تكمن المخاوف في أن تبقي الحكومات على استخدام تلك الأدوات "الخارقة للخصوصية" بعد انتهاء الأزمة.
تكمن المخاوف في أن تبقي الحكومات على استخدام تلك الأدوات "الخارقة للخصوصية" بعد انتهاء الأزمة.

ضمن جهودها للحد من تفشي فيروس كورونا بين مواطنيها، اتخذت أكثر من 25 دولة إجراءات للتمييز ما بين الأفراد المصابين أو من يخضعون للحجر الصحي على حد سواء. لكن البعض يرى فيها اقتحاما لخصوصيتهم.

وبات الموضوع يخلق نوعا من التعقيد للحكومات، فهي بحاجة لمعلومات تساعدها بوضع استراتيجيات لاحتواء الأزمة وتوظيف مواردها من أجلها. وعلى جانب آخر، تتسبب الجهود الحكومية لتحقيق تلك الأهداف باختراق خصوصية البعض.

وتكمن المخاوف في أن تبقي الحكومات على استخدام تلك الأدوات "الخارقة للخصوصية" بعد انتهاء الأزمة.

فعلى سبيل المثال، مررت السلطات الأميركية قانونا وطنيا في 2001، تجاوبا مع أحداث 11 سبتمبر، منح الحكومة صلاحيات واسعة الناطق، كالحق بمطالبة شركات الاتصالات بتزويد الجهات الحكومية ببيانات مشتركيها، دون موافقة المحكمة.

ولا تزال الحكومة الأميركية تتمتع بتلك الصلاحيات، رغم مرور 20 عاما على اللجوء لها.

وتتبعت صحيفة "ون زيرو" الإلكترونية عبر ما تنشره الصحافة في دول مختلفة المخاطر على الخصوصية المحتملة عقب أزمة كورونا.

ووجدت الصحيفة أن أكثر طرق المراقبة شيوعا بين الدول كانت تتبع بيانات تحديد مواقع الأشخاص عبر الهواتف الذكية، والتي أتاحت للحكومات تتبع أنماط حركة شعوبها لفرض إجراءات كالحجر الصحي.

وطورت بعض الحكومات تطبيقات تقدم معلومات صحية حول الإصابة بفيروس كورونا، تشارك بدورها معلومات حول موقع الشخص مع السلطات لمدة زمنية معينة.

وأطلقت السلطات الإيرانية تطبيقا في بدايات شهر مارس، روجت له بأنه "أداة تشخيص" للإصابة بفيروس كورونا، زود المواطنين بمعلومات هزيلة حول المصابين بالفيروس الذين لا يظهرون أي أعراض. لكن التطبيق قام بتخزين بيانات لمواقع وجود ملايين الإيرانيين.

وقامت الأرجنتين كذلك بواحد من أكثر الإجراءات لفتا للأنظار، خصوصا بإجبار حكومتها الأفراد الذين يخالفون تعليمات الحجر الصحي على تثبيت تطبيق يتتبع تنقلاتهم.

وتجبر الأرجنتين كل من يدخلها على تثبيت تطبيق يجب الحفاظ عليه لمدة 14 يوما، يخول الحكومة بتتبع موقع مستخدمه.

وفي هونغ كونغ، يتم تزويد الواصلين عبر المطار بأساور إلكترونية لتتبع حركتهم، يجب عليهم ربطها بهواتفهم الذكية لتحديد مواقعهم.

ولا توجد أي معلومات عما إذا كانت تلك الوسيلة تتيح الاطلاع على محتويات أخرى بهواتف من أجبروا على استخدامها، أو إن كانت ستبقى مستخدمة بعد الأزمة.

وفي أستراليا، يخير من يطلب منهم البقاء في الحجر الصحي بين تركيب أجهزة مراقبة في منازلهم، أو ارتداء جهاز لتتبع حركتهم.

ولا تطلب السلطات الأسترالية تتبع أجهزة الهواتف لأي من الخاضعين للحجر.

وفي الولايات المتحدة، تقوم شركات الإعلان عبر الهواتف بتزويد الحكومات المحلية والفيدرالية بمعلومات حول مواقع الأشخاص، بحسب ما نشرت "وول ستريت جورنال".

وتعتبر المعلومات المستخدمة كافية لإخطار الحكومات الأميركية بشأن ما إذا كان هناك التزام من الناس بتعليمات البقاء في المنزل من عدمه.

أما في الصين، فلا توفر الحكومة فرصة لاستخدام جميع أنظمة وتقنيات المراقبة المتاحة لها.

وحولت الصين كاميرات المراقبة في الأماكن العامة إلى أجهزة تعرف على الوجه، تسهل على الحكومة شأن المراقبة.

كما يتم تتبع المواطنين في الصين من خلال هواتفهم الذكية.

وتستخدم الحكومة طائرات بلا طيار لإعطاء المواطنين توجيهات من الحكومة.

