الإنسان بدأ السير في الفضاء عام 1965 "أرشيف"
الإنسان بدأ السير في الفضاء عام 1965 "أرشيف"

سيصبح الإماراتي، سلطان النيادي، المتواجد بمحطة الفضاء الدولية، أول عربي يسير في الفضاء، الجمعة، حسبما أعلن عبر حسابه على تويتر.

وقال النيادي: "اليوم نصل إلى محطة جديدة في مسيرتنا ... ساعات قليلة وأخرج من وحدة معادلة الضغط في محطة الفضاء الدولية".

وأكد رائد الفضاء الإماراتي أنه خاض تدريبات مكثفة استمرت لأكثر من 3 سنوات استعدادا "لهذه المهمة التي تتطلب تركيزا ودقة".

والنيادي (41 عاما) الذي ينحدر من منطقة "أم غافة" بمدينة العين التابعة لأبوظبي، هو أول عربي يُمضي ستة أشهر في الفضاء بعد انطلاقه يوم 26 فبراير إلى محطة الفضاء الدولية عبر صاروخ "فالكون 9" المصنّع من شركة "سبايس إكس".

كما يعد النيادي ثاني إماراتي يشارك في رحلة إلى الفضاء بعد، هزاع المنصوري، الذي أمضى 8 أيام بمحطة الفضاء الدولية خلال سبتمبر لعام 2019.

وكانت آخر عملية سير بالفضاء خارج محطة الفضاء الدولية للرائدين الروسيين، سيرغي بروكوبييف، وديمتري بيتلين، في 19 أبريل الحالي، وفقا لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا).

وستبث "ناسا" خروج النيادي التاريخية من محطة الفضاء الدولية في هذه العملية.

ماذا يعني السير في الفضاء؟

والسير في الفضاء يعني أي نشاط يقوم به الإنسان خارج المركبة الفضائية في مختلف الرحلات، بما في ذلك الخروج من محطة الفضاء الدولية. ويطلق على هذه العملية "السير في الفضاء"، حسبما عرفتها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا).

ويعتبر الروسي، أليكسي ليونوف، أول إنسان في التاريخ يسير في الفضاء وذلك من خلال مهمة " فوسخود-2" بيوم 18 مارس عام 1965 بعد أن خرج من مركبته في عملية استغرقت 10 دقائق، بحسب "ناسا".

وكانت مهمة مرهقة بالنسبة لرائد الفضاء الروسي الراحل، حيث كان زيه الفضائي ممتلئا بالهواء لدرجة أنه واجه مشقة أثناء العودة إلى المركبة الفضائية.

وكان رائد الفضاء، إد وايت، أول أميركي يسير في الفضاء بيوم 3 يونيو 1965 خلال مهمة "جيميني 4"، حيث استغرقت عملية سير وايت خارج مركبته 23 دقيقة.

واليوم بات "السير في الفضاء" في العادة خارج محطة الفضاء الدولية في عملية تستغرق ما بين 5 إلى 8 ساعات قياسا على المهمة التي يؤديها رائد الفضاء، وفقا لـ "ناسا".

ومحطة الفضاء الدولية (ISS) هي منشأة في الفضاء الخارجي ترتفع 400 كيلومتر عن سطح الكرة الأرضية، وهي مشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا كشريكين رئيسيين.

وأطلقت محطة الفضاء الدولية، وهي شراكة دولية لخمس وكالات فضاء من 15 دولة، في عام 1998 وتحولت إلى مجمع يبلغ طوله تقريبا حجم ملعب كرة قدم، مع ثمانية أميال من الأسلاك الكهربائية وفدان من الألواح الشمسية وثلاثة مختبرات عالية التقنية.

وتتكون المحطة من 16 وحدة صالحة للسكن، ستة منها قدمتها روسيا، وثمانية من الولايات المتحدة، وبقية الوحدات من اليابان ووكالة الفضاء الأوروبية. 

كيف تتم عملية السير في الفضاء؟

عندما يقوم الرواد بالسير في الفضاء، فإنهم يرتدون بدلات الفضاء للحفاظ على سلامتهم، حيث يوجد فيها الأكسجين الذي يحتاجه الإنسان للتنفس والبقاء على قيد الحياة. كما يكون لديهم الماء الذي يحتاجونه للشرب.

ويرتدي رواد الفضاء البدلة الفضائية الخاصة قبل عدة ساعات من السير في الفضاء، إذ إنها مضغوطة ومليئة بالأكسجين.

ويتنفس رواد الفضاء الأكسجين النقي فقط الذي يمكنهم من إخراج النيتروجين الموجود بأجسامهم حتى لا يشعروا بآلام في الكتفين والمرفقين والمعصمين والركبتين.

وتقول "ناسا" إن عدم إخراج النيتروجين من جسم رائد الفضاء ساهم في ظهور فقاعات غاز بأجسامهم عندما يسيرون في الفضاء، إذ يمكن لهذه الفقاعات أن تتسبب في الآلام.

ويغادر الرواد المركبة الفضائية من خلال باب خاص يسمى غرفة معادلة الضغط التي لها بابان. عندما يكون رواد الفضاء داخل المركبة الفضائية، فإن غرفة معادلة الضغط محكمة الإغلاق بحيث لا يمكن للهواء الخروج. 

وعندما يستعد رواد الفضاء للسير في الفضاء، يمرون من الباب الأول ويغلقونه بإحكام خلفهم. ويمكنهم بعد ذلك فتح الباب الثاني دون خروج أي هواء من المركبة الفضائية. وبعد السير في الفضاء، يعود الرواد إلى الداخل من خلال غرفة معادلة الضغط نفسها.

