الاستفتاء الدستوري مزمع إجراؤه في 25 يوليو الحالي. أرشيف
الاستفتاء الدستوري مزمع إجراؤه في 25 يوليو الحالي. أرشيف

دعا الرئيس التونسي، قيس سعيّد، الثلاثاء، التونسيين إلى التصويت بـ"نعم" في الاستفتاء الدستوري المزمع إجراؤه في 25 يوليو الحالي.

وقال سعيّد في بيان نشرته صفحة الرئاسة التونسية على فيسبوك، إن "الدستور روح قبل أن يكون مجرد مؤسسات. وهذا المشروع المعروض عليكم يعبر عن روح الثورة، ولا مساس فيه على الإطلاق بالحقوق والحريات".

وأكد أنه "لا خوف على الحريات والحقوق إذا كانت النصوص القانونية تضعها الأغلبية تحت الرقابة الشعبية (...) هذا فضلا عن رقابة دستورية القوانين من قبل محكمة دستورية تسهر على ضمان علوية الدستور، بعيدا عن كل محاولات التوظيف بناء على الولاء لهذا أو لذاك".

ووجه الرئيس التونسي رسالة إلى منتقدي مسودة الدستور الجديد، قائلا: "يدعي من دأب على الافتراء والادعاء أن مشروع الدستور يهيئ لعودة الاستبداد، لأنه لم يكلف نفسه عناء النظر في كل بنوده وأحكامه، بل لم ينظر لا في تركيبة المحكمة الدستورية، ولا في إمكانية سحب الوكالة، ولا في حق المجلس في مساءلة الحكومة، ولا في تحديد حق الترشح لرئاسة الدولة إلا مرة واحدة. فما أبعد ما يروجونه عن الحقيقة، وما أبعد ما يفترون ويذيعون عن الواقع".

وأضاف أن "التاريخ لن يعود أبدا إلى الوراء، فلا خير في التاريخ إن كان سيعيد نفسه، ولن يعيد نفسه بكل تأكيد".

وتابع: "إن هذا المشروع المطروح عليكم، يا أبناء شعبنا العظيم، هو من روح الثورة ومن روح مسـار التصحيح".

وأكد أن "المجلسين النيابيين لهما حق مراقبة الحكومة، وللشعب خاصة حق مراقبة أعضاء مجلس نواب الشعب ونواب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وأكثر من ذلك، له حق سحب الوكالة من أعضاء كل واحد من هذين المجلسين".

وختم البيان المطول بالدعوة إلى التصويت بـ"نعم" في الاستفتاء، الذي قال عنه إنه "مناسبة لتحقيق مطالبكم وإنقاذ دولتكم". وتابع: "قولوا نعم  حتى لا يصيب الدولة هرم، وحتى تتحقق أهداف الثورة، فلا بؤس ولا إرهاب ولا تجويع ولا ظلم ولا ألم".

وفي بداية البيان أشار الرئيس إلى أن "للدولة وللحقوق والحريات دستور يحميها، وللشعب ثورة يدفع عنها من يعاديها".

وذكر سعيّد بما وصفه بـ "المحاولات المتكررة لضرب وحدة الدولة والتنظيم داخل مؤسساتها للانحراف بها عن خدمة المواطنين وفق ما تقتضيه مبادئ تسيير المرافق العمومية وأهمها الحياد والمساواة".

وأشار إلى أن "الجميع يتذكر كيف أفلت الكثيرون من المحاسبة، فزاد الفساد انتشارا، وتفاقمت أوضاع الشعب على كل صعيد. فساد وافتعال للأزمات، فلا يكاد ينتهي التصدي لأزمة، إلا ويتم اختلاق أزمة جديدة لصرف أنظار الشعب عن مطالبه المشروعة التي رفعها في ديسمبر 2010 وما فتئ يرددها منذ ذلك التاريخ".

وقال إنه "كان لابد من التفكير الجدي في وضع دستور جديد. ولأن عملية الوضع يجب أن تكون ديمقراطية، تم الاختيار على تنظيم استشارة وطنية علاوة على حوار وطني قبل وضع مشروع دستور جديد ليعرض يوم 25 من جويلية (يوليو) الحالي على صاحب السيادة، عليكم أنتم يا شعبنا العظيم".

