الحكومة الصينية متهمة بتسخر التطبيق للتأثير على المستخدمين

أفاد موقع "أكسيسوس"، بأن تطبيق "تيك توك" لا يزال يثير مواقف متباينة ويعيش "حياة مزدوجة" بالولايات المتحدة، ففي الوقت الذي يواجه فيه حظرا متزايدا ورفضا صريحا من المشرعين، يمثل بالمقابل فرصة لضخ عوائد مالية ضخمة بالنسبة للمستثمرين الأميركيين.

وبعد عقود من الموقف الموحد المؤيد للحضور الصيني، بحسب الموقع ذاته، يتفكك الإجماع السياسي والتجاري في الولايات المتحدة حول الشركات الصينية، بطرق تنعكس بشكل سلبي على المستثمرين والشركات المحلية.

وحظر تطبيق تيك توك، من قبل حوالي نصف الولايات الأميركية وصدرت قرارات منعه من على مختلف الأجهزة الحكومية، ويواجه دعوات حظر كلي من واشنطن بسبب المخاوف الأمنية المرتبطة به.

وفي نفس السياق، تضع الشركة حاليا اللمسات الأخيرة لصفقة تشغيل عمليات التطبيق في الولايات المتحدة لصالح شركة أوراكل، وتتضمن هذه الصفقة نقل بيانات مستخدمي التطبيق الصيني إلى الشركة التي تعد واحدة من أضخم شركات تقنية المعلومات وقواعد البيانات.

وتم اقتراح هذه الصفقة لأول مرة، في عام 2020، خلال إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، بعد أن أثيرت مخاوف تخص الأمن القومي الأميركي، تتعلق بإمكانية وصول الصين لبيانات المستخدمين الأميركيين واستخدامها في التجسس على مسؤولين حكوميين.

وليست شركة تيك توك سوى وجها واحدا من أوجه تقاطب أوسع، فيما يخص الاستثمارات الصينية بالبلاد، حيث تجري لجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة (CFIUS) تدقيقات في أنشطة المستثمرين الصينيين منذ الأيام الأولى لإدارة ترامب.

وأبرز المصدر ذاته، أن إدارة بايدن تتطلع إلى فعل الأمر ذاته، فيما يتعلق بتعاملات المستثمرين الأميركيين في الصين، في وقت تزداد فيه العلاقات بين بكين وواشنطن توترا.

وخلال هذا الأسبوع، جدد السيناتوران، الجمهوري، ميت رومني، والديمقراطي، كريس فان هولين، جهودهما لإنهاء وضع الصين كدولة نامية في المعاهدات والمنظمات الدولية المستقبلية.

وبالتزامن مع هذه المستجدات، يقوم مستثمرون أميركيون بضخ المزيد والمزيد من الدولارات في مجموعة الشركات في الصين، ومن بينها "ByteDance"، الشركة الأم لتيك توك.

وخلال عام 2022، جمعت الشركات الناشئة الصينية أكثر من 9 مليار دولار من رأس المال الاستثماري (رأس المال المخاطر)، بمن فيهم من مستثمرين أميركيين، وفقا لبيانات من PitchBook وCrunchbase.

ولفتت الصحيفة إلى أن الأمر لا يتعلق فقط برأس المال الاستثماري، بل إن المستثمرين، أو الشركاء المحدودين، كانوا يدعمون أيضا صناديق المشاريع التي تركز على الصين والتي تتخذ من الصين مقرا لها.

وأبرز المصدر ذاته، أنه رغم انتقادات بعض المشرعين الأميركيين لسياسات الصين، إلا أن بكين لا تزال تمثل فرصة سوقية ضخمة يكاد يكون من المستحيل على الشركات الأميركية تجاهلها، معتبرا أن من غير المرجح أن يزول هذا التوتر المحرج في وقت قريب.

الذكاء الاصطناعي يزاحم الإنسان في سوق العمل. أرشيفية
الذكاء الاصطناعي يزاحم الإنسان في سوق العمل. أرشيفية | Source: REUTERS

مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، بدأت شركات في تسريح مئات الموظفين، آخرها منصة تيك توك للتواصل الاجتماعي.

وأعلنت تيك توك، الجمعة، تسريح مئات الموظفين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عدد كبير في ماليزيا، حيث قالت الشركة أن هذا القرار هو جزء من تحولها نحو استخدام المزيد من أدوات الذكاء الاصطناعي في تعديل المحتوى، مع التركيز على تحسين الكفاءة في عملياتها.

الخطوة التي اتخذتها تيك توك، ترفع منسوب المخاوف على مستقبل العامل البشري في مواجهة الذكاء الاصطناعي وتصاعد القلق من أن تتجه شركات عملاقة أخرى نحو ذات الاتجاه.

