تعزيزات أمنية في مطار بعد أن دعت مواقع إسلامية إلى استقبال شيخ سلفي طرد من مصر
تعزيزات أمنية في مطار بعد أن دعت مواقع إسلامية إلى استقبال شيخ سلفي طرد من مصر

أصدرت محكمة تونسية "بطاقة إيداع" بالسجن ضد إسلامي عائد من سورية في إجراء هو الأول من نوعه ضد تونسي شارك في قتال قوات الرئيس بشار الأسد.
 
وقالت وزارة العدل التونسية الأربعاء في بيان، "أصدر قاضي التحقيق (..) بالمحكمة الابتدائية بتونس بطاقة إيداع (بالسجن) ضد المدعو أبو زيد التونسي بعدما فتحت النيابة العمومية تحقيقا في شأنه على ضوء ما تضمنه محضر فرقة مكافحة الإرهاب".
 
وفي 21 مارس/آذار الماضي قال أبو زيد التونسي في مقابلة مع تلفزيون "التونسية" الخاص إنه شارك في القتال في سورية بصفوف الجيش الحر، وأنه على استعداد للقتال في تونس إن صدرت فتوى دينية تبيح ذلك.
 
وأضاف أن حوالي 3500 تونسي يقاتلون ضد القوات النظامية في سورية وأن 13  فتاة تونسية تحولن إلى هذا البلد بهدف "جهاد المناكحة".
 
وأوضحت وزارة العدل، في البيان الذي تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه، أن قاضي التحقيق "تعهد بالبحث في الجرائم الموجهة ضد المدعو أبو زيد التونسي المنصوص عليها بالفصول 12 و13 و14 و15 و16 من المجلة الجزائية".
 
فتح تقرير قضائي
 
أعلنت النيابة العامة التونسية يوم 25 مارس/آذار الماضي فتح تحقيق قضائي في مغادرة شبان تونسيين إلى سورية لمقاتلة قوات الرئيس بشار الأسد، ودعت النيابة العامة "كل شخص لديه معلومات تتعلق بالموضوع إلى التقدم للإبلاغ عنها" لدى السلطات.
 
وفي 15 مارس/آذار الجاري، أوردت جريدة "الشروق" التونسية أن الأمن التونسي قام بـ"تفكيك شبكات لتجنيد تونسيين وإرسالهم إلى سورية".
 
وقالت إن هذه الشبكات تحصلت من دولة قطر على "عمولة بمبلغ 3000 دولار أميركي عن كل شاب تونسي يتم تجنيده".
 
وأوضحت أن "عددا من الجمعيات الحقوقية والخيرية تبين تورطها في هذا المجال وهي تتحصل على أموال ضخمة من دولة قطر لدعم أنشطتها في صورة أموال نقدية تصلها داخل حقائب عبر نقاط حدودية حساسة وحيوية مثل مطار تونس/قرطاج الدولي".
 
وتابعت أن "هذه الجمعيات تستقطب شبانا فقراء أو حديثي العهد بالتدين وتغسل أدمغتهم".
 
وقالت إن "بعض أعضاء المجلس التأسيسي (البرلمان) على علاقة مباشرة بهذه الجمعيات وعلى علم كامل بأنشطتها وهو ما سيتم الكشف عنه قريبا وبكامل التفاصيل".
 
ومن جهة أخرى، أعلن معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري لقوى المعارضة والثورة في 26 آذار/مارس الماضي أن "مئات" التونسيين يقاتلون مع المعارضة السورية ضد قوات الرئيس بشار الأسد.
 
وأبلغ الخطيب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي خلال لقائهما في العاصمة القطرية الدوحة التي استضافت القمة العربية الأخيرة أن "عدد التونسيين المنضمين لصفوف المقاومة في سورية لا يتجاوز المئات وأن نسبة هامة منهم كانت تقيم في الأراضي السورية قبل اندلاع الثورة"، بحسب وكالة الإنباء التونسية.
 
طرد سلفي تونسي من مصر
 
من جهة أخرى، تم نشر تعزيزات أمنية هامة الخميس في مطار تونس قرطاج الدولي بالعاصمة التونسية وعلى مشارفه وذلك بعد أن دعت مواقع إسلامية إلى استقبال شيخ سلفي طرد من مصر بتهمة تزوير جوازات سفر لمقاتلين متشددين.
 
ونصبت حواجز أمنية للشرطة على بعد مئات الأمتار من المطار لمنع سلفيين من الوصول إليه، بحسب مصور وكالة الصحافة الفرنسية، وفي بهو قاعة الوصول بالمطار نشر شرطيون مسلحون ببنادق بصحبة كلاب بوليسية.
 
وكان تم توقيف عماد بن صالح المكنى عبد الله في 21 مارس/آذار وطرد من مصر، بحسب تقارير صحافية، وذلك لاعتباره مسؤولا عن جهاز لتزوير جوازات سفر لتسهيل تنقل مقاتلين من الإسلاميين إلى سورية.

مظاهرة لنساء سلفيات في تونس
مظاهرة لنساء سلفيات في تونس

تعالى الجدل هذه الأيام في تونس بخصوص فتوى مجهولة المصدر أطلقت عليها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي "فتوى جهاد النكاح" أو "جهاد المناكحة"، وتدعو هذه الفتوى النساء التونسيات إلى التوجه نحو الأراضي السورية من أجل ممارسة نوع خاص من الجهاد، أي إمتاع المقاتلين السوريين لساعات قليلة بعقود زواج شفهية من أجل تشجيعهم على القتال.

