#الحرة_تتحرى - سباق التسلح الإلكتروني

غالية بديوي 

يوفر الإنترنت، وتحديدا وسائل التواصل الاجتماعي، مساحة يعتقد البعض بأنها الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الآراء بحرية، لكن واحدا على الأقل من بين كل خمسة مستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي هو شبح متمثل بـ "روبوت إلكتروني" ليس إلا نتيجة عن خوارزميات صنعت له فقط، وفقا لما ذكرته دراسة أميركية. 

المشكلة بهذه الحسابات تتمثل بمناداتها للتأييد لجهات معينة ولنشر الأخبار الكاذبة. 

وفي حلقة هذا الأسبوع من برنامج "الحرة تتحرى" تتوفر الإجابات لبعض الأسئلة حول هوية الجهات التي توظف الروبوتات الإلكترونية، ومدى تأثير الحسابات الروبوتية في صناعة الرأي العام خصوصا في الدول العربية.

كما تتابع الحلقة أهم الأزمات التي تسببت فيها الحسابات المزيفة، حيث يأخذ فريق "الحرة تتحرى" عينة من الوسوم أو "الهاشتاقات" المحرضة إلى المختبر الرقمي في واشنطن لتحليل الجهات المسؤولة عن صنعه. 

 تتخصص منى السواح، الباحثة في جامعة أكسفورد، بدراسة كيفية تلاعب السياسيين في تشكيل الرأي العام.

وتقول السواح: "هناك العديد من الوسائل التي يمكن استخدامها في التلاعب بالرأي العام هم نوع أوتوماتيكي أو نصف آلي البوت (من غير تدخل بشري)".

وتشير السواح إلى أن بعض الحسابات المزيفة توحي للمستخدمين بأن وراءها أشخاص مستقلون بتفكيرهم، "إلى هو حساب يدعي أنه بشري تكون مأجر حد تدفع له مرتب شهري للتلاعب بالرأي العام"، مضيفة أنه من الصعب تحديد هذه الحسابات من "الترولز" لانتشارها "بكل دول العالم لأنها مش محتاجة نوع من التقنية العالية". 

وذكر الخبراء أن بعض الوسوم الأكثر شعبية تستخدم للإيحاء برواج فكرة معينة او الايحاء بوجود انشقاق ما أو عدم تأييد لفكرة قد تلقى إجماعا كبيرا، وفي بعض الأحيان تستخدم للتشويش. 

وما سبق كله يساهم في تحول الحسابات المزيفة إلى "عملات مزورة" لشراء النفوذ في العالم الرقمي، وقائمة العملاء طويلة تشمل سياسيين وفنانين واعلاميين وكل من يريد أن يصبح أسطورة على الانترنت. 

وفيما يخص الساحة العربية، يشير الاختصاصيون إلى أن كل مرتبط بأزمات سياسية يعتبر معرضا لاستخدام "البوتس". 

وضرب الخبراء مثلا بعض الوسوم "الهاشتاقات" التي ظهرت في ليبيا والسودان مع التغييرات السياسية العميقة التي تشهدها هاتان الدولتان. 

كما وصل صدى الحرب الالكترونية الخليجية - الخليجية لقيادات منصات التواصل الاجتماعي، في أغسطس عام 2019 أعلن موقع فيسبوك إغلاق المئات من الصفحات والحسابات الوهمية. 

وذكرت المؤسسة إنشاء هذه الحسابات في عدة بلدان عربية، منها السعودية وهدفت إلى الترويج لسياسات البلد الخارجية ونشر الأخبار الكاذبة في معركة إلكترونية بين جنود روبوتية، يصعب فيها تحديد هويتهم أو مصدرهم، فأغلب من يدافع غير حقيقي وأغلب من يهاجم ليس حقيقيا أيضا.

الطنطاوي لم يكن أول المستهدفين
الطنطاوي لم يكن أول المستهدفين | Source: Pexels

كشف باحثون أمنيون، الجمعة، أن المعارض والمرشح المحتمل لرئاسة مصر، أحمد الطنطاوي، تعرض لاستهداف ببرامج تجسس، عقب إعلان نيته الترشح في الانتخابات المقررة العام المقبل.

وبرز مجددا اسم برنامج التجسس "بريداتور" (Predator) سيء السمعة، والذي تصنعه شركة إسرائيلية تقول إنها تقدم خدمات "لتوفير الأمن للحكومات".

