تكون الجنين خارج رحم الأم موضوع يثير نقاشات واسعة في الأوساط العلمية والفكرية
تكون الجنين خارج رحم الأم موضوع يثير نقاشات واسعة في الأوساط العلمية والفكرية

أثار أحدث فيديو نشره صانع المحتوى اليمني، هاشم الغيلي، عن مصنع الأجنة "إكتولايف"، جدلا كبيرا على الانترنت، معيدا طرح النقاش الأخلاقي الحاد حول موضوع الأرحام الاصطناعية.

ويقدم الفيديو محاكاة لمشروع رحم اصطناعي كبير قادر على احتضان 30 ألف طفل، من خلال 75 معملا مجهز ا، يستطيع كل واحد استيعاب ما يصل إلى 400 رحم صناعي، ويوفر الظروف الدقيقة الموجودة داخل رحم الأم الطبيعي.

وبحسب الفيديو التوضيحي، سيتيح الرحم الصناعي، الفرصة للأزواج العقيمين لإنجاب أطفال من جيناتهم، كما سيمثل حلا مثاليا للنساء اللواتي أزيلت أرحامهن جراحيا، بسبب السرطان أو مضاعفات أخرى، ومن شأنه أيضا أن ينقذ حياة حوالي 300 ألف امرأة تموت سنويا من مضاعفات الحمل.

وأثارت الفكرة المتخيلة تفاعلا ضخما على وسائل التواصل الاجتماعي، وتساؤلات عن مدى واقعية الفكرة، أو كونها خيالا علميا سوداويا. 

ويكشف هاشم الغيلي لموقع "الحرة"، أن هناك حقلا علميا قائما في موضوع تكون الجنين خارج الرحم، مضيفا:" أنا متخصص في مجال البيولوجيا، وسبق لي الاشتغال على فيديوهات كثيرة حول الموضوع، ولاحظت أن هناك تقدما علميا متواصلا في المجال، لا يتم الحديث عنه بالشكل الكافي".

"أمل البشرية"

وردا على الانتقادات الموجهة للفكرة، يقول الغيلي إن الأرحام الصناعية، "أمل البشرية في المستقبل"، مشيرا إلى أن الدراسات الحديثة تؤكد أن البشرية مهددة بالزوال، مع انخفاض معدل جودة الحيوانات المنوية وتراجع معدلات الخصوبة.

وفي رده على النقاش الأخلاقي الذي يثار في كل مرة حول موضوع الأرحام الاصطناعية، يوضح المتحدث ذاته أن المجتمع يعارض الأفكار الجديدة، ويخلط بين الأفكار العلمية الحقيقية وبين أفكار الخيال العلمي التي يرونها في أفلام "الدسيتوبيا".

ويتابع الشاب اليمني المقيم ببرلين أن الكثير من الأفكار والإنجازات الهائلة التي حققتها البشرية اليوم، كانت إلى وقت غير بعيد مرفوضة بشكل كبير، لكن بمجرد تطبيقها وظهور فائدتها وأهميتها يتم التطبيع معها وتبنيها.

لقطة من الفيديو

ويشدد على أنه بغض النظر عن النقاشات الأخلاقية، فإن قطار الأبحاث والتطور التكنولوجي "لا يتوقف، بالتالي تبقى أهمية مثل هذه الفيديوهات فرصة للتعريف بالموضوع وفتح النقاش حولها، وعند الوصول اللحظة الحاسمة نكون قد حققنا تراكما في النقاش حولها".

في هذا الجانب، يبرز هاشم، أن الغرض من الفيديوهات التبسيطية التي ينجزها، أن يشرح ويوضح، ويفتح باب النقاش حول سؤال: إلى أين وصل العلم؟

ويؤكد صانع المحتوى اليمني، أن تكنولوجيا تحويل هذا المشروع إلى حقيقة، متاحة بالفعل، كاشفا أن كل ميزة مذكورة في الفيديو، تستند على الأبحاث العلمية، ويبقى الشيء الوحيد المتبقي هو بناء نموذج أولي من خلال دمج جميع الميزات في جهاز واحد".

تبسيط العلوم

فيديو مصنع الأجنة، ليس إلا نموذجا واحدا لأعمال الشاب اليمني الذي حول شغفه وحبه للعلوم إلى فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي، تبسّط الظواهر العلمية المعقدة، وتفتح أعين متابعيه على أفكار ثورية وغير مسبوقة في مجال العلوم.

وينشر هاشم الغيلي، سلسلة فيديوهات تقدم معلومات وحقائق علمية، وتستعرض أحدث التطورات في مجالات التكنولوجيا والفيزياء والبيولوجيا وعلم الأحياء، مجال تخصصه، مرفوقة بتصاميم ورسومات توضيحية وإنميشن، وبالاعتماد على أحدث الإصدارات العلمية والبحثية.

