التطبيق أثبت مهارات كبيرة
التطبيق أثبت مهارات كبيرة

في نجاح جديد وخطوة وصفت بـ"المبهرة" تمكن تطبيق "تشات جي بي تي" ChatGPT، الذي أعلن عنه في نوفمبر الماضي، من اجتياز أحدى أقوى الامتحانات للحصول على ترخيص ممارسة مهنة الطب في الولايات المتحدة، وذلك وفقا لموقع "ساينس آلرت" العملي.

وبحسب دراسة نشرت في مجلة "بلوس ديجيتل هيلث" أن تطبيق ذلك التطبيق الذي يعتمد على خورازميات هائلة من الذكاء الاصطناعي قد اقترب من الحصول على علامة النجاح في امتحان الترخيص الطبي الأميركي.

ويمتاز ذلك الامتحان بصعوبة كبيرة فهو يتطلب عادةً حوالي 300 إلى 400 ساعة من التحضير لإكماله، إذ أنه يغطي الكثير من مفاهيم العلوم الأساسية إلى وصولا أخلاقيات علوم البيولوجيا.

وينقسم الامتحان إلى ثلاثة أجزاء، يخضع المختبرون للقسم الأول بعد نحو عامين من الدراسة، وللثاني بعد أربعة أعوام، في حين أن تجاوز الجزء الأخير يعتبر بمثابة خطوة أساسية وهامة نحو مزاولة الطب في أميركا، علما أن هناك اختبارات أخرى بحسب الاختصاصات وبعض الهيئات الطبية الأخرى.

وقد خضع التطبيق لاختبار تضمن 350 سؤالا من أصل 376 منشورة على موقع "فحص الترخيص الطبي في الولايات المتحدة"، وهي تلك كانت موجودة في امتحان يونيو من العام الماضي.

وتراوحت نسبة الإجابات الصحيحة بين 52.4 في المئة و75 في المئة، علما أن النسبة المطلوبة عموما للنجاح في الامتحان هي 60 في المئة.

ويعتمد تطبيق "تشات جي بي تي" بقدرته على معالجة وتنسيق البيانات بفضل لغة «OpenAI»، التي تعتمد خوارزميات التعلّم الآلي التي تتطوّر بشكل مستمر لتكون قادرة على إنشاء وفهم النصوص المكتوبة، والتي ستؤثر بشكل أو بآخر على عدد كبير من الوظائف التي يقوم بشغلها البشر.

ويعمد التطبيق إلى جمع البيانات النصية ومعالجتها والعمل على تطويرها باستمرار، ليكون قادرا على منع الخطأ البشري، لتقديم جمل وعبارات طويلة وصريحة وواضحة، يصعب تفريقها عما يكتبه البشر.

وبالنسبة لاختبار الامتحان الترخيص الطبي الأميركي، فقد خلص الباحثون إلى أن تطبيق "تشات جي بي تي" يقترب من هامش النجاح. 

واعتبرت الباحثة في جامعة مدريد المستقلة، لوثيا أورتيث دي ثاراتيه، أن هذه الدراسة تبيّن إمكانات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، لافتة إلى أنه يمكن أن يكون مفيدا للأطباء عندما يتولون التشخيص ووصف العلاج.

"جنون في الصين"

وفي الصين، اجتاح "جنون" تطبيق "تشات جي بي تي" البلاد رغم حظره من قبل الشركة المالكة له، وفقا لما ذكرت وكالة "رويترز".

قال دينغ داوشي، مدير شركة استشارات الإنترنت "Sootoo" ومقرها بكين: "على عكس فكرة (الميتافيرس) التي أطلقها شركة ميتا المالكة لفيسبوك والتي تواجه صعوبة كبيرة في العثور على تطبيق واقعي، فإن تطبيق 'تشات جي بي تي' قد ساعدنا وبدون سابق إنذار في تحقيق تفاعل كبير بين الإنسان والحاسوب وبشكل أسرع".

ورغم أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لمنظمة "أوبن إيه آي" OpenAI و تطبيق ChatGPT  غير محظورة من قبل السلطات الصينية، إلا أن المنظمة لا تسمح بوصولها إلى للمستخدمين في البر الرئيسي للصين وهونغ كونغ وإيران وروسيا وأجزاء من قارة أفريقيا.

