دخلت الأزمة السياسية في تونس منعطفا جديدا، بعد الكشف عن وصول مئات الجرعات من لقاح مضاد لفيروس كورونا للرئاسة، لم تعلم عنها الحكومة شيئا، في دولة يتأخر فيها تطعيم الشعب وسط إحباط اجتماعي وسياسي واقتصادي.
وأثار عدم الإعلان عن اللقاحات التي حصل عليها تونس كهبة من دولة الإمارات غضب مستخدمي مواقع التواصل، واتهموا الرئاسة بالفساد.
قيس سعيد تأملنا فيه الخير و لكن يوم بعد يوم يثبت العكس
— Rajab kaly (@RajabKaly9) March 1, 2021
وكان الرئيس التونسي، قيس سعيّد، قد رفض تعديلا وزاريا بداعي وجود شبهات فساد وتضارب مصالح بشأن شخصيات مرشحة لمناصب وزارية، منذ 26 يناير الماضي، ما أدى إلى أعمق أزمة سياسية في البلاد أطرافها الرئاسة والحكومة والبرلمان.
فبعد تغريدات لنواب في البرلمان، التونسي، الاثنين، كشفت عن أن لقاحات مضادة لفيروس كورونا وصلت لتطعيم مسؤولين كبار في الدولة، أثير جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ما اضطر الرئاسة إلى إصدار بيان تقر فيه بحصولها على 500 جرعة.
وقال النائب بالبرلمان، بدر الدين القمودي، إن "لقاح كورونا وصل منذ مدة من دولة خليجية... تم توزيع اللقاح على كبار المسؤولين والسياسيين وقيادات أمنية.. وللشعب رب يحميه".
لقاح الكرونا وصل منذ مدة من دولة خليجية .. المعلومة شبه مؤكدة... تم توزيع اللقاح على كبار المسؤولين والسياسيين وقيادات امنية .. وللشعب رب يحميه.
Posted by بــــدر الـــدين ڨـــمـــودي عضو مجلس النواب - الصـفـحة الرسـمـية on Sunday, February 28, 2021
وبدوره قال النائب ياسين العياري إن لقاحات وصلت للرئاسة، لكنه أكد بأن حصول المسؤولين في الحكومات اللقاحات لا يشكل "فضيحة" أو "إشكالا".
وقال: "رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، وزراء السيادة، أعضاء المجلس الأعلى للجيوش، ماهمش (ليسوا) 'مواطنين عاديين'، موش لذواتهم و لكن لصفاتهم المرتبطة ارتباطا وثيقا بالأمن القومي للبلاد التونسية".
وأشار إلى أنه ليس بالغريب أن تقوم الدول بمنح "هبات" لتونس، لكن "المؤسف هو غياب الشفافية!"
بعد أن قالتها راديو ماد، و قالها الزميل بدر الدين القمودي، رئيس لجنة مكافحة الفساد في البرلمان، الأمر لم يعد سرا إذا :...
Posted by Yassine Ayari on Sunday, February 28, 2021
بيان الرئاسة أوضح أنها "حصلت عليها بمبادرة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وسُلمت بأمر من الرئيس قيس سعيد، إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية".
وأكدت الرئاسة التونسية أنه لم يتم تطعيم أيّ كان، لا من رئاسة الجمهورية ولا من غيرها من الإدارات بهذا التلقيح.
تلقت رئاسة الجمهورية 500 تلقيح مضاد لفيروس كورونا، بمبادرة من دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد تم، بأمر من رئيس...
Posted by Présidence Tunisie رئاسة الجمهورية التونسية on Monday, 1 March 2021
غير أن قمودي كشف لاحقا بعد إصدار الرئاسة بيانها قائلا "رئاسة الجمهورية سلمت التلاقيح للصحة العسكرية، لكن يوجد تلاقيح أخرى استفادت منها أطراف أخرى".
وقال قمودي في تصريحات لتلفزيون تونس "لا أعرف الكمية بالضبط، لكن أن يكون التلقيح خلسة وحكرا على فئات دون أخرى، أمر يستوجب متابعة ومحاسبة تليق بهذه السلوكيات الخاطئة".
Posted by بــــدر الـــدين ڨـــمـــودي عضو مجلس النواب - الصـفـحة الرسـمـية on Monday, 1 March 2021
رئاسة الحكومة بدورها، نفت علمها بهذه الهبة، وقالت في بيان إن رئيس الوزراء، هشام المشيشي، لا علم له بوصول هذه اللقاحات ولا بمصدرها ولا بمدى توفّرها على الشروط الصحية والقانونية الضرورية، ولا بمآلها.
وأكد البيان أن المشيشي طلب فتح تحقيق فوري حول ملابسات دخول هذه التلاقيح وكيفية التصرّف فيها وتوزيعها.
🔴 على إثر ما تمّ تأكيده من توفّر عدد من جرعات التلقيح ضد فيروس كورونا في بلادنا، يهم رئاسة الحكومة ان توضح بأنه لا علم...
Posted by Présidence du Gouvernement Tunisien - رئاسة الحكومة التونسية on Monday, 1 March 2021
يأتي هذا في وقت انتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تأخر وصول اللقاح إلى تونس، واتهموا الطبقة السياسية بالمسؤولية تجاه ذلك.
وأظهرت آخر إحصائية لوزارة الصحة تسجيل 27 وفاة، و662 إصابة بالفيروس.
ولم تبدأ تونس حملة تطعيم مواطنيها من الوباء بسبب عدم توفر اللقاحات.
وكانت الحكومة التونسية قد أخرت حملة التطعيم، التي كانت مقررة في منتصف فبراير إلى مارس الحالي، في انتظار وصول كميات من اللقاحات ضمن آلية كوفاكس التي ترعاها الأمم المتحدة. كما أعلنت الحكومة، الجمعة، أنها ستتلقى مئة ألف جرعة لقاح مضاد لفيروس كورونا على شكل هبة من الصين، دون أن تحدد اسم اللقاح أو تاريخ وصوله.
تونس، التي يبلغ تعداد سكانها 11 مليون نسمة، سجلت منذ بدء تفشي الوباء أكثر 233 ألف إصابة بكورونا، أسفرت عن أكثر من ثمانية آلاف وفاة.
وتتخلف تونس عن المغرب والجزائر اللتين بدأتا حملات التلقيح أواخر يناير باستخدام لقاحي أسترازينيكا/أكسفورد وسبوتنيك-في.
وتوجه انتقادات شديدة للتجاذبات السياسية بين المشيشي وسعيّد والتي تعيق عجلة الدولة وعمل الحكومة خاصة فيما يتعلق بمكافحة الوباء وايجاد حلول للوضع الاقتصادي الصعب.
وفي خضم عدم الاستقرار السياسي في البلاد، تداول ثلاثة وزراء للصحة، إدارة أزمة الوباء الذي وصل البلاد منذ عام.
ومع لجوء الأطراف السياسية المتصارعة إلى الخروج في مظاهرات، في الأيام الأخيرة، لا تبدو مؤشرات على انفراج وشيك للصراع في تونس بين الرئاسات الثلاث، حيث يرفض سعيد التعديل الوزاري.