ويتابع صفحة صانع المحتوى اليمني، Science" Nature"، أزيد من 33 مليون متابع على فيسبوك، وحازت فيديوهاته على أكثر من 17 مليار مشاهدة، 88 مليونا منها على منصة يوتيوب، كما تلهم  إنتاجاته "المستقبل هو الآن"، و "في العلم نثق" الآلاف من الأشخاص.

وتعود بدايات هاشم البالغ 32 عاما، مع صناعة المحتوى العلمي إلى عام 2009، السنة التي أنهى فيها المرحلة الثانوية ببلاده، وقرر الهجرة إلى باكستان بعد حصوله على منحة بكالوريوس، قبل أن يعود إلى بلاده ويحصل على منحة جديدة لإتمام دراساته العليا بألمانيا في مجال التكنولوجيا الحيوية الجزيئية، في جامعة جاكوبس ببريمن.

وبعد تحصله على الماجستير وثماني أشهر من ولوجه سلك للدكتوراه، قرر الشاب اليمني عدم اكمال الدكتوراه والتركيز في مجال السوشال ميديا، لصعوبة الجمع بين الدراسة وبين صناعة المحتوى العلمي، مشيرا إلى أن "كل مجال بمثابة وظيفة كاملة".

هاشم الغيلي

ويتابع المتحدث ذاته في حديث مع موقع "الحرة"، أن عدد المتواصلين العلميين في بداية العقد الماضي، كان قليلا، واستغل خلفيته وحبه الكبير للعلوم، بالإضافة إلى مهاراته في الغرافيكس من أجل إنجاز فيديوهات توضيحية تبسط معلومات علمية معقدة وتتيحها لغير المتخصصين في المجال.

ويورد هاشم، أنه يحاول من خلال فيديوهاته أيضا، تصحيح بعض الشائعات والمعلومات المغلوطة التي ترتبط بعدد من المجالات العلمية، مبرزا أن أي منشور يقدمه يرفقه بمصادر علمية دقيقة، تتسند على أوراق بحثية علمية منشورة، ويشير إلى أنه بعد الانتهاء منها يراجعها علماء ومختصون.

وعن طريقة اختيار المواضيع، يكشف الباحث اليمني، أنه قبل إعداد أي فيديو، يطرح على نفسه سؤال، حول ما إن كان سيهتم هو شخصيا بهذا الموضوع لو قرأ عليه أو شاهد فيديو عليه، موضحا أنه يعود أيضا إلى أرقام الفيديوهات التي تحظى بتفاعل كبير على صفحته لتحديد نوعية المواضيع التي سيهتم بها متابعوه.

نائب الرئيس الأميركي خلال القمة - فرانس برس
نائب الرئيس الأميركي خلال القمة - فرانس برس

أمام المجتمعين في قمة الذكاء الاصطناعي في باريس، دعا نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، أكثر من مرة إلى عدم الخوف الزائد من هذه التقنية التي تتطور باستمرار.

وبينما أكدت غالبية الدول في القمة على ضرورة خلق بيئة تنظيمية أكثر فعالية، أعاد نائب الرئيس الأميركي التأكيد على أن الكثير من القيود "تخنق" الابتكار.

وإزاء هذا الموقف، لم توقع الولايات المتحدة، وكذلك المملكة المتحدة على البيان الختامي الصادر عن القمة، الثلاثاء، رغم أن 61 دولة، من بينها فرنسا والاتحاد الأوربي والصين والهند واليابان وألمانيا وأستراليا وكندا، أيدته.

دعت الوثيقة إلى ضمان "أن يكون الذكاء الاصطناعي مفتوحا وشاملا وشفافا وأخلاقيا وآمنا وجديرا بالثقة.. مع مراعاة أطر دولية للجميع".

ولم يتضح إن كانت كبرى شركات القطاع مثل "أوبن إي آي" اتخذت موقفا مماثلا لموقف واشنطن ولندن.

ويعكس موقف واشنطن في القمة الاتجاه الجديد الذي تبنته إدارة الرئيس، دونالد ترامب، في ما يخص الذكاء الاصطناعي.

وفي بداية ولايته الرئاسية الجديدة، وقع ترامب على أمر تنفيذي يشجع على زيادة المنافسة في المجال، ويلغي قرارات أخرى اتخذتها إدارة سلفه، جو بايدن، ركزت على تنظيم هذه الصناعة.

ويقول الأمر التنفيذي: "إن سياسة الولايات المتحدة هي الحفاظ على هيمنة الولايات المتحدة العالمية على الذكاء الاصطناعي وتعزيزها من أجل تعزيز الازدهار البشري والقدرة التنافسية الاقتصادية والأمن القومي".

ولم يصدر تعليق رسمي من واشنطن يوضح سبب عدم التوقيع على بيان قمة باريس.

لكن تعليقات جي دي فانس ربما تفسر الموقف، وتسلط أيضا الضوء على الانقسام المتزايد بشأن الذكاء الاصطناعي في العالم، فالولايات المتحدة، تحت قيادة ترامب، تفضل الحد الأدنى من القيود لتحفيز الابتكار، في حين تفرض أوروبا قواعد صارمة للسلامة والرقابة.

