بسمة خلفاوي زوجة شكري بلعيد تواسي ابنتها (أرشيف)
بسمة خلفاوي زوجة شكري بلعيد تواسي ابنتها (أرشيف)

  • في هذا الحوار مع موقع "أصوات مغاربية" تكشف المحامية بسمة خلفاوي بلعيد، زوجة السياسي التونسي المغتال شكري بلعيد، عن الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ قرار الترشح في التشريعيات التونسية القادمة، كما تؤكد أن هذه "المعركة الانتخابية" هي فصل من فصول "مواجهة الإسلام السياسي".
المحامية بسمة الخلفاوي

​​نص الحوار:

لماذا قررت الترشح في التشريعيات التونسية القادمة؟

القرار جاء على خلفية الوضع السياسي الذي صارت عليه تونس، فتجربة حكم ائتلاف "النهضة" و"النداء" أظهرت أن كل التحديات التي رفعت وكل الوعود التي أعطيت لم يتم احترامها ولا الالتزام بها.

لقد وصل البلد إلى مرحلة جد متردية فيما يتعلق بمسألة ثقة المواطنين في السلط السياسية، خاصة علاقة المواطنين بالمؤسسة البرلمانية، والتي أصبحت تتسم بالكثير من عدم الثقة وعدم الاستقرار.

كل هذا أدى إلى ترسيخ قناعتي بضرورة الترشح، وضرورة إعطاء صورة جديدة عن السياسيين في تونس، وتقديم برامج سياسية جديدة ومنظور سياسي جديد وبدائل جدية، من أجل استرجاع ثقة المواطن في المؤسسة التشريعية وباقي السلط في تونس.

الإعلام المحلي وضع ترشيحك في مقابل ترشيح زعيم "حركة النهضة" راشد الغنوشي. هل ستنزلين في هذه الانتخابات لمواجهة "النهضة"؟

أولا، الصراع القائم بين الحداثيين والتقدميين مع الأصوليين والإسلام السياسي ومن يستعملون الدين في السياسة هو صراع قائم منذ مدة، وأنا من الأشخاص الذين واجهوهم دائما، خاصة بعد اغتيال شكري بلعيد.

الإسلام السياسي اليوم أصبح رمزا للإرهاب وعدم الاستقرار وهدم مؤسسات الدولة، وقد كنت من بين عديد الأشخاص الذين صارعوا هذا الفكر المناهض للحداثة والفن والإبداع وسيادة القانون، وضد عدد من القيم التي راكمناها، وما زلت على استعداد لمواجهته.

أعتقد أن التشريعيات هي واحدة من المحطات التي سوف أتنازع فيها مع رموز هذا الفكر، وأنا مستعدة كل الاستعداد لهذه المنازعة، التي أعتقد أنه حان وقتها من أجل أن يسترجع الشعب التونسي حداثيته ويؤكدها.

في هذا الصدد، هل يمكن أن تتحالفوا مع بعض قوى السلطة الحالية إذا ما دخلتم البرلمان؟

أنا اليوم منخرطة في حزب اسمه "تونس إلى الأمام"، وهذا الحزب قد دخل في تحالف مع أربعة أحزاب أخرى ومع الائتلاف المدني "قادرون".

بالتالي فنحن قمنا باختيارنا السياسي، وشكلنا ائتلافنا السياسي.

إذا نجحنا في هذه المعركة الانتخابية، فأعتقد أن تحالفاتنا سوف تكون مع من نتفق معهم على برنامج عمل وعلى قواعد الحداثة والديمقراطية والتقدمية والوطنية.

ولا أعتقد أن هذه القيم ترتكز عليها "حركة النهضة" أو الأحزاب التي تتذيلها، وبالتالي فلن يكون هناك أي تحالف مع هؤلاء، لكن بالتأكيد هناك العديد من المكونات السياسية الديمقراطية والتقدمية التي يمكننا العمل معها من أجل القيام بالواجب الأساسي من داخل البرلمان وهو إيجاد قوانين تخدم مصلحة الوطن والشعب.

هل يمكن للصراع القائم داخل "الجبهة الشعبية" أن يضعف من حظوظك في الحصول على المقعد البرلماني؟

الصراع داخل "الجبهة الشعبية" هو واقعة سياسية موجودة بغض النظر عن ترشحي من عدمه، وهو واقعة سياسية مؤلمة بالنسبة إلي، لأن خيارات هذه الجبهة هي خيارات الرفيق شكري بلعيد، لكن الممارسة تخطئ وتصيب والاختلافات هي اختلافات موضوعية بغض النظر عن ترشحي، ولا أعتقد أن هذه الاختلافات قد تضعف من ترشحي أو تقويه.

