مقابلة الحرة مع حمة الهمامي

انتقد المرشح الرئاسي في الانتخابات التونسية المبكرة حمة الهمامي، تفويض رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد صلاحياته مؤقتا لأحد الوزراء طيلة الحملة الانتخابية، وقال إنه جاء  "متأخرا".

وقال الهمامي في لقاء مع "قناة الحرة"، الخميس، إن الشاهد، ولدواع أخلاقية وسياسية، كان يجب أن "يستقيل خاصة في ظل الشبهات التي تحوم حول حزبه باستخدام أجهزة الدول وقدراتها من أجل الإعداد لحملته الانتخابية".

لكن الشاهد قال إن قراره "بالتفويض المؤقت" لصلاحياته جاء عن "قناعة وأردت أن أطلب ثقة التونسيين بإمكانياتي الخاصة".

وينص الفصل 92 من الدستور التونسي على أن "تسهر الحكومة على تنفيذ القوانين. ويمكن لرئيس الحكومة أن يفوض بعض صلاحياته للوزراء إذا تعذر على رئيس الحكومة ممارسة مهامه بصفة وقتية، يفوض سلطاته إلى أحد الوزراء".

كما يسمح الدستور التونسي بترشح رئيس الحكومة للانتخابات دون مغادرة منصبه، وفقا للشاهد.

الهمامي، المرشح عن ائتلاف الجبهة اليساري، خاض انتخابات 2014 وحقق فيها نتائج متواضعة لا تتجاوز الثمانية في المئة.

لكن في هذه المرة، أعرب الهمامي عن ثقته بتحقيق نتائج أفضل وقال: "لقد دخلنا هذا السباق من أجل النجاح.. منظومة الحكومة الحالية فاشلة في كل المستويات، ونعتقد أن الظروف متاحة لتحقيق نتيجة أفضل".

وتراجعت شعبية الشاهد في الأشهر الأخيرة بسبب صراعات أجنحة وصعوبات واجهت حكومته في حل مشكلتي البطالة والتضخم.

وأوضح الهمامي أن برنامجه الانتخابي في هذه المرة سيكون أوسع وقوامه "الدفاع عن السيادة الوطنية، والحريات، والحقوق السياسية والمدنية".

وتم تقريب موعد الانتخابات التونسية التي كانت مقررة أواخر العام بعد وفاة الباجي قائد السبسي الذي كان في عام 2014 أول رئيس منتخب ديموقراطيا في تاريخ تونس الحديث.

ومن المقرر أن تنطلق الانتخابات الرئاسية في تونس في الثاني من شهر سبتمبر، وتختتم في 13 من نفس الشهر.

وتمت المصادقة على 26 مرشحا لرئاسة تونس، أبرزهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزير الدفاع المستقيل عبد الكريم الزبيدي ومرشح النهضة عبد الفتاح مورو والرئيس الأسبق المنصف المرزوقي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي.

 

حشد الاتحاد العام التونسي للشغل الآلاف من أنصاره في تظاهرة مناهضة للرئيس قيس سعيد
يواجه الاتحاد التونسي للشغل انتقادات في الفترة الأخيرة

تحتد الأزمة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في تونس، وسط مطالب بضرورة عقد مؤتمر استثنائي يمهّد لانتخاب قيادة جديدة. 

وتأتي الخلافات التي تشقّ الاتحاد في ظرف تواجه فيه قيادته الحالية انتقادات بسبب طريقتها في إدارة المرحلة التي تلت إجراءات 25 يوليو 2021 التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد، فضلا عن تعطل الحوار الاجتماعي مع الحكومة. 

وتعود جذور الأزمة الداخلية صلب المنظمة الشغيلة إلى المؤتمر الاستثنائي الذي عقد في يوليو 2021 وأفضى إلى تعديل المادة 20 من قانونها الداخلي بما أتاح لاحقا لخمسة أعضاء من القيادة لتمديد بقائهم على رأس المنظمة، في خطوة وصفتها المعارضة النقابية بـ"الانقلاب".

وفيما لم يحسم القضاء التونسي بعد في مآلات ذلك المؤتمر الاستثنائي، فإن تصاعد وتيرة الأزمة التي يعيشها الاتحاد فتح النقاش في الأوساط النقابية في تونس بشأن وضعية المنظمة الشغيلة ومدى استجابة القيادة الحالية لمطالب عقد مؤتمر استثنائي.

سر الأزمة

في تشخيصه للأزمة الداخلية للاتحاد العام التونسي للشغل، يؤكد المتحدث باسم اتحاد المعارضة النقابية، الطيب بوعائشة، أن "المنظمة الشغيلة أصبحت عاجزة ودخلت في حالة عطالة تامة وجمود وانسداد للأفق".

