تضاربت آراء الخبراء والمراقبين بشأن مستقبل محطة الفضاء الدولية، وذلك بعد إعلان موسكو عزمها أنها سوف تنهي التراماتها تجاه المحطة في نهاية العام 2024.
وكان الرئيس الجديد لوكالة الفضاء الروسية، يوري بوريسوف، قد أعلن الثلاثاء أن وكالته قررت أن تغادر محطة الفضاء الدولية بحلول ذلك التاريخ، قائلا: "بالطبع، سنفي بكافة التزاماتنا لشركائنا، لكن اتُّخذ قرار مغادرة هذه المحطة بعد العام 2024"، وفق فرانس برس.
وتابع بوريسوف، الذي تم تعيينه في المنصب في منتصف يوليو، في حديثه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعبر تصريحات نشرها الكرملين :"أعتقد أنه بحلول ذلك الوقت، سنبدأ تحضير محطة مدارية روسية"، واصفا الأمر بأنه "أولوية" البرنامج الفضائي، في حين رد بوتين بقوله إن هذا "أمر جيد".
وفي الماضي، قالت وكالة ناسا إنها تعتزم مواصلة تشغيل المحطة الفضائية حتى نهاية عام 2030، وأعلن وقتها فيل لارسون ، مستشار الفضاء بالبيت الأبيض أثناء إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما: "قد يكون هذا صخب من الروس ويمكن إعادة النظر فيه أو يمكن أن تؤتي ثمارها".
وكان قد جرى إطلاق محطة الفضاء الدولية في العام 1998، وهي مأهولة باستمرار منذ نوفمبر العام 2000 بموجب شراكة تقودها الولايات المتحدة وروسيا وتضم أيضا كندا واليابان و11 دولة أوروبية.
وكان استكشاف الفضاء حتى الآن من بين عدد ضئيل للغاية من المجالات التي بقي التعاون بشأنها بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها بمنأى عن التوتر المرتبط بأوكرانيا وغيرها.
وقال المحلل العسكري الروسي بافل لوزين، قوله إن: "الانسحاب سيستغرق بعض الوقت"، مضيفا: "نحتاج إلى تفسير هذا على أنه رفض روسيا تمديد تشغيل المحطة حتى عام 2030"، حسبما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وقد لا يعني الإعلان أن المحطة لن تكون موجودة بعد العام 2024، لكن الخبراء يقولون إنه يشوش على احتمالية استمرار تشغيل المحطة حتى نهاية العقد.
وفي المقابل، أعلنت مديرة المحطة الدولية في ناسا روبن غيتنز إن الولايات المتحدة لم تتلقَّ "أي إشعار رسمي" من روسيا بشأن الخطط التي أعلنتها للتو والمتعلقة بمغادرة محطة الفضاء الدولية "بعد العام 2024".
وقالت غيتنز في مؤتمر صحافي "لم نتلقَّ أي إشعار رسمي من الشريك (الروسي) فيما يتعلق بالأنباء الواردة اليوم".
وفي نفس السياق أكد مدير وكالة الفضاء الأميركية، بيل نيلسون إلى أن "ناسا" لم تتلق حتى الآن إشعارًا رسميًا بالانسحاب من وكالة الفضاء الفيدرالية الروسية "روسكوزموس".
وقال نيلسون في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني "ناسا ملتزمة بالتشغيل الآمن لمحطة الفضاء الدولية حتى عام 2030، وتنسق مع شركائنا".
وتابع: "لم تكن ناسا على علم بقرارات أي من الشركاء، على الرغم من أننا نواصل بناء القدرات المستقبلية لضمان وجودنا الرئيسي في مدار أرضي منخفض".
"غموض العبارة"
وعلى نفس الخطى، أوضح مدير برنامج محطة الفضاء الدولية في ناسا، جويل مونتالبانو، عن أمله في استمرار الاتفاقية حتى العام 2030، مردفا: "أي شخص يعتقد أن هناك خطة مختلفة فهو مخطئ، فنحن سوف نستمر حتى العام 2030".
وأضاف مونتالبانو أن شراكة محطة الفضاء الدولية واجهت "صعوبات"، لكنه أشار إلى الطرق التي تستمر بها العمليات: قال إنه كان في موسكو الأسبوع الماضي كجزء من اتفاق مبادلة المقاعد المعلن عنه للسماح لرواد الفضاء الروس بالتحليق على مركبات تجارية أمريكية ، مقابل لمقاعد رواد الفضاء الأمريكيين على مركبة الفضاء الروسية سويوز.
من جهته، قال مؤرخ الفضاء ومحلل السياسات في جامعة جورج واشنطن جون لوغسدون، في تصريحات نقلها موقع"سبيس": "يبدو أن القرار الروسي بالانسحاب من المشاركة في المحطة بحلول عام 2024 أصبح أكثر حزماً".
وأوضح الإعلان كان بمثابة بيان نوايا من جانب روسيا للانسحاب من شراكة محطة الفضاء الدولية وتخصيص أفرادها ومواردها المالية لتطوير محطة فضائية مستقلة، والتي قد تكون "محطة على الورق" في مراحلها الأولى في هذه المرحلة.
ونوه لوغسدون إلى الشركاء المتبقين في محطة الفضاء قد طوروا على الأرجح خطط طوارئ لسنوات، بناءً على التعليقات السابقة لقيادة وكالة الفضاء الروسية، موضحا: "سيكون ذلك بمثابة إهمال لواجباتهم إذا لم يفعلوا شيئًا".
وأما أناتولي زاك، المتخصص في أخبار الفضاء الروسي منذ فترة طويلة فأوضح أن تصريحات بوريسوف غامضة لأنه قال في تصريحاته إلى "ما بعد 2024".
وأردف: "تلك العبارة من الممكن أن تعني أي تاريخ، وبالتالي فمن المحتمل ألا يكون لدى ناسا ما يدعو للقلق حتى عام 2030 على الأقل".
وفي سياق ذي صلة، يرى كيسي درير، كبير المدافعين والمستشارين السياسيين في جمعية الكواكب غير الهادفة للربح أن الجدل بشأن انسحاب روسيا من المحطة يشبه الجدل بشأن وجود الماء على المريخ، مشيرا إلى تصريحات سابقة لموسكو بشأن انسحابها من المحطة الفضائية في الأعوام الماضية دون أن تقدم على ذلك.