يضم سجن رومية في لبنان حوالي 2300 سجين سوري، غالبيتهم تم اعتقالهم قبل سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.
ووجه القضاء اللبناني تهمًا تتعلق بممارسة "أنشطة إرهابية" إلى العديد منهم، بناءً على صلتهم بهيئة تحرير الشام، بينما لا يزال البعض منهم يجهل تفاصيل التهم الموجهة إليهم.
وتشير المنظمات الحقوقية إلى أن الاعتقالات التي طالت أعدادًا كبيرة من السوريين قبل سقوط النظام السوري كانت ذات طابع سياسي، حيث تتراوح الأحكام ضد العديد منهم بين المؤبد بتهمة الانتماء إلى جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام، أو المشاركة في قتال الجيش اللبناني خلال معركة عرسال.
وديع الأسمر، رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان، دعا السلطات اللبنانية إلى أن توضح أسباب وطبيعة التهم الموجهة إلى السجناء، "سيما مع وجود حالات لعدد من السجناء تم الادعاء عليهم لأسباب سياسية".
وأضاف الأسمر، في حديث "للحرة" أنه يجب متابعة القضايا ضد الذين قدموا هذه الادعاءات، مشيرا إلى أن هناك العديد من السجناء الذين اعتُقلوا بتهمة "الدخول خلسة"، وغالبًا ما قضوا فترات طويلة في السجون بسبب ذلك.
ودعا الأسمر السلطات اللبنانية إلى إصدار قرار يسمح للأشخاص الذين يرغبون في العودة إلى سوريا بسحب التهم الموجهة إليهم "لانتفاء الجرم"، مؤكدًا أن اتهامهم بالدخول خلسة هو "خطأ، لأنهم كانوا طالبي لجوء".

اعتقالات دون محاكمة واتهامات بناءً على خلفيات سياسية
أوضح محمد صبلوح، وكيل الموقوفين السوريين، في حديث لقناة "الحرة"، أن "بعض المعتقلين في سجن رومية تم اعتقالهم بسبب تواصلهم مع أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، الذي أصبح الآن الرئيس السوري الجديد وأجرى لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين".
وتساءل صبلوح "هل ستسقط تهمة الإرهاب عن معتقلي الرأي في السجون اللبنانية، أم سيتجرأ القضاء على تقديم الادعاء ضد المسؤولين اللبنانيين بتهم التواصل مع إرهابيين؟".
بعد سقوط نظام الأسد، تم إطلاق سراح الآلاف من المعتقلين في سوريا. وتأمل العديد من العائلات السورية أن يُفتح أيضًا سجن رومية في لبنان ليعود أبناؤهم، إلا أن الواقع لا يزال معقدًا.
أما أبو عناد، والد أحد الموقوفين في السجون اللبنانية، فقد ناشد الحكومة اللبنانية بإطلاق سراح ابنه الذي ذهب إلى لبنان للبحث عن العمل، مضيفًا "لقد مضت سنة على احتجازه دون محاكمة، نناشدكم أن تصدروا عفوًا عن السوريين، فقد كنا مظلومين في سوريا، واليوم أبناؤنا مظلومون في لبنان".
الداخلية اللبنانية: ملف المسجونين "في قمة الأولويات"
كان اللقاء بين رئيس الحكومة اللبنانية السابق نجيب ميقاتي ورئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع بمثابة فرصة للتأكيد على أهمية طي ملف السجناء السوريين في لبنان.
ومع تشكيل حكومة لبنانية جديدة بقيادة نواف سلام، أصبحت هذه القضية في قمة الأولويات، بحسب وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار.
وقال الحجار في تصريح خاص لقناة "الحرة" إن وزارته تتولى إدارة السجون بالنيابة عن وزارة العدل، وأضاف "هناك تعاون مستمر بيني وبين وزير العدل، بالتنسيق مع رئيس الحكومة، بهدف الإسراع في معالجة هذا الملف".
وأوضح الحجار أنه بعد نيل الحكومة اللبنانية الثقة، سيكون هناك تنسيق مع الحكومة السورية بشأن ملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية وكافة الملفات الأخرى.
ووفقًا لمصادر قضائية لقناة "الحرة"، أصدر النائب التمييزي اللبناني تعميمًا طالب فيه النيابات العامة وقضاة التحقيق بالإسراع في المحاكمات، خاصة لأولئك الذين لم تصدر بحقهم مذكرات توقيف أو أحكام قضائية.
وفي هذا السياق، قال يوسف دياب، الصحافي المختص بالشؤون القضائية، إن القضاء اللبناني أنجز ملفات جميع المعتقلين السوريين والمحكومين لتسليمهم إلى السلطات في دمشق.
إلا أنه أشار إلى أن التأخير في حسم هذا الملف يعود إلى غياب القنوات القضائية الرسمية للتواصل معها بعد حل مكتب الاتصال السوري. ولفت دياب إلى أن السلطات اللبنانية بانتظار قرار دمشق لتشكيل مكتب جديد "من أجل ترتيب عملية الاستلام والتسليم بين لبنان وسوريا".

سقط "الأسد" ... فهل تسقط الاتهامات؟
وفي انتظار التقدم في المساعي السياسية بين لبنان وسوريا، أطلق عدد من المعتقلين في سجن رومية منصة "سوريون عبر السجون"، وهي مبادرة تهدف إلى إيصال قضيتهم إلى الجهات الدولية والحقوقية.
(أنس) سجين سوري من القلمون، اعتقلته السلطات اللبنانية عام 2014. قال انه اضطر مع عائلته إلى ترك منطقته بعد سيطرة نظام الأسد عليها ولجأوا إلى لبنان.
وأوضح أنس (وهو اسم مستعار) لقناة "الحرة" أن المعاناة استمرت في لبنان "وبتنا نتعرض للانتهاكات والاعتقالات و المداهمات التعسفية في المخيمات".
وأنهى حديثه بالقول .. "انا مظلوم كنت أوثق هذه الممارسات وأرسلها إلى الاعلام للإضاءة عليها وتوقفت بسبب ذلك .. أوثق انتهاكات نظام الأسد منذ 14 سنة .. هذا النظام سقط ومن عشر سنوات ونحن عايشين خلف القضبان".
أم قصي، شقيقة أحد المعتقلين في سجن رومية، قالت من جهتها "طالبت السلطات اللبنانية بتحقيق حلمي، نريد أن نفرح مثل باقي الناس، حقنا أن نفرح وضم أولادنا وأخواتنا، وأتمنى أن يكون العيد القادم معنا".