"مايكروسوفت كانت تستثمر 13 مليار دولار مع أوبن إيه آي" - تعبيرية
"مايكروسوفت كانت تستثمر 13 مليار دولار مع أوبن إيه آي" - تعبيرية

يستحوذ برنامج "تشات جي.بي.تي"، الذي بات متاحا للمستخدمين منذ نوفمبر 2022، على اهتمام كبير من قبل الباحثين على غوغل، حتى بات منافسا لعبارات "الذكاء الاصطناعي"، و"إن أف تي"، و"العملات المشفرة"، حسب بيانات غوغل ترند.

وروبوت المحادثة تشات جي بي تي، الذي أنتجته الشركة الناشئة في كاليفورنيا، أوبن إيه آي، صمم كي يقلد الإنسان بالمحادثات ويمكنه أن يكتب الشعر في حال طلب منه، أو الإجابة على أسئلة معقدة تطرح ضمن مجموعة متنوعة من الأساليب. ويقول مبتكروه إن أكثر من مليون شخص استخدموه خلال الأسبوع الأول من إطلاقه.

أخطار الاستخدام الخاطئ

إلا أن خبير التحول الرقمي، والأستاذ الجامعي، بول سمعان، أشار في حديث لموقع "الحرة" إلى نقاط ضعف في البرنامج ربما تساعد المقرصنتين والإرهابيين والمجرمين. وعددها وفق الشكل الآتي:

  • إمكانية أن استخدام البرنامج من قبل مخترقين ومقرصنين لتطوير برامج خبيثة أو فيروسات، إضافة إلى إمكانية مساعدتهم على اختراق برامج أو مواقع إلكترونية.
  • يقود هذا البرنامج إلى نقاط ضعف في برامج أخرى يمكن استغلالها لتنفيذ هجمات إلكترونية.
  • صمم البرنامج بشكل ألا يجاوب مباشرة على الأسئلة بشأن كتابة تشفيرات برامج أخرى، إلا أنه يمكن أن يطرح المقرصن الأسئلة بطرق ملتوية وغير مباشر، ويحصل على أجوبة تساعده بتنفيذ مبتغاه غير القانوني.
  • بإمكان المستخدم سؤال البرنامج عن كيفية صناعة قنبلة والتحضير لعملية إرهابية بطريقة غير مباشرة.
  • يساعد البرنامج التلاميذ والطلاب على الغش، والتوقف عن تشغيل مخيلتهم ومنطقهم لإيجاد الحلول.
  • وكذلك يمكن أن يُستخدم التطبيق لخداع المستخدمين، من خلال إرسال رسائل إلكترونية بهدف الحصول على معلومات شخصية.

وفي تقرير لرويترز، ورد أنه يمكن استخدام التطبيق لكتابة مجموعة ردود مزعجة وغير أخلاقية تجاه تغريدة معينة. واستخدام هذه النصوص للتأثير على المشهد السياسي، إضافة إلى مضايقة بعض الأفراد.

إلا أن سمعان الذي أشار إلى هذه السيئات أكد أنه لا يمكن إيقاف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لكن المهم استخدام التكنولوجيا بشكل جيد، مشيرا إلى أن كل التطويرات والاختراعات الصناعية والتكنولوجية على مر التاريخ استخدمت لأغراض حميدة أو سيئة، فالأمر يقف عند نوايا المُستخدم.

تزايد الاهتمام حيال تشات جي بي تي| المصدر: فرانس برس

مستقبل تشات جي بي تي

أوضح سمعان أن "تشات جي بي تي لا تزال بالنسخة الثالثة منها، وسيكون هناك نسخة رابعة في وقت غير محدد بعد، والمعلومات تشير إلى أن النسخة المقبلة متطورة جدا"، لافتا إلى أن "النسخة المتطورة ربما تخلق جدلية أكبر، من خلال زيادة أخطار استغلال هذه التكنولوجيا للأغراض غير القانونية المذكورة".

وأقرت شركة أوبن إيه آي، إن أداة البحث تميل نحو إعطاء إجابات تبدو معقولة، ولكنها غير صحيحة أو غير منطقية بشكل كامل، وهي مشكلة يصعب حلها، وفق رويترز.

ويحتوي نموذج الذكاء الاصطناعي على مجموعة بيانات كبيرة جدا من النصوص. وفعليا، ما يفعله النظام، هو أنه يواصل كتابة ما يتضمنه من بيانات.

