شركات الذكاء الاصطناعي تحاول حاليا استخدامه في صنع الأسلحة المستقبلية بشكل يلغي أي سيطرة بشرية.
شركات الذكاء الاصطناعي تحاول حاليا استخدامه في صنع الأسلحة المستقبلية بشكل يلغي أي سيطرة بشرية.

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن شركات الذكاء الاصطناعي تحاول حاليا استخدامه في صنع الأسلحة المستقبلية بشكل يلغي أي سيطرة بشرية، ما يهدد العالم بمخاطر كبيرة.

وقال بعض المسؤولين الأميركيين إنهم يشعرون بالقلق من إمكانية استخدام هذه القدرات قريبًا لتنفيذ هجمات إرهابية.

وأوضحت الصحيفة أن شركات التكنولوجيا ومنها شركة أوكرانية تسعى لجعل الحكم البشري على الاستهداف وإطلاق النار عرضيًا أو هامشيا بشكل متزايد، مشيرة إلى أن التوافر الواسع النطاق للأجهزة الجاهزة، والبرمجيات سهلة التصميم، وخوارزميات الأتمتة القوية، ورقائق الذكاء الاصطناعي الدقيقة المتخصصة، دفع سباق الابتكار القاتل إلى منطقة مجهولة، ما أدى إلى تغذية حقبة جديدة محتملة من الروبوتات القاتلة.

وأشارت إلى أن شركة فيري Vyriy هي مجرد واحدة من العديد من الشركات الأوكرانية التي تعمل على تحقيق قفزة كبيرة إلى الأمام في تسليح التكنولوجيا الاستهلاكية، مدفوعة بالحرب مع روسيا. وقد أدى الضغط من أجل التفوق على العدو، إلى جانب التدفقات الضخمة من الاستثمارات والتبرعات والعقود الحكومية، إلى تحويل أوكرانيا إلى وادي السيليكون للطائرات بدون طيار ذاتية القيادة وغيرها من الأسلحة.

أوكرانيا بدأت تستخدم الذكاء الاصطناعي لصنع الطائرات بدون طيار.

وأوضحت الصحيفة أن الإصدارات الأكثر تقدمًا من التكنولوجيا التي تسمح للطائرات بدون طيار وغيرها من الآلات بالعمل بشكل مستقل أصبحت ممكنة بفضل التعلم العميق، وهو شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي، الذي يستخدم كميات كبيرة من البيانات لتحديد الأنماط واتخاذ القرارات.

ووفقا للصحيفة، ساعد التعلم العميق في إنشاء نماذج لغوية كبيرة شائعة، مثل "شات جي بي تي 4" التابع لشركة "أوب إيه أي"، لكنه يساعد أيضًا في جعل هذه النماذج تفسر وتستجيب في الوقت الفعلي للفيديو ولقطات الكاميرا. وهذا يعني أن هذا البرنامج يمكن تطويره ليصبح الآن أداة قاتلة.

أوكرانيا بدأت تستخدم الذكاء الاصطناعي لصنع الطائرات بدون طيار.

وفي أكثر من اثنتي عشرة مقابلة مع رجال الأعمال والمهندسين والوحدات العسكرية الأوكرانية، ظهرت صورة للمستقبل القريب عندما تتمكن أسراب من الطائرات بدون طيار ذاتية التوجيه من تنسيق الهجمات، ويمكن للمدافع الرشاشة ذات الرؤية الحاسوبية أن تسقط الجنود تلقائيًا. ويجري أيضًا تطوير المزيد من الإبداعات الغريبة، مثل المروحية التي تحلق بدون طيار والتي تحمل مدافع رشاشة، بحسب الصحيفة.

وتري الصحيفة أنه في حين أن هذه الأسلحة ليست متقدمة مثل الأنظمة العسكرية الباهظة الثمن التي تصنعها الولايات المتحدة والصين وروسيا، فإن ما يجعل هذه التطورات مهمة هو تكلفتها المنخفضة، والتي لا تتعدى آلاف الدولارات أو أقل، وكذلك سهولة توافرها.

شركات الذكاء الاصطناعي تحاول حاليا استخدامه في صنع الأسلحة المستقبلية بشكل يلغي أي سيطرة بشرية.

