سوريا

ضحايا وسطاء الزواج في العراق.. سهى تحذّر

الحرة / خاص
التحديث 13 مارس 2025 14:29

اقترنت سهى برجل من بلد مجاور عبر "وسيط زواج"، على أمل أن تنعم بحياة زوجية مستقرة، ولكنها وقعت ضحية للاستغلال والعنف المنزلي، مسلطةً الضوء على قضية تفشي "وسطاء الزواج".

وروت سهى، وهو اسم مستعار لهذه السيدة السورية، لموقع "الحرة"، المعاناة التي اختبرتها بعد زواجها من رجل عراقي "عبر وسيط كان يبحث عن فتيات سوريات لرجال عراقيين".

وقالت: "نظرت إلى صورة الرجل، ودفعني وضعي المعيشي الصعب في سوريا إلى قبول الزواج بحثًا عن حياة أفضل"، لكن الصدمة الأولى جاءت فور لقائها بزوجها.

وتردف قائلة: "تبيّن أنه في الخامسة والستين من عمره، رغم أن الوسيط أخبرها أنه في الخمسينيات..".

ورغم أن الرجل يكبرها بـ25 عاما، وافق أهلها على الزواج، و"أُنجزت الإجراءات القانونية عبر محامية سورية"، وفق ما تضيف.

وسرعان ما اصطدمت سهى بالواقع الأليم، إذ تقول إن الرجل "خدعها في قيمة المهر عبر تسجيله بالليرة السورية بدلًا من الدينار العراقي، مما أحدث فرقًا كبيرًا في قيمة المهر".

"كما لم يسمح لها حتى بشراء أبسط احتياجاتها الحياتية، وعند وصولها إلى العراق فوجئت بأنها ستعيش في منزل صغير مع زوجتيه الأخريين وأطفاله، رغم وعده بمنزل مستقل".

وأصبحت، وفق ما تقول، "خادمة" في المنزل، حيث أُجبرت على خدمة زوجتيه وأطفاله، وتعرضت للتعنيف من زوجها كلما اعترضت على معاملته القاسية.

وتقول سهى، بصوت يخنقه الألم: "كان يضربني، يشتمني، ويصفني بالرخيصة لأنه تزوجني بأموال قليلة".

وبعد 11 شهرًا من العذاب، لجأت سهى إلى المحاكم العراقية وطلبت الطلاق، وتمكنت أخيرًا من "استعادة حريتها".

وتقول: "أنا الآن أعمل في مصنع وأرسل المال لعائلتي في سوريا. أدركت أن العديد من السوريات المتزوجات من عراقيين يعانين من الاستغلال والعنف، وأحذر كل امرأة من الوقوع في الفخ نفسه".

وعود كاذبة

وكشف المحامي محمد جمعة عن تصاعد المشكلات القانونية والاجتماعية التي تواجه السوريات المتزوجات من عراقيين عبر وسطاء الزواج، خاصةً مع غياب الضمانات القانونية.

وقال جمعة، لموقع "الحرة"، إن الزواج يتم بطرق مختلفة، منها سفر الرجل إلى سوريا لإتمام عقد القران هناك، قبل أن تنتقل الزوجة إلى العراق بتأشيرة دخول على كفالة الزوج.

أما في حال كانت المرأة السورية مقيمة قانونيًا في العراق، فيتم الزواج عبر المحاكم العراقية، وفق ما يضيف المحامي.

ويردف قائلًا إن الزواج خارج المحكمة هو الأكثر شيوعًا، إذ يتم عبر رجال الدين دون تسجيل العقد، مما يعرض الزوجة لوضع قانوني هش.

العنف والتخلي عن المسؤولية

وتولى المحامي محمد جمعة النظر في أكثر من 10 قضايا تفريق لسوريات تعرضن للعنف، وفق ما يقول.

وسلط جمعة الضوء على إحدى القضايا التي تولاها، وقال إنها لامرأة سورية تعرضت لضرب مبرح من زوجها، وكانت آثار التعنيف واضحة على جسدها.

