خبر مضلل واحد، في توقيت حرج، كان كفيلا بتعريض دولة عظمى مثل بريطانيا لاضطرابات خطيرة، استمرت على مدى أيام، وهددت الواقع الأمني في مدن عدة، بعد اندلاع أعمال شغب ومواجهات عنيفة مع الشرطة واستهداف للمهاجرين، تخلله حرق وتحطيم ممتلكات.
فوضى لم تشهد البلاد مثيل لها منذ أكثر من 12 عاماً، كان سببها معلومة مضللة من مصدر غير موثوق بتاتاً، عن هوية قاتل 3 فتيات صغيرات في جريمة شهدها شمال غرب إنكلترا أواخر يوليو، تفيد بأن مهاجرا من المسلمين المتشددين، يُشتبه في أنه نفذ هجوما بسكين على أطفال خلال حفل راقص في مدينة ساوثبورت.
انتشار هذه المعلومة على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، أشعل احتجاجات لأنصار اليمين المتطرف، لم تتوقف في حينها، رغم إعلان السلطات هوية المشتبه به الفعلي، أكسل روداكوبانا، البالغ من العمر 17 عاماً، وهو من مواليد كارديف في ويلز.
دولة عظمى أخرى، الولايات المتحدة، تنظر إلى حملات التضليل والأخبار الزائفة التي تواجهها، باعتبارها واحدة من أبرز التحديات التي تهدد مسار أكبر حدث ديمقراطي فيها، الانتخابات الرئاسية التي تأتي هذه المرة في ظل تطور تقني هائل، لم يسبق له مثيل، يحمل انعكاسات كبيرة، بعضها سلبي، مثل تسهيل مهمة المضللين ومروجي الأخبار الزائفة.
يأتي ذلك في وقت كان للولايات المتحدة تجارب سابقة خلال الانتخابات الماضية، مع حملات التضليل والمعلومات المزيفة، تركت تأثيراً متفاوتاً بحسب تقارير عدة، على العملية الانتخابية، ومزاج الشارع الأميركي، وساهمت خلال احداث معينة (اقتحام الكابيتول في يناير 2021) في تهديد السلم والأمن في البلاد.
يتضح من خلال ذلك، مدى الخطورة المتفاقمة للمعلومات الزائفة والحملات المضللة على واقع العالم ككل، وعلى الدول والمجتمعات المحلية، بعدما تحولت إلى ظاهرة تلازم أي حدث عالمي أو كارثة أو جائحة، وبات انتشارها في زمن الأزمات حتمية لا مفر منها، في عالم يعيش ذروة ثورة رقمية، حولت مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المحادثات إلى مصدر أول لمعلومات الجمهور، فجعلتهم بذلك عرضة لشتى أنواع التزييف والتزوير، فيما تأثيراتها تزداد خطورة يوما بعد يوم، إذ باتت قادرة على تحريك الشوارع وتهديد السلم الأهلي والاستقرار.
يأتي ذلك في وقت، ازدادت وتيرة حملات التوعية على مخاطر الاخبار الزائفة والوقاية من حملات التضليل، كما سجل عالمياً وعي أكبر بهذه المسألة وبأساليب مكافحتها والتحقق من الأخبار، إذ باتت تنتشر منصات التدقيق في كافة الدول والمجالات والوسائل الإعلامية، وهو ما كان يفترض أن ينعكس على انسياقٌ جماهيري أقل خلف الأخبار الكاذبة وحملات التضليل، فما العوامل التي أدت إلى نتائج عكسية مثل التي يشهدها العالم اليوم؟
عوامل مساهمة
لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي، وبكونها الساحة الأكبر لانتشار هذه الأخبار، تتحمل جزءا كبيراً من المسؤولية عن إتاحة الوصول الأوسع للجمهور، في مقابل إجراءات غير فعالة تماماً، تتخذها الشركات في إطار مكافحة المعلومات المزيفة.
الإشاعات والفبركة والمعلومات المزيفة، ولو كانت موضوعاً حديثاً بمصطلحاته الجديدة، إلا أنها ممارسة قديمة من عمر الإنسان وفق ما يلفت الصحفي والمدرب على تدقيق المعلومات في مؤسسة "مهارات"، حسين الشريف.
