مشهد حريق ودمار إثر اشتباكات مسلحة بالسودان - AFP
مشهد حريق ودمار إثر اشتباكات مسلحة بالسودان - AFP

في خضم الحرب التي يعيشها السودان منذ أبريل 2023، كانت قرية "السريحة"، شرقي ولاية الجزيرة وسط البلاد، تحاول أن تحتفظ بقدر من السلام، قبل أن ينقلب الحال وتتحول، وفق شهادات من سكانها لـ"الحرة"، إلى "مسرح للقتل والترويع"، خلال أحداث دامية ليلة الأحد 20 أكتوبر، ضمن هجمات شهدتها قرى بولاية الجزيرة طيلة أيام الأسبوع.

تصاعد وتيرة العنف وارتفاع الضحايا من المدنيين في ولاية الجزيرة كان واحدا من النقاط التي ناقشها وزير الخارجية السوداني، حسين عوض، مع منسقة الأمم المتحدة للشوون الإنسانية، كلمنتين سلامي، السبت. 

وطالب منسقة الشؤون الإنسانية بـ"ضرورة إدانة انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قوات الدعم السريع"، لا سيما "قتلها للمدنيين وتهجيرها لسكان قرية السريحة وغيرها"، وفق قولها.

وأصدرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بيانا قالت فيه "صُدمت وذهلت بشدة من تكرار انتهاكات حقوق الإنسان من النوع الذي شهدناه في دارفور العام الماضي، مثل الاغتصاب والهجمات المستهدفة والعنف الجنسي والقتل الجماعي، في ولاية الجزيرة. هذه جرائم فظيعة".

 وأضافت "النساء والأطفال والفئات الأكثر ضعفا يتحملون العبء الأكبر من الصراع الذي أودى بالفعل بحياة عدد كبير للغاية من الناس".

هجوم من كل مكان

منتصر محمد صالح، أحد شباب قرية "السريحة" الذين بقوا على قيد الحياة "بالصدفة" كما يقول. كان يوجد بأحد الأسواق المجاورة خلال فترة الهجوم المتهم بتنفيذه قوات الدعم السريع على قريته، لكن أفراد من عائلته أصيبوا في الهجوم.

يقول منتصر، في تصريح لـ"الحرة، إن ما سماها "مليشيا الدعم السريع" المتمركزة في منطقة كاب الجداد، شنت "هجوما عنيفا" على القرية. بدأ ذلك الساعة السادسة صباح يوم 20 أكتوبر الجاري، واستمر حتى الثالثة بعد الظهر.

خلال ساعات، حسب منتصر، "استخدمت قوات الدعم السريع الأسلحة الرشاشة والمدافع في قصفها للقرية من جهتين". وينقل عن أحد أفراد عائلته أن "الضرب كان عشوائيا ومن كل مكان".

ووفق تصريح لعضو في "نداء الوسط"، وهو تجمع لمبادرة أهلية تتابع شؤون سكان وسط السودان، فضل عدم الكشف عن اسمه في ظل الظروف الأمنية الحالية في المنطقة، ارتفعت حصيلة ضحايا هجوم الدعم السريع على قرية "السريحة" إلى 135 قتيلا، "بينهم 48 امرأة وطفلا، بالإضافة إلى إصابة وأسر العشرات".

ما حدث دفع عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، إبراهيم جابر، وفق ما نشره إعلام مجلس السيادة الأحد، لمطالبة النيابة العامة في السودان بـ"رصد انتهاكات قوات الدعم السريع التي جرت مؤخراً بمناطق شرق الجزيرة بحق المدنيين العزل، وفتح بلاغات جنائية في مواجهة مرتكبيها في المحاكم الوطنية والدولية".

"خيمة عزاء واسعة"

"قرية السريحة باتت خيمة واسعة للعزاء"، هكذا وصفت نداءات استغاثة أطلقت من قرية "السريحة" عبر رسائل وجهت لعامة السودانيين الوضع في المكان. 

 

ما حدث أعاد لأذهان السودانيين حوادث مماثلة جرت خلال الأشهر الماضية في ولاية الجزيرة بينها هجوم قوات الدعم السريع على منطقة "ود النوره" الذي أسفر عن مقتل نحو 127 شخصا.

"مأساة السريحة"، حسب مصدرنا من "نداء الوسط"، هي "حملة تأديبية تنفذتها قوات الدعم السريع عقب إعلان قائدها في ولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيلكل، مؤخرا القتال إلى جانب الجيش السوداني".

 وبحسب المتحدث، فإن قوات الدعم السريع "اجتاحت عشرات القرى منذ يوم 20 إلى 25 أكتوبر الجاري، من بينها قرى السريحة والأزرق والتكينة والهبيكة وصفيتا الغنوَماب وغيرها". 

