"يطلب صانعو المحتوى الإباحي المزيف نحو 5 دولارات لتحميل آلاف المقاطع التي تعرض وجوه المشاهير"
"يطلب صانعو المحتوى الإباحي المزيف نحو 5 دولارات لتحميل آلاف المقاطع التي تعرض وجوه المشاهير"

تحصد مقاطع فيديو إباحية معدلة رقميا باستخدام تقنية التزييف العميق عشرات ملايين المشاهدات، في حين أنها تستخدم صور نساء لا علاقة لهن بهذه المواد ولم يوافقن على استخدام وجوههن.

وذكر تقرير لشبكة أن بي سي أن المستثمرين في مجال التزييف العميق ظلوا بعيدا عن الأنظار منذ زمن، إلا أن التعامل مهم كان سهلا وبعضهم يقبل الدفع بالبطاقات الائتمانية مقابل خدمات تزييف الفيديو.

ويطلب صانعو المحتوى الإباحي المزيف بضع دولارات لتحميل آلاف المقاطع التي تعرض وجوه مشاهير، ويقبلون الدفع من خلال بطاقات ائتمانية أو عملات رقمية وفق ما يوضح التقرير.

قدرات الذكاء الاصطناعي تثير القلق حول العالم. أرشيفية - تعبيرية
"صناعة المواد الإباحية".. "شبح موت" يهدد بإغراق "الذكاء الاصطناعي"
قد تكون "التكنولوجية المغيرة للحياة" (Life-changing technology) أو ما يعرف بـ"بالتكنولوجيا المزعزعة" (disruptive technology) تكشف عن تطورات جديدة يشهدها عالمنا، ولكن هذه التطورات لن تكون من دون ضريبة قد تطال المستخدمين والمجتمعات المختلفة.

صحيح أن مقاطع الفيديو المعدلة أو المصنوعة من خلال تقنية التزييف العميق موجودة على شبكة الإنترنت منذ سنوات، إلا أن تقرير أن بي سي يلفت إلى أن تطور الذكاء الاصطناعي جعل من السهل صنع مواد جنسية مزيفة من دون رضا الأطراف الأخرى وتحقيق بعض الأرباح الإضافية.

وراجعت شبكة أن بي سي موقعين يعرضان مقاطع فيديو إباحية معدة بواسطة التزييف العميق، وتبين لها سهولة الوصول للموقعين عبر غوغل، إضافة إلى استخدام المطورين لمنصات دردشة للتسويق وبيع مقاطع فيديو جنسية مزيفة أو إنشاء مقاطع حسب طلب "الزبون".

ويشير التقرير إلى أن التزييف العميق يحصل من خلال استخدام برامج ذكاء اصطناعي يمكنها تعديل مقطع فيديو واستبدال وجه شخص بوجه شخص آخر وتتفاعل تعابير الوجه الجديد مع المشهد بكل سلاسة، وحسب إحصاءات لشركة Sensity التي مقرها أمستردام وتراقب الوسائط المطورة من خلال الذكاء الاصطناعي، فإن 96 في المئة من التزييف العميق يعود لمواد جنسية تضم نساء لم يوافقن على إنشاء المحتوى.

وفي حين معظم مقاطع فيديو التزييف العميق تعرضت لمشاهير، بدأ صناع المحتوى يعرضون خدمات صنع مقاطع فيديو إباحية لأي شخص، حسب الشبكة التي لفتت أيضا إلى أن تنامي الحديث عن الظاهرة زاد البحث في غوغل عن التزييف العميق للمواد الإباحية.

وضمن الإطار أوضح متحدث باسم غوغل لشبكة أن بي سي أن أي شخص تعرض للتشهير من خلال تقنية التزييف العميق يمكنه طلب إزالة المقطع من صفحات غوغل التي تتضمن مواد إباحية مزيفة غير رضائية.

وقال المتحدث إن محرك البحث يصمم أنظمة تصنيف خاصة عالية الجودة لتجنب عرض محتوى ضار أو إباحي للأشخاص عندما لا يبحثون عنه.

