احتفالات حاشدة سوف تشهدها بعض المدن السورية
احتفالات حاشدة سوف تشهدها بعض المدن السورية

لأول مرة منذ انطلاقها في 15 مارس 2011، يحتفل السوريون بذكرى الثورة السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وسط مشاعر متباينة بين الفرح بالحرية والقلق من تصاعد العنف في بعض المناطق، ولا سيما في الساحل.

وتأتي هذه الاحتفالات مع تواصل التوتر الأمني في منطقة الساحل ، إذ أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن ارتفاع أعداد القتلى إلى نحو 1500 شخص، معظمهم من الطائفة العلوية، بالإضافة إلى استمرار استهداف المراكز والحواجز الأمنية التابعة للسلطة الجديدة.

وكانت أعمال العنف قد اندلعت قبل قرابة أسبوع من ذكرى "الثورة السورية"، حيث هاجم مسلحون تابعون لنظام الأسد، مواقع أمنية ومدنية مما سبب حالة فوضى نجم عنها انتهاكات وثقتها تقارير حقوقية.

ومن المتوقع أن تشهد ساحة (ميدان) الأمويين في العاصمة، دمشق، احتفالا ضخما، يشارك فيه عشرات آلاف الأشخاص، وسط إجراءات أمنية مشددة.

أهم المحطات 

ومنذ اندلاعها، مرت الثورة السورية بمحطات مفصلية، بدءًا من المظاهرات السلمية في درعا، مرورًا بتحولها إلى صراع مسلح.

تلا ذلك  ظهور جماعات متطرفة، وتدخلات خارجية، وصولًا إلى سقوط النظام بعد أكثر من عقد على اندلاع الاحتجاجات.

وانطلقت الاحتجاجات في 15 مارس 2011 كجزء من ما بات يعرف بـ"موجة الربيع العربي" التي اجتاحت العديد من الدول العربية.

وخرج السوريون مطالبين بالحرية والكرامة والإصلاحات السياسية. وشهدت الثورة محطات رئيسية أثرت في مسارها وتحولاتها. 

انطلاق الاحتجاجات السلمية (مارس 2011):

بدأت الاحتجاجات في مدينة درعا جنوب سوريا، عقب اعتقال وتعذيب مجموعة من الأطفال كتبوا شعارات مناهضة للنظام على جدران مدرستهم. 

وانتشرت المظاهرات بسرعة إلى مدن أخرى، مثل دمشق وحمص وحماة، مطالبة بالإصلاحات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

تصاعد القمع وتحول الاحتجاجات إلى صراع مسلح (2011-2012):

رد النظام السوري على المظاهرات السلمية بالقوة المفرطة، مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا. 

أدى ذلك إلى انشقاق بعض الجنود وتشكيل "الجيش السوري الحر" في يوليو 2011، الذي أعلن حمل السلاح للدفاع عن المتظاهرين والمدنيين. 

بحلول عام 2012، تحول الصراع إلى مواجهة مسلحة واسعة النطاق بين قوات النظام والمعارضة المسلحة.

سيطرة المعارضة على مناطق واسعة (2012-2013):

تمكنت فصائل المعارضة المسلحة من السيطرة على أجزاء كبيرة من شمال وجنوب سوريا، بما في ذلك أجزاء من حلب وإدلب وريف دمشق. 

أصبحت هذه المناطق خارج سيطرة النظام، وشهدت محاولات لإدارة ذاتية من قبل المجالس المحلية.

عائلة سورية تغادر قاعدة حميميم عائدة إلى قريتها
سوريون يغادرون قاعدة حميميم الروسية إلى قراهم بالساحل
يواصل سكان الساحل السوري، الذين لجأوا إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية هربًا من أعمال العنف الطائفي التي اجتاحت المنطقة الأسبوع الماضي، العودة تدريجيًا إلى قراهم المدمرة، بينما يفضل آخرون البقاء داخل القاعدة خوفًا على حياتهم، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.

ظهور التنظيمات المتطرفة (2013-2014):

في خضم الفوضى، ظهرت تنظيمات متطرفة مثل "جبهة النصرة" و"تنظيم  (داعش)"، التي استغلت الفراغ الأمني لتوسيع نفوذها. أدى ذلك إلى تعقيد المشهد السوري وزيادة معاناة المدنيين.

استخدام الأسلحة الكيميائية والتدخل الدولي (2013):

في أغسطس 2013، تعرضت مناطق في الغوطة الشرقية لهجوم بالأسلحة الكيميائية، مما أسفر عن مقتل المئات من المدنيين. 

وأثار هذا الهجوم ردود فعل دولية غاضبة، وهددت الولايات المتحدة بتوجيه ضربات عسكرية للنظام السوري، ولكن تم التوصل إلى اتفاق لنزع الأسلحة الكيميائية السورية، برعاية روسيا والولايات المتحدة خلال فترة رئاسة، باراك أوباما.

صعود داعش  (2014):

استغل تنظيم داعش الفوضى في سوريا والعراق، وسيطر على مساحات واسعة من البلدين. 