بالنسبة للمجتمع التونسي، فترشح بسمة بلعيد هو في حد ذاته تحد لكل ما هو مرفوض في مشهدنا السياسي الراهن، وكل ما هو معاد للديمقراطية والعدالة، وكل ما هو معاد للحداثة، ولست أنا من يقول هذا فإذا تصفحتم مواقع التواصل الاجتماعي ستجدون أن النقاشات المتداولة هي نقاشات مدافعة عن الحداثة والديمقراطية ومناهضة لمشروع النهضة والغنوشي.

 

تونس تنفي التقارير
تونس شنت حملة اعتقالات

أثار قرار سحب السلطات التونسية اعترافها باختصاص المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، انتقادات واسعة، واعتبرته بعض المنظمات الحقوقية في البلاد "انتكاسة خطيرة لالتزامات تونس الإقليمية والدولية".

ووفق وثيقة تم تسريبها على منصات التواصل الاجتماعي فإنّ السلطات بعثت بمراسلة في الثالث من مارس الجاري من وزير الخارجية، محمد علي النفطي، تعلن فيها سحب اعترافها باختصاص المحكمة في قبول العرائض الصادرة عن الأفراد والمنظمات غير الحكومية، التي تتمتع بصفة مراقب لدى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

وفيما جاء هذا القرار دون إعلان رسمي، فإن منظمات حقوقية استنكرت هذه الخطوة واعتبرتها "انتكاسة خطيرة"، وبينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (غير حكومية) التي دعت السلطات التونسية إلى مراجعة موقفها والعدول عنه، احتراما لتعهداتها القارية والدولية.

كما دعت الرابطة في بيان، الخميس، المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إلى التعبير عن رفضها لهذا القرار، والعمل المشترك دفاعا عن الحق في التقاضي أمام الهيئات الإقليمية المستقلة.

من جانبه، دان مرصد الحرية لتونس (حقوقي غير حكومي) هذا القرار، ودعا السلطات إلى التراجع الفوري عن الانسحاب من البروتوكول الأفريقي والالتزام الكامل بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها تونس لحماية حقوق الإنسان.

وقد صادقت تونس على الميثاق الأفريقي في 1983، وانضمت إلى بروتوكول المحكمة سنة 2007، غير أن قرار سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الأفريقية، قد فتح سجالا بشأن دوافعه وانعكاساته على حقوق الإنسان في هذا البلد المغاربي.

"توتر مستمر"

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان أكدت أن قرار السلطات التونسية يأتي في سياق "توتر مستمر" بين الدولة التونسية والمحكمة الأفريقية التي سبق أن أصدرت سلسلة من الأحكام والتوصيات بشأن الوضع في تونس عقب الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو 2021.

وأشارت هذه المنظمة الحقوقية إلى أن من ضمن هذه الأحكام، إصدار حكم في سبتمبر 2022 ببطلان الأمر الرئاسي عدد 117 والمراسيم 69 و80 و109 واعتبارها مخالفة للمادة 113 من الميثاق الأفريقي التي تتضمن حق الشعوب في إدارة شؤنها العامة.

كما دعت المحكمة الأفريقية في سبتمبر 2023 تونس إلى اتخاذ تدابير عاجلة لفائدة عدد من المساجين السياسيين لضمان حقوقهم الأساسية وسلامتهم الجسدية.

من جانبه، يرى إبراهيم بلغيث، المحامي التونسي الذي رفع دعوى قضائية للمحكمة الأفريقية ضد إجراءات الرئيس قيس سعيد، في ما يتعلق بالمرسوم 117 سنة 2021، أن قرار تونس سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الأفريقية كان متوقعا، إذ يتماشى مع نهج النظام القائم منذ 25 يوليو 2021 في تفكيك مكتسبات الثورة التونسية، خاصة في مجال استقلال القضاء وحقوق الإنسان.

ويؤكد بلغيث في تصريح لموقع "الحرة" أن سعيد استغل الظرف الدولي، حيث لم تحدد الإدارة الأميركية موقفها النهائي تجاهه، فيما يفضل الاتحاد الأوروبي الصمت مقابل تعاون تونس في الحد من الهجرة. كما تحظى هذه الخطوة بدعم من أنظمة مثل الجزائر، ومصر، ودول الخليج.

