ملايين البشر يقضون وقتا أطول على شبكة الإنترنت بسبب أزمة فيروس كورونا
ملايين البشر يقضون وقتا أطول على شبكة الإنترنت بسبب أزمة فيروس كورونا

مع إغلاق أماكن الترفيه والمطاعم، وبقاء العديد من الناس في منازلهم يقضي ملايين الناس المزيد من حياتهم على الإنترنت، سواء كان ذلك لأغراض العمل أم الترفيه والتواصل.

عادات الاستهلاك الرقمية شهدت تغيرات كبيرة منذ بداية العام حيث ارتفع استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي وزاد استهلاك البث الرقمي منذ بداية العام، ما يدفع الخبراء بالقول إن 2020 سيكون عام البث الرقمي عبر الإنترنت، وفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز اعتماد على بيانات (SimilarWeb) و(Apptopia) المتخصصتين بالأبحاث والاحصائيات الرقمية.

ومع انتشار فيروس كورونا المستجد في أنحاء العالم والذي تجاوز أعداد الإصابات به 2.3 مليون شخص وأودى بحياة 161 ألف شخص منهم، اتخذت السلطات إجراءات للحد من انتقال العدوى والتي تمثلت بأوامر حظر تجول وإغلاق مدن وتعليمات أخرى تتعلق بالعمل من المنازل وإغلاق المدارس والأماكن الترفيهية والمطاعم والحدائق ما جعل ملايين البشر يقضون كل أيامهم في منازلهم من دون الخروج منها على الإطلاق.

وعلى صعيد السوق الأميركية، ارتفع المعدل اليومي في استخدام خدمات فيسبوك ونتفلكس ويوتيوب من خلال التصفح المباشر عبر الويب بنسب تتراوح بين 16 إلى 27 في المئة مع نهاية أول شهرين من العام الحالي، فيما ارتفع استخدام التطبيقات بنسب طفيفة لنتفلكس وفيسبوك مع تراجع استخدام يوتيوب عبر تطبيقات الخلوي.

خلال السنوات القليلة الماضية كانت الأرقام تكشف الهجرة لاستخدام التطبيقات من أجهزة الحاسوب والأجهزة اللوحية إلى أجهزة الخلوي الذكية.

ولكن مع استمرار وجود الناس في منازلهم عادوا لاستخدام هذه التطبيقات عبر أجهزة الحاسوب وشاشات التلفاز الكبيرة.

ومع البقاء في المنازل فإن الحاجة إلى التواصل تنامت بشكل أكبر لدى الناس أكان لأغراض العمل أم لأغراض التفاعل الاجتماعي في ظل تعليمات التباعد الاجتماعي التي فرضتها أزمة جائحة كورونا، حيث ارتفع استخدام تطبيقات مخصصة للتواصل عبر الفيديو خاصة في تطبيقات (Google Duo) و(Nextdoor) و(Houseparty) والتي زاد استخدامها بنسبة تتراوح بين 12 إلى 80 في المئة.

وتكشف هذه الأرقام أن شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وغيرها لم تعد كافية للمستخدمين في التواصل فيما بينهم إذ يريدون دردشة بالصوت والصورة والتي لا تقتصر على شخص واحد والتي ما تكون غالبا دردشة جماعية بالصوت والصورة.

العمل والتعلم لم تعد حكرا على المكاتب وقاعات الاجتماعات والمدارس، إذ أصبحت غرف المنازل غرفا صفية وقاعات اجتماعات، حيث تستخدم تطبيقات مثل (Zoom) و(Google Classroom) و(Microsoft Teams)، فيما تنامت المخاوف الأمنية بسبب اتهامات باختراق الخصوصية لبعض من هذه التطبيقات.

وتغيرت توجهات الطلب على وسائل الإعلام المختلفة، إذ زاد الاعتماد على الشبكات الأكثر انتشارا لمعرفة الأخبار على الصعيد الوطني، ولكن زاد الطلب أيضا على وسائل الإعلام المحلية حيث أصبح الناس يريدون معرفة ما الذي يحصل في مكان سكنهم بشكل دقيق.

وكلاء الذكاء الاصطناعي

في عالم يتسابق باتجاه التحول الرقمي الكامل، لم يعد الذكاء الاصطناعي خيالا علميا، بل محركا صامتا يعيد تشكيل وجودنا في العمل وفي التفاعل الاجتماعي وأنماط العيش.

 من الصوت داخل هاتفك، إلى الروبوت على خط الإنتاج، أصبح وكلاء الذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا من حياتنا اليومية.

من هم هؤلاء الوكلاء؟ 

كيف يعملون؟ 

ولماذا التحذيرات من أننا قد نفقد السيطرة عليهم؟

وكيل الذكاء الاصطناعي

افترض أنك تستيقظ صباحا وتطلب من هاتفك ترتيب جدول أعمالك، أو أن تقودك سيارتك إلى العمل بينما تتصفح أنت كومبيوترك اللوحي، أو أن يقترح عليك تلفزيونك الذكي مشاهدة فليم يناسب مزاجك.

هذه المهام تعتمد كلها على وكلاء الذكاء الاصطناعي.

في اللغة الرقمية، وكيل الذكاء الاصطناعي هو نظام برمجي ذكي قادر على إدراك البيئة المحيطة، وتحليل البيانات، واتخاذ قرارات لتحقيق أهداف محددة، وغالبا دون تدخل بشري مباشر. 

مرة أخرى، يمكن أن يكون الوكيل مساعدا صوتيا مثل "سيري" أو "أليكسا"، أو نظام تخصيص "أو توصيات" مثل نتفليكس وأمازون، أو روبوتا صناعيا يعمل على خطوط الإنتاج.

يتفاعل بعض الوكلاء مع المحفزات الآنية، بينما يعتمد البعض الآخر على أهداف محددة أو قرارات مبنية على تعظيم الفائدة. وهناك من يتعلم باستمرار من تجاربه — ليحسن أداءه مع الوقت.

مشهد الابتكار... والقلق

يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة. ففي التصنيع، تعمل الروبوتات بدقة وكفاءة. في الطب، تساعد الأنظمة الذكية في التشخيص. وفي عالم الأموال، تقود أنظمة الكشف عن الاحتيال وتقدم مقترحات بشأن الاستثمارات.

يساهم وكالاء الذكاء الاصطناعي في، زيادة الإنتاجية، وتقليل التكاليف التشغيلية، ودعم اتخاذ قرارات أكثر ذكاء، وفي تقديم خدمات يمكن توسيعها وتكييفها.

لكن فوائد الوكلاء تسير يدا بيد مع مخاطر موازية. يمكن التلاعب بوكلاء الذكاء الاصطناعي أو اختراقهم. وقد يرثون الانحياز البشري بناء على بيانات غير موضوعية. ويمكن أن يؤدي الإفراط في الاعتماد على الوكلاء إلى تآكل المهارات البشرية الأساسية. 

والأسوأ، إن لم نضبطهم بشكل صحيح، قد يتصرفون بطريقة مفاجئة وربما ضارة.

تحذير الأب الروحي

"أسرع مما توقعه كثيرون،" يقول جيفري هينتون، المعروف بـ"الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،" الحائز على جائزة نوبل، في مقابلة مع شبكة CBS News، تعبيرا عن قلقه من سرعة تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي.

"علينا أن نبدأ الآن في التفكير بكيفية تنظيم هذه الأنظمة،" يضيف، "الخطر لا يقتصر على استبدال الوظائف، بل يشمل إمكانية أن تتجاوز قدراتنا الفكرية".

وأشار إلى هينتون إلى أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي بدأت باتخاذ قرارات ذاتية دون رقابة بشرية، وذكر تطبيقات عسكرية واستخدامات مثيرة للجدل مثل اختيار الأجنة.

ويحذر هينتون من أن القوانين الخاصة بالذكاء الاصطناعي غير كافية حتى الآن، وخطيرة.

التحدي الأكبر: السيطرة

الخوف لم يعد نظريا فقط. فبعض النماذج الحالية قادرة على التعلم الذاتي وحل المشكلات بشكل مستقل ما يعقد محاولات السيطرة عليها.

وفي الحديث عن علاقتنا بالذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال أساسي : هل يمكننا ضمان توافق هؤلاء الوكلاء مع القيم الإنسانية؟ وماذا إذا لم نتمكن من ذلك؟

تبقى المخاطر باهظة الكلفة. إذ يؤدي غياب التوافق الأخلاقي إلى مراقبات جماعية، ونشر معلومات مضللة، بما يهدد السلامة العامة والديمقراطيات في الدول الديمقراطية. 

ويزعم نقاد الآلة أن الشركات الكبرى تنشر نماذج قوية دون رقابة كافية، وتُفضل الربح على السلامة العامة.

الموازنة بين التقدم والأخلاق

وللمضي في هذا المسار، يدعو خبراء إلى تأسيس أطر تنظيمية عالمية تتضمن المبادئ الأخلاقية والشفافية والمساءلة لتطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي.

ويرى الخبراء ألا غنى عن السياق الثقافي. ففي بعض المجتمعات، قد تلعب قيم راسخة في خلق فجوة في الوعي الرقمي. لذلك، لا يكفي التطور التقني، بل يتطلب أيضا بناء الثقة المجتمعية.

الطريق إلى الأمام

الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدين. إنه مفتاح لحل بعض أعقد مشكلات البشرية، إذا تمت إدارته بحكمة.

ومع تزايد المخاوف بشأن استقلالية وكلاء الذكاء الاصطناعي، تصبح الحاجة لتطويرهم وتوجيههم أكثر إلحاحا.