أرباح "ميتا" تخيب آمال المستثمرين مع تراجع أعداد مستخدمي "فيسبوك"
أرباح "ميتا" تخيب آمال المستثمرين مع تراجع أعداد مستخدمي "فيسبوك"

سجلت ميتا، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام، تراجعا في صافي أرباحها خلال الربع الأخير من العام الماضي مع ركود في عدد مستخدمي منصاتها خلال نهاية العام، في نتيجة غير مسبوقة للشبكة الاجتماعية العملاقة.

ففي 31 ديسمبر 2021، كان 2,8 مليار شخص يستخدمون إحدى خدمات الشبكة على الأقل (فيسبوك وإنستغرام ومسنجر وواتساب) لما لا يقل عن مرة يوميا، و3,6 مليار مستخدم لمرة شهريا على الأقل.

وتعكس هذه الأرقام ازديادا طفيفا مقارنة مع الفترة عينها من العام الماضي، لكنها تعادل تقريبا الأرقام المسجلة في الربع الثالث.

أما خدمة فيسبوك الأساسية فقد فقدت حوالي مليون مستخدم يومي نشط في ثلاثة أشهر (1,929 مليار مستخدم نهاية كانون الأول/ديسمبر).

وأظهرت النتائج المالية أن "ميتا" حققت أرباحاً صافيةً بـ10,3 مليار دولار في الربع الأخير من العام الماضي، مسجلةً انخفاضاً بنسبة 8 في المئة عن الفترة عينها من العام السابق.

وخيّبت الشركة آمال المستثمرين، إذ هبط اسمها أكثر من 22 في المئة خلال التعاملات الإلكترونية بعد إغلاق بورصة نيويورك الأربعاء.

ويتماشى حجم مبيعاتها البالغ 33,67 مع توقعاتها، لكن توقعاتها للإيرادات خلال الربع الحالي لا تتخطى 27 إلى 29 مليار دولار، وهو دخل لا يروق للسوق المُعتادة على تسجيل مزيد من النمو من جانب الشركة.

وأوضحت "ميتا" أنّها تواجه صعوبة في جذب المستخدمين بسب المنافسة، مشيرةً إلى أنّهم يقضون وقتاً طويلاً في تصفّح مقاطع الـ"ريلز" المستوحاة من تطبيق تيك توك والتي تدرّ معدلات مداخيل أقل من منشورات إنستغرام التقليدية.

وكانت الشركة حذرت من أنّ القواعد المفروضة من شركة "آبل" العام الماضي حول الإعلانات الموجهة قد تحمل عواقب سلبية على نتائجها المالية خلال الربع الرابع.

ويلحظ التحديث الأخير لنظام تشغيل "اي او اس" من "آبل" ضرورة أن يطلب ناشرو التطبيقات إذناً لجمع البيانات، ما يؤثر على شركات كبيرة من بينها "ميتا" التي تعتمد نموذجاً اقتصادياً يستند إلى بيع الإعلانات الموجهة بدقة بناءً على أذواق المستخدمين وعاداتهم.

تكاليف "ميتافيرس"

وأوضحت المحللة الاقتصادية في "eMarketer" ديبرا أهو ويليامسون أنّ هذا التغيير الأخلاقي والتقني "يؤثر على قدرة ميتا في تقييم أداء الحملات الإعلانية"، مضيفةً "نعتقد أنّ بعض المعلنين بدأوا ينسحبون جزئياً من ميتا في أواخر 2021 وأوائل 2022 لاختبار قنوات رقمية بديلة".

وكان المؤسس لـ"ميتا" مارك زوكربيرغ أعلن عزم الشبكة التركيز على عالم "ميتافيرس" الذي يشكّل بنظر كثر مستقبل الإنترنت.

ويُترجَم بناء هذا العالم حالياً باستثمارات بعشرات مليارات الدولارات في قسم "رياليتي لابز"، أحد فروع فيسبوك.

وتحدثت ويليامسون عن شكوك قوية تطال هذه الاستثمارات، مضيفةً "لا شك في أنّ ميتا ستجرّب الإعلانات والتجارة الإلكترونية في تطبيقاتها المتعلقة بعالم ميتافيرس هذا العام، لكنّ هذه الجهود ستكون تجريبية ومن غير المرجح أن تسجّل إيرادات كثيرة على المدى القريب".

وتضررت ثقة المستثمرين كذلك بسبب الفشل الكبير لـ"دييم"، وهو مشروع عملة رقمية أُطلق عام 2019 لتقديم طريقة دفع جديدة خارج القنوات المصرفية التقليدية.

وأعلن الكيان المستقل الذي تولّى المشروع، الاثنين، أنه سيبيع أصوله الرئيسية ويحل نفسه لعدم تمكنه من إقناع الهيئات الناظمة.

وعلّق المحلل الاقتصادي روب إندرله، قائلاً "عندما تُظهر شركة أنها فشلت في تحقيق أهدافها، يشير الأمر إلى إمكاناتها التنفيذية للمشروع"، مضيفاً "بالإضافة إلى ذلك، يسبّب مارك زوكربيرغ المزيد من القلق، فهو مالك الشركة الوحيد الذي لا يمكن التحكم بقراراته، ويستمر في ارتكاب الأخطاء".

