بعض مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى "حواضن هامة للعمل الإرهابي"- صورة تعبيرية.
بعض مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى "حواضن هامة للعمل الإرهابي"- صورة تعبيرية.

بعد تعرض عدد من المواطنين في مصر لـ"النصب الإلكتروني" من خلال تطبيق يسمى "هوغ بول"، ظهرت الكثير من التساؤلات حول كيفية تجنب هذا النوع من الاحتيال عبر التطبيقات الافتراضية، بينما يشرح خبراء لموقع "الحرة" سبل تحصين الشخص لنفسه ضد هذا النوع من الجرائم.

والسبت، أمر النائب العام المصري، المستشار حماده الصاوي، بتشكيل فريق للتحقيق في واقعة البلاغِ المقدم ضد مؤسسي التطبيق الإلكترونيِ المسمى "هوغ بول"، حسب بيان لـ"النيابة العامة المصرية".

ومنذ مطلع مارس الجاري، رصدت النيابة العامة في مصر منشورات متعددة بمواقع التواصل الاجتماعي عن اتهام البعض مؤسسي التطبيق المذكور بالاحتيال عليهم وتمكنهم من الاستيلاء على أموالهم.

وبالتزامن مع ذلك تلقت النيابة العامة محضرا من إدارة مكافحة جرائم تقنية المعلومات بوزارة الداخلية تضمن إبلاغ عدد من المواطنين ضد المسئولين عن التطبيق الإلكتروني لتحصلهم بالاحتيال والنصب على مبالغ مالية منهم بطرق "الدفع الإلكترونية"،  إذ أوهموهم باستثمار مدخراتهم المالية لديهم نظير حصولهم على أرباح مالية يومية من إدارة التطبيق، حسب البيان.

وقبل ذلك بساعات، كشفت وزارة الداخلية المصرية، ملابسات واقعة الاحتيال الإلكتروني، عقب الاستيلاء على أموال عدد من المواطنين بلغ إجماليها حوالي 19مليون جنيه ما يعادل قرابة 618 ألف دولار.

وتمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد ورصد عناصر القائمين على إدارة التطبيق وتبين أنهم 29 شخص "13 منهم يحملون جنسية إحدى الدول الأجنبية"، حسب بيان "الداخلية المصرية".

وأمكن ضبط المتهمين وبحوزتهم (95 هاتف محمول – 3367 خط هاتف محمول – 9 أجهزة مودم رسائل جماعية – 7جهاز حاسب آلي – 39 شاشة كمبيوتر ومشتملاتها - 3 سيارات - مبالغ مالية عملات محلية وأجنبية "بلغت حوالي 600 ألف جنية" – عدد 41 كارت ائتماني لبنوك بالخارج).

وبمواجهتهم اعترفوا بتكوينهم تشكيل عصابي استهدف راغبي تحقيق المكاسب المالية السريعة عبر شبكة الإنترنت واستيلائهم على أموالهم عن طريق عدد من المحافظ الإلكترونية (بلغ عددها 88 محفظة).

وعقب ذلك، تم توزيع تلك المحافظ الإلكترونية على 9965 محفظة، تجنبا للرصد الأمني وتمهيدا لتحويلها للخارج لصالحهم من خلال برامج عبر شبكة الإنترنت لشراء عملات رقمية مشفرة "بيتكوين"، حسب الداخلية المصرية.

وأقر المتهمين أنهم قاموا بإغلاق التطبيق بعد تمكنهم من الاستيلاء على تلك الأموال، وأنهم كانوا بصدد إطلاق تطبيق إلكتروني آخر تحت مسمى (Riot) لذات الغرض.

الأسباب

يرى مساعد وزير الداخلية المصرية الأسبق لأمن المعلومات، اللواء محمود الرشيدي، أن تلك الجرائم تعد جزءًا من "الاستخدامات غير الآمنة أو المشروعة من قبل البعض للتكنولوجيا الحديثة".

ويؤكد لموقع "الحرة"، أن تلك التطبيقات نجحت في "النصب والاحتيال إلكترونيا" على الضحايا من خلال استغلال جهل البعض بـ"مخاطر الانترنت"، ويقول "لا ينجح أي محتال في ارتكاب تلك الجرائم الا من خلال استغلال الجهل والأمية الرقمية لمستخدم الانترنت وأطماع البعض في تحقيق مكاسب مادية سريعة ودون جهد".