هذه الفتوى التي استجابت لها حسب وسائل الإعلام أكثر من 13 فتاة تونسية، أثارت الكثير من ردود الأفعال الغاضبة من المجتمع المدني، الذي اعتبرها بمثابة اختراق لقيم تونس التي كانت دائما مبنية على احترام حقوق المرأة.

أما وزارة الشؤون الدينية في تونس فأصدرت بيانا تدين فيه الفتوى وتعتبرها غير ملزمة للتونسيات.

طلق زوجته ليسمح لها بجهاد النكاح

على شريط فيديو منشور في موقع يوتيوب، تظهر عائلة المراهقة التونسية رحمة عطية التي تبلغ من العمر 16 سنة، الخال يبدأ في توجيه الدعوة إلى رحمة لكي تعود إلى المنزل ويذكرها أن الجهاد الحقيقي هو الذي يجب أن تقوم به في المدرسة حتى تحقق النجاح في حياتها، ثم يغلبه التأثر فينخرط في نوبة بكاء.

وصورت عائلة رحمة شريطها بعد اختفاء ابنتها المراهقة التي استجابت لدعوة بعض زملائها المنتمين لحركات سلفية متشددة، واختفت بنية مغادرة البلاد للالتحاق بصفوف مقاتلي المعارضة وممارسة "جهاد النكاح" معهم.

وهذا هو شريط الفيديو الخاص بعائلة رحمة:



حالة رحمة ليست الوحيدة، فقد ذكرت تقارير إعلامية اعتمادا على مصادر من المقاتلين، الذين عادوا إلى تونس بعد المشاركة في المعارك الدائرة في سورية، أن 13 فتاة تونسية على الأقل توجهن إلى أرض المعركة تطبيقاً لفتوى "جهاد النكاح".

وكانت مواقع إخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي في تونس قد تناقلت فتوى منسوبة للشيخ محمد العريفي يدعو فيها "المسلمات" إلى الجهاد عبر النكاح، لكن الشيخ نفا أن يكون قد أفتى بذلك، وشدد أن من يصدر مثل تلك الفتوى أو يصدقها فهو بلا عقل.

ورغم أن الداعية السعودي نفى أن يكون مصدر الفتوى، فإن تأثيرها امتد عميقا في المجتمع التونسي خاصة وسط الشباب والمراهقين المتأثرين بالفكر السلفي، وهذا التأثير بلغ إلى درجة أن شاباً تونسياً أقدم على تطليق زوجته بعدما انتقلا إلى سورية منذ ما يقارب الشهر لـ "يسمح لها بالانخراط في جهاد المناكحة مع المجاهدين" هناك، حسبما ذكرت صحف تونسية.

المجتمع المدني يغلي والوزير ينفي

قصة رحمة وباقي الفتيات التونسيات أثارت الكثير من ردود الفعل في المجتمع التونسي، فالجمعيات التي تدافع عن حقوق المرأة دعت إلى الوقوف في وجه مثل هذه الفتاوى وأصحابها كما صرحت لموقع "راديو سوا" أمل بلقايد الإعلامية والناشطة الحقوقية.

وأضافت أمل أن تأثير تلك الفتاوى يمتد خاصة ليشمل الشابات الصغيرات السن، وأن المجتمع المدني التونسي يعرف تعبئة شاملة من أجل توعية الفتيات والأهل بخطورة الظاهرة.

كما أكدت أمل على الدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة التونسية في هذه القضية، والتي هي  غائبة تماما حسب رأيها، بل وقالت إن حركة النهضة، التي تقود الحكومة في تونس، تتغاضى عن مثل هذه الفتاوى اعتبارا لمرجعيتها الإسلامية.

ما تعتبره الناشطة الحقوقية غيابا وتجاهلا، ينفيه صبري الغربي مستشار وزير الشؤون الدينية، فقد أكد انخراط الوزارة في محاربة مثل هذه "الفتاوى" سواء في المساجد أو وسائل الإعلام أو حتى التصدي لها وسط مروجيها في شبكات التواصل الاجتماعي.

وقال صبري الغربي في اتصال أجراه معه موقع راديو سوا إنهم لا يعتبرون "جهاد النكاح أو المناكحة" فتوى  لأن الفتوى يجب أن تصدر أولا عن دار الإفتاء الرسمية، وثانيا لأنها يجب أن تكون مؤسسة على مرجعية دينية قوية.

واعتبر مستشار الوزير أن ما يحصل في سورية لا يمكن وصفه بالجهاد أصلا، لأنه ثورة داخلية وأن تونس تساند الشعب السوري بالسبل الدبلوماسية المعروفة وأيضا بالدعاء له بالنصر وليس بفتاوى غريبة مثل "جهاد النكاح".

وقلل الغربي من تأثير هذه الفتاوى لأن المجتمع يرفضها في نظره، ونفى أن تكون هناك أي حالة عكس ما تذكره وسائل الإعلام التونسية، هذه الأخيرة في نظره تقوم بالمبالغة والتهويل، وأن الأمر "يبقى مجرد دعوات وأقوال على شبكات التواصل الاجتماعي هدفها التغرير بالشباب والسلطات تعمل جاهدة لمحاربة مثل هذه الدعوات".

ونجح رجال الأمن في إعادة المراهقة رحمة التي تظهر في فيديو آخر وسط خالها وأمها صامتة والخال يشكر رجال الأمن، ويدعو أولياء الأمور إلى مراقبة ما ينشر على صفحات أبنائهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

وهذا هو فيديو عودة رحمة لعائلتها: