غوغل تدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في البحث

سلط مقال تحليلي نشرته مجلة "نيتشر" العلمية الضوء على "أزمة التنوع" التي يعاني منها قطاع الذكاء الاصطناعي، والتي من شأنها أن تضر بمجموعات بشرية كاملة، وأن تنتج "ذكاء معيبا" يفتقر إلى المعرفة الاجتماعية والعاطفية والثقافية المطلوبة.

وذكّر مقال المجلة بنتائج تقرير صدر عام 2019 لمعهد "AI Now" التابع لجامعة نيويورك، والذي كشف أن أكثر من 80 بالمئة من أساتذة الذكاء الاصطناعي رجال، كما شكّل الباحثون السود 2.5 بالمئة فقط من إجمالي موظفي غوغل و4 بالمئة من العاملين في فايسبوك ومايكروسفت. 

وبالإضافة إلى ذلك، أشار مؤلفو التقرير إلى أن "التركيز الساحق على النساء في التكنولوجيا عند مناقشة قضايا التنوع في الذكاء الاصطناعي ضيق للغاية، وينصب بصفة خاصة على النساء البيض مقارنة بباقي الأعراق".

وأشار مقال "نيتشر" إلى أنه فيما يناضل بعض الباحثين من أجل "تغيير هذا الواقع"، تواجه ثقافة مقاومة قوية جهودهم. في هذا السياق تقول المستشارة العلمية في شركة استشارية تكنولوجية ببرلين، سابين ويبر،  رغم كل هذا الانبهار بالذكاء الاصطناعي إلا أن الأوساط الأكاديمية مازالت متحفظة بشأن قضايا التعدد"، مضيفة أن الرجال البيض في منتصف العمر من خلفيات ثرية يهيمنون في الغالب على المجال.

وتحدثت مجلة Nature إلى خمسة باحثين من خلفيات متعددة تقول إنهم "يقودون جهود التغيير وجعل نظام العمل في قطاع الذكاء الاصطناعي أكثر إنصافا".

صعوبات تواجه قارة أفريقيا

دلالي أغبينيجا، كبير مديري علوم البيانات في Shopify في أتلانتا، ورئيس منصة "Indaba" للتعلم الإلكتروني والذكاء الصناعي، أكد على التحديات التي تواجه الباحثين الأفارقة في مجال صناعة الذكاء الاصطناعي، لافتا إلى أن أبرز الصعوبات تتمثل في ضعف التمويل وغياب البنيات الرقمية المناسبة في عدد من دول القارة.

ويقول دلالي ذي الأصول الغانية والحاصل على درجة الماجستير في الإحصاء من جامعة أكرون بولاية أوهايو، إن المنظمة التي يرأسها والتي تنظم  تظاهرات متعددة في دول أفريقية متنوعة تهدف إلى تكوين شبكة من الباحثين والمهندسين والمبرمجين المحليين لقيادة المشاريع التقنية المحلية، من خلال تدريبهم على على البرمجة والتعامل مع مختلف أنواع البيانات، غير أنه يؤكد على أن التحدي الأول الذي يواجهونه يتمثل في ضعف الموارد. 

"حالتنا الاقتصادية تجعل تركيز الحكومة ومعظم الغانيين على الخبز اليومي للناس"، ويضيف: "معظم الغانيين لا يفكرون حتى في التحول التكنولوجي. ولا يمتلك العديد من الأكاديميين المحليين الخبرة اللازمة لتعليم الطلاب، لتأسيسهم حقًا في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي".

وأوضح أن معظم الخوارزميات والأنظمة المستخدمة في أفريقيا اليوم صممت من قبل أشخاص من خارج القارة، فيما يغيب منظور القارة ورؤيتها، وبالتالي قد تظهر تحيزات مؤثرة، كاشفا أن "البيانات الأفريقية لا تمثل أكثر من 1 بالمئة من معظم مجموعات بيانات التعلم الآلي في صناعة الذكاء الاصطناعي.

فرص الأشخاص في وضعية إعاقة

من جانبها، تتحدث ماريا سكلاريدو، طالبة دكتوراه في الإحصاء الحيوي بجامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة ، ومؤسسة ورئيسة {Dis} Ability in AI {Dis} وهي منظمة تهدف إلى دعم الأشخاص ذوي الإعاقة في مجال الذكاء الصناعي، (تتحدث) عن الصعوبات الكثيفة التي تعترض الأشخاص في وضعية إعاقة في القطاع.

تقول: "قمت بتأسيس المنظمة في عام 2018، لأنني أدركت أن الأشخاص ذوي الإعاقة مثلي لا يتم تمثيلهم في المؤتمرات ولا تتاح لهم الفرص المتاحة لغيرهم".

وشارك العديد من الباحثين في وضعية إعاقة مخاوفهم مع المنظمة بشأن الإكراهات التي يواجهونها في الذكاء الاصطناعي، بحسب المتحدثة التي تبرز أن بعضهم قال إنهم "لن يشعروا بالأمان عند مشاركة تفاصيل إعاقتهم لأنهم إذا فعلوا ذلك، قد لا يحصلون على ترقية، أو يعاملوا بمساواة، أو يحصلوا على نفس الفرص مثل زملائهم أو حتى تقاضي نفس الراتب.."، تضيف ماريا تعرض بعض باحثي الذكاء الاصطناعي "للتنمر وشعروا أنهم إذا تحدثوا عن حالتهم مرة أخرى، فقد يفقدوا وظائفهم".

وتشدد المتحدثة ذاتها أن "جميع الفئات يجب أن تكون جزءا من مجتمع الذكاء الاصطناعي، حتى يتم أخذ وضعيتهم وظروفهم بعين الاعتبار في تدريب الخوارزميات الجديدة"، مشيرة أيضا إلى ضرورة مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة لإلقاء محاضرات مثلا والمشاركة والحضور التفاعل مع مجتمعنا بشكل عادل ومتساوٍ.

الكوير في الذكاء الاصطناعي

من جهته، يقول ويليام أجنيو، طالب دكتوراه في علوم الكمبيوتر بجامعة واشنطن في سياتل، وعضو مجموعة "كوير في AI"، أن مجتمع صناعة الذكاء الاصطناعي لا يأخذ مفاهيم التنوع والشمول على محمل الجد"، موضحا أن في كل خطوة على الطريق، تواجه الجهود المبذولة لتعزيز ثقافة التنوع نقصا في التمويل والتقدير.

ويوضح المتحدث غالبا ما يتحدث "الكويرز" عن استمرار نقص الدعم كمشكلة قد تمنعهم من الاستمرار في مساراتهم الوظيفية في الذكاء الاصطناعي.

وتستخدم كلمة "كوير" كمصطلح شامل بدلا من تحديد الاختلاف الجنسي بدقة، وهي مرادفة لمصطلح lgbtq+؛ وبالتالي هو الشخص الذي ينتمي إلى أي واحدة من هذه التعريفات، والـ + التي أضيفت على مصطلح lgbtq تشير إلى كافة الاختلافات، في حين أن حرف q يشير إلى "كوير". 

ويلفت أكنيو إلى المشاكل المرتبطة بالتعامل مع بيانات الأشخاص المثليين وجمعها وإساءة استخدامها في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن هذا يبقى مصدر "قلق كبير إلى جانب أن التعلم الآلي الاصطناعي يقوم على تصنيف العناصر والأشخاص والتنبؤ بالنتائج بناء على نتائج سابقة، وهذا يتعارض أساسا مع فكرة الكوير، حيث تكون الهوية سائلة وغالبا ما تتغير بطرق مهمة وكبيرة، وبشكل متكرر طوال الحياة".

من جانبها، تقول سابين ويبر عملت سابقا كمهندس في شركة تكنولوجيا، قلت لرئيسي إنني الشخص الوحيد "الكوير" في الفريق المكون من 60 مطورا أو نحو ذلك، وأجاب: "كنت الشخص الوحيد الذي تقدم للوظيفة ولديه المؤهلات المطلوبة، من الصعب العثور على أشخاص مؤهلين".

غير أن ويبر تقول إن "الشركات لا تبحث بجدية، بالنسبة لهم يبدو الأمر كما يلي: نحن نجلس في مكان مرتفع. يأتي الجميع إلينا ويقدموا أنفسهم ". 

وبدلا من ذلك، تقول ويبر إن على الشركات أن تستعين بالأشخاص في المنظمات الكويرية والمنظمات النسوية، مضيفة أن النساء في الجامعات يدرسن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ويمكن الشركات الذهاب إليهن بسهولة.

تطوير "الذكاء الصناعي اللاتيني"

لورا مونتويا، المديرة التنفيذية لمعهد Acceler.AI وLatinX للذكاء الاصطناعي في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، تعمل منذ سنوات على تطوير وتلبية احتياجات المجتمع اللاتيني من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تحدثت أيضا للمجلة عن تجربتها.

وأطلقت ماريا قبل 7 سنوات مبادرة Acceler.AI كشركة تعليمية تساعد الأشخاص الذين يعانون من "نقص التمثيل" أو ضعف خدمات الذكاء الاصطناعي، وتهمل اليوم في قيادة الذكاء الاصطناعي في مبادرات التأثير الاجتماعي. 

كما شاركت مرايا في تأسيس برنامج LatinX in AI، وهو هيئة مهنية لمساعدة الأشخاص من أصول لاتينية، مضيفة أن إدراكها لضرورة لضع خيارات تعليمية بديلة للأشخاص مثلي "امرأة لاتينية"، كان وراء خطوة إطلاقها البرنامج.

وتضيف المتحدثة ذاتها، في وقت لاحق وخلال مشاركتي في مؤتمرات للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، التقيت بأشخاص آخرين من نفس خلفيتي اللاتينية وأطلقنا ورشات عمل بحثية وبرنامجا إرشاديا مدته ثلاثة أشهر لمعالجة مشكلة هجرة الأدمغة التي تتفاقم برحيل الباحثين لأمريكا اللاتينية إلى أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا. 

وفي عام 2022، تكشف ماريا، أطلقنا برنامج "الكمبيوتر العملاق" الذي يهدف لتوفير الوصول البحثي إلى موارد الحوسبة عالية الأداء في  حرم غوادالاخارا التابع لمعهد مونتيري للتكنولوجيا في المكسيك، والذي سيمكن الباحثين والطلاب المحليين الوصول إلى هذه الأجهزة للبحث في الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق. 

وكلاء الذكاء الاصطناعي

في عالم يتسابق باتجاه التحول الرقمي الكامل، لم يعد الذكاء الاصطناعي خيالا علميا، بل محركا صامتا يعيد تشكيل وجودنا في العمل وفي التفاعل الاجتماعي وأنماط العيش.

 من الصوت داخل هاتفك، إلى الروبوت على خط الإنتاج، أصبح وكلاء الذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا من حياتنا اليومية.

من هم هؤلاء الوكلاء؟ 

كيف يعملون؟ 

ولماذا التحذيرات من أننا قد نفقد السيطرة عليهم؟

وكيل الذكاء الاصطناعي

افترض أنك تستيقظ صباحا وتطلب من هاتفك ترتيب جدول أعمالك، أو أن تقودك سيارتك إلى العمل بينما تتصفح أنت كومبيوترك اللوحي، أو أن يقترح عليك تلفزيونك الذكي مشاهدة فليم يناسب مزاجك.

هذه المهام تعتمد كلها على وكلاء الذكاء الاصطناعي.

في اللغة الرقمية، وكيل الذكاء الاصطناعي هو نظام برمجي ذكي قادر على إدراك البيئة المحيطة، وتحليل البيانات، واتخاذ قرارات لتحقيق أهداف محددة، وغالبا دون تدخل بشري مباشر. 

مرة أخرى، يمكن أن يكون الوكيل مساعدا صوتيا مثل "سيري" أو "أليكسا"، أو نظام تخصيص "أو توصيات" مثل نتفليكس وأمازون، أو روبوتا صناعيا يعمل على خطوط الإنتاج.

يتفاعل بعض الوكلاء مع المحفزات الآنية، بينما يعتمد البعض الآخر على أهداف محددة أو قرارات مبنية على تعظيم الفائدة. وهناك من يتعلم باستمرار من تجاربه — ليحسن أداءه مع الوقت.

مشهد الابتكار... والقلق

يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة. ففي التصنيع، تعمل الروبوتات بدقة وكفاءة. في الطب، تساعد الأنظمة الذكية في التشخيص. وفي عالم الأموال، تقود أنظمة الكشف عن الاحتيال وتقدم مقترحات بشأن الاستثمارات.

يساهم وكالاء الذكاء الاصطناعي في، زيادة الإنتاجية، وتقليل التكاليف التشغيلية، ودعم اتخاذ قرارات أكثر ذكاء، وفي تقديم خدمات يمكن توسيعها وتكييفها.

لكن فوائد الوكلاء تسير يدا بيد مع مخاطر موازية. يمكن التلاعب بوكلاء الذكاء الاصطناعي أو اختراقهم. وقد يرثون الانحياز البشري بناء على بيانات غير موضوعية. ويمكن أن يؤدي الإفراط في الاعتماد على الوكلاء إلى تآكل المهارات البشرية الأساسية. 

والأسوأ، إن لم نضبطهم بشكل صحيح، قد يتصرفون بطريقة مفاجئة وربما ضارة.

تحذير الأب الروحي

"أسرع مما توقعه كثيرون،" يقول جيفري هينتون، المعروف بـ"الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،" الحائز على جائزة نوبل، في مقابلة مع شبكة CBS News، تعبيرا عن قلقه من سرعة تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي.

"علينا أن نبدأ الآن في التفكير بكيفية تنظيم هذه الأنظمة،" يضيف، "الخطر لا يقتصر على استبدال الوظائف، بل يشمل إمكانية أن تتجاوز قدراتنا الفكرية".

وأشار إلى هينتون إلى أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي بدأت باتخاذ قرارات ذاتية دون رقابة بشرية، وذكر تطبيقات عسكرية واستخدامات مثيرة للجدل مثل اختيار الأجنة.

ويحذر هينتون من أن القوانين الخاصة بالذكاء الاصطناعي غير كافية حتى الآن، وخطيرة.

التحدي الأكبر: السيطرة

الخوف لم يعد نظريا فقط. فبعض النماذج الحالية قادرة على التعلم الذاتي وحل المشكلات بشكل مستقل ما يعقد محاولات السيطرة عليها.

وفي الحديث عن علاقتنا بالذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال أساسي : هل يمكننا ضمان توافق هؤلاء الوكلاء مع القيم الإنسانية؟ وماذا إذا لم نتمكن من ذلك؟

تبقى المخاطر باهظة الكلفة. إذ يؤدي غياب التوافق الأخلاقي إلى مراقبات جماعية، ونشر معلومات مضللة، بما يهدد السلامة العامة والديمقراطيات في الدول الديمقراطية. 

ويزعم نقاد الآلة أن الشركات الكبرى تنشر نماذج قوية دون رقابة كافية، وتُفضل الربح على السلامة العامة.

الموازنة بين التقدم والأخلاق

وللمضي في هذا المسار، يدعو خبراء إلى تأسيس أطر تنظيمية عالمية تتضمن المبادئ الأخلاقية والشفافية والمساءلة لتطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي.

ويرى الخبراء ألا غنى عن السياق الثقافي. ففي بعض المجتمعات، قد تلعب قيم راسخة في خلق فجوة في الوعي الرقمي. لذلك، لا يكفي التطور التقني، بل يتطلب أيضا بناء الثقة المجتمعية.

الطريق إلى الأمام

الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدين. إنه مفتاح لحل بعض أعقد مشكلات البشرية، إذا تمت إدارته بحكمة.

ومع تزايد المخاوف بشأن استقلالية وكلاء الذكاء الاصطناعي، تصبح الحاجة لتطويرهم وتوجيههم أكثر إلحاحا.