الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، مؤسس شركة سبيس أكس
شركة "نيورالينك" تخطط لوضع غرسات بحجم العملة المعدنية في أدمغة البشر في غضون عام 2024.

تواجه شركة "نيورالينك" Neuralink للتكنولوجيا الصحية المملوكة للملياردير، إيلون ماسك، فضائح عديدة مستمرة منذ أوائل عام 2022، بداية من اتهامات منظمات حقوق الحيوان الشركة بإجراء تجارب غير أخلاقية على القرود. وفي فبراير الجاري، انتشرت أنباء عن تحقيق وزارة النقل الأميركية في مزاعم متعلقة باستخدام الشركة لأساليب شحن غير صحية عند نقل غرسات الدماغ بشكل غير آمن من أدمغة القرود والتي ربما تكون قد أصيبت بالعدوى.

وتخطط شركة "نيورالينك" وضع غرسات بحجم العملة المعدنية في أدمغة البشر في غضون عام ٢٠٢٤ بهدف السماح للعقل البشري بالتحكم في الأجهزة الإلكترونية المعقدة، ومساعدة الأشخاص المصابين بالشلل باستعادة الوظيفة الحركية واستعادة الرؤية لفاقدي البصر وعلاج أمراض الدماغ الأخرى، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

لكن يبدو أن ماسك لم يتأثر بهذه الاتهامات، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، التي أوضحت في تقرير، الثلاثاء، أنه استمر في الترويج لجهاز شركته من خلال مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي التي يتم فيها عرض حيوانات الاختبار لإثبات فعالية التكنولوجيا وأمانها.

وظهر في الفيديو الأكثر انتشارا وإثارة للجدل قرد مكاك، يبلغ من العمر 9 سنوات، يُدعى بيجر، يلعب لعبة فيديو بدون وحدة تحكم، بل فقط باستخدام واجهة الدماغ المثبت بها كمبيوتر.

ووفقا لـ"واشنطن بوست"، لم تعلن شركة "نيورالينك" الآثار السلبية للواجهة المزروعة بين الدماغ والحاسوب على القرود، وبدلاً من ذلك يختار ماسك التركيز على تجاربه وأبحاثه التي يزعم أنها ستحسن وضع مرضى الشلل النصفي.

ما هي التجارب؟

أنشأ ماسك "نيورالينك" في عام 2016، وأعلن حينها أن يهدف إلى اختراع جهاز صغير وأسلاك بها قطب كهربائي، من المفترض أن يتم زرعها في الدماغ، جنبا إلى جنب مع حاسوب يتواصل مع الشريحة داخل جمجمة شخص ما، وفقا لموقع "بيزنس تايمز" الأميركي.

وأعلن ماسك أن الهدف من هذا الجهاز هو السماح لشخص يعاني من انعدام القدرة على الحركة، مثل من يصاب بالتصلب الجانبي الضموري ALS أو بالآثار اللاحقة للسكتة الدماغية، بالتواصل عبر أفكاره. وتعمل هذه الشريحة الدماغية على ترجمة النشاط العصبي إلى بيانات يمكن تفسيرها بواسطة الكمبيوتر.

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة تسلا للسيارات الكهربائية أن اثنين من تطبيقات الشركة سيستهدفان استعادة البصر حتى بالنسبة للأشخاص الذين ولدوا فاقدين للبصر تماما، وسيكون هناك تطبيقا آخر لتحريك مرضى شلل الأطفال من خلال استعادة وظائف الجسم كاملة للأشخاص الذين يعانون من قطع في العمود الفقري، وفقا لمجلة "فوربس" الأميركية.

 وقال ماسك: "نحن واثقون من عدم وجود قيود عضوية لاستعادة وظائف الجسم بالكامل". وأعلن أنه يخطط للحصول على إحدى هذه الشرائح بنفسه.

وأشار ماسك إلى أن الشركة يمكن أن تبدأ في اختبار تقنية القشرة الحركية على البشر في غضون ستة أشهر. وقال: "نريد أن نكون حذرين للغاية ومتأكدين أنه سيعمل بشكل جيد قبل وضع الجهاز في الإنسان، كما أننا أرسلنا أوراقنا إلى إدارة الغذاء والدواء للحصول على الموافقة، وفقا لوكالة "رويترز".

