تتراوح التقديرات بوجود بين 3 إلى 5 آلاف مقاتل أجنبي في سوريا
تتراوح التقديرات بوجود بين 3 إلى 5 الاف مقاتل أجنبي في سوريا

طفت قضية المقاتلين الأجانب في سوريا إلى السطح على خلفية تقارير متقاطعة عن دورهم في أحداث الساحل السوري وما شهدته من عمليات قتل واسعة النطاق لمدنيين علويين على يد عناصر تُتهم بالارتباط بالحكومة الجديدة.

فمن هم المقاتلون الأجانب في سوريا وما هو مصيرهم؟ وما التهديد الذي تراه إسرائيل من قبل هؤلاء والسلطة السورية الجديدة؟

يقول الصحفي السوري زياد الريس، المقيم في عمان، في مقابلة مع قناة "الحرة" إن وجود المقاتلين الأجانب في سوريا يشكل "مشكلة كبيرة" يرفضها جميع السوريين، بغض النظر عن انتماء هؤلاء المقاتلين.

وأضاف قائلاً "السوريون يرفضون تماماً وجود هؤلاء المقاتلين على أراضيهم".

وأشار الريس إلى أن المعلومات المتوفرة حول أعداد هؤلاء المقاتلين تعتبر "شحيحة للغاية"، لكنه ذكر أن العدد الإجمالي للمقاتلين الأجانب الذين دخلوا سوريا بين عامي 2015 و2017 لا يتجاوز الألفين، وقد تركز معظمهم في مناطق جبلية في اللاذقية، الواقعة في الساحل السوري الغربي.

وتحدث الريس عن إحدى أبرز الفصائل الأجنبية، وهي "حراس الدين"، موضحًا أنها لا تتبع لأي جهة سورية معارضة، بل هي فصيل مستقل "مستهدف من قبل الجميع".

كما أضاف أنه رغم وجود العديد من الفصائل الأجنبية الأخرى، فإن المعلومات المتوفرة حولها نادرة، لكنها في المجمل لا تختلط بالفصائل المسلحة السورية الأخرى ولا تقاتل جنبًا إلى جنب معهم.

وأشار الصحفي السوري زياد الريس إلى أن السوريين يطالبون بحل هذه المشكلة بشكل نهائي وإخراج هذه الفصائل من الأراضي السورية.

وفيما يتعلق بالوعود التي قطعتها الإدارة السورية الجديدة بحسم ملف المقاتلين الأجانب، قال الريس إن تحقيق ذلك مرهون بـ"بناء دولة قادرة على اتخاذ قرارات قانونية تخص مصير هؤلاء المقاتلين".

اللاذقية من بين مناطق الساحل السوري التي شهدت أعمال عنف (رويترز)
تلاحقهم اتهامات القتل بـ"الساحل".. من هم المقاتلون الأجانب في سوريا؟
شهادات لذوي ضحايا في أحداث الساحل السوري وشهود عيان، توالت خلال الأيام الماضية، لتشير إلى مشاركة "مقاتلين أجانب" في الاشتباكات وأعمال العنف التي ارتُكبت في كل من محافظتي طرطوس واللاذقية، والقرى والبلدات التابعة لهما.

من جانبه، قال المستشار السابق للشؤون العربية في وزارة الأمن الإسرائيلية، ألون أفيتار، إن وجود المقاتلين الأجانب في سوريا يشكل تهديدًا للأمن الإسرائيلي، بسبب "غياب الدولة السورية" وحالة عدم الاستقرار التي يعاني منها البلد.

وأوضح في مقابلة مع قناة "الحرة" أن سوريا اليوم "مقسمة إلى العديد من الأجزاء"، حيث تخضع كل منطقة لسيطرة ميليشيا أو مجموعة مسلحة، مثل "ميليشيا حماس والجهاد الإسلامي".

وتابع أفيتار بأن رئيس الإدارة السورية الانتقالية أحمد الشرع، يستفيد من وجود هذه الفصائل لتعزيز موقفه السياسي و"إعادة بناء قواته"، مشيرًا إلى أن بقاء هذه الفصائل في المستقبل قد يتحول إلى "تهديد عسكري جدي" لسوريا والمنطقة.

وأكد أفيتار أن إسرائيل لن تسمح لهذه الميليشيات بتعزيز قوتها، وأنها ستستخدم جميع الوسائل المتاحة لمنع أي هجمات قد تستهدف الأراضي الإسرائيلية.

وأضاف أن إسرائيل ستواصل تدمير القدرات العسكرية لهذه الميليشيات، وستعمل على "تطهير" المناطق السورية المحاذية للحدود مع إسرائيل من هذه العناصر والفصائل الفلسطينية.

ولا توجد إحصائيات دقيقة لأعداد المقاتلين الأجانب الذين شاركوا في القتال منذ أعوام إلى جانب المعارضة حيث تتراوح التقديرات المتعلقة بهم حاليا ما بين 3 إلى 5 آلاف مقاتل بالإضافة إلى عائلاتهم.

ويقول مركز جسور للدراسات، إن هؤلاء ينحدرون من 18 دولة ومنطقة هي تونس والجزائر والأردن والمغرب ومصر والسودان وكوسوفو وألبانيا والشيشان والسعودية والجبل الأسود وصربيا ومقدونيا الشمالية وتركستان الشرقية وفرنسا وأوزبكستان وطاجكستان وأذربيجان.

