تكشفت تقارير عن تزايد الهجمات السيبرانية، والتي ارتفعت خلال العام 2022 بنسبة 38 في المئة مقارنة مع العام الذي سبقه، فيما يتوقع أن يشهد العام 2023 نشاطا أكبر في الهجمات الإلكترونية بحسب بيانات "تشيك بوينت".
وتظهر الأرقام أن الربع الأخير من العام 2022 شهد أعلى مستوى في الهجمات الإلكترونية بمتوسط 1168 هجوما أسبوعيا على كل مؤسسة وشركة.
وتشير أرقام "تشيك بوينت" المتخصصة في حلول وأنظمة الحماية السيبرانية، أن أكثر من نصف الهجمات الإلكترونية حول العالم استهدفت أميركا الشمالية، و26 في المئة من الهجمات استهدفت دول الاتحاد الأوروبي.
وعلى صعيد الدول ارتفعت الهجمات الإلكترونية التي تستهدف مؤسسات في الولايات المتحدة بنسبة 57 في المئة.
المؤسسات الأكثر تعرضا للهجمات
وكانت المؤسسات الأكثر تعرضا للهجمات الإلكترونية خلال العام الماضي تلك التي تعمل في قطاعات: التعليم والأبحاث، والرعاية الصحية، والجهات الحكومية الرسمية.
وتكشف الأرقام أن الهجمات زادت على المؤسسات الأكاديمية بنسبة 43 في المئة، بمتوسط 2314 هجوما لكل مؤسسة كل أسبوع، خاصة في ظل التعلم عن بعد، فيما كانت الكثير من هذه المؤسسات غير "مستعدة" لمثل هذا التحول.
وخلال 2022 عانت كل مؤسسة للرعاية الصحية في الولايات المتحدة من 1410 هجوما سيبرانيا بشكل أسبوعي، وهو ما شكل زيادة نسبتها 86 في المئة.
وأصبحت مجموعات القرصنة تفضل استهداف المستشفيات لأنها تفتقر لموارد الأمن السيبراني، وتعاني من نقص في التمويل والموظفين، فيما يعتبر هذا القطاع مربحا للقراصنة لانهم يضعون أيديهم على معلومات التأمين الصحي وأرقام الضمان الاجتماعي.
أنواع الهجمات السيبرانية
ويوضح تقرير "تشيك بوينت" أن "هجمات برامجية الفدية" لا تزال الأكثر نموا بين مجموعات القرصنة، يليها "التصيد الاحتيالي".
وتستهدف مجموعات القرصنة البرامج التي يستخدمها الموظفون في المؤسسات المختلفة للتواصل فيما بينهم خاصة في ظل ما فرضته جائحة كورونا بـ"العمل عن بعد".
من وراء هذه الهجمات السيبرانية؟
هناك جهات عديدة تدعم وتقف خلف الهجمات السيبرانية، وقد تكون دول مثل الصين وإيران وروسيا وراء عدد من مجموعات القرصنة.
وحذرت الولايات المتحدة في تقييم سنوي لعام 2022 من أن الصين تمثل "التهديد الإلكتروني المرتبط بالتجسس الأوسع والأكثر نشاطا وثباتا" للقطاعين العام والخاص.
وبحسب باحثين ومسؤولين استخباراتيين غربيين، باتت الصين ماهرة في قرصنة الأنظمة الحاسوبية للدول الخصمة لسرقة الأسرار الصناعية والتجارية، بحسب تقرير سابق لوكالة فرانس برس.
وعام 2021، أفادت الولايات المتحدة وبلدان حلف شمال الأطلسي وحلفاء آخرون أن الصين وظفت "قراصنة بعقود" لاستغلال ثغرة في أنظمة البريد الإلكتروني التابعة لـ"مايكروسوفت"، ما منح عناصر أمن الدولة قدرة على الوصول إلى رسائل البريد الإلكتروني وبيانات الشركات وغير ذلك من المعلومات الحساسة.
كما قرصن جواسيس إلكترونيون صينيون وزارة الطاقة الأميركية وشركات المرافق العامة والاتصالات والجامعات، بحسب بيانات الحكومة الأميركية وتقارير إعلامية.
ولا ترتبط المخاوف من الصين بالهجمات السيبرانية فقط، إذ تنامت المخاوف من أن الشركات المرتبطة بالدولة ستكون ملزمة مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع الحكومة في بكين.
وعام 2019، اتهمت وزارة العدل الأميركية مجموعة "هواوي" العملاقة للتكنولوجيا بالتآمر لسرقة بيانات تجارية أميركية والالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران وغير ذلك من الجرائم.
وحظرت واشنطن استخدام أي معدات أو تكنولوجيا تابعة للشركة في أنظمة الحكومة الأميركية وأثنت القطاع الخاص عن استخدام معداتها إثر المخاوف المرتبطة بالتجسس.
وفي سبتمبر من 2022 أعلنت واشنطن رصد مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يرشدها إلى ثلاثة قراصنة إنترنت إيرانيين وجه إليهم القضاء الأميركي تهمة شن هجمات إلكترونية لتحصيل فدية مالية، مشيرة إلى أن هجماتهم استهدفت مئات الكيانات حول العالم، بما في ذلك ملجأ لضحايا العنف المنزلي ومستشفى للأطفال.
وأكدت وزارتا الخارجية والخزانة الاميركيتان حينها أن المتهمين هم جزء من مجموعة من القراصنة "المرتبطين بالحرس الثوري" الإيراني.
وشملت أهداف هذه المجموعة في الولايات المتحدة شركات صغيرة بالإضافة إلى شركة كهرباء ومستشفى للأطفال في بوسطن وبلديات واتحاد المحامين الأميركيين "إيه بي إيه".
وفي كل مرة، كان هؤلاء القراصنة يستغلون عيوبا في النظام لتشفير بيانات ضحاياهم ومطالبة هؤلاء بدفع آلاف الدولارات مقابل تزويدهم بمفتاح فك التشفير.
وفي يونيو 2022، كشف مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي، أنهم "يعملون بجهد للتعامل مع التهديدات الروسية المتعلقة بالحرب في أوكرانيا"، ذاكرا أنهم كانوا قادرين على ردع هجوم محتمل مدمر على شركات ومؤسسات أميركية من قبل أجهزة الاستخبارات العسكرية في مارس.
وتابع حينها "نتوقع أن تصبح نشاطاتهم السيبرانية أكثر تخريبا لأنهم يستمرون في تحقيق نتائج سيئة في الحرب".