توفي الرئيس التونسي قائد السبسي عن عمر ناهز 93 عاما.
توفي الرئيس التونسي قائد السبسي عن عمر ناهز 93 عاما.

ساعات قليلة بعد إعلان الرئاسة التونسية وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي (92 عاما)، كتب الشيخ السلفي التونسي، الخميس مجري، على صفحته في فيسبوك: "اشتهر بين العوام أن النبي قال: اذكروا موتاكم بخير، واذكروا محاسن موتاكم وكفُّوا عن مساويهم، حديثان لم يثبتا عن النبي".

وفتحت تدوينة مجري، وهو قيادي سابق في حركة النهضة، الباب أمام متابعيه للنيل من الرئيس التونسي الراحل، في حملة تتعارض مع حالة الحزن التي سادت البلاد إثر خسارة أول رئيس منتخب في اقتراع عام وديموقراطي ومباشر عام 2014.

 

وبدت تونس، وهي مهد الربيع العربي، في حالة حزن عام وهي تبكي السبسي، إلا أن البعض اعتبر هذه المناسبة الأليمة فرصة للانقضاض على الرجل الذي كان من أبرز المدافعين عن الحقوق الدستورية والقانونية والاجتماعية للمرأة.

ودفاعه المستميت عن هذه الحقوق وإلغاؤه تعميما وزاريا يمنع زواج التونسية المسلمة من غير المسلم، ودعمه مشروع قانون غير مسبوق في العالم العربي يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، دفع البعض، وخاصة التيارات السلفية والمتشددة، إلى شن حملة على السبسي في حياته وحتى بعد وفاته.

كتب أحدهم تعليقاً على تدوينة ثانية للشيخ السلفي: "المهم في الجنازة، اقرؤوا عليه الدستور!".

وعندما انتقد أحد المتابعين تدوينة مجري بأنها "تدعو وتشرع لسب الموتى والتجرؤ على حرمة الأموات؟" رد الشيخ السلفي بعصبية "جاهل مستكبر.. هل تقرأ سورة المسد؟ أليست سورة سب وشتم ودعاء على عم النبي؟".

ويقود مجري حملة شرسة ضد قايد السبسي والحكومة التونسية، خاصة منذ المصادقة على مشروع قانون المساواة في الإرث وقرار الحكومة الأخير بحظر النقاب في الإدارات العمومية ومؤسسات الدولة.

ما حدث من الشماتة بعد وفاة الباجي قايد السبسي سبق أن تكرر مرارا، حتى مع شخصيات تحسب على التيار الإسلامي، بدعوى أنها "من أهل البدع".

هنا مع حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي في السودان:​

 

​ومع عباسي مدني زعيم جبهة الإنقاذ الجزائرية:​

 

​​وحتى مع الرئيس المصري السابق محمد مرسي:​

 

​في الواقع، كان  خميس المجري الأقل هجوما على الرئيس التونسي الراحل. زميله الشيخ السلفي المغربي عمر الحدوشي دعا التونسيين صراحة إلى الفرح بموت السبسي.​

 

​وكتب الحدوشي، الذي قضى في السجن قرابة ثماني سنوات قبل أن يفرج عنه عام 2012، في تدوينة ثانية أن السبسي،كان "يحارب الله" ووصفه بـ"الكافر المرتد".​

 

​​​​أما الشيخ السلفي المغربي حسن الكتاني، الذي قضى هو الآخر ثماني سنوات في السجن رفقة الحدوشي، فوصف السبسي بأنه "نقض البقية الباقية من الإسلام في تونس". وعلق على وفاته قائلا:​

 

​​وكان الشيخ المصري وجدي غنيم أكثر وضوحا في تكفيره الرئيس التونسي. وقال "لا يجوز الترحم عليه".​

​​أثارت هذه "التدوينات الشامتة" حفيظة الشيخ السلفي السابق محمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)، الذي كان رفيق زنزانة الحدوشي والكتاني لثماني سنوات.

وكتب أبو حفص صباح الجمعة: "من يعرف العقلية السلفية لا يستغرب مثل هذا الأمر، لأن الفرح بموت المخالف حتى لو كان مسلما هو ثقافة شائعة في الأدبيات التراثية.. لهذا لا غرابة أن نجد فتاوى اليوم على الإنترنت تؤصل لمثل هذه الشماتة".

الشيخ السلفي السابق، الذي يقود اليوم مركزا لمحاربة التطرف، أورد عددا من الأمثلة والشواهد التاريخية التي تبرر الشماتة من "المبتدع".​

 

​​​تجويز الفرح بموت "المبتدع"

تجد التدوينات الشامتة في وفاة الباجي قايد السبسي تبريرها في تجويز الفقهاء "للفرح بموت أهل البدع".