وبحسب وكالة أسوشيتد برس، فإن محاولة الاختراق تم اكتشافها الأسبوع الماضي، من قبل الباحثين في مختبر "سيتيزن لاب" الكندي، و"مجموعة تحليل التهديدات" التابعة لشركة "غوغل"، مما دفع شركة "آبل" إلى تسريع تحديثات نظام التشغيل لأجهزة آيفون وآيباد وحواسب ماك وساعات آبل، لتصحيح الثغرات الأمنية المرتبطة بها.

وكشف "سيتزن لاب" في تقرير مطول، أن محاولات التجسس على الطنطاوي، شملت "تهيئة اتصاله بشبكة الهاتف المحمول، بحيث تصاب أجهزته تلقائيا ببرنامج التجسس (بريداتور) إذا زار مواقع معينة لا تستخدم بروتوكول (إتش تي تي بي إس) الآمن".

ماذا نعرف عن "بريداتور"؟

هو برنامج تجسس تنتجه شركة " Cytrox" التي تتخذ مقرًا لها في إسرائيل، والتي تمتلك عملاء في كل من أرمينيا، ومصر، واليونان، وإندونيسيا، ومدغشقر، وعُمان، والسعودية، وصربيا، بحسب "سيتزن لاب".

يعمل برنامج "بريداتور" من خلال استهداف نظام التشغيل "آي أو إس – iOS" الخاص بشركة آبل، من خلال إرسال رابط عبر تطبيق مثل "واتساب". ويتم تثبيت البرنامج على الهاتف أو الجهاز المستخدم، بعد الضغط على هذا الرابط من قبل الشخص المستهدف.

وقال الباحث في جامعة تورنتو، بيل مارزاك، لأسوشيتد برس، إن البرنامج "يستخدم نفس الطريقة التي عمل بها برنامج بيغاسوس للتجسس، حيث يتم تحويل الهاتف الذكي إلى جهاز تنصت، ويمكن استخراج كافة البيانات منه".

كما يمكن مراقبة جميع المكالمات بشكل مباشر لحظة حدوثها، وتسجيلها بواسطة الجهة التي تمارس التجسس.

ممارسات سابقة

وشهدت اليونان عام 2022، فضيحة تجسس تسببت في استقالة مدير الاستخبارات بانايوتيس كونتوليون، بعد استهداف لصحفي وسياسي في البلاد ببرنامج "بريداتور".

وكانت هذه ثالث حالة تجسس مزعومة في اليونان في أقل من عام، حيث رفع الصحفي المتخصص في الشؤون المالية، ثاناسيس كوكاكيس، دعوى قضائية، منددا بتجسس نظام بريداتور على هاتفه، بحسب وكالة "فرانس برس".

وقبل ذلك، رفع صحفي استقصائي آخر، قضية بشأن "التنصت" ضد أجهزة الاستخبارات. ونفت السلطات آنذاك أن تكون الدولة "متورطة".

وفي مصر، كشف تقرير لـ"سيتزن لاب" عام 2021، أنه "تم استهداف هاتف معارض مصري في الخارج، وإعلامي آخر، باستخدام برنامجي (بريداتور) و(بيغاسوس) للتجسس".

وحينها ذكر التقرير أن الاستهداف تم أيضا عبر إرسال روابط لأخبار، عبر تطبيق واتساب التابع لشركة ميتا المالكة لفيسبوك.

وبعد تحقيق مشترك، أعلنت "ميتا" إزالة نحو 300 حساب على فيسبوك وإنستغرام مرتبطة بشركة " Cytrox"، بسبب "هجمات البرمجيات الخبيثة".

وكشف تقرير سابق لموقع "تايمز أوف إسرائيل"، أن شركة " Cytrox" كانت "جزءا من تحالف لشركات تجسس إلكتروني تحمل اسم (Intellexa)، والذي تأسس عام 2019 بواسطة ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي، ورجل أعمال يُدعى طال ديليان".

وتشير "Intellexa" عبر موقعها الإلكتروني، إلى أن مقرها الاتحاد الأوروبي، وأن "لها 6 مواقع ومختبرات للبحث والتطوير في جميع أنحاء أوروبا"، لكنها لم تحدد أي عنوان لتلك المواقع.

وقالت الشركة إن "أدواتها تستخدم من قبل وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات ضد الإرهابيين والجرائم، بما في ذلك الاحتيال المالي".

وأضافت الولايات المتحدة في يوليو الماضي، الشركة المصنعة لبرنامج "بريداتور"، إلى قائمة سوداء مرتبطة بأدوات التجسس التي تهدد كلا من الأمن القومي الأميركي والأفراد والمنظمات حول العالم، بحسب أسوشيتد برس.