المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس
المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس

أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، أن الولايات المتحدة على علم بإعلان السلطات المؤقتة السورية، السبت، عن تشكيل حكومة انتقالية في البلاد.

وقالت بروس، في مؤتمر صحفي، إن واشنطن تدرك معاناة الشعب السوري، "الذي عانى لعقود تحت الحكم الاستبدادي وقمع نظام الأسد"، معربة عن أملها في أن يمثل هذا الإعلان "خطوة إيجابية نحو سوريا شاملة وتمثيلية".

وأوضحت المتحدثة أن الولايات المتحدة وضعت عدة شروط للتعامل مع هذه السلطات المؤقتة، حيث "ينبغي لها التنصل الكامل من الإرهاب ومحاربته، واستبعاد المقاتلين الإرهابيين الأجانب من أي أدوار رسمية، ومنع إيران وجماعاتها الوكيلة من استغلال الأراضي السورية".

كما طالبت السلطات المؤقتة "باتخاذ خطوات هادفة لتدمير الأسلحة الكيميائية لنظام (بشار) الأسد بشكل يمكن التحقق منه، والمساعدة في العثور على المواطنين الأميركيين وغيرهم ممن اختفوا في سوريا، وضمان أمن وحريات الأقليات الدينية والعرقية".

الحكومة السورية الجديدة - سانا
حكومة جديدة في سوريا.. ماذا نعرف عن أبرز الوزراء؟
في منتصف الليلة الماضية، أعلن رئيس المرحلة الانتقالية السوري أحمد الشرع، أسماء الوزراء في الحكومة الجديدة في البلاد، والتي ضمت امرأة واحدة تحمل الديانة المسيحية.

وفي أعقاب الخطوة، رحبت عدد من الدول بتشكيل الحكومة الجديدة، وعلى رأسها السعودية والأردن وقطر وتركيا والإمارات وألمانيا.

وشددت بروس على أن "أي تعديل في سياسة الولايات المتحدة تجاه السلطات المؤقتة السورية سيكون مشروطاً باتخاذ جميع هذه الخطوات".

وأكدت أن واشنطن "ستواصل تقييم سلوك السلطات المؤقتة وتحديد خطواتها المقبلة بناء على تلك الإجراءات".

وأعلن رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، أسماء وزراء الحكومة الجديدة في البلاد، ضمن قائمة ضمت امرأة واحدة مسيحية الديانة.

وفي أعقاب الخطوة، رحبت مجموعة من الدول بتشكيل الحكومة الجديدة، وعلى رأسها السعودية والإمارات والأردن وقطر وتركيا وألمانيا.

في المقابل، انتقدت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، الأحد، على تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد، معتبرة أن "تشابهت بشكل كبير مع سابقاتها، من حيث عدم أخذ التنوع في سوريا بعين الاعتبار".

وأضافت أن التشكيل يعد "مواصلة إحكام طرف واحد السيطرة عليها، وعدم تمثيل عادل وحقيقي لجميع مكونات الشعب السوري".

من جهته، قال رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، إن تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد "جاء بعيدا عن المحاصصة"، معتبرا أنها "شملت أصحاب الخبرة والكفاءة".

وصرح الشرع وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا)، حول التشكيل الحكومي: "ابتعدنا عن المحاصصة، وذهبنا باتجاه المشاركة، وهذه الحكومة عُمل عليها الكثير حتى تم اختيار هؤلاء الوزراء من أصحاب الخبرة والكفاءة، وهمهم بناء هذا البلد، وهدفنا التغيير والتحسين".

جرمانا سوريا

"ليس لك عندنا إلا السيف البتار،" يخاطب مسلح سوري ملثم، وفي يده سيف طويل، صاحب تسجيل صوتي منسوب لرجل درزي.

المسلح الذي بدا "داعشيا" بامتياز في مظهره وخطابه، وصف صاحب التسجيل الذي يتعرض فيه للنبي محمد، بأنه "عدو الله".

لم يعرف إلى أي مجموعة مسلحة ينتمي الملثم  الذي ظهر محاطا بمجموعة مسلحين ملثمين. لكن وكالة رويترز نقلت عن مصادر سورية أن مجموعات مسلحة سنية غاضبة هاجمت بلدة جرمانا ذات الغالبية الدرزية قرب العاصمة السورية دمشق، والنتيجة مقتل أكثر من 12 شخصاً.

وقالت وزارة الداخلية السورية في بيان إنها تعمل على "تحديد هوية مصدر الصوت" في التسجيل ودعت إلى الهدوء، وحثت المواطنين على "الالتزام بالنظام العام وعدم الانجرار إلى أي تصرفات فردية أو جماعية من شأنها الإخلال بالأمن العام أو التعدي على الأرواح والممتلكات".

الحادثة المشحونة طائفياً أعادت إلى الأذهان المجازر التي ارتكبتها قوات سورية وجماعات موالية للرئيس السوري، أحمد الشرع، ضد مدنيين علويين في الساحل السوري في شهر مارس الماضي. وقتل فيها أكثر من 1600 شخص، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وبحسب رويترز، "مثلت تلك الاشتباكات أحدث حلقة من العنف الطائفي الذي يتسبب في سقوط قتلى بسوريا، حيث تزايدت المخاوف بين الأقليات منذ أن أطاح مقاتلو المعارضة المسلحة بقيادة إسلاميين بالرئيس السابق بشار الأسد".

ويهدد ملف الأقليات وحدة سوريا، ويطرح مخاوف من التقسيم على أساس طائفي، اذ لا تبدو الأقليات الدينية مرتاحة للنظام الجديد في الشام. 

