وصل الغنوشي محاطا بأنصاره إلى مقر التحقيق ودخله وسط هتافاتهم
وصل الغنوشي محاطا بأنصاره إلى مقر التحقيق ودخله وسط هتافاتهم

مثل رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، الثلاثاء، أمام قاضي التحقيق في العاصمة تونس في قضية يتهم فيها بتبييض أموال، قبل أيام قليلة من استفتاء شعبي عام في البلاد يعارضه الحزب.

ووصل الغنوشي محاطا بأنصاره إلى مقر التحقيق ودخله وسط هتافاتهم، وأمام مقر القطب القضائي لمكافحة الارهاب انتشرت تعزيزات أمنية كبيرة.

وتظاهر حوالي مئتي شخص من أنصار الغنوشي ومن قيادات الحزب ورددوا "حريات حريات" و"بالروح بالدم نفديك يا الغنوشي" ورفعوا لافتات كُتب عليها "لا للمحاكمات السياسية", وفقا لـ"فرانس برس".

وقال مسؤول قضائي لـ"رويترز"، إن القاضي سيحقق مع الغنوشي "بشأن شبهات غسل أموال تتعلق بأموال أجنبية مدفوعة لجمعية مرتبطة بالنهضة".

وذكرت وسائل إعلام محلية أنه سيتم التحقيق معه أيضا بشأن صلاته المشبوهة بالإرهاب، وفقا لـ"رويترز".

وأعلنت السلطات التونسية في وقت سابق أن قضاء مكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لعشر شخصيات، من بينها الغنوشي ورئيس الحكومة السابق، حمادي الجبالي.

وقالت وزارة الداخلية في وقت سابق إن الشرطة أوقفت رئيس الحكومة السابق والقيادي السابق في حزب النهضة حمادي الجبالي على خلفية الاشتباه بضلوعه في قضية غسيل أموال تتعلّق بتحويلات من الخارج لجمعية خيرية تحمل اسم "نماء تونس".

ودُعي الغنوشي (81 عاما) للتحقيق في القضية ذاتها، ونفى حزب النهضة التهم الموجهة له، وفقا لـ"فرانس برس".

وكان القضاء التونسي أصدر في 27 يونيو قرارا بمنع سفر الغنوشي في إطار تحقيق باغتيالات سياسية حدثت في 2013.

وتمر تونس بأزمة سياسية عميقة منذ احتكر الرئيس التونسي، قيس سعيد، السلطتين التنفيذية والتشريعية، في 25 يوليو 2020 حين أقال رئيس الحكومة وعلق أعمال البرلمان قبل أن يحله، حسب "فرانس برس".

وفي الأسبوع الماضي، قال الغنوشي لـ"رويترز"، إن التحقيق معه بسبب "دوافع سياسية"، مضيفا أن "سعيد يستغل الاستفتاء لدفع تونس نحو الديكتاتورية".

وينظم الاثنين المقبل، استفتاء شعبي عام على مشروع دستور جديد ترفضه المعارضة وفي مقدمتها حزب النهضة.

ويتعرض سعيد لانتقادات شديدة من المعارضة بسبب مشروع الدستور الجديد الذي غير فيه النظام السياسي من برلماني معدل إلى رئاسي معززا صلاحيات الرئيس على حساب البرلمان.

وتتهم المعارضة، ولا سيما حزب النهضة وكذلك منظمات حقوقية، رئيس الجمهورية بالسعي لإقرار دستور مفصل على مقاسه وتصفية حسابات سياسية ضد معارضيه بتوظيف مؤسسات الدولة والقضاء، بينما يؤكد سعيد بأن القضاء مستقل.

سيطرت الحكومة الروسية على قوات فاغنر بعد مقتل رئيسها

يتزايد التركيز الروسي على ليبيا كقاعدة جديدة للعمليات عقب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وسط مخاوف في تونس من التداعيات الأمنية لتواجد "مرتزقة فاغنر" في الدولة المجاورة. 