أما الصين فهى تسارع الخطى لتطوير التقنيات من خلال شراكات مع القطاع الخاص.

ويشير خطاب نائب الرئيس الأميركي أمام زعماء دول كبرى في القمة، بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، إلى عدم الرضا الأميركي إزاء الرغبة المتزايدة في تنظيم المجال.

وقال جي دي فانس إن "التنظيم المفرط لقطاع الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقتل صناعة تحويلية.. نحن بحاجة إلى تنظيم دولي يعزز إنشاء تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بدلاً من خنقها، ونحتاج إلى أصدقائنا الأوروبيين، على وجه الخصوص، للنظر إلى هذه الحدود الجديدة بتفاؤل بدلاً من الخوف". 

وقال فانس إن تقييد تطوير الذكاء الاصطناعي "سيعني شل واحدة من أكثر التقنيات الواعدة التي شهدناها في الأجيال الأخيرة".

واعتبر أن  العالم على وشك بدء ثورة صناعية جديدة، يمكن مقارنتها باختراع محرك البخار "لكن هذه الثورة لن تتحقق إذا كانت اللوائح التنظيمية المفرطة تمنع المبتكرين من اتخاذ المخاطر اللازمة للتقدم".

وتعهد "ضمان بقاء تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية المعيار الذهبي على مستوى العالم".

وفي إشارة على ما يبدو إلى قانون الخدمات الرقمية (DSA) واللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، وهما قانون ينظمان سوق المعلومات في أوروبا، قال إن "منع المتحرشين بالأطفال على الإنترنت أمر مختلف تماما عن منع رجل أو امرأة بالغين من الوصول إلى رأي تعتقد الحكومة أنه معلومات مضللة".

وفي الوقت ذاته، وجه جي دي فانس انتقادا بدا واضحا أنه يستهدف الصين قائلا إن "الأنظمة الاستبدادية تسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي لزيادة السيطرة على المواطنين في الداخل والخارج.. إقامة شراكة معها (هذه الدول) يعني ربط بلادك بسيد استبدادي يسعى للتغلغل في البنى التحتية لمعلوماتك والسيطرة عليها".

وأشار أيضا إلى "التكنولوجيا زهيدة الكلفة.. المدعومة بشدة التي تصدرها أنظمة استبدادية"، في إشارة إلى كاميرات المراقبة ومعدات إنترنت الهواتف المحمولة من الجيل الخامس التي تبيعها الصين في الخارج على نطاق واسع.

وربما يشير أيضا إلى شركة "ديب سيك" الصينية الناشئة التي أحدثت هزة في قطاع الذكاء الاصطناعي، الشهر الماضي، عبر الكشف عن روبوت دردشة متطور تقول إنه تم تطويره بميزانية منخفضة نسبيا.

لكن كلمات نائب الرئيس الأميركي بدت أنها كانت على النقيض من موقف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي أكد في كلمته أن القواعد العالمية هي "الأساس، إلى جانب الابتكار والتسريع، الذي سيسمح للذكاء الاصطناعي بالانطلاق والاستمرارية".

أما في بريطانيا، فبرر ناطق باسم الحكومة البريطانية قرار لندن عدم التوقيع على البيان بالمحافظة على "المصلحة الوطنية".

وكانت صحيفة بوليتيكو توقعت، الاثنين، ألا توقع بريطانيا على البيان بعد أن أبدى مسؤولون في إدارة ترامب تحفظات بشأن اللغة التي تدعو إلى الذكاء الاصطناعي "الشامل والمستدام".

ونقلت صحف بريطانية بيانا للحكومة، الثلاثاء، قال إن المملكة المتحدة "لم تتمكن من الاتفاق على جميع أجزاء" البيان الختامي وإنها "لن تشارك أبدا إلا في المبادرات التي تخدم المصالح الوطنية"

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية " بي سي سي" إن موقف لندن يبدو مستغربا بالنظر إلى أنها في عهد رئيس الوزراء السابق، ريشي سوناك، عقدت أول قمة عالمية لسلامة الذكاء الاصطناعي في نوفمبر 2023.

وقال أندرو دودفيلد، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في منظمة "فول فاكت" الخيرية البريطانية للتدقيق في المعلومات، إن قرار الحكومة "يقوض مصداقيتها التي اكتسبتها بشق الأنفس كقائد عالمي للابتكار الآمن والأخلاقي والجدير بالثقة في مجال الذكاء الاصطناعي".

وعندما سُئل عما إذا كانت المملكة المتحدة قد رفضت التوقيع لأن الولايات المتحدة فعلت ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة البريطانية إنها "ليست على علم بأسباب أو موقف الولايات المتحدة".

وقال مصدر حكومي لصحيفة "الغارديان" إن الإعلان لم يكن قويا بما يكفي بشأن الأمن، ولم يعكس نهج المملكة المتحدة، ونفى فكرة أن لندن تحاول كسب ود الولايات المتحدة.