وباستثناء الذخائر، ذكرت الصحيفة أنه تم تصنيع العديد من هذه الأسلحة باستخدام كود موجود عبر الإنترنت ومكونات مثل أجهزة كمبيوتر الهواة، مثل Raspberry Pi، التي يمكن شراؤها من متاجر الأجهزة الإلكترونية مثل "بيست باي".

وترى الصحيفة أنه بالنسبة لأوكرانيا، يمكن أن توفر هذه التقنيات ميزة أمام روسيا، التي تعمل أيضًا على تطوير أدوات قاتلة مستقلة أو ببساطة تساعدها على مواكبة التقدم.

لكن هذه الأنظمة تثير الحديث حول المخاطر في نقاش دولي بشأن التداعيات الأخلاقية والقانونية للذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة، بحسب الصحيفة التي أوضحت أن جماعات حقوق الإنسان ومسؤولو الأمم المتحدة يرغبون في الحد من استخدام الأسلحة ذاتية التشغيل خوفًا من أنها قد تؤدي إلى سباق تسلح عالمي جديد قد يخرج عن نطاق السيطرة.

أوكرانيا بدأت تستخدم الذكاء الاصطناعي لصنع الطائرات بدون طيار.

ولكن الصحيفة أشارت إلى أنه في أوكرانيا، تعتبر مثل هذه المخاوف ثانوية بالنسبة لمحاربة الغزاة. وقد تم بالفعل استخدام طائرات بدون طيار ذاتية التحكم، مثل طائرة شركة "فيري"، في القتال لضرب أهداف روسية، وفقًا لمسؤولين أوكرانيين ومقطع فيديو تم التحقق منه بواسطة صحيفة "نيويورك تايمز".

وقال ميخايلو فيدوروف، وزير التحول الرقمي الأوكراني، الذي قاد جهود البلاد لاستخدام الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا لتوسيع القدرات القتالية المتقدمة: "نحن بحاجة إلى أقصى قدر من الأتمتة، وهذه التقنيات أساسية لانتصارنا".

وأضاف أن "الحكومة تعمل على تمويل شركات الطائرات بدون طيار لمساعدتها على زيادة الإنتاج بسرعة".

لكن الصحيفة تشير إلي أنه تلوح في الأفق أسئلة كبرى حول مستوى الأتمتة المقبول، موضحة أنه في الوقت الحالي، تتطلب الطائرات بدون طيار من الطيار أن يلتصق بالهدف، ويبقي "الإنسان على اطلاع"، وهي عبارة غالبًا ما يستشهد بها صناع الذكاء الاصطناعي.

لكن الجنود الأوكرانيين أعربوا عن مخاوفهم بشأن احتمال قيام طائرات بدون طيار ذاتية التشغيل بضرب قواتهم. وفي المستقبل، قد لا تكون هناك قيود على هذه الأسلحة.

ووفقا للصحيفة، انتشرت المصانع والمختبرات المؤقتة في جميع أنحاء أوكرانيا لبناء آلات يتم التحكم فيها عن بعد من جميع الأحجام، بدءًا من الطائرات بعيدة المدى والقوارب الهجومية وحتى طائرات الكاميكازي بدون طيار الرخيصة، والتي يتم اختصارها بـ FPVs، للعرض من منظور الشخص الأول، لأنها تسترشد بطيار يرتدي زيًا عسكريًا ونظارات تشبه الواقع الافتراضي توفر رؤية من الطائرة بدون طيار.

وذكرت أن العديد من هذه الأسلحة هي سلائف للآلات التي ستعمل في نهاية المطاف من تلقاء نفسها.

أوكرانيا بدأت تستخدم الذكاء الاصطناعي لصنع الطائرات بدون طيار.

وأوضحت أن بعض الشركات، مثل "فيري"، تستخدم خوارزميات رؤية الكمبيوتر الأساسية، التي تحلل الصور وتفسرها وتساعد الكمبيوتر على اتخاذ القرارات. وهناك شركات أخرى أكثر تطوراً، حيث تستخدم التعلم العميق لبناء برامج يمكنها تحديد الأهداف ومهاجمتها.