الخلافات حول التجارب

ترى صحيفة "واشنطن بوست" أن الآثار الاجتماعية لهذه التكنولوجيا الحيوية المعاصرة سلبية وبائسة بسبب تجارب ماسك غير القانونية على الحيوانات وطريقة ترويجه لهذه التجارب من دون مسؤولية اجتماعية، الأمر الذي سيمتد إلى وادي السليكون، لأن ماسك ليس العالم الوحيد الذي لديه تكنولوجيا يريد أن يختبرها على الحيوانات.

وترى الصحيفة أنه عندما نشاهد مقاطع الفيديو لتجارب ماسك على الحيوانات، فليس من الضروري فقط أن نسأل أنفسنا عما إذا كان العلم المعروض صحيحا، لكن أيضًا ما إذا كانت التغييرات الاجتماعية التي قد يؤدي إليها مثل هذا العلم إيجابية.

وادعى ماسك أن "نيورالينك" ستخلق يوما ما نوعا جديدا من البشر، قادرا على "الإدراك الخارق" من خلال اتصالهم بأجهزة الكمبيوتر، وبالتالي تغيير هويتنا ليس فقط كمستخدمين لكن كنوع.

واعتبرت الصحيفة أنه عند مقارنة هذا الحديث بصورة قرد الاختبار، نجد أن ماسك يبدو أنه قادر بالفعل على الدخول في مثل هذا العصر التكنولوجي الاجتماعي الجديد. ومع ذلك، فيجب إدراك أن قدرة ماسك للسيطرة على الحيوانات، ليست فقط إثبات للنجاح العلمي، لكن أيضًا قد تكون مؤشرا على تطلعاته بالسيطرة على العالم اجتماعيا وسياسيا.

صورة عامة لمبنى الكرملين في موسكو
صورة عامة لمبنى الكرملين في موسكو- تعبيرية

في يناير 2025، انقطع الإنترنت في روسيا ثلاثة أيام، وخسرت البلاد أكثر من 16 مليار دولار.

 الانقطاع، وفقا لحقوقيين، "نسخة تجريبية" لحجب كامل تخطط الحكومة لتنفيذه منذ إقرار قانون الإنترنت السيادي في 2019.

موسكو تريد عبر هذا القانون، وقوانين أخرى أقرها مجلس الدوما (البرلمان)، أن تُحكم قبضتها على الإنترنت بشكل كامل، للتحكم بمحتواه.

في المقابل، يستخدم المواطنون الروس تقنيات مختلفة لتجاوز الإجراءات القمعية، والتواصل مع العالم الخارجي.

ماذا حدث في يناير؟

في 6 يناير الماضي، توقفت خدمة الإنترنت في أجزاء عدة من روسيا. وتعطّلت، نتيجة ذلك، الخدمات البنكية والاتصالات، وتعذر استخدام أغلب التطبيقات الإلكترونية المحلية والغربية.

"السبب خلل تقني في مشغّل شركة اتصالات"، قالت هيئة الاتصالات الحكومية (روسكومنادزور) حينها.

هذه الهيئة تراقب وسائل الإعلام والاتصالات، والإنترنت كذلك.

معظم الشكاوى، بشأن انقطاع الإنترنت في يناير، كانت في العاصمة موسكو، وتعلقت بخدمات أكبر شركة محمول روسية (MTS)، وفقا لتقارير صحفية.

لكن "MTS" رفضت التعليق، لوسائل الإعلام، بشأن سبب الانقطاع، بحسب موقع "ذا ريكورد" المختص بالأمن الإلكتروني.

وخرج الإنترنت عن الخدمة لمدة ساعة كل يوم، في 14 و15 من يناير هذا العام.

"روسكومنادزور" باتت قادرة على إغلاق حركة الإنترنت داخل روسيا بالكامل في أي وقت تشاء، قال مراقبون روس وفق تقرير لمنظمة "غلوبال فويسيز" الهولندية، الناشطة إعلاميا وحقوقيا.

وبحسب رئيس منظمة "من أجل حرية الإنترنت" ميخائيل كليمارييف، فإن توقف خدمات الإنترنت لمدة ساعة واحدة كلف الاقتصاد الروسي 16.8 مليار دولار.

لقطة من تلغرام حول حجم الخسائر المقدرة لانقطاع ساعة إنترنت واحدة على اقتصاد روسيا

وتقول رواية، نقلها تقرير "غلوبال فويسز"، إن "روسكومنادزور" حاولت تثبيت تحديثات على أجهزة الرقابة المركبة لدى كل مزودي الإنترنت والمشغلين المحمولين في روسيا، (وعددهم نحو 3500)، وحدث خطأ ما. 

