إردوغان
إردوغان.. ماذا يريد من الولايات المتحدة؟

لا تشهد الأوساط السياسية في تركيا، سواء على ضفة الحكومة أو المعارضة أي حماسة بشأن النتائج التي ستكون عليها الانتخابات الأميركية، وتنعكس هذه الحالة أيضا على وسائل الإعلام والصحف التي تتركز تغطيتها على نقل أخبار الاستحقاق بتفاصيله العامة، دون الغوص بأي تفاصيل.

ومع ذلك، وفقا لخبراء ومراقبين فإن "اللاحماسة" قد تكون في العلن شيئا وفي الكواليس شيئا آخرا، ويرتبط هذا الاعتقاد بما شهدته العلاقة التركية-الأميركية خلال فترة تولي جو بايدن الحكم وسلفه دونالد ترامب، وما ستكون عليه في حال وصل الأخير للبيت الأبيض أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

ويوضح الباحث السياسي التركي، هشام جوناي أن "غياب الاهتمام من جانب الأوساط التركية سببه أن نتائج الانتخابات الأميركية ستكون معروفة على صعيد علاقة أنقرة بواشنطن"، ومن منطلق أن سياسة الولايات المتحدة لن تتغير كثيرا حيال القضايا المتعلقة بالعلاقات مع تركيا.

ويقول جوناي لموقع "الحرة": "القضايا المرفوعة ضد تركيا في الولايات المتحدة ما زالت قائمة حتى الآن، وهي بيد القضاء وليس الساسة". وتشمل قضية رجل الأعمال التركي-الإيراني رضا ضراب، وخلق بنك وقضية رئيس بلدية نيويورك، إريك آدامز التي رفعت مؤخرا.

ويضيف الباحث: "لذا.. هذه القضايا ستستمر بغض النظر من سيكون الرئيس".

علاوة على ذلك، يعتقد جوناي أن الوضع في سوريا وصل لنهج لن يتغير كثيرا في حال تغير الرئيس الأميركي، مشيرا كمثال إلى أن "دعم الولايات المتحدة للأكراد لم يبدأ في عهد بايدن أو ترامب وكان سابقا في عهد أوباما وستواصل واشنطن هذه المسار.. وسيبقى الخلاف متواصلا بين أنقرة وواشنطن، سواء وصل ترامب للبيت الأبيض أو هاريس".

"حياد"

في غضون ذلك يرى الباحث السياسي التركي، عمر أوزكيزيلجيك أن الموقف التركي الرسمي بشأن الانتخابات الأميركية والنتائج التي ستكون عليها "هو موقف الحياد".

ويوضح أوزكيزيلجيك لموقع "الحرة" أن تركيا ستواصل تعزيز علاقتها مع الولايات المتحدة، في وقت تُعد العلاقات التركية-الأميركية ذات أهمية كبيرة بالنسبة لأنقرة.

ومع ذلك، من المحتمل أن يكون لدى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان في داخله تفضيل، يصب على الأرجح لصالح ترامب لأنه كانت بينهما علاقة جيدة.

وفي حين أن الرئيس التركي يقدّر الدبلوماسية المباشرة بين القادة لا يعتقد الباحث أن الحسابات التركية ستتغير بشكل كبير إذا لم يُنتخب ترامب.

"النهج التركي تجاه الولايات المتحدة يقوم على أساس قوي، وإذا تم انتخاب هاريس، سيواصل الرئيس التركي وتركيا العمل مع الولايات المتحدة ويستمرون في توسيع آفاق التعاون"، وفقا لأوزكيزيلجيك.

ويردف: "لقد رأينا أن العلاقات التركية-الأميركية في عهد بايدن بدأت بشكل سيئ، وأظهر بايدن برودا تجاه تركيا في البداية، ولكن لاحقا حصلت العلاقات التركية-الأميركية على زخم جديد. لذا، سواء تم انتخاب هاريس أو ترامب، أتوقع أن تتحسن العلاقات التركية-الأميركية".

"بين بايدن وترامب"

وتركيا والولايات المتحدة حلفاء داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكن العلاقات بينهما تشوبها منذ سنوات، بغض النظر عن تغيّر الإدارة الأميركية، سلسلة ملفات عالقة. وطالما أسفرت النقاشات المتعلقة بهذه الملفات أو الطرق المسدودة أمام حلّها عن حالة من عدم الاستقرار على صعيد العلاقة.

