"الزائر الأخضر" يظهر من الأرض للمرة الأولى منذ العصر الحجري
"الزائر الأخضر" يظهر من الأرض للمرة الأولى منذ العصر الحجري | Source: Nasa/Dan Bartlett

يثير مذنب، خارج عن المألوف، اهتمام عشاق الفضاء هذا الأسبوع، فهو ليس مثل غيره من المذنبات، إذ يتوقع أن يخلّف وراءه وهجا أخضر اللون. 

وقد اكتشف الباحثون في منشأة "Zwicky Transient" الفلكية في ولاية كاليفورنيا الأميركية المذنب "C/2022 E3 (ZTF)" في مارس من عام 2022، وحظي بلقب "المذنب الأخضر" بسبب وهجه، ويظن العلماء أنه يأتي من سحابة أورط، وهي مجموعة من الأجسام الجلدية، يعتقد أنها تقع في الجزء الخارجي من المجموعة الشمسية. 

ورغم أن بعض المذنبات باتت بمثابة "زوار مألوفين" وفق وصف صحيفة "ذا غارديان"، مثل مذنب "هايلي" الذي يمر كل 76 سنة، فإن "المذنب الأخضر" يدور حول الشمس مرة كل 50 ألف عام. 

وتشير "ذا غارديان" إلى أن المشاهدة الأخيرة للمذنب من الأرض كانت في العصر الحجري، وأنها من المؤكد أنها لفتت أنظار البشر البدائيين نحو السماء. 

من أين يأتي اللون الأخضر؟ 

لا يعد الوميض الأخضر فريدا بهذا المذنب وحده، ويعتقد العلماء أنه ينجم عن تفاعل بين ضوء الشمس والكربون ثنائي الذرة (diatomic carbon)، الذي لا يتسم بالاستقرار، وهو شكل غازي ترتبط فيه ذرات الكربون مع بعضها. 

ويقول العلماء إن هذا الغاز يتشكل في رأس المذنب عندما ينكسر ضوء الشمس بالأجسام الكربونية الأكبر حجما، مع اقترابه إلى نجم مجرتنا. 

ويضطرب الكربون ثنائي الذرة لدى تعرضه للموجات فوق البنفسجية في ضوء الشمس ما ينتج عنه الوهج الأخضر، ويرى العلماء أن اللون يطغى حتى على لب المذنب وذيله لأن الموجات فوق البنفسجية تسبب بتفكيك الكربون ثنائي الذرة. 

كيف يمكن رؤيته؟ 

ورغم أن المذنبات قد لا تظهر عادة بالعين المجردة، إلا أن الكثيرين أكدوا رؤيتهم للمذنب مع غياب ضوء القمر، ومن المرجح أن تبلغ فرص مشاهدته ذروتها مع اقترابه أكثر إلى الأرض يومي الأربعاء والخميس، حيث سيبعد حوالي 0.28 وحدة فلكية (حوالي 42 مليون كلم) عن كوكبنا. 

ويجدر أن تتمكن من رؤية المذنب بالاستعانة بمنظار أو تلسكوب، ويوصي العلماء بالابتعاد عن التلوث الضوئي للمدن لزيادة فرص الرؤية. 

"وجّه نظرك ليل الأربعاء الخميس إلى الشمال قرب نجم "Polaris"، أي النجم القطبي الثابت في الشمال"، وفقا لما يقوله عالم الفضاء في مركز الرصد الملكي البريطاني، جايك فوستر. 

ويضيف "أفضل وقت لمشاهدة المذنب سيكون بعد منتصف الليل، حين يبلغ أعلى نقطة في السماء، وسيتحرك بشكل ملحوظ نحو مجموعة الثور خلال الأسابيع المقبلة". 

ونوه العالم إلى أن العديد من التطبيقات المتخصصة بالرصد الفضائي يمكنها أن تساعد على تحديد موقع المذنب، بالاستعانة بمنظار أو تلسكوب صغير، "وإن كنت محظوظا وكان محيطك مظلما قد تتمكن من مشاهدة واحد من أزياله الطويلة". 

وكلاء الذكاء الاصطناعي

في عالم يتسابق باتجاه التحول الرقمي الكامل، لم يعد الذكاء الاصطناعي خيالا علميا، بل محركا صامتا يعيد تشكيل وجودنا في العمل وفي التفاعل الاجتماعي وأنماط العيش.

 من الصوت داخل هاتفك، إلى الروبوت على خط الإنتاج، أصبح وكلاء الذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا من حياتنا اليومية.

من هم هؤلاء الوكلاء؟ 

كيف يعملون؟ 

ولماذا التحذيرات من أننا قد نفقد السيطرة عليهم؟

وكيل الذكاء الاصطناعي

افترض أنك تستيقظ صباحا وتطلب من هاتفك ترتيب جدول أعمالك، أو أن تقودك سيارتك إلى العمل بينما تتصفح أنت كومبيوترك اللوحي، أو أن يقترح عليك تلفزيونك الذكي مشاهدة فليم يناسب مزاجك.