كيف يبقى الرواد آمنين أثناء السير في الفضاء؟

ويستخدم رواد الفضاء أحزمة مثل الحبال تربطهم بمركبتهم الفضائية، حيث تمنع حبال الأمان رواد الفضاء من الانجراف بعيدا في الفضاء رغم أن انعدام الجاذبية يمنع الرائد من السقوط. ويستخدم رواد الفضاء أيضا الحبال لمنع الأدوات من الابتعاد، علما بأن أدواتهم مربوطة ببدلاتهم الفضائية.

وتقول "ناسا" إن رواد الفضاء يحتاجون لتدريب مسبق قبل السير خارج مركباتهم، بما في ذلك التدريب الجسدي والسباحة، حيث يكون البقاء في الفضاء الخارجي مشابها للطفو على الماء.

ويتدرب رواد الفضاء في حوض سباحة كبير يقع بالقرب من مركز جونسون للفضاء التابع لناسا في هيوستن بولاية تكساس. ويطلق على المسبح "مختبر الطفو المحايد" (NBL). ويعني "الطفو المحايد" أن الشخص لا يتواجد في الجزء العلوي أو السفلي من المسبح مما يبدو وكأن الإنسان موجود في الفضاء الخارجي.

ويحتوي المسبح على 6.2 ملايين غالون من المياه، إذ يتدرب رواد الفضاء 7 ساعات في المسبح مقابل كل ساعة يقضونها في السير في الفضاء، بحسب "ناسا".

كذلك، يتدرب رواد الفضاء على السير الخارجي من خلال استخدام تقنية الواقع الافتراضي عبر نوع كلعبة فيديو يرتدي فيها المتدرب خوذة بداخلها شاشة فيديو.

لماذا يسير الرواد في الفضاء؟

ويخرج رواد الفضاء خارج مركباتهم لأسباب عدة، بما في ذلك إصلاح الأقمار الصناعية أو المركبات الموجودة في الفضاء.

كما يمكن لرواد الفضاء إجراء تجارب علمية على السير في الفضاء وعلى السطح الخارجي للمركبة، مما يتيح للعلماء معرفة كيف يؤثر التواجد في الفضاء على مختلف الأشياء.

وتسمح عمليات السير في الفضاء لرواد الفضاء باختبار معدات جديدة أيضا وإصلاحها بدلا من إعادتها للأرض.

شركة تقوم بتطوير أول شبكية صناعية في العالم في الفضاء
شركة تقوم بتطوير أول شبكية صناعية في العالم في الفضاء | Source: Facebook/LambdaVision

يبدو أن فكرة تطوير أدوية حيوية في الفضاء باتت قريبة من التحقق، ومن بينها تطوير أول شبكة عين اصطناعية في العالم، من خلال  إنتاج طبقات من البروتين بشكل دقيق، بمساعدة انعدام الجاذبية هناك. 

وتقول وكالة بلومبيرغ إن شركة "لامبدا فيجن" الناشئة لديها خطط كبيرة لتطوير أول شبكية صناعية في العالم تعتمد على البروتين، وذلك للمرضى الذين يعانون من التهاب الشبكية الصباغي، وهو سبب وراثي للعمى. 

وتوضح أن تصنيع شبكية العين يتضمن وضع 200 طبقة رقيقة من البروتين الحساس للضوء في شبكة بوليمر، ويجب أن تكون طبقات البروتين متساوية تماما حتى تعمل شبكية العين بشكل صحيح، وهي عملية يصعب تنفيذها على الأرض.

وبدءا من أواخر عام 2018، توجهت الشركة إلى محطة الفضاء الدولية على أمل أن تساعد الجاذبية الصغرى هناك على ذلك، وهو ما برهنت عليه التجارب الثمانية التي جرت حتى الآن والتي أدت إلى تحسين جودة الإنتاج بشكل كبير. 

وتنقل الوكالة عن الرئيسة التنفيذية للشركة، نيكول فاغنر أنه "في الفضاء تحصل على طبقات متساوية من البروتين مع كمية أقل من المواد المهدرة. الهدف أن الحصول على أحد المنتجات الأولى التي يتم تصنيعها في الفضاء، التي سيتم استخدامها هنا على الأرض". 

ولا يوجد أي من الأدوية الموجودة في السوق حاليا، تمت صناعته في الفضاء، لكن ذلك اليوم يقترب أكثر فأكثر، إذ تظهر التجارب مزايا الأدوية القيمة القائمة على بلورات البروتين. وهذا ما يثير اهتمام بعض أكبر شركات الأدوية في العالم.

والبروتينات عبارة عن جزيئات معقدة وصعبة، ومن الصعب إنتاجها في شكلها البلوري. ولكن في غياب الجاذبية، يقل الحمل الحراري للسوائل، وتتحرك الجزيئات بشكل أبطأ ويمكن التحكم بشكل أكثر دقة. وهذا يؤدي إلى عدد أقل من العيوب البلورية، وحجم بلوري متجانس. 

ويرسل الباحثون مواد إلى الفضاء لدراسة علاجات للسرطان وأمراض القلب والاضطرابات العصبية والعمى وغيرها من الحالات في حالة الجاذبية هذه.

وتستخدم كل من شركتي ميرك وبريستول مايرز التجارب الفضائية للتوصل إلى أفكار لتركيبات أفضل يمكن إنتاجها على الأرض. 

وتجري "ميرك" تجارب على متن محطة الفضاء الدولية لدواء "كيترودا" المضاد للسرطان بهدف تطوير طريقة أفضل لإعطاء الدواء من الحقن في الوريد.

وتقول "لامبدا فيجن"، التابعة لجامعة كونيتيكت، إن شبكية العين الاصطناعية الخاصة بها يمكن أن تكون جاهزة للاستخدام البشري خلال ثلاث إلى أربع سنوات، إذا استمر الإنتاج الفضائي على المسار الصحيح.