نموذج الذكاء الصناعي من جات جي بي تي متهم بالتحيز السياسي
نموذج الذكاء الصناعي من جات جي بي تي متهم بالتحيز السياسي

عند إطلاقه، قال مطورو نموذج الذكاء الصناعي ChatGPT إنهم حرصوا على أن يكون روبوت المحادثة الخاص بهم – والمنتجات الأخرى المرتبطة به – حيادية في ما يتعلق بالمواضيع الدينية والسياسية الخلافية، لكنهم حذروا من أن "النبع الذي يستقي منه الروبوت المعلومات هو المستخدمون والإنترنت".

بمعنى أن "النبع" المتحيز للمعلومات قد يؤدي بالنموذج إلى تعلم مفاهيم متحيزة.

والآن، يحذر خبراء الصناعة والأمن، ومنافسون مثل إيلون ماسك، من الشيء ذاته.

والاثنين قال ماسك، خلال لقاء مطول مع مقدم الأخبار في شبكة فوكس نيوز، تاكر كارلسون، إن ChatGPT لديه "تحيز ليبرالي"، وهو يميل للإدلاء بآراء "يسارية".

وقدم خبير البرمجيات "حسن الشماع" لموقع "الحرة" أدلة على ما يعتقد أنه تحيز واضح يظهره نموذج الذكاء الصناعي، الذي تم سؤاله بالعربية عن العمر المناسب للسماح للفرد بتغيير جنسه، وهي قضية خلافية بين الليبراليين والمحافظين.

وفقا للصور التي زودنا بها الشماع، يقترح النموذج أن يسمح حتى للأطفال بتغيير جنسهم، ويقترح عدم فرض أي قيود عمرية، ويدعو إلى أن "نتبنى منهجية متسامحة ومتفتحة تجاه هذا الموضوع".

وفي سؤال آخر يقول النموذج إن بإمكان "طفل بعمر عشر سنوات أن يحدد جنسه".

ردود نموذح الذكاء الاصطناعي على مواضيع خلافية.. صورة مقدمة من حسن الشماع

لكن حينما سأل موقع "الحرة" نفس السؤال باللغة الإنكليزية، أجاب النموذج بشكل أكثر موضوعية، وذكر عدة حجج يوردها طرفا النقاش، وذكر قبلها بأنه "نموذج لغوي غير قادر على تبني آراء".

كما قال في حالة الطفل المفترضة إنه يجب أن يترك القرار النهائي للعائلة والأطباء.

ويقول الشماع، الذي يعمل مهندس برمجيات في شركة أمازون في الولايات المتحدة إن هذا التباين يشير فعلا إلى أن النموذج يتعلم من البيئة التي تحيط به، وهو يتأثر بآراء المستخدمين.

لكن الشماع يقول إنه "بما أن النموذج اللغوي يتعلم وفقا لقواعد وضعها مبرمجوه، فإن من الآمن أن نفترض أن المبرمجين سمحوا بتسرب أفكار متحيزة إلى النظام، تبناها البرنامج وأصبح يعبر عنها".

ويعتقد الشماع أن هذا "خطر".

كيف يمكن أن "يفرض" الروبوت "رأيه"؟

يقول أندرو موريسون، زميل تطوير البرمجيات لدى موقع Springfield التقني، إن النماذج اللغوية يطورها مبرمجون يقررون المعلومات المحددة التي يجب تدريب النموذج عليها.

ويضيف لموقع “الحرة" إن المطورين يقررون أيضا ما يسمح للنماذج بأن تطرحه كمخرجات للمستخدمين، مما يجعلهم مسؤولين عن "تصفية المعلومات" باتجاه أو آخر.

ويضيف موريسون أن المخاطر المحتملة من هذا السلوك تنقسم إلى مخاطر آنية ومستقبلية، الآنية منها هي "إمكانية اندماج الذكاء الاصطناعي في العديد من البيئات مع المستهلكين، وبالتالي يمكن تزويد مستهلكي هذه المنصات بمعلومات متحيزة ومن المحتمل أن يتأثروا بما يتعرضون له".

لكن المخاطر المستقبلية تبدو أكثر جدية، وفق موريسون، إذ "من المحتمل أن يؤدي التطور في نماذج الذكاء الاصطناعي إلى خلق روبوتات أكثر تطورا وقوة وقدرات، وإذا تبنت هذه الروبوتات آراء سياسية أو آيديولوجية، فقد تبدأ بمحاولة فرض تلك الآراء، وهذه مشكلة".

وقال الملياردير إيلون ماسك إنه سيطلق نموذج ذكاء اصطناعي سيسميه "TruthGPT" ، وسيكون "أقوى نماذج الذكاء الاصطناعي الباحثة عن الحقيقة والتي ستحاول فهم طبيعة الكون".

