خاتم ذكي- صورة تعبيرية
خاتم ذكي- صورة تعبيرية

بعد سنوات من استخدام الإنترنت والأقمار الصناعية وغيرها من الابتكارات لجمع "البيانات الضخمة" من أجل التفوق على المنافسين، تطرح أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم أداة تعيد التركيز على الإنسان خاصة مدراء المحافظ المالية داخل الشركة.

وفي عالم تكون فيه المكاسب الهامشية بملايين الدولارات، تراهن بلاك روك، التي تدير أصولا تبلغ قيمتها 6.5 تريليون دولار، على أنه بوسع المدراء الأوفر صحة والأكثر سعادة اتخاذ قرارات استثمارية أكثر ذكاء - وهنا يمكن للوسائل التكنولوجية الذكية التي يتم ارتداؤها أن تساعد في تحسين هذا الأداء.

وبحسب ثلاثة مصادر مطلعة في بلاك روك، فإن عدة مدراء في فريق الأسهم الأوروبية بالشركة يرتدون الآن خواتم ذكية تجمع بيانات عن أنماط النوم ومعدل ضربات القلب وغيرها من المؤشرات الصحية.

والخاتم الأكبر أسود اللون من إنتاج أورا وهي شركة فنلندية تقول في موقعها الالكتروني عن منتجها الذي يبلغ سعره 300 دولار إنه "سلاح سري لتحسين (صحة) الإنسان".

وقالت المصادر لرويترز إنه يجري ارتداء الخاتم على نحو طوعي ويمكن نزعه في أي وقت.

وأوضح أحد المصادر أن الخاتم يستطيع حساب الوقت المستغرق في النوم، وتحديد ارتفاع معدل ضربات القلب الذي قد يشير إلى مستويات ضغط أعلى عند اتخاذ قرارات استثمارية.

وذكر مصدر مطلع أن المشروع يديره خبير طب نفسي يرأس مبادرة للسلوك المالي في بلاك روك، ويهدف إلى مساعدة مدراء المحافظ على التحكم في الضغط وأنماط النوم ومستويات النشاط.

وأضاف أن الخاتم طُرح في يناير، ويرتديه حاليا ما يصل إلى 10 مدراء موضحا أن الشركة قد تطرحه على نطاق أوسع بناء على نجاح التجربة.

ويستخدم مدراء بلاك روك في الوقت الراهن نظاما يسمى "علاء الدين" يزودهم بمعلومات عن إدارة المخاطر وأدوات تجارية وتحليلات تساعدهم في اتخاذ قرارات استثمارية.

وكلاء الذكاء الاصطناعي

في عالم يتسابق باتجاه التحول الرقمي الكامل، لم يعد الذكاء الاصطناعي خيالا علميا، بل محركا صامتا يعيد تشكيل وجودنا في العمل وفي التفاعل الاجتماعي وأنماط العيش.

 من الصوت داخل هاتفك، إلى الروبوت على خط الإنتاج، أصبح وكلاء الذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا من حياتنا اليومية.

من هم هؤلاء الوكلاء؟ 

كيف يعملون؟ 

ولماذا التحذيرات من أننا قد نفقد السيطرة عليهم؟

وكيل الذكاء الاصطناعي

افترض أنك تستيقظ صباحا وتطلب من هاتفك ترتيب جدول أعمالك، أو أن تقودك سيارتك إلى العمل بينما تتصفح أنت كومبيوترك اللوحي، أو أن يقترح عليك تلفزيونك الذكي مشاهدة فليم يناسب مزاجك.

هذه المهام تعتمد كلها على وكلاء الذكاء الاصطناعي.

في اللغة الرقمية، وكيل الذكاء الاصطناعي هو نظام برمجي ذكي قادر على إدراك البيئة المحيطة، وتحليل البيانات، واتخاذ قرارات لتحقيق أهداف محددة، وغالبا دون تدخل بشري مباشر. 

مرة أخرى، يمكن أن يكون الوكيل مساعدا صوتيا مثل "سيري" أو "أليكسا"، أو نظام تخصيص "أو توصيات" مثل نتفليكس وأمازون، أو روبوتا صناعيا يعمل على خطوط الإنتاج.

