يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في عدة مجالات. أرشيف
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في عدة مجالات. أرشيف

توصلت دراسة جديدة إلى أن الذكاء الاصطناعي "يمكن أن يبتكر طرقا لتوزيع الثروة بشكل أفضل من أنظمة صممها بشر".

وأظهرت نتائج الدراسة المنشورة في موقع "سينس أليرت"، والتي توصل إليها باحثون في شركة "ديب مايند" DeepMind للذكاء الاصطناعي ومقرها المملكة المتحدة، أن أنظمة التعلم الآلي "جيدة في حل مشاكل الفيزياء والبيولوجيا المعقدة، وقد تساعد أيضا في تحقيق أهداف اجتماعية، والوصول إلى مجتمع عادل ومزدهر".

وفي مقابل ذلك، يشير الباحثون إلى أن "هذه ليست مهمة سهلة". ويقولون إن "بناء آلة يمكنها تقديم نتائج مفيدة يريدها البشر بالفعل هو أمر معقد، بسبب حقيقة أن الناس غالبا ما يختلفون حول أفضل طريقة لحل القضايا، وخاصة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية".

ويوضح الباحثون في ورقة بحثية جديدة، بقيادة رافائيل كوستر، المؤلف الأول وعالم الأبحاث في ديب مايند، أن "إحدى العقبات الرئيسية أمام تحقيق التوافق بين البشر والآلة، هي تعدد وجهات النظر بالمجتمع البشري، بما لا يتوافق مع تفضيلات الذكاء الاصطناعي".

وتشير الدراسة إلى أنه "على سبيل المثال، غالبا ما يكون علماء السياسة والاقتصاد على خلاف حول الآليات التي ستجعل مجتمعاتنا تعمل بشكل أكثر عدالة أو كفاءة".

وللمساعدة في "سد الفجوة" بين البشر والآلة، طور الباحثون "نظاما لتوزيع الثروة، يحتوي على تفاعلات أشخاص (حقيقية وافتراضية)، وتم تضمين بيانات التفاعلات في النظام، للمساعدة في توجيه الذكاء الاصطناعي نحو النتائج المفضلة للإنسان أو (الأكثر عدلا افتراضيا بشكل عام)"، وهو ما "يمكن الذكاء الاصطناعي من تحقيق نتائج مذهلة".

وشارك في هذه  التجارب آلاف الأشخاص، وكانت عبارة عن "تمرين استثماري، ويسمى لعبة السلع العامة، حيث يتلقى اللاعبون مبالغ متفاوتة من المال، ويمكنهم المساهمة بأموالهم في صندوق عام، ثم الحصول على عائد من الصندوق يتوافق مع مستوى استثمارهم".

وتمت إعادة توزيع الثروة على اللاعبين عبر "نماذج مختلفة من المساواة"، وأظهرت التجارب أن نظام دفع الأموال في اللعبة كان أفضل من "معايير إعادة التوزيع التقليدية".

ويوضح الباحثون: "اكتشف الذكاء الاصطناعي آلية تصحح عدم التوازن الأولي للثروة، وتفرض عقوبات على الأشخاص الذين يحصلون على شيء دون جهد أو تكلفة (مثل شخص غير نقابي ويتمتع بمزايا نقابية)".

ويلفت الباحثون إلى أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في إعداد السياسة العامة والأحكام القانونية ومكافحة عدم المساواة أو "التحيزات" في المجتمع، بالإضافة إلى ذلك فإن الدراسة تعتبر "أداة يمكن أن تساعد البشر على تصميم حلول أفضل".

وكلاء الذكاء الاصطناعي

في عالم يتسابق باتجاه التحول الرقمي الكامل، لم يعد الذكاء الاصطناعي خيالا علميا، بل محركا صامتا يعيد تشكيل وجودنا في العمل وفي التفاعل الاجتماعي وأنماط العيش.

 من الصوت داخل هاتفك، إلى الروبوت على خط الإنتاج، أصبح وكلاء الذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا من حياتنا اليومية.

من هم هؤلاء الوكلاء؟ 

كيف يعملون؟ 

ولماذا التحذيرات من أننا قد نفقد السيطرة عليهم؟

وكيل الذكاء الاصطناعي

افترض أنك تستيقظ صباحا وتطلب من هاتفك ترتيب جدول أعمالك، أو أن تقودك سيارتك إلى العمل بينما تتصفح أنت كومبيوترك اللوحي، أو أن يقترح عليك تلفزيونك الذكي مشاهدة فليم يناسب مزاجك.

هذه المهام تعتمد كلها على وكلاء الذكاء الاصطناعي.