ويقول ماسك إن "الذكاء الاصطناعي الذي يريد أن يفهم الإنسانية سيكون أقل رغبة بتدميرها".

ورغم أن ماسك معروف بتصريحاته النارية، لكن الحديث عن روبوتات تدمر البشرية هو حديث قديم، ربما حتى قبل اختراع أول روبوت بالمعنى المعروف حاليا.

ووصف ماسك الذكاء الاصطناعي بأنه "أكثر خطورة" من السيارات أو الصواريخ، وقال إن لديه القدرة على تدمير البشرية.

"العبقري المتحيز"

ويقول نائب رئيس مركز الأمن الأميركي، والباحث في معهد "أميركا أولا" للسياسات فريد فليتز إن "المخاوف حقيقية".

ويجمل فليتز لموقع "الحرة" مخاوفه من نماذج الذكاء الاصطناعي بأنها قادرة على "بث آراء معينة وتضخيمها مما يجعل أعدادا أكبر من الناس، وخصوصا الشباب والأطفال، أكثر تأثرا بأجندات سياسية".

ويقول فليتز إن "هناك جهودا للسيطرة وتقنين تأثير هذه النماذج"، لكنه يعترف بأن "الجهود أصغر بكثير من حجم التهديد".

ويحذر فليتز من إن "النماذج التي تتبنى أفكارا معينة تشبه عبقريا عملاقا، متحيزا لفكرة، لا يمكن التنبؤ بما سيفعله".

"إطلاق المارد"

وفي مارس الماضي، أعلن إيلون ماسك تأسيس شركة جديدة سماها X.AI Corp، يرأسها بنفسه.

ولسنوات عديدة، كما تقول أسوشيتد برس، عبر ماسك عن آراء قوية حول الذكاء الاصطناعي وانتقد قادة التكنولوجيا الآخرين، بما في ذلك مارك زوكربيرغ وبيل غيتس، لامتلاكهم ما وصفه بأنه فهم "محدود" لهذا المجال.

وكان ماسك مستثمرا مبكرا في OpenAI - الشركة الناشئة وراء ChatGPT - وشارك في رئاسة مجلس إدارتها عند تأسيسها عام 2015 كمختبر أبحاث غير ربحي للذكاء الاصطناعي.

لكن ماسك استقال من مجلس الإدارة في أوائل عام 2018 ومؤخرا، بدأ بمهاجمة OpenAI علنا بسبب "سيطرة مايكروسوفت عليها" وتحولها إلى شركة تبحث عن الأرباح.

ويقلق الباحثون الذين تكلم معهم موقع "الحرة" ومهتمون آخرون من تحول التنافس على خلق روبوتات بقدرات هائلة إلى "إطلاق المارد" بشكل لا يمكن السيطرة عليه، كما يقول خبير البرمجيات الشماع.

ويعتقد الشماع إن المنافسة قد تدفع بالمطورين إلى التغاضي عن اعتبارات كثيرة رغبة بخلق النموذج الأقوى والأكثر قدرة.

ويقول الباحث فريد فليتز إن هذا "يجعل من الضروري جدا التحرك السريع لوضع قوانين تحكم الذكاء الاصطناعي" ربما قبل "فوات الأوان".

ومؤخرا، أطلقت شركات كبرى مثل غوغل BARD ومايكروسوفت BING نماذجها الخاصة، أو المطورة بالتعاون مع صانعي ChatGPT.

وتثير هذه المنافسة قلق خبراء الأمن مثل فليتز الذي يقول إن "سجل هذه الشركات في ما يتعلق بفرض آراء معينة وقمع الآراء الأخرى مقلق".

معارضون لحظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة
معارضون لحظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة

أيدت محكمة استئناف فيدرالية أميركية الجمعة قانونا يلزم شركة "بايت دانس" الصينية بسحب استثمارات تطبيق "تيك توك" من الولايات المتحدة بحلول أوائل العام المقبل أو مواجهة الحظر.

وبهذا القرار تحوم حالة من عدم اليقين تجاه مستقبل التطبيق في الولايات المتحدة، إذ تواجه الحظر إذا لم تقطع علاقتها مع الشركة الأم في بكين، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس.

ماذا يقول القرار؟

ونظر قضاة محكمة الاستئناف الأميركية في الطعون القانونية التي تقدم بها تيك توك ومستخدمون ضد القانون الذي يمهل بايت دانس حتى 19 يناير لبيع أصول تيك توك في الولايات المتحدة أو التخلص وإلا واجه التطبيق الحظر.

وطعنت تيك توك في قضيتها بالقانون الأميركي الذي اعتبرته يتعارض مع التعديل الأول في الدستور يستهدف شركتهم بشكل غير عادل.

