تشغيل الأطفال
تشغيل الأطفال

كشفت وزيرة المرأة التونسية، نزيهة العبيدي، عن وجود "سوق أسبوعية" بإحدى المناطق الواقعة في شمال غرب البلاد، جرت فيها متاجرة بفتيات قاصرات من قبل سماسرة لتشغيلهن كخادمات بيوت.

وأكدت العبيدي، في حوار مع "وكالة تونس أفريقيا للأنباء"، على أنها "صدمت خلال تنقلها في فترة سابقة مع مسؤولين من وزارة المرأة إلى أحد الأسواق الأسبوعية في تلك الجهة بوجود سماسرة عرضوا فتيات قاصرات للعمل كمعينات منزلية في مدن أخرى".

وقالت إنها أجرت اتصالا هاتفيا مع أحد السماسرة "لمعرفة إن كان الأمر يتم بتلك البساطة للحصول على معينات منزلية من فئة الفتيات القاصرات، وتبين لها أن الظاهرة موجودة ولا غبار عليها".

​​وأضافت أن السماسرة يعرضون "خدمات" الفتيات القصر بموافقة أوليائهن بمرتبات شهرية تترواح بين 100 و500 دينار في الشهر، مؤكدة أنها قدمت جميع أرقام هواتف أولئك السماسرة إلى "الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر" التي ترأسها القاضية روضة العبيدي.

وتابعت الوزيرة أن وزارة المرأة قامت بعدد من حملات التوعية في عين المكان لدى العائلات التي تقوم بإرسال بناتها للعمل في ظروف قاسية وغير محسوبة العواقب، إضافة إلى حملات مضادة لدى العائلات التي تستقبل تلك الفتيات "لتحذيرها من المسؤولية القانونية والعقوبات الردعية لتشغيل القاصرات".

من يُشعر من؟

في هذا الصدد، قال رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، معز الشريف، إن الأسواق التي تحدثت عنها وزيرة المرأة "ليست بأسواق رق".

وأوضح الشريف، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "الحقيقة هي أن هناك سماسرة موجودون في بعض قرى الشمال الغربي تلجأ إليهم بعض العائلات من أجل تشغيل أطفالهم في المنازل، وهؤلاء السماسرة يستغلون فقر هذه العائلات".

إنفوغرافيك: أصوات مغاربية

​​​​وندد الشريف​ بالإشعار الذي قامت به الوزيرة لـ"الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار في البشر" قائلا: "صارت الوزيرة تقوم بالإشعارات، هل استقالت الدولة من مسؤولياتها في حماية الطفولة؟".

وأضاف أن الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر هي التي وجدت لتشخيص الحالات وإشعار الدولة وليس العكس، "أنا أعتبر هذا الأمر جهلا من وزيرة المرأة بمسؤولياتها وصلاحياتها".

وتابع أن "ظاهرة استغلال الأطفال في تونس واضحة في كل تقارير الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، لكن إلى يومنا هذا ومنذ إصدار قانون المتاجرة بالأشخاص في 2016، لم تتم إحالة ولو ملف واحد على القضاء".

يذكر أن وزارة المرأة، كانت قد أطلقت منذ 12 يونيو الماضي، المتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، حملة توعية استمرت إلى غاية 12 يوليو لمنع تشغيل الفتيات القاصرات كعاملات منزليات.

 

المصدر: وكالة الأنباء التونسية – أصوات مغاربية

الهيئة وضعت شروطا وصفت بالصارمة للتشرح

قدمت مجموعة من أعضاء المجالس المحلية بتونس، مؤخرا، مقترح مبادرة إلى البرلمان تتعلق بتأجيل الانتخابات البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية تجمع بين "الكفاءات المنتخبة والمعينة"، في خطوة أثارت ردود فعل متباينة بشأن قانونيتها وتداعياتها على الخدمات الموجهة للتونسيين.

ويتعلق نص المبادرة بحسب الوثيقة التي تحصلت "الحرة" على نسخة منها بطلب تأجيل الانتخابات البلدية المقررة إلى موعد لاحق وتعويضها بنيابات خصوصية تتكون من أعضاء من المجالس المحلية الحالية إلى جانب إطارات من الإدارات الجهوية ذات الاختصاص".

وتعد البلديات آخر استحقاق انتخابي وفق البرنامج الذي أعلن عنه الرئيس سعيد بعد إقراره الإجراءات الاستثنائية في يوليو 2021 وبعد حلّه لما يناهز 350 مجلس بلدي في تونس سنة 2023.

ورغم عدم تحديد موعد رسمي لإجراء الانتخابات البلدية، فإن المساعي لتأجيلها أثارت جدلا بشأن دوافعها، ومدى تماهيها مع دستور البلاد، وانعكاساتها على الخدمات المقدمة للتونسيين على مستوى المعتمديات.

"تخفيف الأعباء المالية "

في تعليقه على دوافع طلب تأجيل الانتخابات البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية، يؤكد رئيس المجلس المحلي بباردو بمحافظة تونس، فادي بن يونس، أن هذه الخطوة أتت على إثر تواتر التشكيات من المواطنين من تعطل الخدمات المتعلقة بحياتهم اليومية مثل صعوبة الحصول تراخيص عدادات المياه والكهرباء وغيرها من المشاغل التي لم يتمكن الكتاب العامون المكلفون بتسيير البلديات من تذليلها على اعتبار أنها من اختصاص المجلس البلدية.