وقالت العديد من الشركات إنها سحبت البيانات ومقاطع الفيديو من أجهزة محاكاة الطيران ورحلات الطائرات بدون طيار في الخطوط الأمامية.

وقام أحد صانعي الطائرات بدون طيار الأوكراني، Saker، "ساكر" ببناء نظام استهداف مستقل باستخدام الذكاء الاصطناعي. وخلال فصل الشتاء، بدأت الشركة بإرسال تقنيتها إلى الخطوط الأمامية، واختبار أنظمة مختلفة مع طياري الطائرات بدون طيار، ثم ارتفع الطلب.

وبحلول شهر ، كانت شركة "ساكر" تنتج أجهزة كمبيوتر ذات دائرة واحدة بكميات كبيرة ومزودة ببرامجها التي يمكن ربطها بسهولة بـ FPV. وضربت العديد من الوحدات العسكرية الأوكرانية بالفعل أهدافًا روسية على الخطوط الأمامية باستخدام تكنولوجيا "ساكر"، وفقًا للشركة ومقاطع الفيديو التي أكدتها "نيويورك تايمز".

ووفقا للصحيفة، ذهبت "ساكر" إلى أبعد من ذلك في الأسابيع الأخيرة، حيث نجحت في استخدام طائرة استطلاع بدون طيار حددت الأهداف باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وذكرت الصحيفة أنه ظهرت العديد من الأسلحة الأخرى على الخطوط الأمامية باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي المدربة لتتبع الأهداف وإطلاق النار عليها تلقائيًا.

ويجري تطوير العديد من الابتكارات الأوكرانية لمواجهة الأسلحة الروسية المتقدمة. وباستخدام الأسلحة الآلية، لا يموت أي إنسان عند إصابة مدفع رشاش. ويمكن للخوارزميات الجديدة، التي لا تزال قيد التطوير، أن تساعد في نهاية المطاف في إطلاق النار على الطائرات الروسية بدون طيار في السماء.

وعلى نحو لا يختلف عن ميزة التعرف على الأشياء الموجودة في كاميرات المراقبة، فأوضحت الصحيفة أن البرامج الموجودة على الشاشة تحيط بالبشر وغيرهم من الأهداف المحتملة باستخدام صندوق رقمي. وكل ما تبقى لمطلق النار أن يفعله هو سحب الزناد عن بعد باستخدام وحدة تحكم ألعاب الفيديو.

وفي الوقت الحالي، يقول صانعو الأسلحة إنهم لا يسمحون للمدفع الرشاش بإطلاق النار دون ضغط الإنسان على الزر. لكنهم قالوا أيضًا إنه سيكون من السهل صنع واحدة قادرة على ذلك، بحسب الصحيفة.

وكلاء الذكاء الاصطناعي

في عالم يتسابق باتجاه التحول الرقمي الكامل، لم يعد الذكاء الاصطناعي خيالا علميا، بل محركا صامتا يعيد تشكيل وجودنا في العمل وفي التفاعل الاجتماعي وأنماط العيش.

 من الصوت داخل هاتفك، إلى الروبوت على خط الإنتاج، أصبح وكلاء الذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا من حياتنا اليومية.

من هم هؤلاء الوكلاء؟ 

كيف يعملون؟ 

ولماذا التحذيرات من أننا قد نفقد السيطرة عليهم؟

وكيل الذكاء الاصطناعي

افترض أنك تستيقظ صباحا وتطلب من هاتفك ترتيب جدول أعمالك، أو أن تقودك سيارتك إلى العمل بينما تتصفح أنت كومبيوترك اللوحي، أو أن يقترح عليك تلفزيونك الذكي مشاهدة فليم يناسب مزاجك.

هذه المهام تعتمد كلها على وكلاء الذكاء الاصطناعي.

في اللغة الرقمية، وكيل الذكاء الاصطناعي هو نظام برمجي ذكي قادر على إدراك البيئة المحيطة، وتحليل البيانات، واتخاذ قرارات لتحقيق أهداف محددة، وغالبا دون تدخل بشري مباشر. 

مرة أخرى، يمكن أن يكون الوكيل مساعدا صوتيا مثل "سيري" أو "أليكسا"، أو نظام تخصيص "أو توصيات" مثل نتفليكس وأمازون، أو روبوتا صناعيا يعمل على خطوط الإنتاج.