من بين الملفات العالقة قضية دعم الولايات المتحدة الأميركية لـ"قوات سوريا الديمقراطية"(قسد) في شمال شرق سوريا، والتي تعتبرها أنقرة على ارتباط بحزب "العمال الكردستاني"، المصنف على قوائم الإرهاب.

إضافة إلى قضية صفقة منظومة "إس 400" بين تركيا وروسيا وارتداداتها على صفقة طائرات "إف-35" وقضايا أخرى تتعلق بحقوق الإنسان وبفتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء انقلاب 2016، وكان قد توفي قبل أسابيع في ولاية بنسلفانيا.

ومنذ توليه في 2020 لم يقم بايدن بأي زيارة إلى تركيا ولم يستضيف نظيره التركي في البيت الأبيض، رغم أن الأخير كان في الولايات المتحدة لبرامج أخرى، خلال السنوات الماضية.

في المقابل كان السلوك الخاص بعلاقة بايدن-إردوغان مختلفا عن سلفه دونالد ترامب، إذ التقى الأخير الرئيس التركي تسع مرات خلال رئاسته، وكان أحد هذه اللقاءات خلال زيارة إردوغان لواشنطن.

ويعتقد الباحث في الشأن التركي، محمود علوش أنه توجد 4 حجج تدعم اعتقاد بأن إردوغان يفضل وصول ترامب للبيت الأبيض على هاريس.

تذهب الحجة الأولى باتجاه أنه خلال رئاسة ترامب شهدت العلاقات بين أنقرة وواشنطن زخما إيجابيا، رغم الأزمات التي اعترضتها آنذاك وبينها أزمة القس، أندرو برونسون.

ومن ناحية ثانية يقول علوش لموقع "الحرة" إن "ترامب كان أكثر تقديرا لقيمة الشراكة مع تركيا واستقبل نظيره إردوغان في البيت الأبيض" على خلاف السلوك الذي اتبعه بايدن.

وترتبط الحجة الثالثة بأن العلاقات بين تركيا والديمقراطيين في الولايات المتحدة الأميركية كانت دائما ما تميل للتوتر أكثر من الاستقرار.

كما يضيف علوش أن "نهج ترامب كان أقل عدوانية تجاه روسيا مقارنة من الديمقراطيين بالنسبة لتركيا والعلاقات التي تشترك فيها مع موسكو".

كيف مرت العلاقة بين فترتي رئاسة؟

وبعد اعتقال رجل الدين الأميركي، أندرو برونسون في تركيا، كان ترامب اتخذ خطوات خلال ولايته استهدفت الاقتصاد التركي بشكل مباشر، مما أدى إلى انخفاض حاد في الليرة التركية.

وفي آخر أيامه في البيت الأبيض كان ترامب أيضا قد اتخذ إجراء تمثل بفرض عقوبات على تركيا، بموجب قانون "كاتسا".

لكن في المقابل توصل الرئيسان بعد لقاءات واتصالات (إردوغان وترامب) إلى بعض تفاهمات جزئية خاصة بسوريا وحدود تركيا الجنوبية معها، فيما بقيت القضية المتعلقة بـ"إس 400" و"إف 35" عالقة دون أي حلول.

في المقابل، ورغم أن بايدن وصف إردوغان قبل انتخابه في 2020 بأنه "مستبد" ووعد بدعم أحزاب المعارضة في تركيا هدأت التوترات التي أحدثها موقفه الأول بالتدريج، دون أن تنتهي تماما.

وجاءت حالة الهدوء إلى حد ما بعد أن أعطت أنقرة الضوء الأخضر لانضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفي أعقاب موافقة واشنطن في يناير الماضي على بيع طائرات مقاتلة من طراز إف-16 إلى تركيا.

ويؤكد الباحث علوش أن "التصور السائد أن إردوغان يفضل ترامب لا يعني أن وصول الأخير للبيت الأبيض ستكون نتيجته إيجابية لتركيا".