وتواجه "ميتا" عدداً من التحقيقات والشكاوى حول استغلال مركزها المهيمن، وتدهورت سمعتها أكثر في الخريف بعد تسريب وثائق داخلية أظهرت أنّ الشركة "تضع الربح قبل سلامة المستخدمين".

تطبيق تيك توك متهم بالعديد من الانتهاكات الخاصة بأمان الأطفال على الإنترنت
تطبيق تيك توك متهم بالعديد من الانتهاكات الخاصة بأمان الأطفال على الإنترنت

أفادت وثائق كُشفت عن طريق الخطأ الأسبوع الماضي، في إطار دعوى قضائية كبرى رفعتها 13 ولاية أميركية، أن تطبيق "تيك توك" المملوك لشركة "بايت دانس" الصينية، يشتمل على ممارسات كثيرة، مثيرة للقلق، خاصة في ما يتعلق بالمستخدمين صغار السن.

إحدى القضايا المقلقة التي سُلط عليها الضوء، تشير إلى أن هناك أطفالا لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما يتعرون في ميزة "البث المباشر" على تيك توك، مدعومين بمقابل مالي من بالغين، وفقا لمراجعات للوثائق السرية أجرتها الإذاعة الوطنية العامة "NPR" و"كنتاكي بابليك راديو".

وأشار التحقيق إلى أن تطبيق تيك توك أخذ علما بالموضوع بعد تقرير نشره موقع "فوربس" بشأن وجود عدد كبير من مستخدمي البث المباشر، دون السن القانونية، يتلقون هدايا أو أموالا مقابل التعري.

دعاوى قضائية

وأدت هذه المعلومات وغيرها إلى قيام 13 ولاية أميركية بالإضافة على العاصمة واشنطن في الثامن من أكتوبر الجاري، برفع دعاوى قضائية بشكل منفصل ضد "تيك توك"، تزعم أن تطبيق الفيديوهات القصيرة الشهير، مصمم للتسبب بإدمان الأطفال والإضرار بصحتهم العقلية، وأنه ينتهك قوانين حماية المستهلك، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".

وذكرت الوكالة أن الدعاوى القضائية تنبع من تحقيق وطني أطلقه في مارس 2022 تحالف من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ومن المدعين العامين في 13 ولاية، بما فيها نيويورك وكاليفورنيا وكنتاكي ونيوجيرسي.

وتشير الدعاوى القضائية إلى أن ميزات تصميم TikTok يستخدمه حوالي 170 مليون شخص في الولايات المتحدة تجعل الأطفال مدمنين على المنصة، وتنمي لديهم القدرة على تصفح المحتوى ـ من دون توقف- والإشعارات المباشرة التي تأتي مع "الطنين" المدمج، ومرشحات الوجه التي تمنح المستخدمين هيئات يستحيل التعرف عليها.

وخلص محققو ولاية كنتاكي، على سبيل المثال، إلى أنه "في أقل من 35 دقيقة، من المرجح أن يصبح المستخدم العادي مدمنا على المنصة".

واتهم المدعي العام في العاصمة واشنطن، برايان شوالب، التطبيق بإدارة أعمال تحويل أموال غير مرخصة من خلال ميزات البث المباشر والعملة الافتراضية.

وقال شوالب، وفقا لوكالة رويترز، إن "منصة تيك توك خطيرة من حيث التصميم. إنها منتج مسبب للإدمان بشكل متعمد ومصمم لجعل الشباب مدمنين على شاشاتهم".

واتهمت دعوى واشنطن تطبيق تيك توك بـ"تسهيل الاستغلال الجنسي" للمستخدمين القاصرين، قائلة إن "البث المباشر والعملة الافتراضية للتطبيق، تعملان مثل نادي تعري افتراضي بدون قيود عمرية".

وأضاف تقرير "أن بي أر" أن المسؤولين التنفيذيين في "تيك توك" كانوا على دراية تامة بالضرر المحتمل الذي يمكن أن يسببه التطبيق للمراهقين، لكنهم بدوا غير مهتمين.

إجراءات لا تعمل

وبحسب شبكة "سي.أن.أن"، فإنه بعد التدقيق حول تأثيرات التطبيق على الأشخاص، أصدرت "تيك توك" أدوات لإدارة الوقت الذي يقضيه المستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما على التطبيق.

على سبيل المثال، إذا قضى أي مستخدم وقتا يصل إلى حد 60 دقيقة، يُطلب منه إدخال رمز مرور يتطلب اتخاذ قرار نشط لتمديد وقت استخدام على التطبيق.

لكن 14 مدعيا عاما في الدعاوى القضائية التي رفعت الأسبوع الماضي، أشاروا إلى أن هذه الأداة لم تتسبب إلا في انخفاض لمدة 1.5 دقيقة في الاستخدام اليومي، ولم تحاول الشركة إصلاح المشكلة.

