أول صورة لثقب أسود
أول صورة لثقب أسود

حتى وقت قريب، كانت فكرة تصوير ثقب أسود في الفضاء أمرا من وحي الخيال. كل الصور المنشورة لثقوب سوداء لم تكن في الحقيقة إلا صورا تخيلية.

الأربعاء احتفت الأوساط العلمية بأول صورة على الإطلاق لثقب أسود. وكالة ناسا وصفتها بالصورة "التاريخية".

لكن هل تستحق هذا الزخم العلمي؟

الصورة الملتقطة هي لثقب أطلق عليه (إم 87) ويقع في مركز مجرة مسييه 87 ويبعد 55 مليون سنة ضوئية عن الأرض.

وكالة ناسا قالت إن الثقب الأسود لا يمكن رؤيته والصورة المنشورة والتي تبدو لعين متوهجة هي عبارة عن حلقة ضوء حوله.

استخدم العلماء ثمانية تلسكوبات أرضية حول العالم، عملت كما لو كانت تلسكوبا واحدا بحجم كوكبنا بأكمله لالتقاط الصورة.

يبدو الثقب في الصورة مثل الفراغ الدائري الذي تحيط به حلقة من الضوء، وفي وسطه هالة سوداء هي في الواقع ظله.

في المستقبل سيتم تشريح الطيف الكامل للضوء القادم من الثقب الأسود M87، ومع تلقي ناسا مزيدا من المعلومات من هذه التلسكوبات، توقعت ناسا مزيدا من الاكتشافات خلال السنوات المقبلة.

هذه الصورة دعمت نظرية ألبرت أينشتاين الذي كان أول عالم اقترح وجود الثقوب السوداء في عام 1916 من خلال نظريته "النسبية".

تنبأت النسبية بأن الضوء المنبعث من النجوم يتمدد إلى أطوال موجية بفعل مجال الجاذبية الشديدة الناتجة عن ثقب أسود، وأن النجم سيبدو مائلا إلى الأحمر وهو تأثير يعرف باسم "الانزياح الأحمر الجذبي".

العلماء اكتشفوا أن هذه الوحوش السماوية تتمتع بقوة جاذبية هائلة لا يفلت منها أي جسم أو ضوء.

نعم هي تجذب حتى الضوء، فلا يستطيع الفكاك منها لو مر في مجالها، لأنها منطقة عالية الكثافة تفوق غالبا مليون كتلة شمسية، حسب حجم الثقب.

لك أن تتخيل أن الثقب الأسود الذي تم تصويره، وهو من الثقوب الهائلة، تزيد كتلته بنحو 6.5 مليار مرة عن كتلة الشمس.

استهدف الباحثون منذ سنوات أيضا ثقب (ساجيتاريوس إيه ستار) وهو يقع في مركز مجرتنا، مجرة درب التبانة.

هذا الثقب تزيد كتلته على كتلة الشمس بأربعة ملايين مرة ويبعد 26 ألف سنة ضوئية عن الأرض.

فريق من العلماء من المرصد الأوروبي الجنوبي كان قد بدأ قبل نحو 26 عاما مراقبة مركز مجرة درب التبانة باستخدام تلسكوب هائل لرصد حركة النجوم قرب هذا الثقب.

في العام الماضي اكتشف باحثون أن الثقوب السوداء موجودة بالآلاف في مركز هذه المجرة ورصدوا بعضا منها بالقرب من (ساجيتاريوس إيه ستار). هذا الأمر أيضا دعم نظرية آينشتاين.

عالم الفلك في معهد ماكس بلانك للفيزياء الكونية فرانك أيزنهاور قال العام الماضي إن "تلك كانت المرة الأولى التي تمكنا فيها بشكل مباشر من اختبار نظرية النسبية العامة لآينشتاين قرب ثقب أسود عملاق".

العلماء كانوا قد راقبوا نجما يسمى "أس 2". أدركوا أنه سيعود للاقتراب من هذا الثقب الأسود في 2018.

وعلى مدى 20 عاما، تحسنت دقة الأجهزة التي يستخدمونها ولذلك تمكنوا في أيار/مايو الماضي من أخذ قياسات متناهية الدقة بالتزامن مع علماء آخرين من مختلف أنحاء العالم.