الانقطاع المعتمد

بذريعة "قانون التطرف"، تحظر روسيا منذ 2022 مواقع تواصل غربية عدة، بينها فيسبوك، وتويتر وأنستغرام.

ومنذ سنوات يتكرر انقطاع الإنترنت في روسيا، لفترات زمنية متفاوتة في مناطق متعددة.

"القطع متعمّد"، تقول وسائل إعلام غربية ونشطاء في مواقع التواصل.

تستخدمه السلطات لاختبار البنية التحتية لـ"الإنترنت السيادي،" يضيفون.

في 7 ديسمبر 2024، انفصل سكان مناطق في شمال القوقاز ـ قاعدة روسيا الزراعية ـ عن العالم الخارجي، إذ تعطل فيها الإنترنت وتعذر الوصول لمواقع وتطبيقات عدة.

لم يتمكن حينها السكان، في الشيشان وإنغوشيا وداغستان، من الوصول إلى يوتيوب وغوغل وتيليغرام، ومنصات أجنبية أخرى. 

هذه المناطق احتلتها روسيا القيصرية قبل حوالي قرن ونصف، ولم تحصل على الاستقلال أسوة بدول الاتحاد السوفيتي.

في يونيو عام 2023، فرضت محكمة روسية غرامة بمليون روبل على تطبيق "فايبر"، قبل أن تحظره كليا في 2024، مع ديسكورد وسينغال" بحجة خرقها القوانين الروسية.

تتعمد روسيا إبطاء سرعات تحميل "يوتيوب" ردا على رفض شركة "غوغل" المالكة للمنصة الامتثال للوائح التكنولوجيا الروسية، بحسب "ذا ريكورد".

ومارس 2021، أقرت روسيا بأنها تبطئ موقع تويتر (أكس حاليا) ردا على ما وصفته بالفشل في إزالة محتوى محظور.

يعتقد خبراء وفق تقرير "غلوبال فويسز" أن "روسكومنادزور" تحاول من خلال القطع المتكرر فصل جميع الشبكات التي تربط روسيا بالعالم.

وفي الوقت نفسه، ترصد إمكانية أن يحدث ذلك دون تعطّل الخدمات المصرفية، فهي بالغة الأهمية للكرملين.

وذكرت صحيفة "آر.بي.سي" الروسية في يوليو 2024، أن الهيئة تجري اختبارات عدة بين وقت وآخر لـ"تحسين أمن البنية التحتية للإنترنت وسلامتها واستقرارها".

يقول جايسون جاي سمارت، وهو صحفي في "كييف بوست"، إن انقطاعا آخر للإنترنت جرى في 29 نوفمبر 2024، وعطّل المصارف وخدمات التوصيل.

مع التغريدة، نشر سمارت صورة تُظهر المواقع الخارجة عن الخدمة.

الإنترنت السيادي

في مايو 2019، صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قانون "الإنترنت السيادي".

يهدف، بحسب السلطات، إلى حماية الإنترنت الروسي من التهديدات الأمنية المحتملة، لكنه بحسب حقوقيين يعزز سيطرة الدولة على البنية التحتية للإنترنت.

نصوص القانون:

1- التركيب الإجباري للمعدات التقنية لمواجهة التهديدات.
2- الإدارة المركزية لشبكات الاتصالات في حالة التهديد وآلية مراقبة لخطوط التوصيل العابرة لحدود روسيا.
3- تنفيذ نظام أسماء النطاقات الوطني الروسي (DNS)

دخل "قانون الإنترنت السيادي" حيز التنفيذ في نوفمبر من العام ذاته، وأصبح مزودو خدمات الإنترنت، بموجبه، ملزمين بتثبيت معدات خاصة لمكافحة التهديدات الخارجية.

تتضمن هذه المعدات، بحسب تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، تقنية التفتيش العميق للحُزَم.

وتتيح التقنية للحكومة تتبع حركة الإنترنت وتصفيتها وإعادة توجيهها.

 "الإنترنت السيادي" أداة رقابة ومراقبة، إذن.

بموجب القانون، يمكن للسلطات منع مستخدمي الإنترنت من الوصول لأي محتوى، تحظره بأوامر مبرمجة، دون علم المستخدم أو حتى مزود خدمة الإنترنت نفسه.