ويعدد الرشيدي الأسباب رئيسية لانتشار هذا النوع من الجرائم، وهي: 

  • انعدام الوعي بخطورة وتهديدات شبكة الانترنت ومواقع التواصل وكونها أحدث أساليب ارتكاب الجرائم المستحدثة
  • عدم كفاية الأجهزة الأمنية المنوط بها الحد من هذه الجرائم التي تتزايد بصوره مطردة
  • قصور في العقوبات المقررة بالقوانين التشريعية لتحقيق الردع المطلوب لمرتكبي هذه النوعية من الجرائم.

وفي مصر ينظم "قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات" الذي يحمل رقم 175 والصادر في عام 2018، جرائم الاختراق والاعتداء على شبكات الإنترنت التي تخص الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة.

وفيما يخص جرائم "الاحتيال"، يعاقب القانون المعروف إعلاميا بـ"جرائم الإنترنت"، بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفقا لـ"نص القانون".

وحسب الرشيدي فإن "الحالة الاقتصادية"، من أهم الأسباب لانتشار تلك الجرائم، بسبب سعي الكثير من المستخدمين لتحقيق أرباح سريعة.

وتعاني مصر من "ظروف اقتصادية صعبة"، وفي العام الماضي تراجعت قيمة العملة المصرية، ويبلغ سعر الدولار حاليا نحو 30 جنيها مقابل 15,6 في مارس 2022، ما ساهم في ارتفاع معدل التضخم السنوي العام إلى 26,5 بالمئة في بلد يستورد غالبية احتياجاته من الخارج، حسب "فرانس برس".

وأدى النقص الحاد في الدولار إلى تقليل الواردات وتراكم البضائع في الموانئ، مما كان له تأثير سلبي على الصناعة المحلية، وارتفع التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 25.8 بالمئة في يناير، وهو أعلى مستوى منذ خمس سنوات، بحسب البيانات الرسمية، وزادت أسعار العديد من السلع الغذائية الأساسية بصورة أسرع.

وأفادت البيانات الرسمية بأن معدل الفقر بلغ نحو 30 بالمئة من السكان قبل جائحة كوفيد-19، وتشير التقديرات إلى أن 60 بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين نسمة تحت خط الفقر أو بالقرب منه، حسب "رويترز".

من جانبه يشير خبير تكنولوجيا المعلومات، تامر محمد، إلى أن تلك التطبيقات تستغل الظروف الاقتصادية وغياب الوعي الإلكتروني عن قطاع واسع من البسطاء لممارسة "النصب والاحتيال".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يؤكد أن الاحتيال عبر "التطبيقات الإلكترونية" ليس بظاهرة جديدة، لكن نشاطها قد اتسع خلال الفترة الماضية بعد سعي عدد من المواطنين للحصول على "أرباح سهلة" دون عناء.

ووفقا لحديثه فإن الاحتيال الإلكتروني هو امتداد لـ"ظاهرة المستريح" التي شهدتها مصر خلال الفترة الماضية.

و"المستريح" هو الشخص الذي يجمع الأموال من المواطنين ويخدعهم بفوائد مرتفعة وبعد جمعها يفر بها هاربا بطريقة لا يمكن استردادها.

وتم إطلاق لقب المستريح على محتال يدعى "أحمد مصطفى"، والذي استطاع أن يجمع من أهل قريته في صعيد مصر أكثر من 53 مليون جنيه لاستثمارها في تجارة بطاقات شحن الهواتف المحمولة، ومنذ ذلك الوقت يطلق هذا اللقب على "المحتالين"، حسب دراسة لـ"مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر".

وتم توقيف المستريح في عام 2015، وحصل على حكم نهائي بالحبس لمدة 15 عاما ورد 266 مليون جنيه للمدعين بالحق المدني، إذ ينظر القضاء المصري في تلك القضايا بأنها نوع من "الاحتيال المالي وجرائم النصب"، حسب المركز.

وتستغل تلك التطبيقات الإلكترونية "بحث بعض الناس عن مكاسب غير منطقية" ويتم إيهامهم بالحصول على "أرباح عالية" واعطائهم "عمولات" في حال استقدام مشتركين جدد، ليتم في النهاية الاحتيال على هؤلاء جميعا، حسب محمد.

كيف نتجنب الاحتيال الإلكتروني؟

يقول محمد إن "التداول المالي عن طريق الإنترنت له قواعد ويتم عبر الجهات الرسمية المختصة والموثوقة مثل البنوك والبورصة".

ويشير إلى أن "التداول العملات الرقمية والتعدين الإلكتروني" مجرم في مصر ويعاقب عليه القانون، ولذلك يجب تجنب ذلك لـ"عدم التعرض للمسائلة القانونية وتجنب الاحتيال".