ويمكن لـ" تشات جي بي تي"، أن يجري حوارا والإجابة على الأسئلة، وتحديد الأخطاء، ورفض الطلبات غير المناسبة. فهو قائم على نموذج إحصائي يتنبأ بالكلمة التالية في سلسلة من الكلمات، حسب رويترز، وهذه التقنية ليست جديدة، حسب الخبير في المجال الرقمي تيم سكارف، الذي يوضح أن الأمثلة الأولى منه تعود إلى التسعينيات.

ويشير سكارف إلى أنه "منذ ذلك الحين، أصبحت هذه الشبكات أعمق، وتتضمن كمية هائلة من البيانات. ومنذ التسعينيات، بدأ المطورون في المجال التكنولوجي يذهبون بعيدا في تصميم مثل هكذا برامج، وآخرها طرح الأسئلة عليها، من الأسئلة في مجال الرياضيات وصولا إلى معادلات لم يزود بها أصلا، ومن هنا أخذت هذه البرامج تطور وتعطي بعض النتائج المذهلة".

ويمكن لأداة مثل تشات جي بي تي أن تستخدم في التسويق الإلكتروني، وتطوير المحتوى عبر الإنترنت، وخدمة العملاء، أو للمساعدة في تصحيح الأخطاء البرمجية، حسب رويترز.

استثمارات كبيرة

يقول سمعان إن "أوبن إيه آي ليست خلف التطبيق فحسب، فقد دخل العديد من المنافسين إلى هذا الميدان".

وأورد تقرير "سي أن أن" أن "مايكروسوفت أكدت خططها هذا الأسبوع لاستثمار المليارات في أوبن إيه آي، الشركة التي تقف وراء أداة شات بوت الجديدة للذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي".

وسبق أن نقلت رويترز، في 9 يناير، أن شركة مايكروسوفت قالت إنها تجري محادثات لاستثمار عشرة مليارات دولار في شركة أوبن إيه آي المالكة لتطبيق شات جي.بي.تي.

وأشار التقرير إلى أن التمويل يشمل شركات أخرى وسيؤدي إلى تقييم الشركة التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا عند 29 مليار دولار. وذلك بعد أن ابتكرت أوبن إيه آي تطبيق شات جي.بي.تي وطرحته للاختبار المجاني في 30 نوفمبر.

ومنذ إتاحته في أواخر نوفمبر، استخدم تشات جي بي تي لإنشاء مقالات وقصص وكلمات أغاني أصلية استجابة لمطالبات المستخدم. وصاغ ملخصات أوراق بحثية خدعت بعض العلماء. حتى أن بعض الرؤساء التنفيذيين استخدموه لكتابة رسائل البريد الإلكتروني أو القيام بأعمال محاسبية، وفق سي أن أن.

وبالنسبة لمايكروسوفت، فإن دمج أداة تشات بوت يمكن أن يجعل منتجات البرامج الأساسية أكثر قوة. ومن الاستخدامات المحتملة؛ كتابة سطور نصية لعرض تقديمي لـPowerPoint، أو كتابة مسودة لمقال في Word أو القيام بإدخال تلقائي للبيانات في جداول بيانات Excel وبالنسبة لمحرك بحث Microsoft Bing ، يمكن أن يوفر تشات جي بي تي نتائج بحث أكثر تخصيصا، وتلخيصا أفضل لصفحات الويب.

هل يستبدل الإنسان؟

أوضح سمعان أنه "في الوقت الحالي لا يمكن لـ"شات جي بي تي" أن يستبدل الإنسان، لكنه يساعد الموظفين في العديد من المجالات مثل كتابة المحتوى، وخدمة العملاء".

وتابع أن "الإثبات على أهمية هذا التطبيق، هو أن عدد الأشخاص الذين بدأوا استخدامه منذ الأسبوع الأول فاق المليون، ففايسبوك استغرق 10 أشهر حتى بات لديه 5 ملايين مستخدم، وإنستغرام شهرين ونصف الشهر، ونتفليكس أكثر من 41 شهرا، أما تشات جي بي، فلم يأخذ أكثر من 5 أيام".

ويكر أن شركة"Codeword" ، وهي شركة تسويق للتكنولوجيا، قررت الاستعاضة عن المتدربين واللجوء إلى الذكاء الاصطناعي، وفقا ما ذكره موقع "أكسيوس". 

