مقارنة بين الشريحة العادية (يمين) وشريحة "cerebras" العملاقة
مقارنة بين الشريحة العادية (يمين) وشريحة "cerebras" العملاقة | Source: Courtesy Image

في العادة تكون شرائح المعالجة الخاصة بأجهزة الكمبيوتر أصغر من حجم أظفر إصبع اليد، وهناك شرائح تستخدم في السحابات الإلكترونية لا يتعدى حجمها طوابع البريد، لكن هناك شريحة كبيرة تقدمها شركة "Cerebras" أكبر من حجم جهاز آيباد. 

ويبلغ طول كل جانب من شريحة السيليكون العملاقة 22 سنتمترا، ويرجح أنها أضخم شريحة في العالم حاليا، يأمل عالم التكنولوجيا منها المساعدة في المعالجة السريعة لكم البيانات الهائل في قطاع الذكاء الاصطناعي.

لكن يوجينيو كولورتشيللو، الباحث في شركة "Micron" لصناعة الشرائح يصف الطموح من وراء الشريحة العملاقة بـ "الجنون"و وفي نفس الوقت يراه منطقيا، بسبب القوة الحسابية الضخمة المترتبة على تفعيل الذكاء الاصطناعي وبالأخص في المشاريع العملاقة، مثل المساعدين الرقميين والسيارات ذاتية القيادة، وفقا لما ذكره لموقع "Wired".

ويقوم الذكاء الاصطناعي على قاعدة موحدة يطلق عليها تكنولوجيا "deep learning" أو "التعلم العميق"، إذ تلجأ الآلات إلى عملية تدريب تقوم فيه الأنظمة الخوارزمية على تنفيذ المهام من خلال تحليل أمثلة للمهام المطلوبة منها للحصول على أفضل الحلول والتعلم من أخطائها.

وتحتاج هذه الأنظمة إلى كم كبير من البيانات والأمثلة للحصول على أفضل النتائج أو يتوجب على النظام نفسه أن يكون أكبر وأكثر تعقيدا من البرامج المعتادة. 

وهذه القوة التي تحتاجها الأنظمة الحاسوبية أصبحت عائقا أمام نمو مشاريع في قطاع الذكاء الاصطناعية إذ أشارت دراسة حديثة أن الطاقة المصروفة لتشغيل برنامج تدريب في "التعلم العميق" قد يبلغ 350 ألف دولار وذلك لتطوير جزء فقط من لغة البرمجة.

ويقدر مختبر الذكاء الاصطناعي الربحي "OpenAI"و أن مقدار القوة الحوسبية المصروفة على المشاريع في الفترة ما بين 2012 إلى 2018، تضاعف مرة كل ثلاثة أشهر ونصف. 

خبراء الذكاء الاصطناعي في حاجة ماسة لما يسمى "GPU"، أو "وحدات معالجة الغرافيكس"، والتي بدأ التركيز عليها لمعالجة المعلومات منذ انطلاق النمو في قطاع التعلم العميق، والتي كانت موجودة قبل ظهور القطاع واكتشف قدرتها على تحمل الكم الهائل من المعلومات بالصدفة، ما دفع بارتفاع سعر أسهم شركة "Nvidia" المصنعة للشرائح بثمانية أضعاف خلال السنوات الخمس الأخيرة، كما طورت غوغل شريحتها الخاصة للذكاء الاصطناعي باسم "TPU". 

ولتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على القيام بمهام مثل تحليل الصور، اضطر المهندسون إلى تجميع عدد من شرائح معالجة الغرافيكس سويا، وفي بعض الأحيان قد يصل عدد هذه الشرائح المجتمعة إلى المئات، حيث تجمع شرائح متراكمة بما يسمى "ويفر" يبلغ حجم كل مجموعة 300 ملليمتر. 

وتغطي شريحة "Cerebras" عمليات تفوق 56 مرة تلك التي يمكن لأقوى شريحة من تصنيع "Nvidia" معالجته، ووعدت "Cerebras" عند انطلاقها عام 2017 بتوفير أكثر شرائح المعالجة تعقيدا، وبأقل طاقة ومساحة للبيانات. 

حجم الشريحة الكبير لا يساهم فحسب بتوفير مجال أكبر أمام العمليات المعقدة، بل أيضا يسهل بانتقال المعلومات أسرع بألف مرة من ربط المئات من شرائح "GPU" سويا. 

ولكن شريحة بهذه الضخامة تتطلب وجود نظام تبريد خاص بها، إذ تعمل أنظمة التبريد للشرائح العادية بتسليط الهواء لمنع ارتفاع الحرارة، لكن هذه الشريحة العملاقة تملك نظام تبريد بالأنابيب تسير إلى جانبها لمنع ارتفاع حرارتها. 