وكان مطلبها الوحيد العودة إلى أهلها، لكنها لم تتمكن من ذلك بسبب رفض زوجها منحها الموافقة اللازمة للسفر، وفق ما يضيف جمعة.

وأشار إلى أن معظم هذه الزيجات تكون الثانية أو الثالثة للزوج، وبعد فترة قصيرة، تبدأ الزوجة في مواجهة سوء المعاملة والتخلي عنها دون حقوق.

تحذير من وسطاء الزواج

وحذّر جمعة من الزواج عبر وسطاء غير موثوقين، مؤكدًا أن غياب التوثيق الرسمي يجعل النساء عرضة للاستغلال، مشددًا على ضرورة مراجعة القوانين لحماية السوريات من الابتزاز والعنف.

وأفاد مدير عام مديرية حماية الأسرة والطفل، اللواء عدنان حمود سلمان، في تصريح لموقع "الحرة"، بتسجيل حالات عنف ضد سوريات متزوجات من عراقيين، لكن بنسبة ضئيلة.

وأوضح أن بعض الضحايا تم إنقاذهن وإعادتهن إلى بلدانهن بالتنسيق مع الجهات المعنية.

وأشار إلى أن هذه الحالات تحدث نتيجة استضعاف المرأة السورية بسبب بُعدها عن أهلها، لافتًا إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد الأزواج المعنِّفين.

الزواج غير الرسمي.. باب للاستغلال

وأوضحت الوزيرة السابقة والناشطة في حقوق المرأة، بشرى زوين، أن الزواج غير المسجل رسميًا يحرم الزوجة من أي حقوق قانونية، خاصة في حالة القاصرات، مشيرةً إلى أنها تابعت أربع حالات تعنيف لنساء سوريات.

ولفتت إلى أن بعض الرجال يُقبلون على الزواج من السوريات بسبب انخفاض تكاليف الزواج، التي لا تتعدى ألف دولار، لكن الزوجة تجد نفسها بعد الزواج في واقع مختلف تمامًا عن الوعود التي قُدمت لها.

تحذيرات من زواج القاصرات

وكشفت منظمة آيسن لحقوق الإنسان عن تزايد زواج عراقيين من سوريات خلال السنوات الأخيرة، خاصة في عامي 2023 و2024، حيث تتم هذه الزيجات غالبًا عبر وسطاء أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

كما أكد محفوظ حذيفة، مسؤول الجالية السورية في العراق، أن حالات الزواج بين عراقيين وسوريات شهدت زيادة ملحوظة منذ ما قبل سقوط النظام السوري، مستشهدًا بتصريحات سابقة للسفير السوري.

وكان السفير السوري في العراق، صطام جدعان الدندح، قد كشف في تصريحات لموقع "أثر برس السوري" في 15 يناير 2024، عن تسجيل حوالي 5000 عقد زواج لسوريات من عراقيين خلال عام 2023.

وقال الدندح، في المقابلة التي أُجريت في 15 يناير 2024، إن عدد السوريين في العراق يتراوح بين 300 و400 ألف، رغم عدم وجود أرقام دقيقة.

وقالت رئيسة منظمة آيسن، أنسام سلمان، لموقع "الحرة"، إن المشكلة تكمن في أن معظم هذه الزيجات تتم دون تسجيل رسمي في المحكمة، مما يحرم الزوجات، خصوصًا القاصرات، من أي حقوق قانونية.

كما يواجهن صعوبات في تجديد الإقامة السنوية بسبب عدم الاعتراف القانوني بزواجهن.

في المقابل، أشارت المنظمة إلى أن بعض الزيجات تتم بشكل قانوني عبر المحاكم، مما يضمن استقرار الأسر الناتجة عنها.

كما وثّقت المنظمة حالات تعنيف لنساء سوريات، من بينها فتاة قاصر تعرضت للضرب والحبس بعد مطالبتها بتسجيل زواجها رسميًا. وتدخلت المنظمة لمساعدتها عبر المؤسسات الحكومية.

