وقَّع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الخميس، مُسوَّدة الإعلان الدستوري الذي حدَّد المرحلةَ الانتقاليةَ في البلاد بـ5 سنوات، مشيداً بما وصفه بـ"تاريخ جديد" في البلاد.
وأعلنت لجنة صياغة الإعلان الدستوري السوري أنه تقرَّر حصر السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية في المرحلة الانتقالية "لضمان سرعة التحرك، ومواجهة أي أحداث في تلك المرحلة".
الوثيقة حصرت جميع السلطات لدى الشرع بما فيها تعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب ورئاسة مجلس الوزراء وتعيين أعضاء المحكمة العليا.
وأثارت هذه الوثيقة ردود فعل متباينة، بين من اعتبرها خطوة تكرّس إعادة إنتاج "حكم الفرد الواحد" وآخرين التمسوا فيه العديد من الإيجابيات.
لكن كيف ترى الأقليات وبقية المكونات والقوى السياسية هذا الإعلان؟ هل هو فعلاً وثيقة معتمدة لمرحلة انتقالية أم أنه تمهيد لسلطة شخص بات يمسك بكل مفاصل الدولة بيده؟

حسام ميرو، رئيس الحزب الدستوري السوري والمنسق العام لتحالف دعم الديمقراطية والحريات، قال من برلين إن الوثيقة التي أعلنها الشرع "تقترب أكثر من أن تكون صيغة دستور بدلاً من أن تكون إعلانًا دستوريًا".
وأعتبر أن الإعلان الدستوري المفترض في هذه المرحلة الانتقالية يجب أن يتضمن فقط النقاط الأساسية التي تتعلق بتسيير شؤون الدولة بشكل مؤقت.
وأبدى ميرو استغرابه من أن الوثيقة التي أعلنها الشرع تحتوي على "نقاط دستورية معقدة ومثيرة للجدل"، مشيرًا إلى أنها تحتاج إلى نقاش واسع قبل أن يتم التوصل إلى توافق حولها.
وأكد أن الشرع كان من المفترض أن يعمل على توفير الظروف المناسبة لإجراء هذه النقاشات خلال المرحلة الانتقالية، لكي تتم مناقشتها والاتفاق عليها في مرحلة لاحقة.
وأضاف ميرو، في لقاء مع قناة الحرة، أن المجتمع السوري يتميز بتنوعه القومي، حيث يضم أكرادًا وآشوريين وتركمانًا وشركسًا وغيرهم من الفئات، التي عانت من التهميش والظلم خلال فترة حكم بشار الأسد. وكانت هذه الفئات تطالب بعد التغيير بأن يُعترف بوجودها في الدستور الجديد "كشعب على هذه الأرض".
وأوضح ميرو أن الإعلان الدستوري الجديد أغفل هذه النقطة، وذلك من خلال الصياغة التي اعتمدها الشرع في تحديد هوية الدولة على أنها "الجمهورية العربية السورية"، بدلًا من تلبية المطالب بتحويل الاسم إلى "الجمهورية السورية"، كما كان الحال في السابق.
وأضاف أن هذا التوجه من الشرع سيبقي "نار الحرب الأهلية مشتعلة" بين هذه المكونات، التي قال إنها لا تجد لها تمثيلًا حقيقيًا في الدستور الجديد.
وأكد ميرو أن الدستور يجب أن يكون عقدًا تفاوضيًا قانونيًا بين جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن الشرع لم يتبع الخطوات اللازمة لإدارة شؤون الدولة في المرحلة الانتقالية، والتي كان يجب أن تتضمن مرحلة تفاوضية بعد انهيار الدولة، تشمل التشاور مع كافة المكونات السياسية والقومية.
واستغرب ميرو من وجود بند في الوثيقة ينص على "المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات"، متسائلًا عن كيفية تحقيق هذه المساواة بين مسيحي لا يستطيع التنافس على المناصب الحكومية وبين مواطن مسلم.
الإعلان الدستوري للجمهورية العربية السورية#رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/w5rtpoxDER
— رئاسة الجمهورية العربية السورية (@SyPresidency) March 13, 2025
وتتألف الوثيقة المؤقتة من أربعة أبواب و53 مادة، وترسم المسار الذي ستمضي عليه البلاد ورئيسها الانتقالي، الشرع على صعيد عملية التنفيذ والتشريع والقضاء.
وبموجب الإعلان، سيتولى الشرع عدة مهام، فبالإضافة إلى رئاسة الجمهورية، سيجمع مناصب رئيس الوزراء، والقائد العام للجيش والقوات المسلحة، ورئيس مجلس الأمن القومي.
ومنح الإعلان الدستوري، الشرع، القدرة على إعلان حالة الطوارئ بموافقة مجلس الأمن القومي الذي هو من يختار أعضاءه بنفسه. وله حق الاعتراض على القوانين التي يقرها البرلمان ولا يمكن كسر هذا الاعتراض إلا بأغلبية الثلثين.
كما أن للشرع صلاحية تشكيل لجنة عليا تختار ثلثي أعضاء البرلمان، إلى جانب الثلث الذي يعينه بشكل مباشر، وصلاحيات أخرى لتعيين قضاة المحكمة الدستورية.
وأبقى الإعلان الدستوري على "الفقه الإسلامي المصدر الأساسي" للتشريع والإسلام دين رئيس الدولة.
كما نصّ "على مجموعة كبيرة من الحقوق والحريات منها حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة"، إضافة إلى "حق" المرأة "في المشاركة بالعمل والعلم وكفل لها الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية".
ومن بين البنود التي تضمنها الإعلان الدستوري، "ضرورة تشكيل لجنة لكتابة دستور دائم".