ويرجح إمكانية وقوع حوادث نصب إلكترونية مشابهة تعرض لها البعض لكنهم لم يتقدموا بـ"بلاغات" بشأن ذلك نظرا لتجريم القانون التداول الإلكتروني.

من جانبه يؤكد الرشيدي أن الضحايا رغم "جهلهم وطمعهم" أصبحوا مذنبين لموافقتهم على المشاركة في تداول "العملات الرقمية"، وهو أمر مجرم طبقا للقوانين المصرية.

وتجرم مصر "إصدار العملات المشفرة أو الإتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها"، حسب المادة (206) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020.

ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز عشرة ملايين جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف ذلك، وفقا لـ"وسائل إعلام مصرية".

سبل المواجهة؟

يتحدث الرشيدي عن عدة سبل لمواجهة تلك الجرائم، أهمها:

  • محو الأمية الرقمية ونشر الوعي التكنولوجي حتى يتعلم المواطنين كيفية الاستخدام الرشيد الانترنت وتطبيقاته المختلفة
  • تدشين "منصة إلكترونية حكومية رسمية" تتلقى بلاغات المواطنين وتتحقق من "موثوقية التطبيقات ومدى آمنها" قبل استخدام المواطنين لها
  • تعديل القوانين والتشريعات التي تجرم الاستخدام غير الآمن للتكنولوجيا.

من جانبه، يوجه تامر محمد رسالة للمواطنين قائلا "لا تبحثوا عن مكاسب سريعة غير منطقية لأنكم سوف تتعرضوا للنصب والاحتيال في النهاية سواءً افتراضيا أو واقعيا".

ويجب على الناس "تثقيف نفسهم رقميا" والتعرف على الجوانب المظلمة من التكنولوجيا لتجنب الاحتيال والتعرض لاختراق البيانات والمعلومات الشخصية.

صورة عامة لمبنى الكرملين في موسكو
صورة عامة لمبنى الكرملين في موسكو- تعبيرية

في يناير 2025، انقطع الإنترنت في روسيا ثلاثة أيام، وخسرت البلاد أكثر من 16 مليار دولار.

 الانقطاع، وفقا لحقوقيين، "نسخة تجريبية" لحجب كامل تخطط الحكومة لتنفيذه منذ إقرار قانون الإنترنت السيادي في 2019.

موسكو تريد عبر هذا القانون، وقوانين أخرى أقرها مجلس الدوما (البرلمان)، أن تُحكم قبضتها على الإنترنت بشكل كامل، للتحكم بمحتواه.

في المقابل، يستخدم المواطنون الروس تقنيات مختلفة لتجاوز الإجراءات القمعية، والتواصل مع العالم الخارجي.

ماذا حدث في يناير؟

في 6 يناير الماضي، توقفت خدمة الإنترنت في أجزاء عدة من روسيا. وتعطّلت، نتيجة ذلك، الخدمات البنكية والاتصالات، وتعذر استخدام أغلب التطبيقات الإلكترونية المحلية والغربية.

"السبب خلل تقني في مشغّل شركة اتصالات"، قالت هيئة الاتصالات الحكومية (روسكومنادزور) حينها.

هذه الهيئة تراقب وسائل الإعلام والاتصالات، والإنترنت كذلك.

معظم الشكاوى، بشأن انقطاع الإنترنت في يناير، كانت في العاصمة موسكو، وتعلقت بخدمات أكبر شركة محمول روسية (MTS)، وفقا لتقارير صحفية.

لكن "MTS" رفضت التعليق، لوسائل الإعلام، بشأن سبب الانقطاع، بحسب موقع "ذا ريكورد" المختص بالأمن الإلكتروني.

وخرج الإنترنت عن الخدمة لمدة ساعة كل يوم، في 14 و15 من يناير هذا العام.

"روسكومنادزور" باتت قادرة على إغلاق حركة الإنترنت داخل روسيا بالكامل في أي وقت تشاء، قال مراقبون روس وفق تقرير لمنظمة "غلوبال فويسيز" الهولندية، الناشطة إعلاميا وحقوقيا.

وبحسب رئيس منظمة "من أجل حرية الإنترنت" ميخائيل كليمارييف، فإن توقف خدمات الإنترنت لمدة ساعة واحدة كلف الاقتصاد الروسي 16.8 مليار دولار.

