مخيم اليرموك جنوب دمشق عانى دمارا كبيرا خلال الحرب بسوريا
مخيم اليرموك جنوب دمشق عانى دمارا كبيرا خلال الحرب بسوريا (أرشيف)

يتوق الفلسطينيون في مخيمات سوريا للعودة إلى منازلهم وممتلكاتهم، لكن رغبتهم هذه تصطدم بعقبات معقدة. 

فإلى جانب التحديات القانونية والمالية، يواجهون دمارا واسعا طال مساكنهم، وانهيار الخدمات الأساسية، وندرة فرص العمل، ما يجعل العودة حاليا شبه مستحيلة.

 شهادات من الواقع 

أحمد، أحد أبناء مخيم اليرموك (جنوبي دمشق) والذي تهجر إلى مدينة صيدا اللبنانية، يقول إنه من المبكر حاليا التفكير بالعودة إلى سوريا بسبب ضبابية الأوضاع هناك والفلتان الأمني.

وتابع في حديثه إلى موقع "الحرة": "إذا فكرت بالعودة، فإلى أين سأعود؟ منزلي مدمر بالكامل، ولم يعد في سوريا أيٌّ من أفراد عائلتي".

وتساءل:  "إلى أين أعود؟ ومن أجل من؟".

أما رشيد، من مخيم حندرات (شمال حلب)، الذي اضطر للفرار إلى مصر بسبب الأحداث في سوريا، فقد حسم أمره قائلا: "لن أعود أبدا. ففي مصر تمكنت من بناء حياتي، وأعمل حاليا في التجارة، وأموري جيدة". 

وأضاف: "هل أعود كي أبدأ من الصفر وأبحث عن عمل من جديد؟ هذا لن يحدث".

بدوره، عبَّر محمد، وهو ناشط فلسطيني من مخيم درعا، ويقيم حاليا في الأردن، عن أمله في العودة إلى سوريا.

لكن محمد لا يملك تكاليف السفر، ما يجعل حتى مجرد التفكير في العودة أمرا صعبا عليه في الوقت الراهن.

أما ماجد، اللاجئ المتزوج والأب لثلاثة أطفال، فقد قال لموقع "الحرة": "لا أريد أن أخاطر بأطفالي. العودة تعني أن أضعهم في خطر. نحن بحاجة إلى مستقبل أفضل لهم".

صورة أرشيفية لعناصر من لواء القدس
سابقة.. هولندا تحاكم عنصرا بميليشيا فلسطينية موالية للنظام السوري بـ"جرائم حرب"
في سابقة هي الأولى من نوعها، تشهد هولندا محاكمة عناصر قاتل في صفوف ما بات يعرف باسم "لواء القدس" الفلسطيني التابع لقوات النظام السوري، والذي أشيع عنه المشاركة في اقتراف جرائم حرب وممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان.

وفي المنحى ذاته، يعتبر سامر، من أبناء مخيم حندرات المهجر إلى تركيا، أن قرار العودة إلى سوريا ليس سهلًا بالنسبة له ولعائلته.

وقال إن 80 بالمئة من المخيم مدمر بالكامل، بما في ذلك منزله، كما أنه لا يمتلك القدرة المالية لإعادة بنائه. وأعرب عن مخاوفه من عدم تمكنه من العثور على فرص عمل مناسبة هناك.

ويقول هادي، وهو لاجئ من مخيم سبينة (جنوب دمشق) ويقيم في أربيل بكردستان العراق إن "البقاء في أربيل قد يكون الخيار الأكثر واقعية في الوقت الراهن، ريثما تتضح الأمور في سوريا". 

ويضيف قوله:  "هنا أستطيع أن أعمل وأؤمّن مستقبلا لأولادي، أما في سوريا، فلا أعرف ما الذي ينتظرنا".

أرقام وإحصائيات 

ووفقا لتقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فقد بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا قبل اندلاع الأزمة عام 2011 نحو 528 ألف لاجئ.

ولكن العدد الفعلي للفلسطينيين المقيمين في سوريا تقلص بعد الأزمة إلى 431 ألف لاجئ، حيث نزح 60 بالمئة منهم خارج مخيماتهم وتجمعاتهم.

ومن بين هؤلاء، 1700 عائلة فلسطينية هجرت قسرا من مخيمي اليرموك وخان الشيح وجنوب دمشق إلى الشمال السوري.

أما بالنسبة لمن اضطروا للهجرة خارج سوريا، فقد تجاوز عددهم 200 ألف لاجئ فلسطيني، توزعوا على النحو التالي: 
- 125 ألف لاجئ في أوروبا 
- 23 ألف لاجئ في لبنان 
- 21 ألف لاجئ في الأردن 
- 3500 لاجئ في مصر 
- 14 ألف لاجئ في تركيا 
- 350 لاجئًا في غزة

العودة ليست خيارًا سهلًا 

في هذا السياق، يقول فايز أبو عيد، مدير "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، في حديثه إلى موقع "الحرة"، إن آلاف اللاجئين الفلسطينيين السوريين في دول الشتات الجديد يعيشون حالة من الحيرة والتردد بين العودة إلى سوريا أو البقاء في بلدان اللجوء الجديدة. 