وسبق أن قال أستاذ الذكاء الاصطناعي، أشرف النجار، في حديث لموقع "الحرة" إن "نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية المختلفة لديها القدرة على إحداث ثورة في صناعة المواد الإباحية من خلال إنشاء محتوى واقعي للغاية، وقابل للتخصيص بناء على ما يفضله أو يرغبه الزائر لمثل هذه المواقع وذلك من خلال استخدام خوارزميات متقدمة وتقنيات التعلم العميق".

وشرح حينها أن "استخدام هذه التقنيات لا يقف عند إنشاء صور أو مقاطع فيديو جديدة أو مزيفة فقط بل يتعداه إلى دمجها مع تقنية الواقع الافتراضي والمعزز من أجل توفير تجربة إباحية تفاعلية قريبة من الواقع".

وأضاف أنه "يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، التي تستخدم خوارزميات التعلم العميق، إنشاء مواد إباحية جديدة من خلال تحليل الكم الهائل من المحتوى الإباحي المتاح على الشبكة العنكبوتية، وأنماط التعلم والأنماط المرئية والمسموعة، والتدريب عليها من أجل إنشاء صور أو مقاطع فيديو أو حتى محتوى تفاعلي مخصص لتلبية احتياجات المستخدم حسب ما يفضله".

وبدوره صرح الخبير في الأمن السيبراني والتحول الرقمي، رولان أبي نجم، في التقرير السابق الذي تحدث فيه موقع "الحرة" عن "صناعة المواد الإباحية" بواسطة الذكاء الاصطناعي،  أن برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي ليست بمعزل عن استغلالها في صناعة المقاطع "الإباحية والتي ترتكز بشكل كبير على التزييف العميق أكانت لتوليد مقاطع الفيديو أو حتى لتوليد الصور".

والتزييف العميق يعتبر أحد أشكال الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد على قاعدة بيانات من الصور والمقاطع المصورة بهدف إنشاء صور أو مقاطع "مقنعة خيالية" بالصوت والصورة.

الذكاء الاصطناعي يزاحم الإنسان في سوق العمل. أرشيفية
الذكاء الاصطناعي يزاحم الإنسان في سوق العمل. أرشيفية | Source: REUTERS

مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، بدأت شركات في تسريح مئات الموظفين، آخرها منصة تيك توك للتواصل الاجتماعي.

وأعلنت تيك توك، الجمعة، تسريح مئات الموظفين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عدد كبير في ماليزيا، حيث قالت الشركة أن هذا القرار هو جزء من تحولها نحو استخدام المزيد من أدوات الذكاء الاصطناعي في تعديل المحتوى، مع التركيز على تحسين الكفاءة في عملياتها.

الخطوة التي اتخذتها تيك توك، ترفع منسوب المخاوف على مستقبل العامل البشري في مواجهة الذكاء الاصطناعي وتصاعد القلق من أن تتجه شركات عملاقة أخرى نحو ذات الاتجاه.

وظائف يستحوذ عليها الذكاء الاصطناعي

الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي، أحمد بانافع قال إن ما فعلته تيك توك لم يكن مفاجئا، وهي واحدة من بين عدة شركات اتجهت للمسار ذاته، ولكن تيك توك أعلنت عنه صراحة.

وأوضح بانافع وهو مقيم في كاليفورنيا في حديث لبرنامج "الحرة الليلة" أن الوظائف التي تم الاستغناء عنها هي "مراقبة المحتوى" وهي من بين 10 وظائف على الأقل يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي القيام بها.

ويرى أن العامل الإنسان قد يكون دخل "في مرحلة ثانية من المعركة بين الذكاء الاصطناعي والموظفين".


وقال بانافع إن هناك شركات أميركية كبرى بدأت في تدريب الموظفين على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتستثمر فيها مليارات الدولارات، والتي تتيح لهم التعرف على المجالات "التي يمكن فيها الاستغناء عن العامل البشري"، وهنا "تحصل عمليات تسريح بناء على التقييم".