التطور الذي حصل، هو انتقال ميدان انتشار هذه المعلومات من التواصل المباشر المحدود بين الأشخاص، إلى مواقع التواصل الاجتماعي القادرة على الوصول لجميع الناس في وقت واحد، وإيصال المعلومات الزائفة لها، بحسب الشريف، في حين يفتقد المجتمع والجمهور، وحتى بعض الصحفيين، والمؤثرين للتوعية الإعلامية.
يؤكد الشريف في حديثه لموقع "الحرة" أن مواقع التواصل الاجتماعي "تحاول" أن تكافح التضليل عبر مبادرات خاصة بكل واحدة منها، "ولكن ليس بالشكل الكافي، خاصة في مقابل سرعة انتشار الخبر الزائف، في حين أن آلية استجابة هذه المنصات تأتي متأخرة بعض الشيء، إذ يكون الخبر انتشر والمعلومة المضللة وصلت إلى شريحة واسعة من الجمهور."
عامل التواصل الاجتماعي الواسع جداً اليوم بين الناس، الذي يجعل الشخص يتلقى كما هائلاً من المعلومات عبر منصات مختلفة بالتزامن، هو بحد ذاته عامل مؤثر جداً في انتشار المعلومات الخاطئة والمضللة، بحسب مديرة الشبكة العربية لمدققي المعلومات من فريق "أريج"، سجى مرتضى، ففي زحمة المعلومات التي يتلقاها الشخص "تنخفض قدرته على التحليل والتفكير في كل خبر، لا الوقت ولا الطاقة ولا الظروف تسمح للشخص في ظل التوترات والأحداث، أن يخصص جهداً لتحليل المعلومات والتدقيق فيها."
خاصة أن المعلومات التي يتلقاها الشخص على مواقع التواصل الاجتماعي، في أوقات متوترة خلال أحداث معينة، تصبح أكثر قابلية للتصديق، "بكون الناس نفسيا قلقة ومتوترة ولا تعرف كيف تتصرف، فيتلقفون أي معلومة في هذا السياق في محاولة فهمهم لما يجري."
وللخوارزميات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي دور مساعد في ظهور الأخبار الزائفة وانتشارها، مقابل دور أقل فعالية في مكافحتها، "خاصة أنها حتى اليوم لا تدعم توسيع انتشار ووصول المواد الخاصة بتدقيق المعلومات ومكافحة التضليل، بل على العكس أحيانا تعزز التضليل وتظهر صورة مختلفة عن الواقع."
وتعدد مرتضى عوامل نفسية لدى المتلقي، قد تلعب دوراً بارزاً في مدى تصديقه وانسياقه للخبر الزائف، على رأسها عامل الخوف. إذ يزداد احتمال التصديق حين تكون المعلومات متعلقة بمصير الناس وسلامتهم وحياتهم، وتعلق أكثر في أذهانهم ويكون احتمال تناقلها وإعادة نشرها أعلى.
وعلى سبيل المثال في بريطانيا، ولأن الأمور توترت وبات هناك أعمال شغب ومواجهات، "باتت الناس في حالة اللايقين مما يجري، فبات من الأسهل تصديق الأخبار المزيفة التي يتلقونها"، بحسب مرتضى.
وتشير الصحفية المختصة بمجال تدقيق المعلومات، إلى دور كبير أيضاً لتحيزات المتلقين وميولهم السياسية والدينية والطائفية، وآرائهم من القضايا وانسجامهم مع التزييف الحاصل، في زيادة انتشار الأخبار الزائفة المنسجمة معها وتصديقها والتفاعل معها، بينما يتراجع تأثير الخبر الزائف، كلما تناقض مع ما يعتقده المتلقي، أو يؤمن به، أو تحيزاته الشخصية.
"لذا فإننا خلال التثقيف على التربية الإعلامية ندعو عند تلقي الخبر إلى تحييد الميول، والتدقيق بصحته، مهما كان الخبر أو المعلومة تؤكد صحة اعتقاد شخصي ما"، بحسب مرتضى.
درجة متابعة موضوع معين والانغماس فيه، تلعب بدورها أيضاً دوراً في التعرض للأخبار الزائفة واحتمالية تصديقها، إذ أن المتابعة الحثيثة والسعي لتلقي أكبر قدر من المعلومات بشأن موضوع معين، يعرض أكثر لتلقي معلومات مزيفة، خاصة في ظل ظروف متوترة.
