"ميتا" ليس لديها على ما يبدو أي قواعد خاصة بالذكاء الاصطناعي
"ميتا" ألغت التوصية التي تروج للحسابات السياسية

وقّع المئات من صناع المحتوى السياسي والإخباري، إلى جانب نشطاء وصحفيين، رسالة مفتوحة إلى شركة "ميتا" يطلبون منها التراجع عن قرارها بالحد من الوصول للحسابات التي تنشر "محتوى سياسيا" على "إنستغرم" و"ثردز"، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وطالب هؤلاء من شركة "ميتا" أن تمنح المستخدمين الفرصة "للمشاركة في تحديد مثل هذه القيود بدلا من تغيير الإعدادات الافتراضية لجميع الحسابات، بهدف تقييد المحتوى السياسي".

وجاء في الرسالة: "باعتبارنا مستخدمين لمنصات ميتا، لم نختر إلغاء الاشتراك تلقائيا في تلقي المحتوى السياسي المقترح حول النشاط المدني وتحديثات الأخبار".

وأضافت الرسالة: "إزالة التوصيات السياسية كإعداد افتراضي، وبالتالي منع الناس من رؤية المحتوى السياسي المقترح يشكل تهديدا خطيرا للمشاركة السياسية والتعليم والنشاط".

وكانت "ميتا" قد أعلنت في فبراير، أنها لم تعد توصي بمحتوى يتعلق بالسياسة والقضايا الاجتماعية على منصتي التواصل الاجتماعي "إنستغرام" و"ثردز"، اللتين لهما ملايين المستخدمين.

وأثار القرار قلق المستخدمين الذين ينشرون محتوى متعلقا بقضايا اجتماعية، بما في ذلك حقوق مجتمع الميم عين وحقوق المرأة وعدم المساواة العرقية وتجاه ذوي الإعاقة.

ويقول الصحفيون المستقلون وصناع المحتوى، إنهم يكافحون للوصول إلى جماهيرهم في الأسابيع الأخيرة، منذ بدء التغيير، لافتين إلى أن إلغاء التوصيات "أثر بشكل كبير على المبدعين من السود والإناث وذوي الإعاقة ومجتمع الميم عين".

وقالت كي بولانكو، المؤسس الشريك لـ "@Feminist"، وهي صفحة إخبارية على إنستغرام تغطي قضايا حقوق المرأة والإجهاض، إن التغيير كان "مدمرا". 

وفي الأسبوع الذي فرضت فيه "ميتا" القيود، شهدت صفحتها انخفاضا في الزيارات من 10 ملايين مستخدم إلى 800 ألف.

وقالت بولانكو إن الحسابات الأخرى التي تنشر بشأن قضايا مماثلة، أخبرتها أنها شهدت أيضا انخفاضا كبيرا في عدد الجمهور، مردفة أن الإجراء الجديد "يضر بوصول الناس إلى المعلومات، وقدرتهم على العثور على معلومات دقيقة".

ولم تقدم "ميتا" تفاصيل عن عدد المنشورات التي تأثرت بالسياسة السياسية، ومن المستحيل معرفة عدد المرات التي كان من الممكن أن يوصى فيها بحساب ما بموجب السياسة السابقة.

في الناحية المقابلة، قال المتحدث باسم "ميتا"، آندي ستون، إن التغيير "يؤثر فقط على أنظمة التوصية، ويمتد لسنوات من العمل حول كيفية تعاملنا مع المحتوى السياسي، وتعاملنا معه بناء على ما أخبرنا الناس أنهم يريدونه".

وذكر أن الأشخاص سيتمكنون الآن من "التحكم فيما إذا كانوا يرغبون في التوصية بهذه الأنواع من المنشورات لهم من عدمه".

ونشرت العديد من المؤسسات الإخبارية، بما في ذلك صحيفة "واشنطن بوست"، تعليمات حول كيفية إلغاء الاشتراك في القيود.

ومع ذلك، لا يزال بعض المستخدمين الذين قاموا بإلغاء الاشتراك على الأقل يبلغون عن أنهم يرون محتوى أقل حول القضايا السياسية والاجتماعية.

وكلاء الذكاء الاصطناعي

في عالم يتسابق باتجاه التحول الرقمي الكامل، لم يعد الذكاء الاصطناعي خيالا علميا، بل محركا صامتا يعيد تشكيل وجودنا في العمل وفي التفاعل الاجتماعي وأنماط العيش.

 من الصوت داخل هاتفك، إلى الروبوت على خط الإنتاج، أصبح وكلاء الذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا من حياتنا اليومية.

من هم هؤلاء الوكلاء؟ 

كيف يعملون؟ 

ولماذا التحذيرات من أننا قد نفقد السيطرة عليهم؟

وكيل الذكاء الاصطناعي

افترض أنك تستيقظ صباحا وتطلب من هاتفك ترتيب جدول أعمالك، أو أن تقودك سيارتك إلى العمل بينما تتصفح أنت كومبيوترك اللوحي، أو أن يقترح عليك تلفزيونك الذكي مشاهدة فليم يناسب مزاجك.