ويسعى المدعون العامون الذين رفعوا الدعاوى القضائية إلى إجبار تيك توك على تغيير ميزات المنصة، التي يزعمون أنها تلاعبية وتضر بالمراهقين. وتطلب الدعاوى من المحاكم، أيضا، فرض عقوبات مالية على الشركة.

وقال المدعي العام لولاية كاليفورنيا روب بونتا في بيان: "يعمل تطبيق تيك توك على تعزيز إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، لتعزيز أرباح الشركات. ويستهدف التطبيق الأطفال عمدا، لأنه يعلم أن الأطفال لا يمتلكون بعد الدفاعات أو القدرة، على وضع حدود صحية حول المحتوى الذي يسبب الإدمان".

وتقول الولايات المتحدة إن "تيك توك يسعى إلى زيادة الوقت الذي يقضيه المستخدمون على التطبيق من أجل استهدافهم بالإعلانات".

وقالت المدعية العامة في نيويورك ليتيتيا جيمس: "يعاني الشباب من مشاكل في صحتهم العقلية بسبب منصات التواصل الاجتماعي المسببة للإدمان، مثل تيك توك".

تيك توك.. كيف يهدد قيم المجتمعات وأمن الدول الكبرى؟
في تحقيق من حلقتين من الحرة تتحرى نقلّب في صفحات تيك توك ونبحث في خفاياه.
في الحلقة الثانية، نواصل بحثنا في خفايا تيك توك، مستعرضين كيف أصبحت قيم وأعراف المجتمعات العربية في مرمى تأثير هذا التطبيق. كما نتساءل إن كان التطبيق الصيني قد تحول إلى تهديد لأمن بعض الدول الكبرى، مما دفعها لاتخاذ إجراءات لحظر استخدامه.

تحرك في الكونغرس

وبحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، نشر الثلاثاء، فقد أثارت هذه الإفصاحات الجديدة سخطا في الكونغرس، واعتبر مشرعون فيدراليون أنها "دليل جديد على فشل تيك توك في حماية الأطفال".

في المقابل، رد متحدث باسم "تيك توك" على الدعاوى القضائية بأنها "عبارة عن اقتباسات مضللة وتخرج وثائق قديمة من سياقها لتشويه التزامنا بسلامة المجتمع"، مشيرا في بيان تداولته وسائل إعلام عدة، إلى أن "التطبيق أطلق ميزات أمان مثل حدود وقت الشاشة الافتراضية، وربط الأسرة، والخصوصية افتراضيا للقصر دون سن 16 عاما".

يذكر ما يواجه "تيك توك" بما حدث أيضا مع شركة "ميتا" (فيسبوك سابقا) في عام 2021، بعد أن كشفت الموظفة السابقة فرانسيس هوغن عن أبحاث داخلية أثبتت أن الشركة كانت على علم بخطر آلية عمل التطبيق على الأطفال، وضرره عليهم. وأشارت في جلسات استماع في الكونغرس إلى 600 ألف حساب لأطفال على المنصة الشهيرة "يجب ألا تكون (موجودة)".

وأدت هذه الحملة حينها إلى إصدار تشريعات فيدرالية تلزم شركات التكنولوجيا باتخاذ خطوات لحماية الأطفال من المخاطر التي تواجههم عبر الإنترنت. 

وتواجه منصة تيك توك بالفعل تحديا قانونيا حاسما في العاصمة واشنطن، حيث تخوض معركتها الأخيرة لتفادي قرار فرضته الإدارة الأميركية. ومع اقتراب الموعد النهائي في يناير 2025، تجد الشركة نفسها أمام خيارين صارمين: إما بيع عملياتها داخل الولايات المتحدة أو مواجهة حظر كامل.

وبوجود 170 مليون مستخدم في أميركا، أصبح تيك توك لاعبا رئيسيا في عالم وسائل التواصل الاجتماعي. إلا أن ارتباطه بالشركة الصينية "بايت دانس" يثير مخاوف كبيرة تتعلق بالأمن القومي الأميركي، الأمر الذي دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات قانونية قد تضع نهاية للتطبيق إذا لم تغير ملكيته بحلول الموعد المحدد.

وتسعى "بايت دانس" لإقناع القضاة في المحكمة الفيدرالية في واشنطن بأن الخيارات المفروضة عليها تتعارض مع مبادئ الدستور الأميركي.

ومع تصاعد الجدل، يبقى السؤال المثير: من يسيطر فعليا على خوارزميات تيك توك؟ وهو ما يسعى القضاة لمعرفته فعليا لاتخاذ قرار يوازن بين ضرورات الأمن القومي وحرية التعبير المكفولة بالتعديل الأول من الدستور الأميركي.

وأعربت الحكومة الأميركية عن قلقها من أن الحكومة الصينية قد تستغل خوارزمية تيك توك للتأثير على الرأي العام الأميركي أو حتى التجسس.

وبحسب "واشنطن بوست"، فإنه من المتوقع أن تضغط جهات إنفاذ القانون الأخرى في الولايات من أجل الكشف عن شكواها الخاصة ضد الشركة، الأمر الذي قد يجعل المزيد من الأدلة على المخالفات المزعومة علنية.