لذا تدعو مرتضى، "انطلاقاً من مبادئ التربية الإعلامية"، إلى تقييم المصادر التي يتلقى منها الفرد معلوماته وأخباره، واختيار على أساسها الوسيلة أو المنصة أو الحسابات الموثوقة لتلقي الأخبار منها، عوضاً عن التلقي العشوائي من كل اتجاه، "ما من شأنه أن يضعف قدرتنا على تنقيتها من الزائف والمضلل."
وبحسب الخبراء، تلعب غزارة الأحداث والتطورات الغريبة وغير المألوفة أو المتوقعة، التي يشهدها العالم في فترات متقاربة، "كما هو الحال الآن"، دوراً موازياً لما سبق في زيادة انتشار التضليل، إذ يسهل على الناس تقبل الأخبار المزيفة أيا كان موضوعها وفحواها، "فنفسية الناس تنتظر وتستعد للأمور الطارئة كتطورات لما يجري أصلا"، أي أن الخبر يكون منتظرا في سياقه، حتى لو مزيفاً.
وتشكل الأحداث الجارية، التي تثير جدلا عالمياً ومتابعة واسعة، ما يشبه أرضاً خصبة لتوليد وانتشار الأخبار المزيفة، في وقت تثبت الدراسات أن انتشار الخبر الزائف يكون أوسع من الأخبار الدقيقة والمدققة، وذلك "بسبب طبيعة الجمهور الذي يفضل الأخبار الصفراء المشوقة والمثيرة، التي تحقق بالأرقام دائما نسب مشاهدات أعلى، وبالتالي يلفت انتباهنا هذا النوع من الأخبار"، وفق ما يشرح الشريف.
ويذكر أن دراسة أجراها أكاديميون في جامعة أكسفورد البريطانية أظهرت أن القصص "غير المرغوب فيها" والأخبار المضللة أو الزائفة على منصة فيسبوك في أوروبا، تتفوق بشكل كبير على الأخبار الاحترافية التي مصدرها وسائل الإعلام الدارجة من حيث عدد المشاركات والإعجابات والتعليقات.
وسبق لدراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن أظهرت أن "الأخبار الزائفة تنتشر بمعدل 6 مرات أسرع من القصص الحقيقية، إذ يرتفع احتمال إعادة تداول الأخبار غير الحقيقية بنسبة تزيد عن 70 في المئة".
في مواجهة محترفين
ولا يغيب تأثير الحملات المدفوعة أو "البروباغندا"، على زيادة منسوب الأخبار الزائفة ورفع مستوى تأثيرها، بعدما " باتت الدول تحارب بعضها البعض بهذه الحملات المضللة."
وبناء على أكثر من تحقيق وتقرير، اتُهمت روسيا بلعب دور بارز في حملات تضليل تستهدف الولايات المتحدة وانتخاباتها.
وفي أعقاب أسبوع من الاحتجاجات العنيفة في بريطانيا، وجه ناشطون ومراقبون وسياسيون أصابع الاتهام إلى روسيا بتدبير حملة تضليل واسعة كانت وراء إطلاق معلومة مغلوطة على موقع إلكتروني غامض، مما أدى إلى أعمال الشغب واسعة النطاق، ووفق تقرير لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، نقل عن مصادر أمنية قولها إن الصين وروسيا لديهما فرق وشبكات كبيرة تعمل على حملات التضليل التي تغذي الانقسام الاجتماعي والعنف في المملكة المتحدة والديمقراطيات الغربية الأخرى.
ويشكل تصاعد خطاب الكراهية وزيادة الاستقطاب السياسي مناخاً مفضلاً لظهور موجات التضليل والأخبار الزائفة، إذ يصبح لها، وفق الشريف، تأثير أكبر يتيح انتقالاً أسهل للتأثيرات من مواقع التواصل إلى أرض الواقع، خاصة عندما يخاطب التضليل مزاج الناس وما يرغبون بسماعه، كأن يصب التضليل في صالح جهة ضد أخرى، أو ينمي من خطاب كراهية منتشر، ما يزيد انتشاره وموثوقيته.