يتفاعل بعض الوكلاء مع المحفزات الآنية، بينما يعتمد البعض الآخر على أهداف محددة أو قرارات مبنية على تعظيم الفائدة. وهناك من يتعلم باستمرار من تجاربه — ليحسن أداءه مع الوقت.

مشهد الابتكار... والقلق

يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة. ففي التصنيع، تعمل الروبوتات بدقة وكفاءة. في الطب، تساعد الأنظمة الذكية في التشخيص. وفي عالم الأموال، تقود أنظمة الكشف عن الاحتيال وتقدم مقترحات بشأن الاستثمارات.

يساهم وكالاء الذكاء الاصطناعي في، زيادة الإنتاجية، وتقليل التكاليف التشغيلية، ودعم اتخاذ قرارات أكثر ذكاء، وفي تقديم خدمات يمكن توسيعها وتكييفها.

لكن فوائد الوكلاء تسير يدا بيد مع مخاطر موازية. يمكن التلاعب بوكلاء الذكاء الاصطناعي أو اختراقهم. وقد يرثون الانحياز البشري بناء على بيانات غير موضوعية. ويمكن أن يؤدي الإفراط في الاعتماد على الوكلاء إلى تآكل المهارات البشرية الأساسية. 

والأسوأ، إن لم نضبطهم بشكل صحيح، قد يتصرفون بطريقة مفاجئة وربما ضارة.

تحذير الأب الروحي

"أسرع مما توقعه كثيرون،" يقول جيفري هينتون، المعروف بـ"الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،" الحائز على جائزة نوبل، في مقابلة مع شبكة CBS News، تعبيرا عن قلقه من سرعة تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي.

"علينا أن نبدأ الآن في التفكير بكيفية تنظيم هذه الأنظمة،" يضيف، "الخطر لا يقتصر على استبدال الوظائف، بل يشمل إمكانية أن تتجاوز قدراتنا الفكرية".

وأشار إلى هينتون إلى أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي بدأت باتخاذ قرارات ذاتية دون رقابة بشرية، وذكر تطبيقات عسكرية واستخدامات مثيرة للجدل مثل اختيار الأجنة.

ويحذر هينتون من أن القوانين الخاصة بالذكاء الاصطناعي غير كافية حتى الآن، وخطيرة.

التحدي الأكبر: السيطرة

الخوف لم يعد نظريا فقط. فبعض النماذج الحالية قادرة على التعلم الذاتي وحل المشكلات بشكل مستقل ما يعقد محاولات السيطرة عليها.

وفي الحديث عن علاقتنا بالذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال أساسي : هل يمكننا ضمان توافق هؤلاء الوكلاء مع القيم الإنسانية؟ وماذا إذا لم نتمكن من ذلك؟

تبقى المخاطر باهظة الكلفة. إذ يؤدي غياب التوافق الأخلاقي إلى مراقبات جماعية، ونشر معلومات مضللة، بما يهدد السلامة العامة والديمقراطيات في الدول الديمقراطية. 

ويزعم نقاد الآلة أن الشركات الكبرى تنشر نماذج قوية دون رقابة كافية، وتُفضل الربح على السلامة العامة.

الموازنة بين التقدم والأخلاق

وللمضي في هذا المسار، يدعو خبراء إلى تأسيس أطر تنظيمية عالمية تتضمن المبادئ الأخلاقية والشفافية والمساءلة لتطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي.

ويرى الخبراء ألا غنى عن السياق الثقافي. ففي بعض المجتمعات، قد تلعب قيم راسخة في خلق فجوة في الوعي الرقمي. لذلك، لا يكفي التطور التقني، بل يتطلب أيضا بناء الثقة المجتمعية.

الطريق إلى الأمام

الذكاء الاصطناعي سيف ذو حدين. إنه مفتاح لحل بعض أعقد مشكلات البشرية، إذا تمت إدارته بحكمة.

ومع تزايد المخاوف بشأن استقلالية وكلاء الذكاء الاصطناعي، تصبح الحاجة لتطويرهم وتوجيههم أكثر إلحاحا.