الشرع وعبدي - صورة مركبة

تباينت ردود فعل السوريين حول أهمية الاتفاق الأخير بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ووفد من دمشق حول ضرورة وقف النار وتأثير ذلك على الوضع في البلاد.

فبينما يرى البعض أن هذا الاتفاق خطوة هامة نحو توحيد الصفوف وتعزيز الموقف السوري في مواجهة التحديات الإقليمية، يعتبر آخرون أنه لا يزال يواجه تحديات كبيرة بسبب استمرار الدعم التركي لفصائل مسلحة من جهة، ومن جهة أخرى، وعدم مشاركة مكونات أخرى في العملية السياسية.

ومع تعهدات بوقف الصراع، تبقى الأسئلة حول مدى جدية التنفيذ والتزام جميع الأطراف مطروحة.

وحدة الصف .. تعزيز لموقف دمشق

فراس الخالدي، منسق منصة القاهرة وأمين عام شباب الحراك الثوري، من دمشق، قال في حديثه لقناة "الحرة" إن رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، كان حريصًا منذ البداية على التأكيد على أهمية الحفاظ على سوريا "كيانًا واحدًا لا يتجزأ، أرضًا وشعبًا".

وأوضح الخالدي أن الأزمة في شمال شرق سوريا جاءت نتيجة تعاطي الأكراد مع نظام قمعي على مدار 50 عامًا، حاول من خلاله تهميشهم وانتهاك حقوقهم.

وأضاف أن السلطات السورية الجديدة تتبنى منطقًا مختلفًا، يعتمد على المساواة، وأن سوريا هي لجميع أبنائها دون تمييز بين مكونات الشعب.

وأشار الخالدي إلى أن توحيد الصفوف بين قسد ودمشق سيعزز موقف الحكومة السورية الجديدة، ويجعلها أكثر قدرة على الضغط على أنقرة لوقف الهجمات التي تستهدف المناطق في شمال شرق سوريا.

وبيّن أن الإدارة السورية الجديدة جادة في تعهداتها بوقف الصراع ومنع أي جهة، "مهما كانت"، من الاستمرار في الاقتتال.

كما ذكر أن الشرع كرر مرارًا أن "الدم السوري حرام"، وأن حل المشاكل السورية مرتبط بوحدة الصف ودعم المكونات المختلفة للحكومة الجديدة.

وأضاف الخالدي أن عدم مشاركة جميع الأطراف السورية في العملية السياسية لا يعني إقصاءً لها، بل إن المرحلة الحالية تتطلب آلية مختلفة للتعامل مع العقلية السياسية، موضحًا أن "نحن في مرحلة بناء دولة، حكم، توفير الأمن، وتعزيز الاقتصاد، ومن ثم تأتي مرحلة الحقوق وتشريع القوانين".

وأكد أن التحديات الحالية أهم من المطالب المتعلقة بالمحاصصة والمشاركة في العملية السياسية.

الاقصاء .. مشكلة تعقد الأزمة

فوزة يوسف، عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي من القامشلي، قالت بدورها لقناة "الحرة" إن قسد والإدارة السورية الجديدة في دمشق لديهما رؤى موحدة بشأن أهمية وقف القتال ومنع حدوث صدامات عسكرية في عموم سوريا.

وأوضحت أن الاتفاقية الأخيرة قد رسخت هذه الرؤى بشكل أكبر، لكنها أضافت أن هناك مشكلة كبيرة تتمثل في وجود فصائل مسلحة موالية لتركيا، ما زالت تهاجم مناطق في شمال شرق سوريا، مثل سد تشرين.

وأعربت يوسف عن أسفها لاستمرار القتال رغم الجهود المبذولة لوقفه، مشيرة إلى أن هذا التصعيد يمس سيادة سوريا، ولفتت إلى أن توسع النفوذ التركي بعد سقوط نظام الأسد سيكون له تأثير كبير على موقف دمشق.

وأوضحت أنه على الرغم من وعود السلطات السورية الجديدة بالتدخل، وطلبها من الجانب التركي وقف هذه الهجمات، إلا أن الواقع على الأرض لم يتغير، "والأزمة ما زالت مستمرة بدون حل".