من ناحيتها، تذكر مرتضى أن الناس اليوم باتت تواجه "جهات متخصصة ومحترفة"، تعرف تماماً ما تفعله ولماذا تروج خبراً معيناً، ومتى تفعل ذلك، وفي أي سياق، ووفق أي تقنية عرض وطريقة تقديم، وصولاً إلى التأثير المتوقع، "كل ذلك يجري دراسته خلال بث حملات التضليل الممنهجة."
هذه الجهات تتلاعب بتفاعلات الناس وتستغل عواطفهم في أوقات محددة، وتدرس تأثيرها وتفاعلهم سيكولوجياً، وباتت تعتمد أكثر على التقدم التقني الذي يساعدها بشكل كبير، وفق مرتضى، في جعل التضليل أسهل انتاجاً وأوسع انتشاراً وأكثر اقناعاً.
في المقابل نسبة كبيرة من الناس لم تتلق أي تربية إعلامية مناسبة للواقع الحالي، إذ يتحدث الخبراء عن نقص حاد في هذا الجانب يطال حتى المنخرطين في المجال الإعلامي، ووسائل التواصل الاجتماعي.
ورغم التوعية الحاصلة والوعي الأوسع للأخبار الزائفة وحملات التضليل، هناك شريحة واسعة من الناس لاسيما الأكبر سناً لم يتلقوا، بحسب مرتضى، أي تربية إعلامية مناسبة، بينما هم موجودون ومؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي.
أيضاً الشباب الأصغر عمراً، المتحمسون للقضايا التي يؤمنون بها، والمندفعون في إثباتها وبرهنة ما يؤمنون به، هم أيضا فريسة أسهل لحملات التضليل وتبني المعلومات المزيفة، بل ونقل آثارها إلى أرض الواقع والشارع.
هذه التربية الإعلامية التي من شأنها الحد من تأثير حملات التضليل على المجتمعات والأفراد، تبدأ وفق مديرة الشبكة العربية لمدققي المعلومات من التربية في المنزل، "من أين نحصل على المعلومة والأخبار؟ وكيف نتعامل مع المعلومة؟ ماذا تعلمت في المدرسة عن الموضوع؟ وهل كان هناك تحفيز لعملية التدقيق في المعلومات التي تتلقاها أم لا؟"
هناك دور أيضاً لشخصية الإنسان ومدى توفر الحس النقدي لديه تجاه ما يتلقاه، بحسب الخبراء، وهو ما يجعل أشخاصا يشككون فيما يتلقونه من معلومات وآخرون يصدقون كل شيء.
واقع الدول المستهدفة بالتضليل يؤثر على تفاعل الجمهور معه أيضاً، إذ تشرح مرتضى أن هناك بلدانا واقعها متوتر أصلاً وتشهد أحداثاً مستمرة ويتعرض مواطنوها لمعلومات مغلوطة بصورة مستمرة دون أن تؤثر في السلوك الجماعي، أو دون أن يؤدي انتشارها إلى تبديل في المزاج الشعبي السائد، "بينما الدول الأكثر استقراراً حين تتعرض لخضات مرفقة بحملات تضليل، يكون تأثيرها أكبر نتيجة التوتر والخوف والضغط غير المألوف الذي يصيب المجتمع."
لكن الدور الأساسي في هذا السياق يعود لطريقة التعامل العامة مع التضليل، فإما أن تشكل المجتمعات وعياً وحصانة ناتجة عن التماس المتكرر مع حملات التضليل، وفق مرتضى، وإما أن تصبح مجتمعات مشوشة ومضللة بالتزييف الممارس عليها، غير قادرة على التمييز بين الحقيقي والمزيف، "خاصة إن غابت عملية التصحيح والتدقيق التي من شأنها أن ترسخ في أذهان الناس معلومات خاطئة لم يجر تصحيحها."
ما العمل؟
في ظل هذا الواقع والعوامل المساعدة، قد تكون بعض الإجراءات التي يتخذها الأفراد خلال تصفحهم للإنترنت وتلقيهم للمعلومات، الحد الفاصل بين تلقي المعلومات الصحيحة أو الوقوع في فخ التضليل وحملاته، فضلاً عن مسؤوليات متعددة تقع على عاتق الدول في حماية مواطنيها وشركات مواقع التواصل الاجتماعي لحماية روادها، وحماية نفسها من التحول إلى منصات محتوى مزيف.