لقطة من تلغرام حول حجم الخسائر المقدرة لانقطاع ساعة إنترنت واحدة على اقتصاد روسيا

وتقول رواية، نقلها تقرير "غلوبال فويسز"، إن "روسكومنادزور" حاولت تثبيت تحديثات على أجهزة الرقابة المركبة لدى كل مزودي الإنترنت والمشغلين المحمولين في روسيا، (وعددهم نحو 3500)، وحدث خطأ ما. 

الانقطاع المعتمد

بذريعة "قانون التطرف"، تحظر روسيا منذ 2022 مواقع تواصل غربية عدة، بينها فيسبوك، وتويتر وأنستغرام.

ومنذ سنوات يتكرر انقطاع الإنترنت في روسيا، لفترات زمنية متفاوتة في مناطق متعددة.

"القطع متعمّد"، تقول وسائل إعلام غربية ونشطاء في مواقع التواصل.

تستخدمه السلطات لاختبار البنية التحتية لـ"الإنترنت السيادي،" يضيفون.

في 7 ديسمبر 2024، انفصل سكان مناطق في شمال القوقاز ـ قاعدة روسيا الزراعية ـ عن العالم الخارجي، إذ تعطل فيها الإنترنت وتعذر الوصول لمواقع وتطبيقات عدة.

لم يتمكن حينها السكان، في الشيشان وإنغوشيا وداغستان، من الوصول إلى يوتيوب وغوغل وتيليغرام، ومنصات أجنبية أخرى. 

هذه المناطق احتلتها روسيا القيصرية قبل حوالي قرن ونصف، ولم تحصل على الاستقلال أسوة بدول الاتحاد السوفيتي.

في يونيو عام 2023، فرضت محكمة روسية غرامة بمليون روبل على تطبيق "فايبر"، قبل أن تحظره كليا في 2024، مع ديسكورد وسينغال" بحجة خرقها القوانين الروسية.

تتعمد روسيا إبطاء سرعات تحميل "يوتيوب" ردا على رفض شركة "غوغل" المالكة للمنصة الامتثال للوائح التكنولوجيا الروسية، بحسب "ذا ريكورد".

ومارس 2021، أقرت روسيا بأنها تبطئ موقع تويتر (أكس حاليا) ردا على ما وصفته بالفشل في إزالة محتوى محظور.

يعتقد خبراء وفق تقرير "غلوبال فويسز" أن "روسكومنادزور" تحاول من خلال القطع المتكرر فصل جميع الشبكات التي تربط روسيا بالعالم.

وفي الوقت نفسه، ترصد إمكانية أن يحدث ذلك دون تعطّل الخدمات المصرفية، فهي بالغة الأهمية للكرملين.

وذكرت صحيفة "آر.بي.سي" الروسية في يوليو 2024، أن الهيئة تجري اختبارات عدة بين وقت وآخر لـ"تحسين أمن البنية التحتية للإنترنت وسلامتها واستقرارها".

يقول جايسون جاي سمارت، وهو صحفي في "كييف بوست"، إن انقطاعا آخر للإنترنت جرى في 29 نوفمبر 2024، وعطّل المصارف وخدمات التوصيل.

مع التغريدة، نشر سمارت صورة تُظهر المواقع الخارجة عن الخدمة.

الإنترنت السيادي

في مايو 2019، صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قانون "الإنترنت السيادي".

يهدف، بحسب السلطات، إلى حماية الإنترنت الروسي من التهديدات الأمنية المحتملة، لكنه بحسب حقوقيين يعزز سيطرة الدولة على البنية التحتية للإنترنت.

نصوص القانون:

1- التركيب الإجباري للمعدات التقنية لمواجهة التهديدات.
2- الإدارة المركزية لشبكات الاتصالات في حالة التهديد وآلية مراقبة لخطوط التوصيل العابرة لحدود روسيا.
3- تنفيذ نظام أسماء النطاقات الوطني الروسي (DNS)

دخل "قانون الإنترنت السيادي" حيز التنفيذ في نوفمبر من العام ذاته، وأصبح مزودو خدمات الإنترنت، بموجبه، ملزمين بتثبيت معدات خاصة لمكافحة التهديدات الخارجية.

تتضمن هذه المعدات، بحسب تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، تقنية التفتيش العميق للحُزَم.

وتتيح التقنية للحكومة تتبع حركة الإنترنت وتصفيتها وإعادة توجيهها.

 "الإنترنت السيادي" أداة رقابة ومراقبة، إذن.

بموجب القانون، يمكن للسلطات منع مستخدمي الإنترنت من الوصول لأي محتوى، تحظره بأوامر مبرمجة، دون علم المستخدم أو حتى مزود خدمة الإنترنت نفسه.