ودعت المنظمة إلى تشديد الرقابة على وسطاء الزواج، واتخاذ إجراءات مشددة لمنع تزويج القاصرات وحماية حقوق النساء ومنع استغلالهن.

وتختم سهى قصتها بنداء لكل فتاة: "لا تثقي بوعود الزواج الوهمية، وتأكدي من صدق نوايا من يتقدم للزواج بكِ. لا تجعلي الظروف تدفعكِ إلى زواج قد يكون طريقًا إلى المعاناة والاستغلال".

الحرة / خاص

الشرع والجهاد الإسلامي

بالتزامن مع زيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تحدثت تقارير عن اعتقال القوات الأمنية السورية قياديين بارزين من حركة الجهاد الإسلامي، في حدث يبدو شديد الدلالة على التحولات الكبيرة التي تشهدها سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي.

وقالت "سرايا القدس"، وهي الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، في بيان الأربعاء إن خالد خالد مسؤول الحركة في سوريا وياسر الزفري مسؤول لجنتها التنظيمية محتجزان لدى السلطات السورية منذ خمسة أيام.

وأضافت أن السلطات ألقت القبض على الرجلين "دون توضيح أسباب الاعتقال وبطريقة لم نكن نتمنى أن نراها من إخوة". ودعت إلى "الإفراج" عنهما. 

وأكد مسؤول في وزارة الداخلية السورية لوكالة رويترز نبأ إلقاء القبض على القياديين في الحركة، لكنه لم يجب عن أسئلة لاحقة حول سبب اعتقالهما.

حركة "الجهاد الإسلامي" هي إحدى أهم الفصائل الفلسطينية المسلحة، وإن كانت أكثرها غموضاً وتعقيداً، من حيث تاريخها وأيديولوجيتها. صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، ونمت لتصبح ثاني أكبر حركة مسلحة في قطاع غزة وثالث أكبر حركة في الضفة الغربية.

وعلى الرغم من أنها أصدرت أول بيان علني لها في 11 ديسمبر عام 1987، كان وجودها واحدا من أكثر أسرار المقاومة الفلسطينية كتمانا. تأسست الحركة في قطاع غزة عام 1981 على يد مجموعة من الطلاب الفلسطينيين الذين لم يسبق لأحدهم أن أمسك بسلاح، لكنها سريعاً تحولت إلى استخدام العنف ضد أهداف إسرائيلية في عام 1984، أي قبل خمس سنوات من ظهور حركة حماس.

واكتسبت الحركة سمعة سيئة بسبب طبيعة هجماتها المثيرة للجدل في عنفها، ومواقفها المتصلبة ضد إسرائيل. وكان الشعار الذي طرحته هو: "الإسلام، الجهاد، وفلسطين": الإسلام كنقطة انطلاق، الجهاد كوسيلة، وتحرير فلسطين كهدف.

وكانت الحركة ولا تزال ملتزمة بـ"لاءات ثلاث": لا تفاوض، ولا حل الدولتين، ولا اعتراف بإسرائيل.

في كتابه "تاريخ الجهاد الإسلامي الفلسطيني: الإيمان والوعي والثورة في الشرق الأوسط"، يروي الباحث إيريك سكير حكاية جذور تأسيس حركة الجهاد الإسلامي، التي بدأت من رسم وضعه فتحي الشقاقي (مؤسس الحركة/ اغتيل في العام ١٩٩٥) على ورقة في مارس 1979، يمثل مستطيلًا يتقاطع مع دائرة. 

كان هذا الرسم، بحسب سكير، يمثل مشروعهم السياسي الجديد، ويحتوي على ثلاث مساحات متميزة. تمثل المساحة الأولى "الإخوة الذين كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين فقط". ثم هناك "الإخوة الذين كانوا أعضاء في كل من جماعة الإخوان والمشروع الجديد الذي يشكل نوعاً ما انشقاقاً عن الإخوان. وأخيراً، هناك أولئك الذين انضموا إلى هذا المشروع دون أن يكونوا من الإخوان المسلمين. كانت هذه المنظمة تُعرف بـ "الطلائع الإسلامية"، وهي نواة حركة الجهاد الإسلامي.