وتتبع الصين مواطنيها في أكثر من 200 مدينة كذلك من خلال تطبيق صحي، يضعهم ضمن تصنيفات تتراوح ما بين الأخضر والأصفر والأحمر، بشكل يعكس حالتهم حيال تفشي فيروس كورونا. ويرسل التطبيق المعلومات للشرطة لضبط حالة العبور إلى أماكن عامة محددة.

الدراسة تقترح أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يساعد الناس في تفنيد نظريات المؤامرة
الدراسة تقترح أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يساعد الناس في تفنيد نظريات المؤامرة

أشارت دراسة نشرتها مجلة "ساينس"الأميركية مؤخرا إلى نجاح باحثين في تطوير روبوت يعتمد على الذكاء الاصطناعي، للدخول في نقاش مع أشخاص يصدقون نظريات مؤامرة منتشرة على الإنترنت، وإقناعهم بتغيير آرائهم. 

الدراسة التي نشرت الخميس، مولها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالتعاون مع مؤسسة جون تمبلتون، وأثبتت أنه بإمكان استخدام الذكاء الاصطناعي، أن يلمع صورته التي أصبحت مرتبطة بنشر المعلومات المضللة، كي يتمكن من محاربتها.

وقام فريق الباحثين الذي قاده أستاذ علم النفس في الجامعة الأميركية، توماس كوستيلو، بتصميم روبوت محاور، "تشات بوت"، باستخدام برمجية "تشات جي بي تي 4"، وهي أحدث إصدارات النماذج اللغوية لشركة "أوبن إيه آي"، ومقرها سان فرانسيسكو، شمال ولاية كاليفورنيا. 

وفي مرحلة موالية تم تدريب ذلك الروبوت على الحوار والنقاش، باستخدام قاعدة بيانات ضخمة، تتضمن معلومات متنوعة في عدة مجالات، مثل الصحة والتغير المناخي والأفكار السياسية المتطرفة.

شملت الدراسة عينة تتضمن أكثر من ألفي شخص، تم اختيارهم طبقا لمعطيات مركز الإحصاء الوطني الأميركي، حتى تعكس الخصائص الأساسية للمجتمع الأميركي، من النواحي العرقية والثقافية والفئة العمرية وغيرها. 

وأجاب المشاركون على سؤال يتعلق بفحوى الأفكار والمفاهيم التي توصف بأنها نظريات مؤامرة مخالفة للواقع، والتي يؤمنون بها. وبناء على تلك الإجابات، دخل الروبوت الجديد في حوار مع جميع الأشخاص المشاركين في الدراسة.

يشير كوستيلو إلى أن حواراً قصيراً مع برنامج محاورة يعتمد على الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يقلص مصداقية نظريات المؤامرة، بنسبة قد تصل إلى 20 في المئة. ويأتي هذا التأكيد بعد تحليل لنتائج الحوار الذي خاضه الروبوت مع المشاركين في الدراسة، والآراء التي خرجوا بها بعد انتهاء التجربة.

لكن العلماء أشاروا إلى الحاجة لمزيد من الأبحاث المماثلة، تهدف إلى تصميم نماذج معيارية للذكاء الاصطناعي، بإمكانها تفنيد نظريات المؤامرة التي ظهرت حديثاً أو منذ مدة قصيرة، ولم يتم تداول الكثير من المعلومات حولها. إذ يعتمد نجاح الروبوت المحاور على قاعدة البيانات الضخمة، التي تمكنه من تقديم أدلة ملموسة أثناء النقاش، قصد مواجهة الأفكار المضللة، والمعلومات المزيفة. وهو ما قد يقلل من فرص نجاح الروبوت في تفنيد الأفكار البسيطة أو تلك التي تنتشر بسرعة عقب ظهورها.

تأتي هذه الدراسة بالتزامن مع تصاعد المخاوف من الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى مزيف، يتم نشره للتأثير على الرأي العام. إذ يمكن الذكاء الاصطناعي من جعل عمليات التضليل الإعلامي تدار بطريقة آلية، ما يمنحها زخما أكبر، وانتشاراً أوسع.  

وكانت صحيفة نيويورك تايمز أشارت إلى الاستخدام المتزايد للروبوتات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في الحملات الدعائية على وسائل التواصل الاجتماعي. 

وتمكنت تلك الروبوتات من التفاعل مع أعداد كبيرة من الأشخاص عبر توجيه أسئلة وتعليقات مباشرة، وخلال حيز زمني قصير، في محاكاة ردود الفعل البشرية.

تتزايد المخاوف أيضاً من استخدام دول وحكومات للذكاء الاصطناعي في حملاتها الدعائية، مثل الاتهامات الموجهة لروسيا وإيران بمحاولة التأثير على الانتخابات الأميركية، والتي أثارت الكثير من الجدل السياسي في الولايات المتحدة.