وقالت محكمة الاستئناف إن القانون "تتويج لعمل مكثف من الكونغرس والرؤساء المتعاقبين. وصيغ بعناية ليعالج فحسب سيطرة عدو أجنبي، وهو ضمن جهد أوسع نطاقا لمواجهة تهديد مدعوم بأدلة للأمن القومي تشكله جمهورية الصين الشعبية"، وفقا لوكالة رويترز.

وتؤكد وزارة العدل الأميركية أن القانون يعالج مخاوف متعلقة بالأمن القومي، والطريقة التي تم إقراره بها لا تنتهك الدستور.

ورفضت محكمة الاستئناف طعون تيك تيك بشأن أن القانون له "أبعاد غير قانونية بالاستيلاء على الممتلكات".

ويمثل القرار انتصار لوزارة العدل وخصوم التطبيق الشهير للمقاطع المصورة القصيرة المملوك للصين وضربة مدمرة لشركة بايت دانس. ويعزز الحكم الآن احتمالات فرض حظر غير مسبوق على التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.

بين أيدي بايدن وترامب

وفي العام 2020، نجح تيك توك في تعليق قرار بحظره من خلال طلب استئناف

ويضع القرار، ما لم تبطله المحكمة العليا، مصير تيك توك في أيدي الرئيس الأميركي، جو بايدن أولا ليقرر إذا كان سيمنح تمديدا مدته 90 يوما للموعد النهائي في 19 يناير للإجبار على البيع، ثم ثانيا في أيدي الرئيس المنتخب، دونالد ترامب الذي يتولى منصبه في 20 يناير. لكن لم تتضح قدرة بايت دانس على تحمل عبء إظهار أنها أحرزت تقدما كبيرا نحو التخارج المطلوب للحصول على التمديد.

وقال ترامب الذي لم تفلح محاولته في حظر تيك توك خلال ولايته الأولى في عام 2020 قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر إنه لن يسمح بحظر تيك توك.

ولم يقدم فريق ترامب الانتقالي أي تفاصيل حول الكيفية التي تخطط إدارة الرئيس المنتخب تنفيذ "تعهده".

ويدعم القرار قانونا يمنح الحكومة الأميركية سلطات واسعة النطاق لحظر تطبيقات أخرى مملوكة لأجانب قد تثير مخاوف من جمع بيانات الأميركيين. وفي عام 2020، حاول ترامب أيضا حظر تطبيق وي تشات المملوك لشركة "تنسنت"، لكن المحاكم أوقفته.

وسجلت أسهم ميتا التي تنافس تيك توك في الإعلانات عبر الإنترنت، أعلى مستوى خلال يوم بعد صدور الحكم مرتفعة ثلاثة في المئة. وارتفع سهم ألفابت، الشركة الأم لمحرك البحث غوغل التي ينافس تطبيقها يوتيوب أيضا تيك توك أكثر من واحد في المئة بعد الحكم.

"سابقة معيبة وخطيرة"

وسارع مدافعون عن حرية التعبير بانتقاد هذا القرار. وقال الاتحاد الأميركي للحريات المدنية إن القرار "يشكل سابقة معيبة وخطيرة".

وقال باتريك تومي، نائب مدير مشروع الأمن القومي في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، "حظر تيك توك ينتهك صراحة حقوق التعديل الأول في الدستور لملايين الأميركيين الذين يستخدمون هذا التطبيق للتعبير عن أنفسهم والتواصل مع الناس في جميع أنحاء العالم".

ماذا بعد؟

تطبيق تيك توك متهم بالعديد من الانتهاكات الخاصة بأمان الأطفال على الإنترنت

وتستعد تيك توك وبايت دانس إلى رفع قضيتهما إلى المحكمة الأميركية العليا للبت في موضوعها.

وقال تيك توك إنه يتوقع أن تلغي المحكمة العليا قرار محكمة الاستئناف استنادا على التعديل الأول للدستور الأميركي.

وأضاف الموقع في بيان "للمحكمة العليا سجل تاريخي راسخ في حماية حق الأميركيين في حرية التعبير، ونتوقع منها فعل ذلك في هذه القضية الدستورية المهمة".

وأضاف أن القانون سيؤدي إلى "رقابة صريحة على الشعب الأميركي".

وترفض بايت دانس أي توجه لبيع تطبيق تيك توك، وإن أرادت ذلك، لن تتمكن من بيع الخوارزمية التي تدعم تطبيقها إذا أنها محمية بموجب ضوابط التصدير الصينية التي صدرت في 2020.

ومن دون الخوارزمية، أي صفقة تعني شراء جزء من المنصة من دون تملك لتكنولوجيا الحقيقة التي تجعل منها شبكة تواصل قوية.