وبحسب تقرير لموقع "مليتاري أفريكا" المتخصص في رصد الأنشطة العسكرية في أفريقيا، صدر مطلع فبراير، فقد أظهرت صور الأقمار الصناعية قيام مرتزقة روس ببناء وتوسيع قواعد لوجستية في جنوب ليبيا، بالقرب من الحدود مع تشاد والسودان. 

تواجد فاغنر في ليبيا وفي عدد من الدول الأفريقية بات مبعث قلق لعدة دول من بينها الجزائر، إذ أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في حواره مع صحيفة "لوبينيون" الفرنسية، الأسبوع الماضي، أن بلاده "ترفض وجود قوات مرتزقة على حدودها وأبلغت روسيا بذلك".

التقرير كشف أن حفتر سمح للقوات الروسية بالتوسع في قواعد عسكرية ليبية
منذ سقوط الأسد.. تقارير تكشف توسع خريطة الانتشار الروسي في ليبيا
بعد سقوط الحليف الروسي بشار الأسد في سوريا، بدأت موسكو بإعادة تقييم استراتيجيتها العسكرية في البحر المتوسط وأفريقيا، مع التركيز بشكل متزايد على ليبيا كقاعدة جديدة للعمليات، وفق موقع "ميليتاري أفريكا" المتخصص في رصد الأنشطة العسكرية في القارة الأفريقية الأحد استنادا إلى معطيات دقيقة.

وفيما تشير تقارير استخباراتية أن عدد القوات الروسية في ليبيا ارتفع من 800 جندي في فبراير 2024 إلى 1800 جندي بحلول مايو من العام نفسه، فإن تزايد هذا النفوذ يراه مراقبون تحديا أمنيا جديدا على مستوى الحدود المشتركة بين تونس وليبيا.

يشار إلى أن المجموعة العسكرية الروسية تأسست بالتزامن مع الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم عام 2014. وعملت على دعم المجموعات الانفصالية في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، قبل أن تتوسع بأنشطتها لتصبح ذراع موسكو في دول عدة.

حالة طوارئ

وفي هذا الصدد، يقول رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان (غير حكومي)، مصطفى عبد الكبير، إن المخاوف الأمنية في تونس انطلقت منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي، وتنامي الفصائل المسلحة في ليبيا لتتعزز هذه المخاوف بعد تزايد مقاتلي الفاغنر في ليبيا.

وأوضح عبد الكبير لموقع "الحرة" أنه نتيجة لتوتر الأوضاع في ليبيا التي تضم 16 فصيلا مسلحا إلى جانب قوات أجنبية متمركزة في عدد من القواعد، باتت تونس والجزائر تعيشان حالة طوارئ حقيقية طيلة سنوات على مستوى الحدود المشتركة مع هذا البلد المغاربي.

وأشار إلى أن التداعيات الأمنية لتواجد قوات فاغنر في ليبيا يبقى أقل خطورة على تونس من الجزائر على اعتبار أن المحفظات الليبية الحدودية مع تونس تتمركز فيها قوات تابعة لحكومة عبد الحميد الدبيبة المدعومة من دول حلف الناتو.

هذا ما يجعل وصول مرتزقة فاغنر إلى هذه المناطق "صعب جدا"، بحسب المتحدث، لافتا إلى أن تونس هي "شريك متقدم" لحلف الناتو.

في السياق ذاته، شدد عبد الكبير على أن زيادة توسع نفوذ مرتزقة فاغنر في ليبيا وإرسائها لقواعد دائمة هناك يبقى دائما مبعث فزع لتونس والجزائر كما الحال للاتحاد الأوروبي، بالنظر إلى تحركاتها التي "تتم دائما حسب الطلب ولمن يدفع أكثر"، وفق تعبيره.