العنف الجنسي المتصل بالنزاع في السودان طال نساءً بعمرالستين عاما - تعبيرية
هيومن رايتس للحرة: الجيش والدعم السريع عرقلا مساعدة ضحايا الاغتصاب بالسودان
أكدت نائبة مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، لاتيشيا بدر، الاثنين، أن سلوك الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، عرقل تقديم الخدمات الصحية والطبية لكثير من اللائي تعرضن إلى العنف الجنسي المتصل بالنزاع.

ووفقا لإفادات ناجين من تلك القرى لـ"تجمع نداء الوسط"، فإن أعداد الضحايا في ازدياد كل يوما إما بسبب وفاة جرحى ومصابين لاحقا، أو بفعل هجمات جديدة على تلك القرى من قبل قوات الدعم السريع.

وكانت مقاطع فيديو وتسجيلات صوتية لضحايا هجمات الدعم السريع على قرى شرق الجزيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، كشفت أن السكان  يتعرضون لـ"مجزرة بشعة" وأنهم يواجهون "موتا محققا"، و"هناك عشرات الجرحى وسط المدنيين ينزفون، ويحتاجون إلى الغوث العاجل الإجلاء".

استنفار وتعبئة

تهدد واقعة هجمات قرى الجزيرة بتصعيد النزاع المسلح في السودان. فوفقا لما نشرته وكالة الأنباء السودانية، أعلن والي ولاية الجزيرة المكلف، الطاهر إبراهيم الخير، حالة "التعبئة والاستنفار" في كل مدن وقرى وفرقان ولاية الجزيرة، وتوجه بنداء "لكل قادر على حمل السلاح" من أجل "وقف الممارسات التي تنتهجها المليشيات الإرهابية المتمردة"، على حد وصفه.

الدعوة لحمل السلاح وردت أيضا على لسان حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، الذي قال إن "الأحداث المأساوية" التي تشهدها قرى ولاية الجزيرة "تستدعي من السودانيين تجديد الدعوة التي أطلقت سابقا بشأن أحداث مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور"، في إشارة لدعوة حمل السلاح.

وأضاف، في تدوينة بفيسبوك، إنه "يجب الاستعداد لحمل السلاح للدفاع عن الأرض والكرامة"، وفق تعبيره، داعيا لاتخاذ "موقف حازم" ضد الردع السريع، كما السودانيين بـ"الوقوف جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة والقوات المشتركة لهزيمة الدعم السريع".

 

الدعوة للتصعيد المسلح كانت قد جاءت أيضا في تصريح لقائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، خلال زيارته للبطانة شرقي ولاية الجزيرة الأربعاء، بينما اعتبرها حزب الأمة القومي السوداني، في بيان صادر الأحد، بـ"التصريح الخطير" معتبرا أنه "بذلك تخلى عن واجب احتكار الدولة للسلاح ومورطاً المدنيين في حرب مدمرة لا تبقي ولا تذر".

كما حذر بيان حزب الأمة من تحويل النزاع المسلح في السودان إلى "حرب قبلية وإثنية"، داعيا "جميع السودانيين" إلى "التصدي للفتن الجهوية والقبلية".

قوات إسرائيلية في القدس - أرشيف
قوات إسرائيلية في القدس - أرشيف

أعلن جهاز الأمن العام والشرطة الإسرائيليان، الاثنين، أنه تم إلقاء القبض على مواطن إسرائيلي يشتبه في عمله كجاسوس لصالح إيران والتخطيط لشن هجمات داخل البلاد.

وتم اعتقال المواطن البالغ من العمر 33 عاما والمقيم في نُفّي جليل، الشهر الماضي في عملية مشتركة بين الشاباك والشرطة الإسرائيلية.

ويُتهم بأنه كُلف بتنفيذ عملية اغتيال بيد أنها لم تحصل ونفذ سلسلة من الأعمال التخريبية والحرق عمدًا بتوجيهات من عملاء مخابرات إيرانيين.

وشملت هذه الأعمال كتابة شعارات على جدران وحرق سيارات، وذلك في إطار مخطط أوسع لتقويض الاستقرار في إسرائيل.

وبحسب الشاباك، تم تجنيده عبر الإنترنت من قبل شخص انتحل صفة مواطن إسرائيلي. وعلى مدار عدة أشهر، حصل على آلاف الدولارات من العملات المشفرة لتنفيذ مهام متنوعة، بما في ذلك تصوير مواقع حساسة وحرق سيارات.

وكشف التحقيق أن المتهم كان على علم بأنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية ولكنه استمر في تنفيذ أوامرهم.

وقد عُرض عليه مبلغ كبير من المال لاغتيال هدف والهروب إلى روسيا أو إيران. ورغم رفضه لهذا العرض، إلا أنه وافق على تنفيذ مهام أخرى أقل خطورة.

ويأتي هذا الاعتقال في سياق سلسلة من القضايا المماثلة التي اتهم فيها مواطنون إسرائيليون بالتجسس لصالح إيران.

وقد حذر المسؤولون الأمنيون من أن النظام الإيراني يلجأ بشكل متزايد إلى استخدام عملاء استفزازيين لتنفيذ هجمات داخل إسرائيل.