هذه المهام تعتمد كلها على وكلاء الذكاء الاصطناعي.

في اللغة الرقمية، وكيل الذكاء الاصطناعي هو نظام برمجي ذكي قادر على إدراك البيئة المحيطة، وتحليل البيانات، واتخاذ قرارات لتحقيق أهداف محددة، وغالبا دون تدخل بشري مباشر. 

مرة أخرى، يمكن أن يكون الوكيل مساعدا صوتيا مثل "سيري" أو "أليكسا"، أو نظام تخصيص "أو توصيات" مثل نتفليكس وأمازون، أو روبوتا صناعيا يعمل على خطوط الإنتاج.

يتفاعل بعض الوكلاء مع المحفزات الآنية، بينما يعتمد البعض الآخر على أهداف محددة أو قرارات مبنية على تعظيم الفائدة. وهناك من يتعلم باستمرار من تجاربه — ليحسن أداءه مع الوقت.

مشهد الابتكار... والقلق

يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة. ففي التصنيع، تعمل الروبوتات بدقة وكفاءة. في الطب، تساعد الأنظمة الذكية في التشخيص. وفي عالم الأموال، تقود أنظمة الكشف عن الاحتيال وتقدم مقترحات بشأن الاستثمارات.

يساهم وكالاء الذكاء الاصطناعي في، زيادة الإنتاجية، وتقليل التكاليف التشغيلية، ودعم اتخاذ قرارات أكثر ذكاء، وفي تقديم خدمات يمكن توسيعها وتكييفها.

لكن فوائد الوكلاء تسير يدا بيد مع مخاطر موازية. يمكن التلاعب بوكلاء الذكاء الاصطناعي أو اختراقهم. وقد يرثون الانحياز البشري بناء على بيانات غير موضوعية. ويمكن أن يؤدي الإفراط في الاعتماد على الوكلاء إلى تآكل المهارات البشرية الأساسية. 

والأسوأ، إن لم نضبطهم بشكل صحيح، قد يتصرفون بطريقة مفاجئة وربما ضارة.

تحذير الأب الروحي

"أسرع مما توقعه كثيرون،" يقول جيفري هينتون، المعروف بـ"الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،" الحائز على جائزة نوبل، في مقابلة مع شبكة CBS News، تعبيرا عن قلقه من سرعة تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي.

"علينا أن نبدأ الآن في التفكير بكيفية تنظيم هذه الأنظمة،" يضيف، "الخطر لا يقتصر على استبدال الوظائف، بل يشمل إمكانية أن تتجاوز قدراتنا الفكرية".

وأشار إلى هينتون إلى أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي بدأت باتخاذ قرارات ذاتية دون رقابة بشرية، وذكر تطبيقات عسكرية واستخدامات مثيرة للجدل مثل اختيار الأجنة.

ويحذر هينتون من أن القوانين الخاصة بالذكاء الاصطناعي غير كافية حتى الآن، وخطيرة.

التحدي الأكبر: السيطرة

الخوف لم يعد نظريا فقط. فبعض النماذج الحالية قادرة على التعلم الذاتي وحل المشكلات بشكل مستقل ما يعقد محاولات السيطرة عليها.

وفي الحديث عن علاقتنا بالذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال أساسي : هل يمكننا ضمان توافق هؤلاء الوكلاء مع القيم الإنسانية؟ وماذا إذا لم نتمكن من ذلك؟

تبقى المخاطر باهظة الكلفة. إذ يؤدي غياب التوافق الأخلاقي إلى مراقبات جماعية، ونشر معلومات مضللة، بما يهدد السلامة العامة والديمقراطيات في الدول الديمقراطية. 

ويزعم نقاد الآلة أن الشركات الكبرى تنشر نماذج قوية دون رقابة كافية، وتُفضل الربح على السلامة العامة.

الموازنة بين التقدم والأخلاق

وللمضي في هذا المسار، يدعو خبراء إلى تأسيس أطر تنظيمية عالمية تتضمن المبادئ الأخلاقية والشفافية والمساءلة لتطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي.

ويرى الخبراء ألا غنى عن السياق الثقافي. ففي بعض المجتمعات، قد تلعب قيم راسخة في خلق فجوة في الوعي الرقمي. لذلك، لا يكفي التطور التقني، بل يتطلب أيضا بناء الثقة المجتمعية.

الطريق إلى الأمام

الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدين. إنه مفتاح لحل بعض أعقد مشكلات البشرية، إذا تمت إدارته بحكمة.

ومع تزايد المخاوف بشأن استقلالية وكلاء الذكاء الاصطناعي، تصبح الحاجة لتطويرهم وتوجيههم أكثر إلحاحا.