أما "دي.أن.أس"، فهو نظام يتيح لروسيا فصل نفسها عن الإنترنت العالمي في حالات الطوارئ.

وتشرح "هيومن رايتس" في تقرير مفصّل، يعود إلى العام 2020، جميع الإجراءات الحكومية والقوانين التي تتيح السيطرة المطلقة على ما يصل الناس أو يصدر عنهم عبر شبكات الإنترنت في روسيا.

وقالت على لسان صحفي استقصائي روسي، هو أندريه سولداتوف، إن الإنترنت السيادي "أداة قمع فعالة للغاية بيد الحكومة".

ورأى أن هدف القانون ليس عزل البلاد بالكامل عن الإنترنت بل امتلاك أداة لعزل مناطق بعينها في حال اندلاع أزمة.

وتحدث سولداتوف عن جمهورية إنغوشيا الروسية كمثال.

"لمدة عام ونصف تقريبا، تم استخدام انقطاع الإنترنت لمنع امتداد الاحتجاجات إلى مناطق أخرى" خارج إنغوشيا.

اندلعت الاحتجاجات في 2018، بعد توقيع رئيسي الشيشان وإنغوشيا اتفاقية ترسيم حدود بين البلدين، ذهب بموجبها جزء من أراضي إنغوشيا للشيشان.

يوفر قانون الإنترنت السيادي للحكومة، أيضا، أداة فعالة لتنفيذ إجراءاتها التقييدية للإنترنت والاتصالات بشكل كامل، لزيادة القيود المفروضة على الحقوق الرقمية.

 

هل العزل الكامل ممكن؟

إنه أمر "غير محتمل"، يقول الخبير الروسي الناشط في الحقوق الرقمية أرتم كوزليوك في منظمة "هيومن رايتس ووتش".

يلفت كوزليوك إلى أن "البنية التحتية للإنترنت في روسيا توسعت بسرعة في التسعينيات عبر آلاف المشغلين والعديد من الاتصالات العابرة للحدود،" لذلك فإن الكرملين لا يملك سيطرة كاملة في هذا المجال.

ويضيف أن "فصل روسيا عن الإنترنت العالمي سيكون أشبه بإغلاق مجالها الجوي بالكامل".

لكن ما يمكنها فعله، أن تقطع الإنترنت بشكل مؤقت عن بعض المناطق الخاضعة لسيادتها.

وهو ما يحدث بين حين وآخر، رصدنا أحدثه في يناير الماضي.

روسيا "غير حرة" رقميا

بحسب مرصد الحريات الرقمية "فريدوم هاوس"، تعتبر روسيا دولة "غير حرة" رقميا.

بعد غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022، حجبت الحكومة الروسية، وفق تقرير  للمرصد، منصات التواصل الاجتماعي البارزة، بما في ذلك فيسبوك وإنستغرام وتويتر.

وفرضت غرامات باهظة على المنصات الأخرى التي رفضت الامتثال لأوامر إزالة محتوى، وتوطين بيانات المستخدمين.

وقيدت الوصول إلى أكثر من 5000 موقع إلكتروني إخباري محلي وأوكراني ودولي، بعد غزو أوكرانيا.

وأصدرت السلطات الروسية تشريعا يوسع صلاحيات الهيئات الحكومية المكلفة بتنظيم الإنترنت، فضلا عن أسباب المحتوى الذي يمكن اعتباره غير قانوني.

وفتحت إجراءات إدارية وجنائية بموجب قانون جديد يعاقب على "نشر معلومات كاذبة عن علم" بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما.

في مواجهة القيود والرقابة الدائمة للدولة، يلجأ كثير من الرّوس لاستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية (VBN).

وهي تقنية تمنع الوصول إلى تحديد مواقع مستخدمي الإنترنت، وتمكنهم كذلك، من استخدام منصّات محظورة في بلدهم.

وفق تقرير لموقع "فويس أوف أميركا" الناطق بالروسية، نُشر في ديسمبر 2024، تزايد استخدام هذه الشبكات حتى أن أكثر من 50 في المئة من السكان قاموا بتثبيتها.

وبدأت مبادرات تكنولوجية معارضة للرقابة، سواء في روسيا أو خارجها، لتطوير أدوات لمواجهة الإغلاقات والحظر.

حتى أن خبراء رجحوا، ضمن التقرير، يكون عام 2025 عام الـ"VBN" في مواجهة الاستبداد الرقمي.