الحل في هذا الوضع، مزيج من كل ذلك، وفقاً للخبراء، الذين يشددون قبل أي شيء على دور التربية الإعلامية والتثقيف في المدارس والمنازل والمجتمع لأهمية فكرة التشكيك والتدقيق بالمعلومات التي نتلقاها، والتعريف بالأدوات والأساليب اللازمة.
وبحسب مرتضى "إن كان الجمهور غير قادر على تقييم وسائل الإعلام والمنصات التي يتلقون أخبارهم عبرها، واتخاذ قرار بشأنها، فهذا يعني أنهم سيكونون ضحايا باستمرار لحملات التضليل والمعلومات المزيفة.
تدعو مرتضى، في هذا السياق، الناس لتحديد المصادر الموثوقة للأخبار، واعتمادها، والتوقف عن تلقي الأخبار من كل الاتجاهات في كل الأوقات "مما يؤدي إلى تشويشهم"، بينما في السابق كان يقتصر على وقت نشرة الأخبار أو عند قراءة الصحيفة.
ويشدد الشريف بدوره على أن التعويل الأكبر يبقى على "بناء الحس والتفكير النقدي لدى الجمهور"، لفحص الأخبار والتحقق من مصادر عدة بشأنها ومقاطعة المعلومات والتدقيق في الصور والفيديوهات، لاكتشاف المزيف منها من خلال تاريخ النشر السابق، أو العيوب والتشوهات التي تؤشر لكونها مولدة بالذكاء الاصطناعي.
العمل مع وسائل التواصل الاجتماعي أمر مهم جداً أيضاً، بحسب الخبراء، وذلك من خلال تطوير السياسات والخوارزميات لملاحقة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة والمزيفة، وهو ما لا يحصل بفعالية حتى الآن، بدليل نجاح العديد من حملات التضليل في الانتشار والتأثير.
أيضاً للبيئة القانونية في البلدان، وعلى الصعيد المحلي، دور فعال في مكافحة التضليل وخطاب الكراهية، بحسب الشريف، "لا نتحدث هنا عن رقابة، وانما عن توعية من جهة وغرامات من جهة أخرى يتكبدها المسؤولون عن هذا التضليل."
من ناحيتها، تثمن مرتضى الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول في هذا السياق عبر سياساتها وقوانينها، "لا أحبذ تجريم بث الأخبار الزائفة، لأن ذلك قد يستخدم في سبيل قمع حرية التعبير، ولكن أن توجد سياسات لمكافحة انتشار وترويج الاخبار الكاذبة مثل تطوير إجراءات الوقاية والتوعية."
المسؤولية تنسحب أيضاً على منظمات وجهات عاملة في مجال تدقيق المعلومات، إذ يجب، وفق مرتضى، أن تجد بدورها أساليب واستراتيجيات وصول أوسع لجمهور، وتحتاج بذلك لدعم منصات التواصل الاجتماعي."
أما بالنسبة للوسائل الإعلامية "التي لا تزال تستخف بملف التدقيق بالأخبار والمعلومات"، عليها أن تخصص لهذا العمل مساحة كافية في استراتيجياتها، إذ "لا تزال تقدم السبق الصحفي والسرعة وحصد المشاهدات على حساب الدقة ونوعية المحتوى المقدم، في حين باتت مواقع التواصل الاجتماعي، مصدرها الأول للمعلومة، وهو ما يجب أن يتوقف، بحسب مرتضى.
وتختم مديرة الشبكة العربية لمدققي المعلومات، بالتحذير من اتخاذ قرارات مصيرية في أوقات متوترة، بناء على معلومات غير موثوقة مئة في المئة، معتبرة أن ذلك يمثل "أسوأ تداعيات المعلومات الخاطئة"، لما لذلك تأثير على حياتهم وبيئتهم ومجتمعهم، "كما حصل مثلاً في بريطانيا حين قرر الناس الاحتجاج، أو مثلاً خلال الانتخابات، حين تؤثر المعلومات المزيفة على قرارات الناخبين بمرشحيهم، أو على قرارهم في المشاركة في الانتخابات من عدمها، وبالتالي على مصير البلاد بأكملها."