وأوضح في هذا الخصوص، أن المحكمة الأفريقية شكلت إحراجا للرئيس سعيد، إذ اعتبرت إجراءاته غير دستورية، وأمرت بالعودة إلى الديمقراطية وإلغاء عدة مراسيم رئاسية، منها ما يتعلق بحل المجلس الأعلى للقضاء وعزل القضاة دون إجراءات تأديبية. 

كما تنتظر المحكمة قضايا أخرى قد تؤدي إلى إدانة إضافية للنظام. 

وخلص  إلى أن "هذا القرار يمثل مؤشرا خطيرا على التراجع الحقوقي في تونس، إذ يهدف إلى وقف الإدانات الدولية المتزايدة في ظل المحاكمات السياسية وانتهاكات المحاكمة العادلة، مما يحرم التونسيين من حماية قضائية أفريقية متميزة."

رئيسا الجزائر وفرنسا في لقاء سابق - فرانس برس
هل هدأت العاصفة؟.. ما وراء التصريحات الأخيرة بين الجزائر وفرنسا
طفت لغة التهدئة على العلاقات الجزائرية الفرنسية هذا الأسبوع، عقب أكثر من ستة أشهر من التصعيد السياسي والديبلوماسي والإعلامي، تخللتها تصريحات مكثفة وقرارات غير مسبوقة استهدفت تنقل الأفراد، كما شملت محاولات لترحيل جزائريين مقيمين بفرنسا.

وصرح الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في لقاء له السبت الماضي مع وسائل إعلام محلية، أن نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون هو "المرجعية" في العلاقات مع بلاده، ووصف تبون الخلاف بين البلدين بـ"المفتعل بالكامل"، مشيرا إلى أن ما يحدث "فوضى" و"جلبة"، معتبرا أن الرئيس ماكرون هو "المرجع الوحيد ونحن نعمل سويا".

"صورة سيئة"

يتفق المحامي، الوزير التونسي السباق، محمد عبّو، مع الآراء الحقوقية التي دانت قرار تونس سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الأفريقية.

واعتبر أنها خطوة ستزيد في الإساءة إلى صورة البلاد إقليميا ودوليا في مجال انتهاك حقوق الانسان.

ويقول عبو في حديثه "للحرة" إن هذا التوجه يندرج في سياق "التحطيم الممنهج الذي يمارسه النظام الحالي دون احترام لمكتسبات الثورة التونسية ولمؤسسات الدولة، فضلا عن عدم المبالاة بحقوق التونسيين.

وسبق للمفوضية السامية لحقوق الإنسان أن دعت في فبراير الماضي السلطات التونسية إلى "وقف جميع أشكال اضطهاد المعارضين السياسيين، وإلى احترام الحق في حرية الرأي والتعبير".

واستنكرت الخارجية التونسية هذا الموقف، وشددت على "أن تونس ليست في حاجة إلى تأكيد حرصها على حماية حقوق الإنسان إيمانا عميقا منها بهذه الحقوق، فضلا عن التزامها بما نصّ عليه دستورها وبما أقرته قوانينها الوطنية وما التزمت به على الصعيد الدّولي في المستويين الإقليمي والعالمي".

وعن ذلك، يقول عبّو: " لم يبق أمام الرئيس سعيد إلا الانسحاب من معاهدة روما المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية، وذلك عقب تقديم شكوى بهذه المحكمة منذ عامين ضد مسؤولين في نظام 25 يوليو 2021".

ضرورة التراجع

في سياق متصل، يؤكد حسام الحامي عضو الشبكة التونسية للحقوق والحريات (ائتلاف حزبي ومدني)، على حق الأفراد والمنظمات في اللجوء إلى هيئات قضائية إقليمية ودولية مستقلة كضمانة أساسية لتحقيق العدل، مشددا على أن تونس جزء من المنظومة الحقوقية الإقليمية.

ودعا الحامي في حديثه لـ "الحرة" الدولة إلى مراجعة قرارها بشأن سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الأفريقية، وذلك لضمان استمرارية المكتسبات الحقوقية والالتزام بتعهداتها الدولية، مؤكدا أن حماية حقوق الإنسان ليست مجالا للمساومة، بل هي أساس الحياة الديمقراطية واحترام التنوع والتعدد.

كما طالب السلطة بضرورة إطلاق سراح المساجين السياسيين وكل سجناء الرأي في تونس استجابة لدعوات المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، ووقف الملاحقات القضائية، فضلا عن دعم مناخ الحريات الذي يعد من أهم مكتسبات الثورة.

يشار إلى أن الرئيس التونسي قيس سعيد غالبا ما يرد على انتقادات المنظمات الحقوقية بالتشديد على سيادة تونس ورفض التدخل الأجنبي.