على موقع الفتاوى الشهير "الإسلام سؤال وجواب" الذي يشرف عليه الشيخ محمد صالح المنجد (في السجن حاليا)، تقول إحدى الفتاوى "الفرح بمهلك أعداء الإسلام وأهل البدع المغلظة وأهل المجاهرة بالفجور أمر مشروع، وهو من نِعَم الله على عباده وعلى الشجر والدواب، بل إن أهل السنَّة ليفرحون بمرض أولئك وسجنهم وما يحل بهم من مصائب".

يقول أبو حفص إن المبتدع ببساطة "وصف قدحي لكل مخالف في الفكر والرأي".

وتاريخيا، أبدى فقهاء كبار فرحهم بوفاة مخالفيهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بخلافات في العقيدة.

المصدر: موقع ارفع صوتك

مهاجرون قدمو من تونس ينتظرون نقلهم من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية
تونس باتت وجهة مفضلة للراغبين في الهجرة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء إلى أوروبا

صورة قاتمة عن وضع المهاجرين غير النظاميين في تونس قدمت لأحزاب يسارية بالبرلمان الأوروبي في تقرير جديد اعتمد شهادات موثقة لأشخاص تعرضوا للاعتقالات العشوائية، وللعنف الجسدي والجنسي.

التقرير الصادر عن "اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس" التي يوجد مقرها في باريس، جمع ثلاثين شهادة لمهاجرين غير نظاميين في تونس تعرضوا لهذه الأشكال من الانتهاكات بين يونيو 2023 ونونبر 2024.  

واتهم التقرير قوات الأمن التونسية، بما في ذلك الشرطة والحرس الوطني والجيش، بالتورط المباشر في هذه العمليات. 

وقال التقرير إن معسكرات شبيهة بـ"المسالخ البشرية" يحتجز فيها المهاجرون بما فيهم نساء حوامل وأطفال، يمارس فيها العنف الجسدي والجنسي والحرمان من الطعام والرعاية الطبية.

واتهم التقرير السلطات التونسية بمطاردة واحتجاز المهاجرين السود بناء على لون بشرتهم، قبل تسليمهم إلى تجار البشر على الحدود الليبية مقابل المال أو سلع مثل الوقود والمخدرات.

وقالت اللجنة إن الوقائع المبلغ عنها تقع ضمن نطاق جرائم الدولة والجرائم ضد الإنسانية بالمعنى المقصود في القانون الدولي. ويوثق التقرير الاعتقالات التعسفية الجماعية دون أي إطار قانوني، والعبودية الحديثة التي تنظمها الدولة، حيث يتم بيع المهاجرين واستغلالهم كمجرد سلع. 

إضافة إلى العنصرية الهيكلية والمؤسسية، إذ تستند مطاردة المهاجرين السود إلى ممارسات تمييزية يشجعها الخطاب الرسمي، وفق تعبير التقرير.

ويُجبر المهاجرون على البقاء في العراء لأسابيع دون طعام كافٍ أو رعاية طبية، فيما يتم ضربهم بالسياط والعصي الكهربائية، وتوثيقهم في أوضاع مهينة أمام كاميرات الهواتف. 

وقال التقرير إن الضحايا الذين يتم تسليمهم للميليشيات الليبية التي تنقلهم إلى سجون سرية حيث يتعرضون للتعذيب، العبودية، والابتزاز، إذ تطالب المليشيات عائلاتهم بدفع فدية ضخمة مقابل إطلاق سراحهم.

خطاب مناهض للمهاجرين

وربط التقرير التحول المناهض للمهاجرين بخطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي سبق أن ادعى أن المهاجرين من جنوب الصحراء كانوا جزءا من "مؤامرة لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس". 

وترى اللجنة أن هذا الخطاب العنصري أضفى الشرعية على العنف الجماعي، وثم استهداف المهاجرين السود من قبل الشرطة والحرس الوطني والميليشيات المحلية ومجموعات المواطنين، وكل ذلك تحت أنظار السلطات.

وفي فبراير 2023، ندد سعيّد في خطاب بوصول "جحافل" من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس ضمن "مخطط إجرامي لتغيير التركيبة الديموغرافية".

وإلى جانب ليبيا، تعد تونس التي تبعد بعض سواحلها أقل من 150 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، نقطة الانطلاق الرئيسية في شمال إفريقيا للمهاجرين الساعين لعبور البحر الأبيض المتوسط.

ومنذ مطلع العام، سجل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ما بين 600 و700 حالة وفاة أو اختفاء لمهاجرين أبحروا من السواحل التونسية، بعد تسجيل أكثر من 1300 حالة وفاة واختفاء عام 2023.