وأشار الموقع إلى أنه مع اشتداد الأزمة الاقتصادية تتجه قطاعات كثيرة للبحث عن وسائل للاستعانة بأدوات مثل تشات جي بي تي، وبرامج توليد الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي مثل "Dall-E2"، لاستبدال البشر في مهام ثانوية.

أما "المتدربون الاصطناعيون" لدى "Codeword" فهم في الواقع برامج رقمية، تمكنت من تطوير هويات وصور خاصة بها مثل "آيكو" و"إيدن"، اللذين يعملان في قسم التصميم الغرافيكي وسيعملان على البحث عن محتوى تحريري وإجراء البحث المطلوب عنه. 

اجتاز امتحان إحدى كليات الحقوق الأميركية

ومن الأمور التي أثارت ضجة أيضا، تَمكُن روبوت المحادثة تشات جي بي تي، من أن يجتاز، ولكن بصعوبة، امتحانات إحدى كليات الحقوق الأميركية بعدما كتب نصوصا عن موضوعات عدة كالقانون الدستوري والضرائب، حسب فرانس برس.

وتثير براعة روبوت الدردشة الذي يتغذى من كميات كبيرة من البيانات المنشورة على الإنترنت ويستطيع كتابة نصوص ردا على أسئلة بسيطة، إعجاب العديد من مستخدمي الإنترنت، ولكن أيضا مخاوفهم.

ودفعت بعض النتائج المقنعة جدا أساتذة في عدد من الجامعات إلى إبداء قلقهم من خطر انتشار الغش على نطاق واسع وانتهاء أساليب التدريس التقليدية في الفصول الدراسية.

وأعطى الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة مينيسوتا جوناثان تشوي الروبوت "تشات جي بي تي" الاختبار نفسه الذي يخوضه الطلاب للتخرج، وهو يضم 95 سؤالا تتوافر خيارات متعددة للإجابة، و12 سؤالا استنتاجيا في أربعة تخصصات، حسب فرانس برس.

وأشار تشوي وزملاؤه في مقال أكاديمي نُشر الإثنين إلى أن الروبوت حصل على درجة إجمالية هي "سي+".

وأضاف معدو الدراسة أن "تشات جي بي تي" أظهر في كتابة نصوصه أنه يتقن القواعد القانونية الأساسية وأنه يتمتع بقدرة قوية على التنظيم والكتابة".

إلا أن الروبوت "غالبا ما كان يجد صعوبة في تحديد المشكلات عند طرح سؤال مفتوح عليه، وهي مهارة أساسية في امتحانات كلية الحقوق".

واستنتج الباحثون أن "تشات جي بي تي" ليس طالبا بارعا عندما يتصرف وحده، لكنهم رأوا أن روبوتات المحادثة مثله "يمكن أن تكون، من خلال التعاون مع عنصر بشري، مفيدة جدا لطلاب الحقوق الذين يخضعون للامتحانات وكذلك للمحامين الممارسين"، وفق الوكالة.

وسعيا إلى تبديد المخاوف في شأن الغش، قال تشوي إن اثنين من كل ثلاثة مصححين رصدوا النص الذي كتبه روبوت المحادثة، إذ اتسم بمستوى ممتاز لجهة القواعد النحوية، وببعض التكرار".

وكلاء الذكاء الاصطناعي

في عالم يتسابق باتجاه التحول الرقمي الكامل، لم يعد الذكاء الاصطناعي خيالا علميا، بل محركا صامتا يعيد تشكيل وجودنا في العمل وفي التفاعل الاجتماعي وأنماط العيش.

 من الصوت داخل هاتفك، إلى الروبوت على خط الإنتاج، أصبح وكلاء الذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا من حياتنا اليومية.

من هم هؤلاء الوكلاء؟ 

كيف يعملون؟ 

ولماذا التحذيرات من أننا قد نفقد السيطرة عليهم؟

وكيل الذكاء الاصطناعي

افترض أنك تستيقظ صباحا وتطلب من هاتفك ترتيب جدول أعمالك، أو أن تقودك سيارتك إلى العمل بينما تتصفح أنت كومبيوترك اللوحي، أو أن يقترح عليك تلفزيونك الذكي مشاهدة فليم يناسب مزاجك.

هذه المهام تعتمد كلها على وكلاء الذكاء الاصطناعي.

في اللغة الرقمية، وكيل الذكاء الاصطناعي هو نظام برمجي ذكي قادر على إدراك البيئة المحيطة، وتحليل البيانات، واتخاذ قرارات لتحقيق أهداف محددة، وغالبا دون تدخل بشري مباشر. 