يتفاعل بعض الوكلاء مع المحفزات الآنية، بينما يعتمد البعض الآخر على أهداف محددة أو قرارات مبنية على تعظيم الفائدة. وهناك من يتعلم باستمرار من تجاربه — ليحسن أداءه مع الوقت.

مشهد الابتكار... والقلق

يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة. ففي التصنيع، تعمل الروبوتات بدقة وكفاءة. في الطب، تساعد الأنظمة الذكية في التشخيص. وفي عالم الأموال، تقود أنظمة الكشف عن الاحتيال وتقدم مقترحات بشأن الاستثمارات.

يساهم وكالاء الذكاء الاصطناعي في، زيادة الإنتاجية، وتقليل التكاليف التشغيلية، ودعم اتخاذ قرارات أكثر ذكاء، وفي تقديم خدمات يمكن توسيعها وتكييفها.

لكن فوائد الوكلاء تسير يدا بيد مع مخاطر موازية. يمكن التلاعب بوكلاء الذكاء الاصطناعي أو اختراقهم. وقد يرثون الانحياز البشري بناء على بيانات غير موضوعية. ويمكن أن يؤدي الإفراط في الاعتماد على الوكلاء إلى تآكل المهارات البشرية الأساسية. 

والأسوأ، إن لم نضبطهم بشكل صحيح، قد يتصرفون بطريقة مفاجئة وربما ضارة.

تحذير الأب الروحي

"أسرع مما توقعه كثيرون،" يقول جيفري هينتون، المعروف بـ"الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،" الحائز على جائزة نوبل، في مقابلة مع شبكة CBS News، تعبيرا عن قلقه من سرعة تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي.

"علينا أن نبدأ الآن في التفكير بكيفية تنظيم هذه الأنظمة،" يضيف، "الخطر لا يقتصر على استبدال الوظائف، بل يشمل إمكانية أن تتجاوز قدراتنا الفكرية".

وأشار إلى هينتون إلى أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي بدأت باتخاذ قرارات ذاتية دون رقابة بشرية، وذكر تطبيقات عسكرية واستخدامات مثيرة للجدل مثل اختيار الأجنة.

ويحذر هينتون من أن القوانين الخاصة بالذكاء الاصطناعي غير كافية حتى الآن، وخطيرة.

التحدي الأكبر: السيطرة

الخوف لم يعد نظريا فقط. فبعض النماذج الحالية قادرة على التعلم الذاتي وحل المشكلات بشكل مستقل ما يعقد محاولات السيطرة عليها.

وفي الحديث عن علاقتنا بالذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال أساسي : هل يمكننا ضمان توافق هؤلاء الوكلاء مع القيم الإنسانية؟ وماذا إذا لم نتمكن من ذلك؟

تبقى المخاطر باهظة الكلفة. إذ يؤدي غياب التوافق الأخلاقي إلى مراقبات جماعية، ونشر معلومات مضللة، بما يهدد السلامة العامة والديمقراطيات في الدول الديمقراطية. 

ويزعم نقاد الآلة أن الشركات الكبرى تنشر نماذج قوية دون رقابة كافية، وتُفضل الربح على السلامة العامة.

الموازنة بين التقدم والأخلاق

وللمضي في هذا المسار، يدعو خبراء إلى تأسيس أطر تنظيمية عالمية تتضمن المبادئ الأخلاقية والشفافية والمساءلة لتطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي.

ويرى الخبراء ألا غنى عن السياق الثقافي. ففي بعض المجتمعات، قد تلعب قيم راسخة في خلق فجوة في الوعي الرقمي. لذلك، لا يكفي التطور التقني، بل يتطلب أيضا بناء الثقة المجتمعية.

الطريق إلى الأمام

الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدين. إنه مفتاح لحل بعض أعقد مشكلات البشرية، إذا تمت إدارته بحكمة.

ومع تزايد المخاوف بشأن استقلالية وكلاء الذكاء الاصطناعي، تصبح الحاجة لتطويرهم وتوجيههم أكثر إلحاحا.