سياحة- تونس
"معدات غير سياحية".. تونس تحتجز 11 روسيّا بشبهة "الإرهاب"
نقلت وسائل إعلام عن السفارة الروسية لدى تونس أن 11 مواطنا روسيا اعتقلوا في هذا البلد المغاربي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ولا يزالون قيد الاحتجاز بشبهة نشاطات "إرهابية" بعد أن عثرت الشرطة التونسية بحوزتهم على معدات مشبوهة.

وكانت منظمات حقوقية من ضمنها منظمة هيومن رايتس ووتش قد رصدت "انتهاكات مروعة لحقوق الانسان" قامت بها فاغنر والجيش المالي ضد المدنيين. 

وتعليقا على ذلك، يقول رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، إن عناصر من قوات فاغنر أطلقت النار على مواطنين ليبيين في منطقة هون الليبية في الأشهر الماضية، كدليل على أن تلك المنطقة العسكرية أصبحت تابعة لها بعد أن ركزت قاعدة في مدينة سرت.

ويتفق المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل مع الآراء المجمعة على أن مرتزقة فاغنر يوغلون في العنف، موضحا أن أن المجموعة واحدة من أكثر التكوينات العسكرية التي تركز عليها روسيا في انتهاجها لسياسات الأرض المحروقة في بعض الدول.

الحذر من الصدامات 

وفي هذا الخصوص، يوضح عقيل لـ "الحرة" أن روسيا حينما تحتاج إلى تحقيق نصر سريع تعول على استخدام الفاغنر الموغلة في العنف، دون أن يترتب عن ذلك التزامات دولية على روسيا على اعتبار أنها مستعدة دائما للتضحية بعناصر الفاغنر أمام المحاكم الدولية.

ويضيف أن البعد "الأكثر تعقيدا" في هذا الموضوع هو تطور فاغنر إلى "فيلق روسي بأفريقيا" باعتبار مقاتليها يمتلكون خبرات واسعة في الشأن الأفريقي.

وبشأن التداعيات الأمنية الناجمة عن تواجددهم في ليبيا، يعتبر عقيل أن أي صدام محتمل بين هذا القوات والجيش الأميركي أو قوات حلف الناتو سيلقي بظلاله على دول الإقليم من بينها تونس.

وتبعا لذلك، يشدد المتحدث على ضرورة استعداد الدول المغاربية لكل السيناريوهات المحتملة بشأن الصراع في ليبيا، سواء كان صراعا روسيا أمريكيا، أو روسيا أوروبيا، لافتا إلى أن هذا الصراع ستحدد طبيعته التحالفات والتوافقات التي يجري التفاوض بشأنها، وفقه.

ورغم عدم تسجيل أي موقف رسمي تونسي بشأن انتشار مقاتلي فاغنر في ليبيا، فإن الموقف الوحيد الذي تم رصده كان في مايو الماضي خين نفت السلطات التونسية صحة تقارير في وسائل إعلام بوجود عناصر من مجموعة فاغنر الروسية في بلادها.

كان ذلك ردا على ما تناقلته وسائل إعلام إيطالية وفرنسية بشأن بوجود عناصر من فاغنر في جزيرة جربة، الواقعة قرب الحدود مع ليبيا. 

متابعة عن كثب

من جانبه، يرى الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، علية العلاني، أن تزايد انتشار مجموعة فاغنر في ليبيا لن يؤثر لحد الآن على الأوضاع الأمنية على تونس في المدى القريب، مشيرا إلى أنّ المسؤولين التونسيين يراقبون الوضع عن كثب.

 

ويضيف العلاني في حديثه لـ"الحرة" بأن تونس "ملتزمة منذ سنوات برفض كل أشكال التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول سواء كان ذلك في المنطقة المغاربية أو الأفريقية أو غيرها". 

ويتابع في هذا السياق موضحا أن⁠ الدولة التونسية "دأبت دائما في نهجها الدبلوماسي على التركيز على أهمية الحوار لتلافي أي تصعيد عسكري محتمل في ليبيا".