مرة أخرى، يمكن أن يكون الوكيل مساعدا صوتيا مثل "سيري" أو "أليكسا"، أو نظام تخصيص "أو توصيات" مثل نتفليكس وأمازون، أو روبوتا صناعيا يعمل على خطوط الإنتاج.

يتفاعل بعض الوكلاء مع المحفزات الآنية، بينما يعتمد البعض الآخر على أهداف محددة أو قرارات مبنية على تعظيم الفائدة. وهناك من يتعلم باستمرار من تجاربه — ليحسن أداءه مع الوقت.

مشهد الابتكار... والقلق

يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة. ففي التصنيع، تعمل الروبوتات بدقة وكفاءة. في الطب، تساعد الأنظمة الذكية في التشخيص. وفي عالم الأموال، تقود أنظمة الكشف عن الاحتيال وتقدم مقترحات بشأن الاستثمارات.

يساهم وكالاء الذكاء الاصطناعي في، زيادة الإنتاجية، وتقليل التكاليف التشغيلية، ودعم اتخاذ قرارات أكثر ذكاء، وفي تقديم خدمات يمكن توسيعها وتكييفها.

لكن فوائد الوكلاء تسير يدا بيد مع مخاطر موازية. يمكن التلاعب بوكلاء الذكاء الاصطناعي أو اختراقهم. وقد يرثون الانحياز البشري بناء على بيانات غير موضوعية. ويمكن أن يؤدي الإفراط في الاعتماد على الوكلاء إلى تآكل المهارات البشرية الأساسية. 

والأسوأ، إن لم نضبطهم بشكل صحيح، قد يتصرفون بطريقة مفاجئة وربما ضارة.

تحذير الأب الروحي

"أسرع مما توقعه كثيرون،" يقول جيفري هينتون، المعروف بـ"الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،" الحائز على جائزة نوبل، في مقابلة مع شبكة CBS News، تعبيرا عن قلقه من سرعة تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي.

"علينا أن نبدأ الآن في التفكير بكيفية تنظيم هذه الأنظمة،" يضيف، "الخطر لا يقتصر على استبدال الوظائف، بل يشمل إمكانية أن تتجاوز قدراتنا الفكرية".

وأشار إلى هينتون إلى أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي بدأت باتخاذ قرارات ذاتية دون رقابة بشرية، وذكر تطبيقات عسكرية واستخدامات مثيرة للجدل مثل اختيار الأجنة.

ويحذر هينتون من أن القوانين الخاصة بالذكاء الاصطناعي غير كافية حتى الآن، وخطيرة.

التحدي الأكبر: السيطرة

الخوف لم يعد نظريا فقط. فبعض النماذج الحالية قادرة على التعلم الذاتي وحل المشكلات بشكل مستقل ما يعقد محاولات السيطرة عليها.

وفي الحديث عن علاقتنا بالذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال أساسي : هل يمكننا ضمان توافق هؤلاء الوكلاء مع القيم الإنسانية؟ وماذا إذا لم نتمكن من ذلك؟

تبقى المخاطر باهظة الكلفة. إذ يؤدي غياب التوافق الأخلاقي إلى مراقبات جماعية، ونشر معلومات مضللة، بما يهدد السلامة العامة والديمقراطيات في الدول الديمقراطية. 

ويزعم نقاد الآلة أن الشركات الكبرى تنشر نماذج قوية دون رقابة كافية، وتُفضل الربح على السلامة العامة.

الموازنة بين التقدم والأخلاق

وللمضي في هذا المسار، يدعو خبراء إلى تأسيس أطر تنظيمية عالمية تتضمن المبادئ الأخلاقية والشفافية والمساءلة لتطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي.

ويرى الخبراء ألا غنى عن السياق الثقافي. ففي بعض المجتمعات، قد تلعب قيم راسخة في خلق فجوة في الوعي الرقمي. لذلك، لا يكفي التطور التقني، بل يتطلب أيضا بناء الثقة المجتمعية.

الطريق إلى الأمام

الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدين. إنه مفتاح لحل بعض أعقد مشكلات البشرية، إذا تمت إدارته بحكمة.

ومع تزايد المخاوف بشأن استقلالية وكلاء الذكاء الاصطناعي، تصبح الحاجة لتطويرهم وتوجيههم أكثر إلحاحا.