انتخابات سابقة في تونس
داخل مركز اقتراع خلال انتخابات سابقة في تونس؟

توفيق العياشي - تونس

طالبت قوى وشخصيات سياسية في تونس رئيس الحكومة يوسف الشاهد وسبعة من الوزراء بالاستقالة بسبب ترشحهم للانتخابات الرئاسية والتشريعية، وذلك من "باب الأخلاقيات".

واستندت هذه المطالب إلى المخاوف من تعمد المسؤولين الحكوميين توظيف أجهزة الدولة والمال العام لخدمة حملاتهم للانتخابات الرئاسية المقررة في 15 سبتمبر المقبل والتشريعية في أكتوبر.

وكان حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي القيادي في حزب نداء تونس، من أبرز المطالبين باستقالة الشاهد ووزرائه السبعة. 

وقال في تدوينة على "فيسبوك" إن على الشاهد ووزرائه "العودة إلى طريق الجدية والاستقالة الفورية من مناصبهم التنفيذية، حتى يتفرغوا لطموحاتهم وبإمكانيتهم ومواردهم الذاتية فحسب، وحتى يكونوا مع بقية المواطنين على قدم المساواة".

ورغم أن الدستور التونسي والقانون الانتخابي في تونس لا يفرضان على أي مسؤول في الحكم الاستقالة عند إعلانه الترشح للانتخابات، سواء كانت رئاسية أو تشريعية، فإن اثنين من الوزراء أعلنا فعلا استقالتهما.

والوزيران هما عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع والمترشح إلى انتخابات الرئاسة، والفاضل محفوظ وزير العلاقات مع مجلس نواب الشعب والمترشح على إحدى القوائم في الانتخابات التشريعية، وقد احتفظ الوزيران المستقيلان بمهمة تسيير أعمال وزارتيهما إلى ما بعد الانتخابات المقبلة.

وفي المقابل، أصر الشاهد على عدم الاستقالة بعد ترشحه لانتخابات الرئاسة، معتبرا، خلال خطاب إعلان ترشحه، أن "الاستقالة تعد هروبا من المسؤولية وأن هناك هيئات رقابية، مثل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، مهمتها مراقبة حياد مؤسسات الدولة وعدم توظيفها لخدمة أغراض انتخابية".

وموقف الشاهد، أكده نبيل بافون، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الذي قال إن "القانون لا يفرض على الوزراء المترشحين للانتخابات الاستقالة"، متعهدا بمراقبة الهيئة وتصديها لأي محاولة لاستغلال مؤسسات الدولة أو المال العام من قبل المسؤولين المترشحين للانتخابات.

محمد بن سالم، القيادي في حركة النهضة الإسلامية، اعتبر من جانبه في تصريح للحرة، أن المطالبة باستقالة الوزراء "هي بدعة لم تشهدها أعرق البلدان ديمقراطية".

وأضاف أن الهدف من هذه الدعوات "استهداف المنافسين في الانتخابات والطعن في نزاهتهم لا غير".

باب الأعراف والأخلاقيات

وكان سبعة وزراء، من بينهم خمسة ينتمون إلى حزب "تحيا تونس" الذي يقوده الشاهد قدموا ترشحهم للانتخابات التشريعية التي ستجرى يوم السادس من أكتوبر المقبل. 

ومن أبرز هؤلاء الوزراء، وزير الفلاحة ووزير النقل فضلا عن وزير العلاقات مع مجلس النواب الذي ترشح على رأس إحدى قوائم "حزب مشروع تونس". 

كما ترشح وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي للرئاسة كمستقل.

ويقول مختصون في القانون الدستوري إن استقالة رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو أي من الوزراء، بمجرد ترشحه للرئاسة، تدخل في "باب الأعراف والأخلاقيات، مثلما هو معمول به في بعض البلدان ولا تعد شرطا قانونيا".


 

الهيئة وضعت شروطا وصفت بالصارمة للتشرح

قدمت مجموعة من أعضاء المجالس المحلية بتونس، مؤخرا، مقترح مبادرة إلى البرلمان تتعلق بتأجيل الانتخابات البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية تجمع بين "الكفاءات المنتخبة والمعينة"، في خطوة أثارت ردود فعل متباينة بشأن قانونيتها وتداعياتها على الخدمات الموجهة للتونسيين.

ويتعلق نص المبادرة بحسب الوثيقة التي تحصلت "الحرة" على نسخة منها بطلب تأجيل الانتخابات البلدية المقررة إلى موعد لاحق وتعويضها بنيابات خصوصية تتكون من أعضاء من المجالس المحلية الحالية إلى جانب إطارات من الإدارات الجهوية ذات الاختصاص".

وتعد البلديات آخر استحقاق انتخابي وفق البرنامج الذي أعلن عنه الرئيس سعيد بعد إقراره الإجراءات الاستثنائية في يوليو 2021 وبعد حلّه لما يناهز 350 مجلس بلدي في تونس سنة 2023.

ورغم عدم تحديد موعد رسمي لإجراء الانتخابات البلدية، فإن المساعي لتأجيلها أثارت جدلا بشأن دوافعها، ومدى تماهيها مع دستور البلاد، وانعكاساتها على الخدمات المقدمة للتونسيين على مستوى المعتمديات.