وفي يونيو 2014، أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي إقامة ما يسمى "دولة الخلافة" وعاصمتها الرقة في سوريا. 

أدى ذلك إلى تشكيل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم.

التدخل العسكري الروسي (2015):

في سبتمبر 2015، تدخلت روسيا عسكريًا لدعم النظام السوري، بحجة محاربة الإرهاب.

ساهم الدعم الجوي واللوجستي الروسي في استعادة النظام للعديد من المناطق التي خسرها سابقًا، مثل حلب وريف دمشق.

اتفاقيات خفض التصعيد ومحادثات السلام (2016-2017):

تم التوصل إلى عدة اتفاقيات لخفض التصعيد برعاية روسيا وتركيا وإيران، بهدف تقليل العنف وفتح المجال للمساعدات الإنسانية. 

كما عُقدت جولات متعددة من محادثات السلام في جنيف وأستانا، لكنها لم تسفر عن حل سياسي شامل.

معركة حلب واستعادة النظام للمدينة (2016):

في ديسمبر 2016، تمكنت قوات النظام بدعم من روسيا وإيران من استعادة السيطرة على مدينة حلب بالكامل، بعد معارك شرسة وحصار طويل على الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة المعارضة. 

وشكل سقوط حلب نقطة تحول مهمة في مسار الصراع لصالح النظام.

هزيمة داعش وخسارة معاقله (2017-2019):

بحلول عام 2019، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي من استعادة معظم المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، بما في ذلك الرقة ودير الزور. 

وأعلن عن هزيمة التنظيم كقوة مسيطرة على الأرض، لكنه استمر في شن هجمات متفرقة.

استعادة النظام مناطق واسعة (2018-2019):

واصل النظام السوري بدعم من حلفائه استعادة السيطرة على مناطق واسعة، بما في ذلك الغوطة الشرقية ودرعا وإدلب. 

أدت هذه العمليات إلى تهجير مئات الآلاف من المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية.

اللجنة الدستورية

في عام 2019، تم تشكيل اللجنة الدستورية السورية برعاية الأمم المتحدة، بهدف صياغة دستور جديد يمهد لحل سياسي.

و عُقدت عدة جولات من الاجتماعات في جنيف، لكنها لم تحقق تقدمًا ملموسًا بسبب الخلافات بين النظام والمعارضة.

استمرار الصراع وتجميد الجبهات (2021-2023):

بحلول عام 2021، تراجعت حدة المعارك الكبرى، وتجمّدت الجبهات مع استمرار الوضع الراهن. 

واستمرت معاناة المدنيين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، خاصة في إدلب وشمال شرق سوريا، مع استمرار القصف المتقطع والأوضاع الإنسانية الصعبة.

سقوط النظام (الثامن من ديسمبر 2024)

وفي الثامن من ديسمبر الماضي تمكنت فصائل مسلحة وأبرزها، هيئة تحرير الشام، من دخول العاصمة دمشق، بعد إطلاق معركة "ردع العدوان" التي بدأت بريف حلب واستمرت نحو 11 يوما.

قتل الآلاف في سوريا نتيجة للألغام المنتشرة في البلاد
قتل الآلاف في سوريا نتيجة للألغام المنتشرة في البلاد

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير نشره، السبت، إن 673 شخصا قتلوا وجرحوا منذ بداية العام الحالي في مناطق متفرقة نتيجة الألغام ومخلفات الحرب.

وأوضح "خلال 100 يوم، بلغ عدد المدنيين الذين قتلوا منذ بداية عام 2025 نتيجة انفجار أجسام من مخلفات الحرب 335 شخصا، بينهم 71 طفلا و17 امرأة، بالإضافة إلى إصابة 338 آخرين بجراح بينهم 140 طفلا و3 سيدات".

وما تزال الألغام والمخلفات والذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الحرب تشكل تهديدا مباشرا وآنيا لحياة المدنيين، وتمثل كابوسا بالنسبة لكثيرين.

ويسجل المرصد السوري باستمرار حالات جديدة من الانفجارات المميتة التي تؤكد حجم الخطر المستمر الذي يهدد حياة السكان بالمناطق التي تعرضت للقصف والتدمير من قبل نظام بشار الأسد وحلفائه.

وتنتشر مخلفات الحرب في عموم المناطق السورية التي شهدت عمليات عسكرية خلال السنوات السابقة، وتشكل هاجسا لدى المواطنين الراغبين بالعودة إلى منازلهم ومتابعة أعمالهم.

ويتهم المرصد السلطات المحلية والمنظمات المعنية بالتقاعس عن إزالة الذخائر غير المنفجرة والألغام بمختلف أنواعها وأشكالها.

وفي ظل استمرار سقوط الضحايا، يدعو المرصد المنظمات الدولية والجهات المعنية إلى التحرك العاجل لإزالة مخلفات الحرب في سوريا. كما يحث الحكومة الجديدة على التعاون وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاز هذه العمليات، بما يضمن توفير بيئة آمنة تُمكّن الأهالي من العودة إلى مناطقهم دون مخاطر تهدد حياتهم أو تعيق استقرارهم.