واكتشف العلماء أن سرعة النجم المدارية تزيد لتتجاوز 25 مليون كيلومتر في الساعة عند اقترابه من الثقب الأسود، في إشارة إلى الجاذبية.

​​

علماء ينجحون في إرجاع جزيئات كمية إلى الماضي
علماء ينجحون في إرجاع جزيئات كمية إلى الماضي | Source: Courtesy Image

هل يمكن إرجاع الزمان؟

مختبريا، وعلى مستوى كمي بالغ الضآلة، تمكن علماء من إرجاع الزمن إلى الوراء جزءا من ثانية.

البحث الذي نشر في مجلة Scientific Reports، قام به علماء في معهد موسكو للفيزياء والتكنولوجيا، بالتعاون مع علماء أميركيين وسويسريين.

وفي حاسوب كمي، تمكن الباحثون من إرجاع ثلاثة من الـ"كوابيت" إلى الوراء أجزاء ضئيلة من الثانية، من حالة الفوضى المعقدة إلى حالة الترتيب البسيط.

والـ"كوابيت" أصغر وحدة ممكنة لقياس المعلومات في حاسوب كمي، وتترجم إلى بتة كمية quantum bit. وهي وحدة تختلف عن الـ"بتة bit" في الحواسيب التقليدية والتي تكون إما صفرا أو واحدا. تخضع كوابيت لقوانين فيزياء الكم، وبالتالي فهي احتمال الصفر واحتمال الواحد.

وحسب قوانين الفيزياء، تتطور الأنظمة من البساطة إلى التعقيد عندما يجري عليها الزمن. وهو ما يعرف في الديناميكا الحرارية بسهم الزمن. إذ يسير الزمن خطيا من الماضي إلى الحاضر ثم المستقبل.

ولا يمكن الانتقال من حالة التعقيد إلى حالة البساطة دون الرجوع بالزمن إلى الوراء. وهو ما يخالف القانون الثاني في الديناميكا الحرارية.

لفهم ذلك، تخيل أن تضيف بقعة حبر في كأس ماء. اللحظة الأولى لإضافة بقعة الحبر، وقبل أن تنتشر في الماء، هي حالة البساطة الأولى. بجريان الزمن، ينتشر الحبر في الماء، بطريقة عشوائية. العكس لا يحدث، وهو أن تنتقل بقعة الحبر بعد أن يجري عليها الزمن من حالة التعقيد إلى حالة البساطة.

تخيل أيضا كرات بلياردو. في حالتها الأولى تكون منظمة في مثلث. بعد أن تتبعثر بطريقة عشوائية حول الطاولة، لا يمكن إرجاعها إلى ترتيبها الأول بعكس عملية البعثرة، إلا إذا رجع الزمن إلى الوراء.

طبعا، وباستخدام الكاميرا، يمكنك مشاهدة عملية إرجاع الزمن من الحاضر المعقد إلى الماضي البسيط. لكن هذا لا يحدث في الطبيعة، بل على الشاشة فقط.

أما في التجربة، فقد صمم العلماء برنامجا لحاسوب كمي، تبدأ فيه وحدات المعلومات (الكوابيت) بحالة البساطة المطلقة. يكون كل كوابيت صفرا. ثم تنتقل وحدات المعلومات هذه إلى وضعية أكثر تعقيدا: سلاسل من أصفار وآحاد. وتختفي حالة البساطة الأولى.

بعد ذلك، وبفضل برنامج صمم خصيصا لهذا الغرض، تمكن الحاسوب الكمي من الرجوع من حالة الفوضى إلى حالة الترتيب، ومن التعقيد إلى البساطة. يعني ذلك، أن الكوابيت عاد بها الزمن.

فقد كان الحاسوب قادرا على الرجوع بوحدتي معلومات كمية (كوابيت) من حالة التعقيد إلى حالة البساطة في 85 في المئة من الحالات.

لكن، عند إضافة وحدة ثالثة، فشل الحاسوب الكمي في إرجاع الزمن في 50 في المئة من المحاولات.

وهو خبر سيئ لعشاق الخيال العلمي.

فمستوى التعقيد في الواقع الطبيعي يتجاوز ذلك بكثير، ويتقصد ألا ننجح أبدا في السفر في الزمن!