"تخفيف الأعباء المالية "

في تعليقه على دوافع طلب تأجيل الانتخابات البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية، يؤكد رئيس المجلس المحلي بباردو بمحافظة تونس، فادي بن يونس، أن هذه الخطوة أتت على إثر تواتر التشكيات من المواطنين من تعطل الخدمات المتعلقة بحياتهم اليومية مثل صعوبة الحصول تراخيص عدادات المياه والكهرباء وغيرها من المشاغل التي لم يتمكن الكتاب العامون المكلفون بتسيير البلديات من تذليلها على اعتبار أنها من اختصاص المجلس البلدية.

ويوضح بن يونس في حديثه لموقع "الحرة" بأن إيداع مبادرة تشريعية في هذا الخصوص، إلى الغرفتين النيابتين يمثل حلا ظرفيا، المقصد منه تأجيل الانتخابات البلدية وليس إلغاؤها وتعويضها بنيابات خصوصية متكونة من أعضاء المجالس المحلية المنتخبة التي لها صفة الجماعات المحلية ومديري الإدارات المحلية، أي الجمع بين الكفاءات المنتخبة والكفاءات المعيّنة.

ويقول في السياق ذاته، إنه في ظل الوضع المادي المتردي واتباعا لسياسة الدولة كالاعتماد على مواردنا الذاتية وسياسة التقشف علينا ايجاد حلول للتنمية المحلية دون المزيد من الاعتماد على نفقات الدولة يرى عدد من أعضاء المجالس المحلية من خلال المبادرة سالفة الذكر، امكانية تحويل الاعتمادات المخصصة للانتخابات البلدية الى جمعيات تنموية تمول المشاريع المحلية الصغرى.

ويرى المتحدث "أن النيابات الخصوصية يمكن لها تمثيل كل العمادات (أصغر قسم إداري بالبلاد) الراجعة بالنظر إلى البلديات في حين أن الانتخابات البلدية يمكن أن تقصي بعض العمادات"، وفقه.

ومنذ توليه السلطة في أكتوبر 2019 لم يتردد الرئيس التونسي قيس سعيد في إعلان موقفه المنتقد للمجالس البلدية التمثيلية والمنتخبة والتي يرى فيها امتدادا لأحزاب سياسية معارضة ومنافسة له إلى جانب عدم اقتناعه بنجاعة مسار اللامركزية الذي تم إرساؤه عقب الثورة التونسية في 2011.

مخالفة الدستور

من جانبه، يؤكد الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، أن المبادرة التشريعية المتعلقة بتأجيل الانتخابات البلدية، مخالفة لأحكام الباب السادس من دستور البلاد لسنة 2022 والذي ينظم الجماعات المحلية والجهوية.

ويقول المنصري لـ "الحرة" إن الفصل 133 من الدستور ينص صراحة على أن المجالس البلدية هي جماعات محلية تمارس المصالح المحلية طبقا لما يقتضيه القانون، وعلى هذا الأساس فإن إقصاء هذه المجالس هو مخالف لما ورد في هذا الدستور.

وبخصوص إجراء الانتخابات البلدية، يشدد المتحدث على أن هيئة الانتخابات على استعداد لإجرائها وأن الإطار التشريعي جاهز، لافتا إلى ضرورة تنقيح مجلة الجماعات المحلية أو إصدار قانون أساسي جديد للبلديات كي يتماشى من النظام القانوني الجديد.

ويتفق رئيس "الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات" (رقابية وغير حكومية) بسام معطر، مع الآراء الداعية إلى ضرورة احترام الدستور الذي أقر الانتخابات البلدية كاستحقاق انتخابي وجب الالتزام به وإجراؤه، معتبرا أنه "من غير الصالح الدمج بين مجلسين محلي وجهوي".

تراجع الخدمات

وبشأن تداعيات هذا التوجه على الخدمات البلدية، يؤكد معطر لموقع "الحرة" أن التعويل على النيابات الخصوصية في تسيير البلديات بعد حل مجالسها المنتخبة في 2023، أثبت تراجعا في مستوى الخدمات المسداة للتونسيين وتقهقرا في أخذ القرارات المتعلقة بالتنمية في عديد المناطق.

ويرى أنه من الضروري إتمام كل القوانين المتعلقة بالمجالس المحلية وتنظيمها فضلا عن تحديد موعد رسمي لإجراء الانتخابات البلدية وتركيز مجالسها كي تستعيد أدوارها في إسداء الخدمات والنهوض بمشاغل التونسيين في مختلف ربوع البلاد.

في سياق متصل، يعتبر الخبير في الحوكمة المحلية محمد الضيفي في حديثه لـ"الحرة" أن حالة الشغور التي تعيش على وقعها البلديات في تونس في السنوات الأخيرة "خلقت فراغا كبيرا وتداخلا في المهام بين أعضاء المجالس المحلية والجهوية وكذلك نواب البرلمان في ما يتعلق بالمسائل الحياتية للمواطنين من ذلك مشاكل توفير الكهرباء وإنارة الشوارع ومياه الشرب وغيرها، والتي هي من صميم العمل البلدي". 

ويتابع في هذا الإطار بأن المجالس البلدية هي من تتداول في المخططات التنموية وتمرر مقترحاتها في هذا الخصوص إلى المجالس الجهوية كما أن لها صلاحيات اتخاذ القرارات في الجهات الراجعة لها بالنظر وتنفيذها وفق ما يتماشى مع الميزانيات المخصصة لها.

يشار إلى أن أول انتخابات بلدية في تونس بعد ثورة 2011 تم تنظيمها في 2018، قبل أن يقرر الرئيس قيس سعيد حل مجالسها المنتخبة بضعة أشهر قبل انتهاء عهدتها المحددة قانونا بخمس سنوات.