وعادت الأصوات الداعية للتقسيم لتعلو في الشمال السوري في مناطق الأكراد، على الرغم من توصل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" إلى اتفاق مع الرئيس السوري أحمد الشرع قبل أسابيع، يقضي بانضمام الميليشيا الكردية المسلحة إلى القوات النظامية السورية وتسليم المعابر والمراكز الرسمية في مناطقها لحكومة الشرع.

لكن يبدو أن هذا الاتفاق انهار بعد اجتماع عقدته الأحزاب الكردية في مدينة القامشلي نهار السبت الماضي. واعتبر مراقبون سوريون أن دفع وزارة الدفاع السورية قوات قسد إلى "سد تشرين" ربما تكون خطوة تصعيدية بعد بيان الرئاسة السورية عن إخلال قوات سوريا الديمقراطية بالاتفاق الذي وقع في شهر مارس الماضي، وأن إرسال قوات إلى السد مؤشر على بدء معركة تم تأجليها للسيطرة على السد، وهو ما يشير إلى أن الاتفاق الموقع تم إيقافه بعد بيان اجتماع الأحزاب الكردية السبت، والذي تبنت خلاله هذه الأحزاب وثيقة تدعو إلى نظام لا مركزي وحكم برلماني وضمان حقوق جميع مكونات الشعب. 

هذا الأمر اعتبرته الرئاسة السورية اخلالاً بالاتفاق الموقع مع "قسد"، وأصدرت بياناً أعربت فيه عن رفضها القاطع لأي محاولات "لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة بمسميات الفيدرالية أو الإدارة الذاتية دون توافق وطني شامل".

وأضاف بيان الرئاسة السورية، إن تحركات وتصريحات قيادة قسد تتعارض تعارضا صريحا مع مضمون الاتفاق و"تهدد وحدة البلاد وسلامة ترابها".

من جهتها، كانت الطائفة الدرزية التي تتواجد بغالبيتها في الجنوب السوري على الحدود مع هضبة الجولان، قد دخلت في نقاش الانضمام/ الانفصال عن نظام الشرع المركزي في دمشق. وقد عبّرت أطراف درزية عن رفضها الاندماج، فيما حافظت أطراف أخرى على الحوار مع الشرع، وبرزت أصوات تنادي بالانضمام إلى إسرائيل بعد ان عرضت الأخيرة تأمين الحماية للأقلية الدرزية. 

وكان العضو في الكونغرس الأميركي مارلين ستوتزمان، الذي التقى مؤخّراً الرئيس السوري في دمشق، قد نقل عن الشرع أنه سيكون "منفتحاً تماماً" على التطبيع مع "إسرائيل"، وأن ما يهمه هو أن يحكم سوريا موحدة، في إشارة إلى مشاريع التقسيم أو "الفدرلة" التي تنادي بها بعض الأقليات الخائفة من الاندماج وتسليم أسلحتها للنظام الجديد.

وقد تعزز هذا الخوف أكثر بعد أحداث الساحل الدموية. ويبدو أن أحداث جرمانا تدفع بالأقليات إلى مزيد من القلق والانطواء والمطالبة بالانفصال والأمن الذاتي وعدم الاطمئنان إلى حماية الدولة لها.

ما بدا مثيراً للقلق في حادثة جرمانا هو سقوط اثنين من عناصر جهاز الأمن العام السوري في الاشتباكات، فيما أكدت وزارة الداخلية السورية في بيان وقوع "اشتباكات متقطعة بين مجموعات لمسلحين، بعضهم من خارج المنطقة وبعضهم الآخر من داخلها. وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن وقوع قتلى وجرحى، من بينهم عناصر من قوى الأمن المنتشرة في المنطقة". 

وتخوف ناشطون سوريون من أن تكون قوات الأمن متورطة بالحادثة، وأن تكون المجموعة المسلحة التي ظهرت في مقاطع الفيديو "تضرب بسيف أحمد الشرع".

وقالت مصادر أمنية لوكالة رويترز إن الاشتباكات بدأت ليلا عندما تجمع مسلحون من بلدة المليحة القريبة ومناطق أخرى ذات أغلبية سنية في بلدة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية الواقعة جنوب شرقي دمشق.

ونفت وزارة الداخلية أن يكون مسلحون قد هاجموا البلدة، وقالت على لسان المتحدث باسمها إن مجموعات من المدنيين الغاضبين من التسجيل الصوتي نظمت احتجاجا تعرض لإطلاق نار من قبل مجموعات درزية.

وسط كل هذا الصخب الطائفي، أطل رامي مخلوف، ابن خال الرئيس المخلوع بشار الأسد، في منشور على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك، معلناً عن تشكيل فصيل مسلح في منطقة الساحل السوري، لكنه قال، إن القوات التي حشدها "ليست غايتها الانتقام من أحد، وإنما حماية أهلنا في الإقليم الساحلي"، على حد تعبيره.

وقال مخلوف إنه عمل مع "القائد النمر" (الضابط البعثي سهيل الحسن المتهم بارتكاب مجازر) على حشد مقاتلين من النخبة، لحماية المناطق العلوية.

هكذا تجد حكومة الشرع نفسها محاصرة مجدداً بثلاث أقليات متمردة، الأكراد في الشمال الشرقي، العلويون في الساحل، والدروز في الجنوب، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل سوريا، وعما إذا كانت الأمور ذاهبة إلى مواجهات وتقسيم، أو أن للشرع خطة أخرى لإعادة الأقليات إلى "حضن الوطن".