في اللغة الرقمية، وكيل الذكاء الاصطناعي هو نظام برمجي ذكي قادر على إدراك البيئة المحيطة، وتحليل البيانات، واتخاذ قرارات لتحقيق أهداف محددة، وغالبا دون تدخل بشري مباشر. 

مرة أخرى، يمكن أن يكون الوكيل مساعدا صوتيا مثل "سيري" أو "أليكسا"، أو نظام تخصيص "أو توصيات" مثل نتفليكس وأمازون، أو روبوتا صناعيا يعمل على خطوط الإنتاج.

يتفاعل بعض الوكلاء مع المحفزات الآنية، بينما يعتمد البعض الآخر على أهداف محددة أو قرارات مبنية على تعظيم الفائدة. وهناك من يتعلم باستمرار من تجاربه — ليحسن أداءه مع الوقت.

مشهد الابتكار... والقلق

يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة. ففي التصنيع، تعمل الروبوتات بدقة وكفاءة. في الطب، تساعد الأنظمة الذكية في التشخيص. وفي عالم الأموال، تقود أنظمة الكشف عن الاحتيال وتقدم مقترحات بشأن الاستثمارات.

يساهم وكالاء الذكاء الاصطناعي في، زيادة الإنتاجية، وتقليل التكاليف التشغيلية، ودعم اتخاذ قرارات أكثر ذكاء، وفي تقديم خدمات يمكن توسيعها وتكييفها.

لكن فوائد الوكلاء تسير يدا بيد مع مخاطر موازية. يمكن التلاعب بوكلاء الذكاء الاصطناعي أو اختراقهم. وقد يرثون الانحياز البشري بناء على بيانات غير موضوعية. ويمكن أن يؤدي الإفراط في الاعتماد على الوكلاء إلى تآكل المهارات البشرية الأساسية. 

والأسوأ، إن لم نضبطهم بشكل صحيح، قد يتصرفون بطريقة مفاجئة وربما ضارة.

تحذير الأب الروحي

"أسرع مما توقعه كثيرون،" يقول جيفري هينتون، المعروف بـ"الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،" الحائز على جائزة نوبل، في مقابلة مع شبكة CBS News، تعبيرا عن قلقه من سرعة تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي.

"علينا أن نبدأ الآن في التفكير بكيفية تنظيم هذه الأنظمة،" يضيف، "الخطر لا يقتصر على استبدال الوظائف، بل يشمل إمكانية أن تتجاوز قدراتنا الفكرية".

وأشار إلى هينتون إلى أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي بدأت باتخاذ قرارات ذاتية دون رقابة بشرية، وذكر تطبيقات عسكرية واستخدامات مثيرة للجدل مثل اختيار الأجنة.

ويحذر هينتون من أن القوانين الخاصة بالذكاء الاصطناعي غير كافية حتى الآن، وخطيرة.

التحدي الأكبر: السيطرة

الخوف لم يعد نظريا فقط. فبعض النماذج الحالية قادرة على التعلم الذاتي وحل المشكلات بشكل مستقل ما يعقد محاولات السيطرة عليها.

وفي الحديث عن علاقتنا بالذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال أساسي : هل يمكننا ضمان توافق هؤلاء الوكلاء مع القيم الإنسانية؟ وماذا إذا لم نتمكن من ذلك؟

تبقى المخاطر باهظة الكلفة. إذ يؤدي غياب التوافق الأخلاقي إلى مراقبات جماعية، ونشر معلومات مضللة، بما يهدد السلامة العامة والديمقراطيات في الدول الديمقراطية. 

ويزعم نقاد الآلة أن الشركات الكبرى تنشر نماذج قوية دون رقابة كافية، وتُفضل الربح على السلامة العامة.

الموازنة بين التقدم والأخلاق

وللمضي في هذا المسار، يدعو خبراء إلى تأسيس أطر تنظيمية عالمية تتضمن المبادئ الأخلاقية والشفافية والمساءلة لتطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي.

ويرى الخبراء ألا غنى عن السياق الثقافي. ففي بعض المجتمعات، قد تلعب قيم راسخة في خلق فجوة في الوعي الرقمي. لذلك، لا يكفي التطور التقني، بل يتطلب أيضا بناء الثقة المجتمعية.

الطريق إلى الأمام

الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدين. إنه مفتاح لحل بعض أعقد مشكلات البشرية، إذا تمت إدارته بحكمة.

ومع تزايد المخاوف بشأن استقلالية وكلاء الذكاء الاصطناعي، تصبح الحاجة لتطويرهم وتوجيههم أكثر إلحاحا.