و"أوبن إيه آي"  هي منظمة غير ربحية لأبحاث الذكاء الاصطناعي تهدف إلى تعزيز وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي بحيث تكون آمنة من المخاطر، وتهدف المنظمة إلى "التعاون بحرية" مع المؤسسات والباحثين الآخرين من خلال جعل براءات الاختراع والبحوث مفتوحة المصدر للجمهور، ويعد الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، من أبرز المستثمرين والداعمين لها.

وأوضحت المنظمة، التي يقع مقرها الرئيسي في سان فرانسيسكو في بيان بالبريد الإلكتروني لرويترز بخصوص حظر تطبيقاتها في بعض البلدان: "بينما نرغب في إتاحة تقنيتنا في كل مكان، فإن الظروف في بعض البلدان تجعل من الصعب أو المستحيل علينا القيام بذلك بطريقة تتفق مع مهمتنا".

ولكن الكثير من السكان في الصين ينجحون في الوصول إلى تطبيق ""تشات جي بي تي" عبر برامج كسر البروكسي واستخدام أرقام هواتف أجنبية وغير ذلك من الطرق.

وفي ديسمبر، أغلق تطبيق "وي تشات" الذي يعتبر أكبر تطبيق مراسلة في الصين ويقدم الكثير من الخدمات الحكومية والتجارية، العديد من البرامج المتعلقة بـ "تشات جي بي تي"، وفقا لتقارير وسائل الإعلام المحلية،  لكنها استمرت في الظهور  في شبكة الإنترنت الصينية.

وبحسب تلك التقارير فإن العشرات من الروبوتات المزودة بتقنية "تشات جي بي تي" قد ظهرت على تطبيق "وي تشات"، حيث يستخدمها الهواة لإنشاء برامج أو حسابات آلية يمكنها التفاعل مع المستخدمين.

ويتقاضى حساب واحد على الأقل رسوما قدرها 9.99 يوانا (1.47 دولارا) مقابل السماح بطرح 20 سؤال، في حين لم ترد شركة "تينسنت" المالكة لتطبيق "وي تشات" على طلب رويترز للتعليق.

تجدر الإشارة إلى تطبيق "تشات جي بي تي" يدعم اللغة الصينية وهو قادر على التحدث بها بطلاقة مما ساهم في ارتفاع شعبيته بشكل كبير في بلاد التنين.

محاولات صينية للتجسس على الولايات المتحدة من خلال القرصنة الإلكترونية
محاولات صينية للتجسس على الولايات المتحدة من خلال القرصنة الإلكترونية

حذر مدير "معهد كيسنجر للصين والولايات المتحدة" في واشنطن، روبرت دالي، الأربعاء في مقابلة مع قناة "الحرة" من خطورة هجوم سيبراني صيني استهدف البنية التحتية الأميركية مؤخرا.

وأشار دالي في مقابلة مع قناة "الحرة" إلى التأثير المحتمل للهجوم على العلاقات المتوترة بين واشنطن وبكين.

وأشارت تقارير، هذا الأسبوع إلى هجمات سيبرانية شنتها مجموعة قرصنة مرتبطة بالحكومة الصينية، استهدفت شبكات الاتصال عبر الإنترنت وأنظمة التنصت القانونية، ما أثار مخاوف من حصول المخترقين على معلومات استخباراتية حساسة قد تؤدي إلى تهديدات أكبر للأمن الوطني في الولايات المتحدة.

عواقب محتملة

وأكد دالي أن الصين تمتلك القدرة على تنفيذ هجمات إلكترونية واسعة النطاق، وقال إن ما حدث "ليس بالأمر الجديد"، إذ "استهدفت الصين الحكومة الأميركية مرات عديدة سابقا، وتمكنت من الوصول إلى معلومات حساسة تخص مسؤولين حكوميين، واستخدمت التكنولوجيا الأميركية بطريقة تمكنها من تخريب البنية التحتية الأميركية".

ويقول دالي: "إذا وقع نزاع بين الولايات المتحدة والصين بسبب تايوان مثلا، يمكن للصين تعطيل شبكة الكهرباء الأميركية"، وأضاف أن "هذا أمر يبعث على القلق الكبير".

واخترق هجوم إلكتروني مرتبط بالحكومة الصينية شبكات مجموعة من مزودي الاتصالات والإنترنت في الولايات المتحدة.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن المتسللين ربما احتفظوا بإمكانية الوصول إلى البنية التحتية للشبكة المستخدمة للتعاون مع الطلبات الأميركية القانونية للوصول إلى بيانات الاتصالات، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر، وهو ما يرقى إلى خطر كبير على الأمن القومي.