والتعقيد في سيرة الجهاد الإسلامي وتموضعها، مرده إلى عوامل عديدة لعبت دوراً في رسم هوية الحركة وتشكيل أفكارها من روافد متنوعة، وقد تبدو أحياناً متناقضة. فهي كما يرى باحثون، بينهم الباحثة الإسرائيلية مائير هاتينا، نشأت من تأثير حاسم للجماعات المصرية المتطرفة في السبعينيات. 

وفي المقابل، تركز الباحثة، بفيرلي ميلتون إدواردز، على صراع الحركة مع جماعة الإخوان المسلمين في أوائل الثمانينيات، بشأن المقاومة المسلحة. وبينهما رأي، يتوقف عنده إيريك سكير في كتابه، يقول بأن "الجهاد الإسلامي" خرجت تأثراً بالثورة الإيرانية عام ١٩٧٩. 

وفي الحالات كلها، تبدو حركة "الجهاد الإسلامي" اليوم في قلب هذه التناقضات، فهي الفصيل الأقرب فلسطينياً إلى إيران تمويلاً وتسليحاً مع إشارات إلى حالات "تشيّع" داخل الحركة. ومع ذلك فإن تنسيقها مع حماس لم يتوقف، حتى مع التباين بين حماس و"الجهاد" حول قضية الثورة السورية، وبقاء الجهاد الإسلامي في "حضن" النظام السوري مستفيدة من الحماية التي وفرها لها، في وقت كانت حماس تبتعد عن النظام بسبب مزاج الثورة القريب من الإخوان المسلمين.

مع ذلك نسقت حماس مع "الجهاد" هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وتحتفظ بأسرى إسرائيليين.

ومع تولي أحمد الشرع السلطة في سوريا، تزداد الأمور تعقيداً. فالشرع يميل، بحسب معطيات عديدة، إلى الاقتراب أكثر من تسوية مع إسرائيل قد تستكمل باتفاقية سلام، والابتعاد أكثر عن حماس وما تمثله. ولقاؤه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس يصب في هذا السياق.

ولا يحيد اعتقال الأمن السوري القياديين في "الجهاد" عن هذا "النهج"، ويأتي استكمالاً للمزاج السياسي للشرع المبتعد بوضوح، إلى حد القطيعة، عن إيران. إذ قطعت القيادة السورية الجديدة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وتأمل في إعادة بناء الدعم الإقليمي والدولي لسوريا، لا سيما رفع العقوبات وتمويل إعادة الإعمار بعد حرب أهلية مدمرة استمرت 14 عاماً.

لكن قد لا يعني اعتقال القياديين في الجهاد أن الشرع سيفعل الشيء ذاته مع حركة "حماس" في سوريا، على الأقل في الفترة المقبلة، كما يوضح نائب مدير مركز كارنيغي، الباحث مهند الحاج علي، لموقع "الحرة". بل إن الشرع على الغالب سيحافظ على العلاقة التاريخية بحماس لما تمثله من امتداد يرتبط بالإخوان المسلمين. 

وإذا كان الشرع في وارد "بيع" حماس، فإنه بالتأكيد سيطلب ثمناً عالياً لقاء ذلك. ويعتقد الحاج علي أن حماس لن تُحرج الشرع وستلتزم بما يناسبه في سوريا، حتى لو عنى ذلك قطع التواصل مع إيران، وإن كان الباحث في كارنيغي يتوقع أن تلعب حماس أدواراً في المستقبل لتحسين علاقات الشرع بإيران.

وأوردت وكالة رويترز في تقرير الشهر الماضي أن الولايات المتحدة قدمت لسوريا قائمة شروط يتعين الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات. وذكرت مصادر لرويترز أن أحد الشروط هو إبعاد الجماعات الفلسطينية المدعومة من إيران.