وتواجه العلاقات الأميركية التركية مشكلة رئيسة في عملية إدارة الأزمات وهذه العملية تحتاج إدارة أميركية ماهرة وتفضيل الدبلوماسية على كل شيء، بحسب الباحث.

ويشرح أنه "على المستوى الاستراتيجي فإن هاريس أفضل من ترامب لتركيا"، في مفارقة كبيرة ترتكز على فكرة أن تمر العلاقات عبر المؤسسات وليس من خلال ما يراه الرئيس مناسبا.

ويتابع علوش: "البعد الشخصي بين ترامب وإردوغان رغم أنه خدم الرئيس التركي إلا أن خطوات ترامب لا يمكن التنبؤ بها"، وهو ما سبق وأن شهدناه بأزمة القس برونسون وتداعياتها الكبيرة على الاقتصاد.

من جهته يشير الباحث التركي جوناي إلى أن "الخلاف القائم بين أنقرة وواشنطن لم ينته بعهد ترامب وبايدن ولم يحل كاملا".

ولا يظن الباحث بأن الرئيس الجديد الذي سيسكن البيت الأبيض "سيأتي بنتيجة بشأن حل القضايا العالقة، بينها دعم واشنطن لليونان وقضية الأرمن".

ولم يصدر أي تعليق من جانب الأحزاب المقربة من الحكومة التركية والمعارضة بشأن الشخص الذي يفضلون فوزه في الانتخابات الأميركية حتى الآن.

وتنعكس تلك الحالة أيضا على طبيعة تعاطي وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث بشتى توجهاتها.

ويضيف جوناي: "تركيا تتوقع أن تستمر العلاقات بشكلها الحالي".

ويتابع: "هناك ترحيب أكثر بقليل لرئاسة ترامب من هاريس.. ولكن لا أظن بأن هناك الكثير من الحماسة لرؤية نتائج الانتخابات لأنها لن تغير شيئا من سياسة الولايات المتحدة حيال تركيا".

كيف تصل إسرائيل إلى هذه الدقة في إصابة أهدافها؟ وما هي الاستراتيجية والأهداف؟
كيف تصل إسرائيل إلى هذه الدقة في إصابة أهدافها؟ وما هي الاستراتيجية والأهداف؟

طائرة تحلّق في الأجواء. صاروخ لا تراه لكن تشاهد أثره: سيارة تتحول في ثوان إلى حطام، أو شقة سكنية تتحول إلى كتلة لهب.

الهدف كادر أو قيادي في حزب الله.

والمشهد يتكرر.

في لبنان، تهدئة معلنة.. هذا على الأرض.

لكن في السماء، تواصل الطائرات الإسرائيلية المسيّرة التحليق وتنفيذ ضربات دقيقة تخلّف آثاراً جسيمة، ليس في ترسانة الحزب العسكرية فقط، بل في البنية القيادية كذلك.

وفيما يحاول الحزب امتصاص الضربات، تتوالى الأسئلة: كيف تصل إسرائيل إلى هذه الدقة في إصابة أهدافها؟ أهو التقدّم التكنولوجي المحض، من ذكاء اصطناعي وطائرات بدون طيار؟ أم أن هناك ما هو أخطر؟ اختراقات بشرية داخل صفوف الحزب تُستغلّ لتسهيل تنفيذ الضربات؟ وما هي الاستراتيجية الإسرائيلية هنا والأهداف؟

"اختراق بشري"

استهداف تلو الآخر، والرسالة واضحة: اليد الإسرائيلية طويلة بما يكفي لتصل إلى أي نقطة في لبنان، والعين الإسرائيلية ترى ما لا يُفترض أن يُرى.

يصف القائد السابق للفوج المجوقل في الجيش اللبناني، العميد المتقاعد جورج نادر العمليات الإسرائيلية الأخيرة بأنها "بالغة التعقيد، تعتمد على تناغم نادر بين التكنولوجيا المتقدّمة والاختراق الاستخباراتي البشري"، مشيراً إلى أن "تحديد هوية القادة الجدد الذين حلّوا مكان المُغتالين يتم عبر تقنيات متطوّرة تشمل بصمات العين والصوت والوجه"، متسائلاً "من أين حصلت إسرائيل على أسماء القادة والكوادر الجدد؟ الجواب ببساطة: عبر اختراق بشري فعّال".

