني.

ودعا متى الجيش اللبناني إلى تحمل كامل المسؤولية في حفظ أمن الحدود، مشددًا على أهمية إجراء تحقيق شامل للكشف عن الجهات المتورطة في تأجيج الصراع ومنع تطبيق قرار 1680 "القرار يدعو إلى حل القضايا العالقة بين لبنان وسوريا، بما في ذلك مسألة الترسيم الحدودي، بالإضافة إلى حل جميع الميليشيات المسلحة في لبنان وحصر السلاح في أيدي الجيش اللبناني".

واتفقت سوريا ولبنان الاثنين، على وقف إطلاق النار عقب اشتباكات خلال اليومين الماضيين أدت إلى مقتل جنود من الجانبين.

وذكرت وزارتا الدفاع السورية والصحة اللبنانية أن 3 جنود من الجيش السوري الجديد و7 لبنانيين قُتلوا في الاشتباكات.

واتهمت وزارة الدفاع السورية مساء الأحد عناصر من جماعة حزب الله بدخول الأراضي السورية وخطف ثلاثة من أفراد الجيش السوري الجديد وقتلهم، ونفت جماعة حزب الله ضلوعها في هذا الأمر.

وقالت وزارة الدفاع السورية والجيش اللبناني إن القوات السورية قصفت بلدات حدودية لبنانية ليلا ردا على مقتلهم.

وقال الجيش اللبناني في بيان، الاثنين، إنه سلم جثامين القتلى السوريين الثلاثة إلى السلطات السورية، وإن الوحدات العسكرية ردت على إطلاق النار من الأراضي السورية "وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني".

وكانت القوات السورية خاضت مواجهات حدودية مع "حزب الله"، في فبراير الماضي. وبعد اشتباكات استمرت لأيام، حينها، وتركزت جهة مدينة القصير بريف حمص وسط البلاد، أعلنت دمشق أنها تمكنت من تأمين الحدود.