تنوعت مشاركات هؤلاء في القتال على أكثر من منطقة وجبهة ولعل أبرزها المعركة الاخيرة لإسقاط نظام بشار الاسد في ديسمبر الماضي حين شكل المقاتلون القادمون من تركستان الشرقية الفصيل الأجنبي الأكثر تنظيما.

كذلك تبرز "كتيبة المجاهدين الغرباء"، التي يصل حجم عديدها إلى أربعمئة مقاتل مهاجر من الإيغور والطاجيك والأوزبك ومقاتلين من جنسيات عربية.

وبالإضافة إلى هذين الفصيلين، انضوت فصائل أخرى تحت عباءة هيئة تحرير الشام هي كتائب أجناد القوقاز التي تنشط ضمن مناطق ريف حلب الغربي وإدلب وجبال الساحل، بالإضافة إلى عصائب الإيغور الحمراء وتنظيم حراس الدين الذي يضم مقاتلين أردنيين وأتراك ومغاربة ومصريين وتونسيين.

وفي موازاة الاجانب المقاتلين في صفوف قوات رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع أو ما كان يعرف بالجولاني، يبرز آخرون أكثر تطرفا أبرزهم من المنضوين في تنظيم داعش في الشرق السوري والشمال الغربي.

كما قاتل متطرفون آخرون في سوريا لسنوات أبرزهم فصيل "فرقة الغرباء" التي تضم متحدثين باللغة الفرنسية وفصيل "مهاجرو أهل السنة" و"تنظيم حراس الدين" وهؤلاء لطالما تعرضت قياداتهم لغارات جوية أميركية.

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أكد من جهته أن سلاح الجو الإسرائيلي، نفذ غارات جوية على مجموعات إرهابية في دمشق، مشددًا على أن إسرائيل لن تسمح بأن تتحول سوريا إلى تهديد.

وقال كاتس في بيان إنه في أي مكان يتم فيه التخطيط لأنشطة إرهابية ضد إسرائيل، سيجد زعيم الإسلام المتطرف، جولاني في إشارة إلى الشرع، طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تحلق فوقه وتستهدف مواقع الإرهاب.

الجيش الإسرائيلي أعلن أن قيادته الشمالية وقيادة استخباراته، ساعدتا في استهداف مقر للجهاد الإسلامي بدقة، كان يُخطط من خلاله لشن هجمات إرهابية ضد إسرائيل.

في المقابل قالت تقارير إعلامية سورية، إن الغارات استهدفت مبان في منطقة مشروع دمر في دمشق، واستهدفت شخصية فلسطينية.

ويأتي الهجوم بعد إعلان الجيش الإسرائيلي الثلاثاء الماضي، أن قواته الجوية هاجمت أهدافا في الجنوب السوري.

وكان الشرع قد رفض التهديدات الإسرائيلية المتزايدة في الأسابيع الأخيرة، وقال إن إسرائيل تستغل مرحلة إنهيار النظام، ولها نوايا توسعية.

قتل الآلاف في سوريا نتيجة للألغام المنتشرة في البلاد
قتل الآلاف في سوريا نتيجة للألغام المنتشرة في البلاد

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير نشره، السبت، إن 673 شخصا قتلوا وجرحوا منذ بداية العام الحالي في مناطق متفرقة نتيجة الألغام ومخلفات الحرب.

وأوضح "خلال 100 يوم، بلغ عدد المدنيين الذين قتلوا منذ بداية عام 2025 نتيجة انفجار أجسام من مخلفات الحرب 335 شخصا، بينهم 71 طفلا و17 امرأة، بالإضافة إلى إصابة 338 آخرين بجراح بينهم 140 طفلا و3 سيدات".

وما تزال الألغام والمخلفات والذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الحرب تشكل تهديدا مباشرا وآنيا لحياة المدنيين، وتمثل كابوسا بالنسبة لكثيرين.

ويسجل المرصد السوري باستمرار حالات جديدة من الانفجارات المميتة التي تؤكد حجم الخطر المستمر الذي يهدد حياة السكان بالمناطق التي تعرضت للقصف والتدمير من قبل نظام بشار الأسد وحلفائه.

وتنتشر مخلفات الحرب في عموم المناطق السورية التي شهدت عمليات عسكرية خلال السنوات السابقة، وتشكل هاجسا لدى المواطنين الراغبين بالعودة إلى منازلهم ومتابعة أعمالهم.

ويتهم المرصد السلطات المحلية والمنظمات المعنية بالتقاعس عن إزالة الذخائر غير المنفجرة والألغام بمختلف أنواعها وأشكالها.

وفي ظل استمرار سقوط الضحايا، يدعو المرصد المنظمات الدولية والجهات المعنية إلى التحرك العاجل لإزالة مخلفات الحرب في سوريا. كما يحث الحكومة الجديدة على التعاون وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاز هذه العمليات، بما يضمن توفير بيئة آمنة تُمكّن الأهالي من العودة إلى مناطقهم دون مخاطر تهدد حياتهم أو تعيق استقرارهم.