ويتابع نادر "حتى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، المعروف بتشدده الأمني وإقامته في مواقع محصّنة، لم يكن بمنأى عن محاولات التتبّع، إذ تحدّثت تقارير استخباراتية دولية عن اختراق بشري ساعد في تحديد موقعه".

ويرى أن "ما نشهده هو منظومة اغتيال متطوّرة ومتعددة الأبعاد، تمزج بين الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والعمل البشري الدقيق. هذه الثلاثية تفسّر نجاح العمليات الأخيرة، والأثر العميق الذي تتركه في هيكلية حزب الله، سواء على المستوى العملياتي أو المعنوي".

من جانبه، يرى الباحث في الشأن السياسي نضال السبع أن هذه الاستهدافات "تعكس مزيجاً من التفوق التقني الإسرائيلي والاختراق الأمني الداخلي في بنية الحزب، وكما هو واضح فإن إسرائيل تمتلك قائمة أهداف تتعامل معها تباعاً، وفقاً لمعلومات دقيقة يتم تحديثها باستمرار، ما يتيح لها تنفيذ عمليات مدروسة بعناية شديدة، ويحدّ من قدرة حزب الله على المناورة أو استعادة توازنه سريعاً".

صمت وعجز

على الرغم من الضربات المتتالية التي تلقاها الحزب منذ 27نوفمبر الماضي، والتي أودت بحياة عدد كبير من كوادره، لم يقم بالرد، ويُفسّر نادر ذلك بـ"ضعف فعلي في القدرة على الرد، أكثر من كونه خياراً استراتيجياً".

ويقول نادر "ليس بالضرورة أن الحزب لا يريد الرد، بل الحقيقة أنه لم يعد يمتلك القدرة. هو يعاني من تراجع عملياتي ملحوظ، وتصدّع في هيكليته القيادية، يرافقه حصار سياسي داخلي وخارجي يزداد ضيقاً".

ويضيف "حتى لو قرّر الرد، فما الذي يمكنه فعله فعلاً؟ هل يملك القدرة على تنفيذ عملية نوعية تترك أثراً؟ المعطيات الحالية تشير إلى أن هذه القدرة باتت شبه معدومة، لا سيما بعد خسارته الغطاء السياسي الذي كان يوفره له بعض الحلفاء، ومع تزايد عزلته على الصعيدين العربي والدولي".

ويختم نادر بالقول "تصريحات الحزب تعكس حالة من التردد والارتباك. فتارةً يتحدّث عن التزامه بقرارات الدولة، وتارةً يلوّح بحق الرد. لكن الواقع على الأرض يقول إنه في وضع حرج: محاصر سياسياً، وعاجز عسكرياً، وأي مغامرة جديدة قد تكلّفه الكثير... وهو يعلم ذلك جيداً".

من جانبه، يرى السبع أن حزب الله لا يسعى حالياً إلى الرد، بل يركّز على "مرحلة إعادة التقييم والاستعداد"، مشيراً إلى أن الحزب "رغم الخسائر، لا يزال يحتفظ ببنية عسكرية كبيرة، تفوق في بعض جوانبها إمكانيات الجيش اللبناني نفسه، لكنه في المقابل، يقرأ المشهد اللبناني الداخلي بدقة، ويدرك حساسية التزامات الدولة تجاه المجتمع الدولي، ولا سيما مع توقف خطوط إمداده من سوريا، ما يدفعه إلى التريّث في اتخاذ قرار المواجهة".

خريطة استراتيجية تغيرت

يرى الباحث نضال السبع أن الإسرائيليين يشعرون بالتفوق. يضيف "عزز هذا الانطباع عدد من العوامل، أبرزها سقوط النظام السوري كحليف استراتيجي، والتقدم الميداني في غزة، وعجز الحزب عن تنفيذ ضربات نوعية، فضلاً عن ازدياد عزلته السياسية في الداخل اللبناني، لا سيما بعد انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية وتشكيل نواف سلام للحكومة".

يشبّه السبع ما يجري اليوم في لبنان بالمشهد الذي أعقب حرب يوليو 2006، "حيث توقفت العمليات العسكرية رسمياً، فيما بدأت إسرائيل التحضير لما وصفته آنذاك بـ(المعركة الأخيرة)، مستغلة فترة الهدوء الطويل لإعادة التموضع وتكثيف الجهوزية".