وقالوا إن المهاجمين تمكنوا أيضا من الوصول إلى شرائح أخرى من حركة الإنترنت الأكثر عمومية.

وتشير الصحيفة إلى أن هذا الهجوم السيراني الواسع يعتبر بمثابة خرق أمني قد يكون "كارثيا"، ونفذته مجموعة قراصنة صينيين تُعرف باسم "عاصفة الملح" أو (Salt Typhoon).

هجوم سيبراني "يستهدف أنظمة التنصت الأميركية".. "عاصفة الملح" الصينية في الواجهة
في وقت يحذر مسؤولون أميركيون لسنوات من التبعات الاقتصادية والأمنية الوطنية لعمليات التجسس التي تقوم بها الصين، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن هجوم سيبراني جديد مرتبط بالحكومة الصينية اخترق شبكات مجموعة من مزودي خدمات الإنترنت في الولايات المتحدة.

"إنكار حكيم"

وعند التطرق إلى موقف الصين الرسمي، أشار دالي إلى أن الصين دائما ما تنكر تورطها في مثل هذه الهجمات.

ورغم وصفه هذا الإنكار بـ"الحكيم"، فإنه أكد أن "الجميع يعلم أن الحكومة الصينية هي من يقف خلف هذه الهجمات، حتى وإن كانت هناك مجموعات قرصنة مستقلة".

وقال دالي: "بعض الأميركيين يعتبرون هذه الهجمات بمثابة حرب سيبرانية ضد الولايات المتحدة، فالصين تستخدم كل ما في جعبتها لتكون مستعدة لأي مواجهة مستقبلية".

القدرات الأميركية في مواجهة التهديدات الصينية

وفي ما يتعلق بقدرات الولايات المتحدة في مواجهة هذه التهديدات، قال دالي إن الهجمات السيبرانية الصينية تعكس تفوقا في بعض الجوانب التقنية.

وذكر أن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي، أشار إلى أن الفرق بين الهجوم والدفاع في هذا المجال هو أن الصين تستطيع شن هجمات سيبرانية هائلة بينما تعمل الولايات المتحدة بشكل أساسي على الدفاع، بنسب تقارب 15 إلى واحد لصالح الصين.

وأكد دالي على أن هذا الهجوم ليس موجها فقط ضد الولايات المتحدة، بل يمتد ليشمل دولا أخرى مثل تايوان، اليابان، وحتى أوروبا.

الصين يمكن أن توقع ضررا بالبنية التحتية الأميركية إذا وقع نزاع بسبب تايوان

أسباب عديدة

وقال إن الصين لا تهاجم فقط الأنظمة الحكومية الأميركية، بل تلاحق الجامعات والشركات والمنظمات غير الحكومية.

وأوضح أن وراء المحاولات الصينية للهجمات السيبرانية هناك أسباب عدة "منها بغرض سرقة التكنولوجيا التي تحتاجها واستعدادا لحرب سيبرانية محتملة، كما أن الصين تسعى أيضا للسيطرة على وسائل الإعلام لنشر أخبار إيجابية عنها، وتراقب الأنشطة الأميركية بهدف التحقق من تحركات المنشقين الصينيين في الولايات المتحدة".

تنبؤات مستقبلية

تطرق دالي إلى احتمال أن تتحول المواجهة بين الولايات المتحدة والصين إلى مواجهة سيبرانية بحتة بدلا من مواجهة تقليدية.

واعتبر أن هذا المجال لا يزال جديدا إلى حد ما، حيث لا يعرف كثيرون ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على تنفيذ هجمات مماثلة على الصين.

وأضاف: "هناك كثير من التخمينات حول كيفية تأثير الحرب السيبرانية على النزاعات العسكرية، ولكن لا شك أن الوضع الحالي يعد تطورا خطيرا في العلاقات الدولية".

وأكد دالي على أهمية تعزيز قدرات الولايات المتحدة لمواجهة الهجمات السيبرانية الصينية.

وشدد على ضرورة زيادة الجهود وتوظيف مزيد من الخبرات لتقليص الفجوة الكبيرة بين قدرات البلدين، محذا من أن هذا النوع من الهجمات قد يهدد مستقبل الأمن القومي الأميركي بشكل غير مسبوق.