ويوضح بن يونس في حديثه لموقع "الحرة" بأن إيداع مبادرة تشريعية في هذا الخصوص، إلى الغرفتين النيابتين يمثل حلا ظرفيا، المقصد منه تأجيل الانتخابات البلدية وليس إلغاؤها وتعويضها بنيابات خصوصية متكونة من أعضاء المجالس المحلية المنتخبة التي لها صفة الجماعات المحلية ومديري الإدارات المحلية، أي الجمع بين الكفاءات المنتخبة والكفاءات المعيّنة.

ويقول في السياق ذاته، إنه في ظل الوضع المادي المتردي واتباعا لسياسة الدولة كالاعتماد على مواردنا الذاتية وسياسة التقشف علينا ايجاد حلول للتنمية المحلية دون المزيد من الاعتماد على نفقات الدولة يرى عدد من أعضاء المجالس المحلية من خلال المبادرة سالفة الذكر، امكانية تحويل الاعتمادات المخصصة للانتخابات البلدية الى جمعيات تنموية تمول المشاريع المحلية الصغرى.

ويرى المتحدث "أن النيابات الخصوصية يمكن لها تمثيل كل العمادات (أصغر قسم إداري بالبلاد) الراجعة بالنظر إلى البلديات في حين أن الانتخابات البلدية يمكن أن تقصي بعض العمادات"، وفقه.

ومنذ توليه السلطة في أكتوبر 2019 لم يتردد الرئيس التونسي قيس سعيد في إعلان موقفه المنتقد للمجالس البلدية التمثيلية والمنتخبة والتي يرى فيها امتدادا لأحزاب سياسية معارضة ومنافسة له إلى جانب عدم اقتناعه بنجاعة مسار اللامركزية الذي تم إرساؤه عقب الثورة التونسية في 2011.

مخالفة الدستور

من جانبه، يؤكد الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، أن المبادرة التشريعية المتعلقة بتأجيل الانتخابات البلدية، مخالفة لأحكام الباب السادس من دستور البلاد لسنة 2022 والذي ينظم الجماعات المحلية والجهوية.

ويقول المنصري لـ "الحرة" إن الفصل 133 من الدستور ينص صراحة على أن المجالس البلدية هي جماعات محلية تمارس المصالح المحلية طبقا لما يقتضيه القانون، وعلى هذا الأساس فإن إقصاء هذه المجالس هو مخالف لما ورد في هذا الدستور.

وبخصوص إجراء الانتخابات البلدية، يشدد المتحدث على أن هيئة الانتخابات على استعداد لإجرائها وأن الإطار التشريعي جاهز، لافتا إلى ضرورة تنقيح مجلة الجماعات المحلية أو إصدار قانون أساسي جديد للبلديات كي يتماشى من النظام القانوني الجديد.

ويتفق رئيس "الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات" (رقابية وغير حكومية) بسام معطر، مع الآراء الداعية إلى ضرورة احترام الدستور الذي أقر الانتخابات البلدية كاستحقاق انتخابي وجب الالتزام به وإجراؤه، معتبرا أنه "من غير الصالح الدمج بين مجلسين محلي وجهوي".

تراجع الخدمات

وبشأن تداعيات هذا التوجه على الخدمات البلدية، يؤكد معطر لموقع "الحرة" أن التعويل على النيابات الخصوصية في تسيير البلديات بعد حل مجالسها المنتخبة في 2023، أثبت تراجعا في مستوى الخدمات المسداة للتونسيين وتقهقرا في أخذ القرارات المتعلقة بالتنمية في عديد المناطق.

ويرى أنه من الضروري إتمام كل القوانين المتعلقة بالمجالس المحلية وتنظيمها فضلا عن تحديد موعد رسمي لإجراء الانتخابات البلدية وتركيز مجالسها كي تستعيد أدوارها في إسداء الخدمات والنهوض بمشاغل التونسيين في مختلف ربوع البلاد.

في سياق متصل، يعتبر الخبير في الحوكمة المحلية محمد الضيفي في حديثه لـ"الحرة" أن حالة الشغور التي تعيش على وقعها البلديات في تونس في السنوات الأخيرة "خلقت فراغا كبيرا وتداخلا في المهام بين أعضاء المجالس المحلية والجهوية وكذلك نواب البرلمان في ما يتعلق بالمسائل الحياتية للمواطنين من ذلك مشاكل توفير الكهرباء وإنارة الشوارع ومياه الشرب وغيرها، والتي هي من صميم العمل البلدي". 

ويتابع في هذا الإطار بأن المجالس البلدية هي من تتداول في المخططات التنموية وتمرر مقترحاتها في هذا الخصوص إلى المجالس الجهوية كما أن لها صلاحيات اتخاذ القرارات في الجهات الراجعة لها بالنظر وتنفيذها وفق ما يتماشى مع الميزانيات المخصصة لها.

يشار إلى أن أول انتخابات بلدية في تونس بعد ثورة 2011 تم تنظيمها في 2018، قبل أن يقرر الرئيس قيس سعيد حل مجالسها المنتخبة بضعة أشهر قبل انتهاء عهدتها المحددة قانونا بخمس سنوات.