وكانت غوغل قد أعلنت مطلع العام الاستغناء عن مئات الموظفين ضمن فريق مبيعات الإعلانات العالمي التابع لها، في ظل استخدام الأنظمة الآلية في عدد متزايد من المهام الإدارية والإبداعية باستخدام الذكاء الاصطناعي.

"تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟
وصفت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، ما سيحدثه الذكاء الاصطناعي في سوق العمل حول العالم خلال العامين المقبلين بأنه مثل "تسونامي"، حيث سيؤثر على 60 بالمئة من الوظائف في الاقتصادات المتقدمة و40 بالمئة من فرص العمل حول العالم.

واستغنت غوغل عن حوالي 12 ألف شخص في يناير 2023 حوالي 6 في المئة من قوتها العاملة في مواجهة التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، ما يعني انخفاض إنفاق المعلنين. واضطر عملاق الإنترنت منذ ذلك الحين إلى الاستثمار بكثافة في الذكاء الاصطناعي التوليدي.

كيف تحمي وظيفتك من الذكاء الاصطناعي؟

ويوصي الخبير بانافع لأي موظف يعتقد أن الذكاء الاصطناعي قد يستبدل وظيفته، عليه التدرب على "استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، والابتعاد عن الوظائف التقليدية، مثل مراقبة المحتوى أو الترجمة أو خدمة العملاء أو التعرف على الاتجاهات".

ويرى أنه لا يجب أن ننظر إلى أن الذكاء الاصطناعي سيستولي على الوظائف، بقدر ما أنه يستطيع القيام بوظائف معينة بسرعة وكفاءة عالية، ولهذا على الشخص البحث عن وظائف غير تقليدية.

ولمواجهة المرحلة المقبلة، دعا الجميع إلى النظر لفرص التطوير التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لزيادة كفاءة عملك، وهو ما يمكنك أن تفعله بأن "تسأل تشات جي بي تي، كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يطورك ويساعدك في عملك؟".

كيف تستغل الذكاء الاصطناعي في العثور على وظيفة أحلامك؟.. 8 نصائح مهمة
يسعى الكثير من الناس وعلى مختلف مشاربهم وتنوع اختصاصاتهم للحصول على أحسن فرص العمل الممكنة عبر مواقع  ومنصات التوظيف الكبرى مثل منصة لينكد إن LinkedIn، وإنديد دوت كوم Indeed، وZipRecruiter، وغيرها من المنافذ الأخرى داخل وخارج الولايات المتحدة.

وفي يونيو الماضي دعا صندوق النقد الدولي لاتخاذ تدابير ضريبية للحماية الاجتماعية لإحداث توازن حيال المخاطر التي يطرحها الذكاء الاصطناعي ولا سيما زيادة انعدام المساواة.

ومن دون تنظيم، فإن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى خسارة وظائف بين المهن المؤهلة، وفقا لما ذكر صندوق النقد الدولي في مذكرة.

ولمواجهة هذا الوضع على الحكومات أن تخصص إيرادات جديدة لتمويل شبكة الأمان الاجتماعي لأولئك الذين يخسرون وظائفهم، كما أوصى واضعو المذكرة.

وجاء في المذكرة أن "السياسة الضريبية لها دور رئيسي في دعم توزيع أكثر إنصافا للمكاسب والفرص المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي". وأضاف الصندوق "لكن هذا يتطلب تغييرات كبيرة في الأنظمة الضريبية والحماية الاجتماعية في جميع أنحاء العالم".

ويدعو صندوق النقد الدولي بشكل خاص إلى زيادة إعانات التأمين ضد البطالة والاستثمار في التدريب لإعداد العمال "للوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي".

ويعارض الصندوق فرض ضريبة محددة على الذكاء الاصطناعي التي اقترحها باحثون معتبرا أن هذا من شأنه أن يؤثر على نمو الإنتاجية. وعلى العكس يقترح التصدي للثغرات الضريبية التي تشجع على إلغاء وظائف.