وأوضح أن البعض تغلب عليه مشاعر الحنين إلى سوريا ومخيماتهم التي نشأوا وترعرعوا فيها، بينما يرى آخرون أن واقع اللجوء، رغم صعوباته، قد يكون أكثر أمانًا من العودة إلى أوضاع غير مستقرة في سوريا.

وأضاف أبو عيد أن اللاجئ الفلسطيني السوري يقف عند مفترق طرق، حيث تتجاذبه مشاعر متضاربة؛ فمن ناحية، هناك الحنين إلى مرتع الصبا والشوق إلى الأماكن التي عاش فيها، والذكريات التي تربطه بمخيمات اللجوء في سوريا.

ومن ناحية أخرى، هناك واقع اللجوء، الذي قد يوفر فرصًا أفضل للعيش والعمل والتعليم، فضلًا عن توفر الخدمات الأساسية والأمن.

وأشار إلى أنه حتى لو قرر اللاجئون العودة، فإن الظروف في المخيمات تجعل هذا القرار شبه مستحيل، فالبنية التحتية مدمرة، والخدمات الأساسية معدومة، والاقتصاد منهار، مما يشكل تحديات كبرى أمام أي تفكير جدي بالعودة.

سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان
سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان

خلفت المواجهات على الحدود السورية اللبنانية خلال اليومين الماضيين، مقتل 3 عناصر من القوات السورية على يد مسلحين تابعين لجماعة "حزب الله" اللبنانية، المصنفة على لائحة الإرهاب.

لكن هذه المواجهات ليست الأولى من نوعها بعد سقوط نظام الأسد بل هي الثانية والأشد أيضا من حيث الخسائر التي خلفتها، وعلى مستوى نوعية السلاح الذي استخدمه الطرفان.

وانتهت الاشتباكات بين قوات الإدارة السورية الجديدة ومسلحين من حزب الله، ينشطون في عدة مواقع وقرى وبلدات حدودية، باتفاق بنص مقتضب بين وزارتي الدفاع السورية واللبنانية.

ورغم أن الاتفاق كان كفيلا بتخفيف حدة التوتر، لكن لا يمكن اعتباره "حلا مستداما"، بحسب مراقبين.

يقول النائب، نزيه متى، عن حزب القوات اللبنانية، في حديث لقناة "الحرة" إن "التداخل في الحدود بين البلدين، وعدم حسم ملف الترسيم وفقًا للقرار 1680، رغم الجهود التي بذلها لبنان منذ عام 2010، يعد من أبرز التحديات التي تعيق جهود إعادة الاستقرار بين البلدين".

وأكد أن هذا الملف لا يزال عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق أي تقدم في مسار استقرار العلاقات بين لبنان وسوريا.

وأضاف متى أن عدم تأمين المنطقة يزيد من تعقيد الأمور، سيما في ظل وجود معامل لإنتاج مادة "الكبتاغون" في سوريا، وما يترتب على ذلك من تهريب لهذه المادة إلى لبنان ودول أخرى.

هذا الوضع يعزز من تدهور الأمن، ويزيد من معاناة المنطقة نتيجة عدم قدرة كلا البلدين على فرض سيطرة كاملة على حدودهما.

وأشار النائب إلى أن حزب الله والجهات الأخرى التي تحمل السلاح في المنطقة متورطة بشكل كبير في إشعال "حرب مفتوحة" بين سوريا ولبنان، وهو ما يمنع السلطات في البلدين من السيطرة على الحدود.

كما أن هذه الممارسات تعيق تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يتضمن بندا هاما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، مما يعزز حالة الانفلات الأمني.

ودعا متى الجيش اللبناني إلى تحمل كامل المسؤولية في حفظ أمن الحدود، مشددًا على أهمية إجراء تحقيق شامل للكشف عن الجهات المتورطة في تأجيج الصراع ومنع تطبيق قرار 1680 "القرار يدعو إلى حل القضايا العالقة بين لبنان وسوريا، بما في ذلك مسألة الترسيم الحدودي، بالإضافة إلى حل جميع الميليشيات المسلحة في لبنان وحصر السلاح في أيدي الجيش اللبناني".

واتفقت سوريا ولبنان الاثنين، على وقف إطلاق النار عقب اشتباكات خلال اليومين الماضيين أدت إلى مقتل جنود من الجانبين.

وذكرت وزارتا الدفاع السورية والصحة اللبنانية أن 3 جنود من الجيش السوري الجديد و7 لبنانيين قُتلوا في الاشتباكات.

واتهمت وزارة الدفاع السورية مساء الأحد عناصر من جماعة حزب الله بدخول الأراضي السورية وخطف ثلاثة من أفراد الجيش السوري الجديد وقتلهم، ونفت جماعة حزب الله ضلوعها في هذا الأمر.

وقالت وزارة الدفاع السورية والجيش اللبناني إن القوات السورية قصفت بلدات حدودية لبنانية ليلا ردا على مقتلهم.

وقال الجيش اللبناني في بيان، الاثنين، إنه سلم جثامين القتلى السوريين الثلاثة إلى السلطات السورية، وإن الوحدات العسكرية ردت على إطلاق النار من الأراضي السورية "وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني".

وكانت القوات السورية خاضت مواجهات حدودية مع "حزب الله"، في فبراير الماضي. وبعد اشتباكات استمرت لأيام، حينها، وتركزت جهة مدينة القصير بريف حمص وسط البلاد، أعلنت دمشق أنها تمكنت من تأمين الحدود.