وأضاف أنه "لم يوضع هذا المشروع إلا بناء على ما عبر عنه الشعب التونسي منذ اندلاع الثورة إلى غاية اتخاذ قرار تصحيح مسارها يوم 25 جويلية (يوليو) 2021".

مهاجرون قدمو من تونس ينتظرون نقلهم من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية
تونس باتت وجهة مفضلة للراغبين في الهجرة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء إلى أوروبا

صورة قاتمة عن وضع المهاجرين غير النظاميين في تونس قدمت لأحزاب يسارية بالبرلمان الأوروبي في تقرير جديد اعتمد شهادات موثقة لأشخاص تعرضوا للاعتقالات العشوائية، وللعنف الجسدي والجنسي.

التقرير الصادر عن "اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس" التي يوجد مقرها في باريس، جمع ثلاثين شهادة لمهاجرين غير نظاميين في تونس تعرضوا لهذه الأشكال من الانتهاكات بين يونيو 2023 ونونبر 2024.  

واتهم التقرير قوات الأمن التونسية، بما في ذلك الشرطة والحرس الوطني والجيش، بالتورط المباشر في هذه العمليات. 

وقال التقرير إن معسكرات شبيهة بـ"المسالخ البشرية" يحتجز فيها المهاجرون بما فيهم نساء حوامل وأطفال، يمارس فيها العنف الجسدي والجنسي والحرمان من الطعام والرعاية الطبية.

واتهم التقرير السلطات التونسية بمطاردة واحتجاز المهاجرين السود بناء على لون بشرتهم، قبل تسليمهم إلى تجار البشر على الحدود الليبية مقابل المال أو سلع مثل الوقود والمخدرات.

وقالت اللجنة إن الوقائع المبلغ عنها تقع ضمن نطاق جرائم الدولة والجرائم ضد الإنسانية بالمعنى المقصود في القانون الدولي. ويوثق التقرير الاعتقالات التعسفية الجماعية دون أي إطار قانوني، والعبودية الحديثة التي تنظمها الدولة، حيث يتم بيع المهاجرين واستغلالهم كمجرد سلع. 

إضافة إلى العنصرية الهيكلية والمؤسسية، إذ تستند مطاردة المهاجرين السود إلى ممارسات تمييزية يشجعها الخطاب الرسمي، وفق تعبير التقرير.

ويُجبر المهاجرون على البقاء في العراء لأسابيع دون طعام كافٍ أو رعاية طبية، فيما يتم ضربهم بالسياط والعصي الكهربائية، وتوثيقهم في أوضاع مهينة أمام كاميرات الهواتف. 

وقال التقرير إن الضحايا الذين يتم تسليمهم للميليشيات الليبية التي تنقلهم إلى سجون سرية حيث يتعرضون للتعذيب، العبودية، والابتزاز، إذ تطالب المليشيات عائلاتهم بدفع فدية ضخمة مقابل إطلاق سراحهم.

خطاب مناهض للمهاجرين

وربط التقرير التحول المناهض للمهاجرين بخطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي سبق أن ادعى أن المهاجرين من جنوب الصحراء كانوا جزءا من "مؤامرة لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس". 

وترى اللجنة أن هذا الخطاب العنصري أضفى الشرعية على العنف الجماعي، وثم استهداف المهاجرين السود من قبل الشرطة والحرس الوطني والميليشيات المحلية ومجموعات المواطنين، وكل ذلك تحت أنظار السلطات.

وفي فبراير 2023، ندد سعيّد في خطاب بوصول "جحافل" من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس ضمن "مخطط إجرامي لتغيير التركيبة الديموغرافية".

وإلى جانب ليبيا، تعد تونس التي تبعد بعض سواحلها أقل من 150 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، نقطة الانطلاق الرئيسية في شمال إفريقيا للمهاجرين الساعين لعبور البحر الأبيض المتوسط.

ومنذ مطلع العام، سجل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ما بين 600 و700 حالة وفاة أو اختفاء لمهاجرين أبحروا من السواحل التونسية، بعد تسجيل أكثر من 1300 حالة وفاة واختفاء عام 2023.