ويوضح المتحدث باسم الاتحاد، الذي يضم نقابيين منشقين عن الاتحاد العام التونسي للشغل، في حديثه لـ"الحرة"، أن السبب وراء وصول وضعية الاتحاد إلى ما هي عليه اليوم هو تنقيح المادة 20 من القانون الداخلي للمنظمة، فضلا عن "إبعاد كل صوت يعارض توجهات القيادة الحالية وخياراتها في معالجة قضايا الشغالين، وهو ما أدى إلى أزمة ثقة بين المكتب التنفيذي الحالي والقواعد".

تمر تونس بأزمة سياسية منذ أن قرر قيس سعيّد صيف العام 2021 احتكار السلطات في البلاد
"في ذكرى رحيل الرئيس".. مسيرات غاضبة بتونس رفضا لحكم قيس سعيد
خرجت أحزاب ومنظمات معارضة في مسيرات بالعاصمة التونسية، اليوم السبت، للتنديد بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وسياسات الرئيس قيس سعيد، بمناسبة مرور 12 عاما على رحيل زين العابدين بنعلي وانطلاق انتفاضات "الربيع الديمقراطي" في المنطقة.

ويقول في السياق ذاته إن "الصورة السيئة التي بات عليها المكتب التنفيذي الحالي دفعت قيادات صلبه إلى الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي أو تقديم موعده إلى الثلاثة أشهر القادمة"، لافتا إلى أن المعارضة النقابية "لا ترى في هذا التوجه حلا لأزمة الاتحاد".

ويعتبر أن هذه الخطوة "تهدف إلى إخراج جناح من القيادة واستبداله بجناح آخر من نفس التيار الذي تزعم حملات الدعوة إلى تنقيح القانون الداخلي"، مؤكدا ضرورة "تغيير كامل" للقيادة الحالية و"إعادة النظر بشكل جذري في آليات تسيير الاتحاد العام التونسي للشغل وتوجهاته العامة".

وسبق للأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، أن أقرّ خلال إشرافه على تجمع نقابي في محافظة سوسة الساحلية في 21 نوفمبر بوجود خلافات داخلية، معتبرا أنها "ظاهرة صحية تعكس الحيوية والديناميكية صلب المنظمة".

كما أقر الطبوبي بأن الاتحاد "أخطأ في بعض القضايا وأصاب في عدة قضايا أخرى"، مؤكدا أن المنظمة الشغيلة تعتزم تجديد خطابها ودورها النقابي وتصوراتها للمستقبل.

في أفق المؤتمر

"وفق موازين القوى الحالية، ما يزال الأمين العام يمسك خيوط اللعبة، وسيرفض تماما فكرة عقد مؤتمر استثنائي وسيصر على تاريخ 2027 لعقد مؤتمر عادي، ومن سخرية الأقدار، أنه قد يرشح نفسه لدورة أخرى". هذا ما يراه المحلل السياسي خالد كرونة بخصوص مطالب نقابية تتعلق بضرورة عقد مؤتمر استثنائي للاتحاد.

ويضيف كرونة لـ"الحرة" موضحا أن "هذا يعني أن أزمة الاتحاد مرشحة للاستدامة، ويعني أيضا أن القيادة أحرقت كل المراكب وهو ما سيفاقم تضاؤل دور المنظمة وضمور فعلها في الساحة السياسية المحلية".

من مظاهرة سابقة لاتحاد الشغل التونسي

ويصف المتحدث ما يحدث بـ"المأزق التاريخي" مستطردا بالقول إن القيادة الحالية "تتحمل مسؤوليته وتبعاته منذ عقدها بالتعاون مع رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي مؤتمر البدعة غير الانتخابي وما تلاه من خطوات تدمير الهياكل وتحطيم قوة المنظمة".

ويتوقع المتحدث أنه "حتى 2027، ستكون مياه كثيرة قد جرت في النهر، ولا أحد يعلم تحديدا ما ينتظر بعض القيادات في ضوء حملة التطهير التي تشنها السلطة التنفيذية وما يثار من شكوك واتهامات قد تطال بعض الرؤوس ذات يوم" وفق قوله.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد عقد مؤتمره العادي في 2022 وأفضى إلى انتخاب القيادة الحالية التي تمتد عهدتها إلى 2027، غير أن تزايد وتيرة الخلافات الداخلية والتي "يتحفظ " المكتب التنفيذي عن التداول والنقاش فيها إعلاميا تبقي أبواب الجدل بشأن مآلات هذه المنظمة مفتوحة على مصراعيها.