وذكرت الشركة إقبال عدد من الزبائن على اقتناء الشريحة العملاقة، من بينهم عملاء متخصصون في صناعة الأدوية ودراسة آثارها، وتخطط الشركة بيع أنظمة متكاملة بخوادم مرفقة مع الشريحة العملاقة، ورفضت "Cerebras" الإفصاح عن أعداد الشرائح المتوفرة أو سعرها.

الدراسة تقترح أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يساعد الناس في تفنيد نظريات المؤامرة
الدراسة تقترح أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يساعد الناس في تفنيد نظريات المؤامرة

أشارت دراسة نشرتها مجلة "ساينس"الأميركية مؤخرا إلى نجاح باحثين في تطوير روبوت يعتمد على الذكاء الاصطناعي، للدخول في نقاش مع أشخاص يصدقون نظريات مؤامرة منتشرة على الإنترنت، وإقناعهم بتغيير آرائهم. 

الدراسة التي نشرت الخميس، مولها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالتعاون مع مؤسسة جون تمبلتون، وأثبتت أنه بإمكان استخدام الذكاء الاصطناعي، أن يلمع صورته التي أصبحت مرتبطة بنشر المعلومات المضللة، كي يتمكن من محاربتها.

وقام فريق الباحثين الذي قاده أستاذ علم النفس في الجامعة الأميركية، توماس كوستيلو، بتصميم روبوت محاور، "تشات بوت"، باستخدام برمجية "تشات جي بي تي 4"، وهي أحدث إصدارات النماذج اللغوية لشركة "أوبن إيه آي"، ومقرها سان فرانسيسكو، شمال ولاية كاليفورنيا. 

وفي مرحلة موالية تم تدريب ذلك الروبوت على الحوار والنقاش، باستخدام قاعدة بيانات ضخمة، تتضمن معلومات متنوعة في عدة مجالات، مثل الصحة والتغير المناخي والأفكار السياسية المتطرفة.

شملت الدراسة عينة تتضمن أكثر من ألفي شخص، تم اختيارهم طبقا لمعطيات مركز الإحصاء الوطني الأميركي، حتى تعكس الخصائص الأساسية للمجتمع الأميركي، من النواحي العرقية والثقافية والفئة العمرية وغيرها. 

وأجاب المشاركون على سؤال يتعلق بفحوى الأفكار والمفاهيم التي توصف بأنها نظريات مؤامرة مخالفة للواقع، والتي يؤمنون بها. وبناء على تلك الإجابات، دخل الروبوت الجديد في حوار مع جميع الأشخاص المشاركين في الدراسة.

يشير كوستيلو إلى أن حواراً قصيراً مع برنامج محاورة يعتمد على الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يقلص مصداقية نظريات المؤامرة، بنسبة قد تصل إلى 20 في المئة. ويأتي هذا التأكيد بعد تحليل لنتائج الحوار الذي خاضه الروبوت مع المشاركين في الدراسة، والآراء التي خرجوا بها بعد انتهاء التجربة.

لكن العلماء أشاروا إلى الحاجة لمزيد من الأبحاث المماثلة، تهدف إلى تصميم نماذج معيارية للذكاء الاصطناعي، بإمكانها تفنيد نظريات المؤامرة التي ظهرت حديثاً أو منذ مدة قصيرة، ولم يتم تداول الكثير من المعلومات حولها. إذ يعتمد نجاح الروبوت المحاور على قاعدة البيانات الضخمة، التي تمكنه من تقديم أدلة ملموسة أثناء النقاش، قصد مواجهة الأفكار المضللة، والمعلومات المزيفة. وهو ما قد يقلل من فرص نجاح الروبوت في تفنيد الأفكار البسيطة أو تلك التي تنتشر بسرعة عقب ظهورها.

تأتي هذه الدراسة بالتزامن مع تصاعد المخاوف من الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى مزيف، يتم نشره للتأثير على الرأي العام. إذ يمكن الذكاء الاصطناعي من جعل عمليات التضليل الإعلامي تدار بطريقة آلية، ما يمنحها زخما أكبر، وانتشاراً أوسع.  

وكانت صحيفة نيويورك تايمز أشارت إلى الاستخدام المتزايد للروبوتات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في الحملات الدعائية على وسائل التواصل الاجتماعي. 

وتمكنت تلك الروبوتات من التفاعل مع أعداد كبيرة من الأشخاص عبر توجيه أسئلة وتعليقات مباشرة، وخلال حيز زمني قصير، في محاكاة ردود الفعل البشرية.

تتزايد المخاوف أيضاً من استخدام دول وحكومات للذكاء الاصطناعي في حملاتها الدعائية، مثل الاتهامات الموجهة لروسيا وإيران بمحاولة التأثير على الانتخابات الأميركية، والتي أثارت الكثير من الجدل السياسي في الولايات المتحدة.