هذه المهام تعتمد كلها على وكلاء الذكاء الاصطناعي.

في اللغة الرقمية، وكيل الذكاء الاصطناعي هو نظام برمجي ذكي قادر على إدراك البيئة المحيطة، وتحليل البيانات، واتخاذ قرارات لتحقيق أهداف محددة، وغالبا دون تدخل بشري مباشر. 

مرة أخرى، يمكن أن يكون الوكيل مساعدا صوتيا مثل "سيري" أو "أليكسا"، أو نظام تخصيص "أو توصيات" مثل نتفليكس وأمازون، أو روبوتا صناعيا يعمل على خطوط الإنتاج.

يتفاعل بعض الوكلاء مع المحفزات الآنية، بينما يعتمد البعض الآخر على أهداف محددة أو قرارات مبنية على تعظيم الفائدة. وهناك من يتعلم باستمرار من تجاربه — ليحسن أداءه مع الوقت.

مشهد الابتكار... والقلق

يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة. ففي التصنيع، تعمل الروبوتات بدقة وكفاءة. في الطب، تساعد الأنظمة الذكية في التشخيص. وفي عالم الأموال، تقود أنظمة الكشف عن الاحتيال وتقدم مقترحات بشأن الاستثمارات.

يساهم وكالاء الذكاء الاصطناعي في، زيادة الإنتاجية، وتقليل التكاليف التشغيلية، ودعم اتخاذ قرارات أكثر ذكاء، وفي تقديم خدمات يمكن توسيعها وتكييفها.

لكن فوائد الوكلاء تسير يدا بيد مع مخاطر موازية. يمكن التلاعب بوكلاء الذكاء الاصطناعي أو اختراقهم. وقد يرثون الانحياز البشري بناء على بيانات غير موضوعية. ويمكن أن يؤدي الإفراط في الاعتماد على الوكلاء إلى تآكل المهارات البشرية الأساسية. 

والأسوأ، إن لم نضبطهم بشكل صحيح، قد يتصرفون بطريقة مفاجئة وربما ضارة.

تحذير الأب الروحي

"أسرع مما توقعه كثيرون،" يقول جيفري هينتون، المعروف بـ"الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،" الحائز على جائزة نوبل، في مقابلة مع شبكة CBS News، تعبيرا عن قلقه من سرعة تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي.

"علينا أن نبدأ الآن في التفكير بكيفية تنظيم هذه الأنظمة،" يضيف، "الخطر لا يقتصر على استبدال الوظائف، بل يشمل إمكانية أن تتجاوز قدراتنا الفكرية".

وأشار إلى هينتون إلى أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي بدأت باتخاذ قرارات ذاتية دون رقابة بشرية، وذكر تطبيقات عسكرية واستخدامات مثيرة للجدل مثل اختيار الأجنة.

ويحذر هينتون من أن القوانين الخاصة بالذكاء الاصطناعي غير كافية حتى الآن، وخطيرة.

التحدي الأكبر: السيطرة

الخوف لم يعد نظريا فقط. فبعض النماذج الحالية قادرة على التعلم الذاتي وحل المشكلات بشكل مستقل ما يعقد محاولات السيطرة عليها.

وفي الحديث عن علاقتنا بالذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال أساسي : هل يمكننا ضمان توافق هؤلاء الوكلاء مع القيم الإنسانية؟ وماذا إذا لم نتمكن من ذلك؟

تبقى المخاطر باهظة الكلفة. إذ يؤدي غياب التوافق الأخلاقي إلى مراقبات جماعية، ونشر معلومات مضللة، بما يهدد السلامة العامة والديمقراطيات في الدول الديمقراطية. 

ويزعم نقاد الآلة أن الشركات الكبرى تنشر نماذج قوية دون رقابة كافية، وتُفضل الربح على السلامة العامة.

الموازنة بين التقدم والأخلاق

وللمضي في هذا المسار، يدعو خبراء إلى تأسيس أطر تنظيمية عالمية تتضمن المبادئ الأخلاقية والشفافية والمساءلة لتطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي.

ويرى الخبراء ألا غنى عن السياق الثقافي. ففي بعض المجتمعات، قد تلعب قيم راسخة في خلق فجوة في الوعي الرقمي. لذلك، لا يكفي التطور التقني، بل يتطلب أيضا بناء الثقة المجتمعية.

الطريق إلى الأمام

الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدين. إنه مفتاح لحل بعض أعقد مشكلات البشرية، إذا تمت إدارته بحكمة.

ومع تزايد المخاوف بشأن استقلالية وكلاء الذكاء الاصطناعي، تصبح الحاجة لتطويرهم وتوجيههم أكثر إلحاحا.