يقول إن "حزب الله دخل مرحلة إعادة تقييم وتجهيز بعد سلسلة الضربات التي تلقاها في الأشهر الماضية، في حين تسعى إسرائيل إلى منعه من التقاط الأنفاس، عبر استمرارها في تنفيذ عمليات نوعية ودقيقة، تشبه إلى حدّ بعيد تلك التي نفذتها في الساحة السورية بعد العام 2011، عندما استباحت الأجواء السورية".

ويضيف أن "المشهد ذاته يتكرر اليوم في لبنان، حيث باتت الطائرات المسيّرة الإسرائيلية جزءاً من المشهد اليومي، تنفّذ عمليات اغتيال متتالية".

كسر البنية القيادية

لكن هل تؤثر هذه العمليات على بنية الحزب؟

يوضح السبع أن "الاستهدافات الأخيرة تطال كوادر داخل حزب الله، لكن الضربة الكبرى وقعت خلال حرب الشهرين، حين تعرّضت قيادات الصف الأول والثاني للاغتيال، أما اغتيال كوادر من الصف الثالث، فله تأثير محدود ولا يحدث خللاً جذرياً في الهيكل التنظيمي للحزب".

من جهته، يرى العميد المتقاعد جورج نادر أن أهداف إسرائيل من تصفية الكوادر العسكرية تلامس عمقاً استراتيجياً أكبر، موضحاً: "الرسالة الأساسية التي تبعث بها إسرائيل من خلال هذه العمليات هي التأكيد على قدرتها على استهداف أي عنصر أو قائد في حزب الله، وفي أي موقع داخل الأراضي اللبنانية، ما يكرّس واقعاً أمنياً جديداً تتحكم فيه بالمجال الجوي للبنان".

ويؤكد نادر أن وراء هذا الاستهداف "رسالة مباشرة مفادها أن لا أحد بمنأى، ما يترك أثراً نفسياً بالغاً على العناصر، ويقوّض شعورهم بالأمان".

خريطة استهدافات

رسمت إسرائيل، خلال السنوات الماضية، خريطة دقيقة لاستهداف قيادات حزب الله، عبر عمليات اغتيال شكّلت ضربة قاسية للحزب. ومن بين أبرز هذه العمليات، اغتيال ثلاثة من أمنائه العامين.

ففي 16 فبراير 1992، اغتيل عباس الموسوي، الأمين العام الأسبق لحزب الله، في غارة جوية استهدفت موكبه في جنوب لبنان.

وفي سبتمبر 2024، قتل حسن نصر الله، بصواريخ خارقة للتحصينات، في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبعد أسابيع، في أكتوبر 2024، اغتيل هاشم صفي الدين، خلفية نصر الله، في عملية مماثلة.

وطالت الاغتيالات شخصيات بارزة في الجناح العسكري للحزب، أبرزهم عماد مغنية، الذي قُتل في فبراير 2008، إثر تفجير سيارة مفخخة في أحد أحياء دمشق، وفي مايو 2016، لقي مصطفى بدر الدين، خليفة مغنية مصرعه في تفجير استهدفه قرب مطار دمشق.

واغتيل فؤاد شكر، القائد البارز في وحدة "الرضوان"، في يوليو 2024، بواسطة طائرة استهدفته داخل مبنى سكني في الضاحية الجنوبية.

وفي سبتمبر 2024، لقي إبراهيم عقيل، عضو مجلس الجهاد والرجل الثاني في قيادة الحزب بعد مقتل شكر، المصير ذاته، إثر ضربة بطائرة استهدفته في الضاحية.

ويرى نادر أن "هذه الاغتيالات لا تكتفي بالتأثير الرمزي، بل تُحدث خللاً فعلياً في التراتبية القيادية داخل الحزب، إذ يصعب تعويض القادة المستهدفين بسرعة أو بكفاءة مماثلة، ما يربك الأداء الميداني والتنظيمي، ويجعل من عمليات الاغتيال أداة استراتيجية تستخدم لإضعاف حزب الله من الداخل".