وأضافت يوسف أن وحدة الصف التي تدعو إليها دمشق لا يمكن أن تتحقق من طرف واحد، بدليل عدم مشاركة المكونات السورية الأخرى في الحكومة الانتقالية واللجنة الدستورية.

وأكدت أن سياسة الإقصاء والتهميش التي تنتهجها دمشق ستجعل موقف هذه الحكومة ضعيفًا.

وفي الختام، أوضحت يوسف أن توقيع الاتفاقية الأخيرة لا يعني "نهاية المشاكل، بل هو بداية حسنة وتأكيد على موقف قسد المبدئي".

وأعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" الأربعاء أنها اتفقت مع وفد دمشق على ضرورة وقف النار في كامل سوريا، وذلك خلال لقاء جمع القائد العام لقواتها مظلوم عبدي ولجنة من الإدارة السورية.

وجرى خلال الاجتماع مناقشة آلية عمل اللجان والتي من المقرر أن تبدأ العمل بشكل مشترك مع بداية شهر إبريل.

كما تطرق الاجتماع للإعلان الدستوري والحاجة لعدم إقصاء أي مكون سوري من لعب دوره والمشاركة في رسم مستقبل سوريا وكتابة دستور، وتوقف الاجتماع مطولاً على ضرورة وقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية.

تأتي هذه التطورات بعد أيام من إعلان الرئاسة السورية أن "قسد" التي تسيطر على جزء كبير من شمال شرق البلاد وقعت اتفاقا للانضمام مع مؤسسات الدولة الجديدة.

ويقضي الاتفاق بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية التي تسيطر عليها قسد بمشال شرق البلاد مع الدولة، مع وضع المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز تحت سيطرة دمشق.

وعبر سوريون بعد هذا الاتفاق عن أملهم بتحسن الواقع الخدمي والمعيشي المتردي في البلاد بعد 14 عاما من حرب طاحنة.

قتل الآلاف في سوريا نتيجة للألغام المنتشرة في البلاد
قتل الآلاف في سوريا نتيجة للألغام المنتشرة في البلاد

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير نشره، السبت، إن 673 شخصا قتلوا وجرحوا منذ بداية العام الحالي في مناطق متفرقة نتيجة الألغام ومخلفات الحرب.

وأوضح "خلال 100 يوم، بلغ عدد المدنيين الذين قتلوا منذ بداية عام 2025 نتيجة انفجار أجسام من مخلفات الحرب 335 شخصا، بينهم 71 طفلا و17 امرأة، بالإضافة إلى إصابة 338 آخرين بجراح بينهم 140 طفلا و3 سيدات".

وما تزال الألغام والمخلفات والذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الحرب تشكل تهديدا مباشرا وآنيا لحياة المدنيين، وتمثل كابوسا بالنسبة لكثيرين.

ويسجل المرصد السوري باستمرار حالات جديدة من الانفجارات المميتة التي تؤكد حجم الخطر المستمر الذي يهدد حياة السكان بالمناطق التي تعرضت للقصف والتدمير من قبل نظام بشار الأسد وحلفائه.

وتنتشر مخلفات الحرب في عموم المناطق السورية التي شهدت عمليات عسكرية خلال السنوات السابقة، وتشكل هاجسا لدى المواطنين الراغبين بالعودة إلى منازلهم ومتابعة أعمالهم.

ويتهم المرصد السلطات المحلية والمنظمات المعنية بالتقاعس عن إزالة الذخائر غير المنفجرة والألغام بمختلف أنواعها وأشكالها.

وفي ظل استمرار سقوط الضحايا، يدعو المرصد المنظمات الدولية والجهات المعنية إلى التحرك العاجل لإزالة مخلفات الحرب في سوريا. كما يحث الحكومة الجديدة على التعاون وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاز هذه العمليات، بما يضمن توفير بيئة آمنة تُمكّن الأهالي من العودة إلى مناطقهم دون مخاطر تهدد حياتهم أو تعيق استقرارهم.