منذ ثماني سنوات، لم يتمكن عبد القادر (اسم وهمي) من رؤية والدته التي تعيش في شينجيانغ الصينية، المنطقة التي تحولت إلى ما يشبه السجن المفتوح لسكانها من أغلبية الإيغور المسلمة.
في إحدى الرسائل الصوتية المشفرة، أخبرته والدته أخيرا، بأنها حصلت على إذن للسفر خارج البلاد، لكن بشروط صارمة.
لم يتمكنا من اللقاء إلا في بلد ثالث حيث حصلت الأم على إذن بالزيارة لأغراض تجارية.
"لديها 15 يوما فقط، لا يُسمح لها بالتواصل مع أي ناشط، ولا الحديث عن أي شيء سياسي، وإن لم تعد في الوقت المحدد، فستواجه بقية عائلتنا في الداخل عواقب وخيمة"، قال عبد القادر وفقا لمقابلة أجرته معه منظمة "هيومن رايتس ووتش".
قالت المنظمة في تقرير مطول، أصدرته الاثنين، إن "الحكومة الصينية ترتكب منذ سنوات قمعا شديدا لسكان شينجيانغ يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية".
فمنذ عام 2016، جعلت السلطات الصينية في شينجيانغ العلاقات الخارجية جريمة يعاقب عليها القانون، وكثفت من قيودها على سفر الإيغور.
وتم استجواب الإيغور الذين زاروا إحدى "الدول الحساسة الست والعشرين"، التي تضم في الأساس دولا ذات أغلبية مسلمة مثل كازاخستان ومصر وتركيا وماليزيا وإندونيسيا، أو التواصل مع أناس هناك حتى لو كانوا أقاربهم.
في كثير من الحالات تتم محاكمتهم وسجنهم، وفقا لـ"هيومن رايتس ووتش".
يعيش الإيغور في إقليم شينجيانغ شمال غربي الصين، ويشكلون نحو 45% من سكانه البالغ عددهم نحو 26 مليون نسمة إلى جانب الكازاخ والهان.
ومع تخفيف طفيف في القيود، باتت هناك فرص محدودة للبعض في السفر، لكن ضمن إطار صارم من المراقبة والتحكم.
قالت هيومن رايتس ووتش، إنها أجرت مقابلات مع 23 شخصا من الإيغور خارج الصين، واستعرضت الوثائق الرسمية ذات الصلة.
قال بعض من غادروا شينجيانغ مؤخرا إن "الإيغور في الصين الذين يتقدمون بطلب لزيارة دولة أجنبية، يحتاجون إلى تزويد السلطات بغرض السفر".
كما يُطلب من المتقدمين لأغراض عائلية تقديم دعوة من أحد أفراد الأسرة في الخارج، إلى جانب معلوماتهم الشخصية وعنوانهم وحالة عملهم ووثائق أخرى.
بمهارة الهروب من الإجابة عن سؤالٍ "مُحرج" لبكين، أجابنا تطبيق "ديب سيك" الصيني حول مأساة أقلية الإيغور المسلمة التي تعاني من جميع أشكال الاضطهاد على يد الحزب الشيوعي الصيني الحاكم.
قال يعقوب (اسم وهمي)، إن "الشرطة احتجزت أفراد أسرته كرهائن للسماح لوالده بالسفر".
أراد والد يعقوب السفر لرؤيته بعد ثماني سنوات، لكنه احتاج إلى كفيل من داخل الصين، وتعهد بعدم البقاء أكثر من شهر.
حاول تمديد الزيارة لكنه لم يحصل على إذن، واضطر للعودة حتى لا تتعرض زوجته للانتقام.
وبمجرد عودته، استدعته الشرطة المحلية للتحقيق معه حول تفاصيل رحلته، حيث سألوه عن الأشخاص الذين التقى بهم وأين ذهب.
قال أيضا: "لم نذهب حتى إلى مطاعم الإيغور لتجنب الاهتمام والمراقبة".
بالإضافة إلى التضييق داخل الصين، يخضع الإيغور في الخارج لمراقبة مستمرة.
يُجبر بعضهم على المشاركة في جولات رسمية إلى شينجيانغ تنظمها السلطات الصينية، حيث يُطلب منهم الترويج لرواية الحكومة عن "التطور والازدهار" في الإقليم.