وظائف يستحوذ عليها الذكاء الاصطناعي

الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي، أحمد بانافع قال إن ما فعلته تيك توك لم يكن مفاجئا، وهي واحدة من بين عدة شركات اتجهت للمسار ذاته، ولكن تيك توك أعلنت عنه صراحة.

وأوضح بانافع وهو مقيم في كاليفورنيا في حديث لبرنامج "الحرة الليلة" أن الوظائف التي تم الاستغناء عنها هي "مراقبة المحتوى" وهي من بين 10 وظائف على الأقل يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي القيام بها.

ويرى أن العامل الإنسان قد يكون دخل "في مرحلة ثانية من المعركة بين الذكاء الاصطناعي والموظفين".


وقال بانافع إن هناك شركات أميركية كبرى بدأت في تدريب الموظفين على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتستثمر فيها مليارات الدولارات، والتي تتيح لهم التعرف على المجالات "التي يمكن فيها الاستغناء عن العامل البشري"، وهنا "تحصل عمليات تسريح بناء على التقييم".

وكانت غوغل قد أعلنت مطلع العام الاستغناء عن مئات الموظفين ضمن فريق مبيعات الإعلانات العالمي التابع لها، في ظل استخدام الأنظمة الآلية في عدد متزايد من المهام الإدارية والإبداعية باستخدام الذكاء الاصطناعي.

"تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟
وصفت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، ما سيحدثه الذكاء الاصطناعي في سوق العمل حول العالم خلال العامين المقبلين بأنه مثل "تسونامي"، حيث سيؤثر على 60 بالمئة من الوظائف في الاقتصادات المتقدمة و40 بالمئة من فرص العمل حول العالم.

واستغنت غوغل عن حوالي 12 ألف شخص في يناير 2023 حوالي 6 في المئة من قوتها العاملة في مواجهة التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، ما يعني انخفاض إنفاق المعلنين. واضطر عملاق الإنترنت منذ ذلك الحين إلى الاستثمار بكثافة في الذكاء الاصطناعي التوليدي.

كيف تحمي وظيفتك من الذكاء الاصطناعي؟

ويوصي الخبير بانافع لأي موظف يعتقد أن الذكاء الاصطناعي قد يستبدل وظيفته، عليه التدرب على "استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، والابتعاد عن الوظائف التقليدية، مثل مراقبة المحتوى أو الترجمة أو خدمة العملاء أو التعرف على الاتجاهات".

ويرى أنه لا يجب أن ننظر إلى أن الذكاء الاصطناعي سيستولي على الوظائف، بقدر ما أنه يستطيع القيام بوظائف معينة بسرعة وكفاءة عالية، ولهذا على الشخص البحث عن وظائف غير تقليدية.

ولمواجهة المرحلة المقبلة، دعا الجميع إلى النظر لفرص التطوير التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لزيادة كفاءة عملك، وهو ما يمكنك أن تفعله بأن "تسأل تشات جي بي تي، كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يطورك ويساعدك في عملك؟".

كيف تستغل الذكاء الاصطناعي في العثور على وظيفة أحلامك؟.. 8 نصائح مهمة
يسعى الكثير من الناس وعلى مختلف مشاربهم وتنوع اختصاصاتهم للحصول على أحسن فرص العمل الممكنة عبر مواقع  ومنصات التوظيف الكبرى مثل منصة لينكد إن LinkedIn، وإنديد دوت كوم Indeed، وZipRecruiter، وغيرها من المنافذ الأخرى داخل وخارج الولايات المتحدة.

وفي يونيو الماضي دعا صندوق النقد الدولي لاتخاذ تدابير ضريبية للحماية الاجتماعية لإحداث توازن حيال المخاطر التي يطرحها الذكاء الاصطناعي ولا سيما زيادة انعدام المساواة.

ومن دون تنظيم، فإن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى خسارة وظائف بين المهن المؤهلة، وفقا لما ذكر صندوق النقد الدولي في مذكرة.

ولمواجهة هذا الوضع على الحكومات أن تخصص إيرادات جديدة لتمويل شبكة الأمان الاجتماعي لأولئك الذين يخسرون وظائفهم، كما أوصى واضعو المذكرة.

وجاء في المذكرة أن "السياسة الضريبية لها دور رئيسي في دعم توزيع أكثر إنصافا للمكاسب والفرص المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي". وأضاف الصندوق "لكن هذا يتطلب تغييرات كبيرة في الأنظمة الضريبية والحماية الاجتماعية في جميع أنحاء العالم".

ويدعو صندوق النقد الدولي بشكل خاص إلى زيادة إعانات التأمين ضد البطالة والاستثمار في التدريب لإعداد العمال "للوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي".

ويعارض الصندوق فرض ضريبة محددة على الذكاء الاصطناعي التي اقترحها باحثون معتبرا أن هذا من شأنه أن يؤثر على نمو الإنتاجية. وعلى العكس يقترح التصدي للثغرات الضريبية التي تشجع على إلغاء وظائف.