أما "دي.أن.أس"، فهو نظام يتيح لروسيا فصل نفسها عن الإنترنت العالمي في حالات الطوارئ.

وتشرح "هيومن رايتس" في تقرير مفصّل، يعود إلى العام 2020، جميع الإجراءات الحكومية والقوانين التي تتيح السيطرة المطلقة على ما يصل الناس أو يصدر عنهم عبر شبكات الإنترنت في روسيا.

وقالت على لسان صحفي استقصائي روسي، هو أندريه سولداتوف، إن الإنترنت السيادي "أداة قمع فعالة للغاية بيد الحكومة".

ورأى أن هدف القانون ليس عزل البلاد بالكامل عن الإنترنت بل امتلاك أداة لعزل مناطق بعينها في حال اندلاع أزمة.

وتحدث سولداتوف عن جمهورية إنغوشيا الروسية كمثال.

"لمدة عام ونصف تقريبا، تم استخدام انقطاع الإنترنت لمنع امتداد الاحتجاجات إلى مناطق أخرى" خارج إنغوشيا.

اندلعت الاحتجاجات في 2018، بعد توقيع رئيسي الشيشان وإنغوشيا اتفاقية ترسيم حدود بين البلدين، ذهب بموجبها جزء من أراضي إنغوشيا للشيشان.

يوفر قانون الإنترنت السيادي للحكومة، أيضا، أداة فعالة لتنفيذ إجراءاتها التقييدية للإنترنت والاتصالات بشكل كامل، لزيادة القيود المفروضة على الحقوق الرقمية.

 

هل العزل الكامل ممكن؟

إنه أمر "غير محتمل"، يقول الخبير الروسي الناشط في الحقوق الرقمية أرتم كوزليوك في منظمة "هيومن رايتس ووتش".

يلفت كوزليوك إلى أن "البنية التحتية للإنترنت في روسيا توسعت بسرعة في التسعينيات عبر آلاف المشغلين والعديد من الاتصالات العابرة للحدود،" لذلك فإن الكرملين لا يملك سيطرة كاملة في هذا المجال.

ويضيف أن "فصل روسيا عن الإنترنت العالمي سيكون أشبه بإغلاق مجالها الجوي بالكامل".

لكن ما يمكنها فعله، أن تقطع الإنترنت بشكل مؤقت عن بعض المناطق الخاضعة لسيادتها.

وهو ما يحدث بين حين وآخر، رصدنا أحدثه في يناير الماضي.

روسيا "غير حرة" رقميا

بحسب مرصد الحريات الرقمية "فريدوم هاوس"، تعتبر روسيا دولة "غير حرة" رقميا.

بعد غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022، حجبت الحكومة الروسية، وفق تقرير  للمرصد، منصات التواصل الاجتماعي البارزة، بما في ذلك فيسبوك وإنستغرام وتويتر.

وفرضت غرامات باهظة على المنصات الأخرى التي رفضت الامتثال لأوامر إزالة محتوى، وتوطين بيانات المستخدمين.

وقيدت الوصول إلى أكثر من 5000 موقع إلكتروني إخباري محلي وأوكراني ودولي، بعد غزو أوكرانيا.

وأصدرت السلطات الروسية تشريعا يوسع صلاحيات الهيئات الحكومية المكلفة بتنظيم الإنترنت، فضلا عن أسباب المحتوى الذي يمكن اعتباره غير قانوني.

وفتحت إجراءات إدارية وجنائية بموجب قانون جديد يعاقب على "نشر معلومات كاذبة عن علم" بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما.

في مواجهة القيود والرقابة الدائمة للدولة، يلجأ كثير من الرّوس لاستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية (VBN).

وهي تقنية تمنع الوصول إلى تحديد مواقع مستخدمي الإنترنت، وتمكنهم كذلك، من استخدام منصّات محظورة في بلدهم.

وفق تقرير لموقع "فويس أوف أميركا" الناطق بالروسية، نُشر في ديسمبر 2024، تزايد استخدام هذه الشبكات حتى أن أكثر من 50 في المئة من السكان قاموا بتثبيتها.

وبدأت مبادرات تكنولوجية معارضة للرقابة، سواء في روسيا أو خارجها، لتطوير أدوات لمواجهة الإغلاقات والحظر.

حتى أن خبراء رجحوا، ضمن التقرير، يكون عام 2025 عام الـ"VBN" في مواجهة الاستبداد الرقمي.